السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تجاهلتم ذبح الأوبرا وشواءها ع المكشوف "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماذا نفعل حينما تضيع القيم ويختلط الطيب بالخبيث، ويصبح من يفترض أنهم يحملون رايات الرقى، هم أنفسهم من يسوقوننا إلى أسفل سافلين؟!، حين يتجاهل الإعلام المرئى أي شيء يحدث طالما لا يرتبط بالمصالح الشخصية والربح السريع؟!، فيدعون نقل الحقائق وإظهارها، ولكن على أن تكون مزعزعة لاستقرار الدولة، أو ضاربة لوزارة الداخلية، أو تمس كرامة وسمعة مسئولين لم يقدموا فروض الطاعة والولاء ثمنًا، لنراهم على الشاشات فاتحى عكا ومحررى القدس!!، حدث منذ أيام جريمة في حق الثقافة بل في حق الأمة المصرية، وفى أهم وأخطر هيئاتنا الثقافية «دار الأوبرا المصرية»، حيث نشرت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية عن إقامة مأدبة عشاء في المسرح المكشوف ووثقتها بالصور، لنراه مفترشًا بموائد الطعام التي تتوسطها الخراف، والتي بلغت طبقًا لما نشرته الصحف ٤٢ خروفًا بواقع خروف لكل طاولة، لنشاهد الأيادى تتسابق لالتهام اللحم في لقطات ربما لا ترقي إلى مستوى أفراح الأرياف. لم أصدق وغيرى الكثيرون ممن عاشوا بين جنبات هذا الصرح العظيم، وتربوا في قاعات التدريب أو المسارح التي يتشرف من يعتليها ويجعلها فخرا في سيرته الذاتية، هل ما نراه حقًا في المسرح المكشوف الذي كم وقفنا عليه في الحفلات الصيفية لتغذية الأرواح والأنفس بالموسيقى والغناء الراقى والجمهور يتمايل انتشاء وسعادة بما يراه ويستمع إليه؟!، هل هذه هي الأوبرا؟ وقد فوجئت بتعليق الفنان أحمد أبوزهرة عازف البيانو وابن الفنان القدير عبدالرحمن أبوزهرة، على ما نشرته الصحف على الفيس بوك مستنكرا ما حدث وكتب: «منذ نحو عامين كنت قد تقدمت لدار الأوبرا المصرية، حيث كنت أعتبر نفسى أحد أبنائها المخلصين، بطلب رسمى لتأجير المسرح المكشوف، لإقامة حفل عيد ميلاد والدى الفنان، الذي أعتقد أنه لا يختلف عليه وعلى مكانته الفنية الرفيعة في قلوب المصريين أحد، للاحتفال بعيد ميلاده الثمانين، وعلى أن أقوم بسداد أية تكاليف خاصة بالحفل من تأجير للمسرح المكشوف أو أي معدات سوف نحتاج إليها لإخراج الحفل، حيث لم أكن أتوقع من إحدى أهم مؤسسات وزارة الثقافة المصرية أن تتحمس من نفسها لعمل أي شيء ولو حتى مجاملة، ولم أكن أتوقع ألا تهتم الدولة مثلما يحدث في الدول المتقدمة بأن يتم تكريمه لمسيرة عطائه بشكل خاص في تلك المناسبة، ولكنى قررت بمساعدة إخوتى أن نقوم نحن بمنحه لحظات سعادة مختلفة، ومحاولة تقديم لمسة شكر ولو بسيطة على كل ما قدمه لنا كأسرة صغيرة وكل ما قدمه للوطن، فقمنا بدعوة العديد من الفنانين المصريين الراقين المتميزين الذين إما رافقوه في مشواره الفنى الممتد لأكثر من ستين عامًا، وإما عملوا معه في محطات مهمة في حياته الفنية غزيرة العطاء، وكانت الفكرة أن نقدم له في الحفل بعض كلمات الشكر والحب والتقدير منا كأسرة ومن زملائه المقربين، ونعبر له عن حبنا واحترامنا له جميعًا من خلال تقديم بعض الفنون المختلفة، التي تربينا عليها مثل: الموسيقى والشعر والرسم وعمل معرض لصوره الفنية المختلفة، على أن نقوم بتقديم عشاء راقٍ محترم لكوكبة من أرقى فنانى مصر، لشكرهم على حضورهم واهتمامهم، ولكن قيل لى إنه ممنوع أن نقدم أي عشاء ساخن على طاولات دائرية، لأسباب الأمن الصناعى، وسمح لنا أن نقوم بعمل بوفيه بحجم محدد وفى مكان خلفى بعيد عن مكان الاحتفال، لصرامة تنفيذ القوانين في مصر، فاحترمت تلك القوانين رغم أن معظم ضيوف الحفل أعمارهم متقدمة، ولن يذهبوا بأنفسهم للحصول على وجبة والقيام بأكلها على الواقف، وهذا بالفعل ما حدث، لقد تمت دعوة المئات من فناني مصر الذين لبوا الدعوة مسرعين، ولكن البوفيه تقريبًا تم توزيعه بالكامل على موظفي الأوبرا، لأننا كما توقعنا لم يذهب للبوفيه إلا قلة قليلة من المدعوين، ولكن كان بعض المسئولين بالأوبرا يرسلون أفرادًا لتحضير أطباق مليئة بالأكل وإرسالها إلى مكاتبهم!!»، ما أثاره الفنان أحمد أبوزهرة يثبت التدهور والتجاوزات التي لحقت بهذا الصرح الثقافى، رغم اعتراضى شخصيًا على إقامة أي مناسبات خاصة على مسارح الأوبرا، فإذا كانت الأوبرا ستضحى بالقيم التي بنيت من أجلها مقابل المادة!!، فعليهم أن يقوموا بتأجير القاعات أيضًا لحفلات الزفاف والسبوع وربما المآتم حتى نتقبل التعازى في القيم التي ماتت على أعتاب مسئولى الأوبرا وبمباركة الحكومة الصامتة، وبالتأكيد سيحصدون الكثير من الأموال، ولكن ماذا إذا وصلت تلك المشاهد إلى دولة «اليابان» التي ساعدتنا في إنشاء هذه الأوبرا عوضًا عن الأوبرا القديمة التي بناها الخديو إسماعيل، لقد ساهمت اليابان للنهوض بالمجتمع وتوصيل الفنون الراقية إلى أفراد الشعب، وليس ليحولها المسئولون إلى عزبة خاصة يفعلون بها ما يشاءون!!، فإلى متى هذا الخلل الذي ندفع ثمنه جميعًا كشعب وحكومة، وهل ننتظر تقدمًا وتطورًا حقيقيًا ونحن نرى المنارة تحولت إلى جزارة والرقى إلى انحدار والجمال إلى قبح، فيا أسفى على حلمى بأن يستوعب المركز الثقافى القومى جميع أفراد الشعب، لزيادة الوعى بأهمية الفن والجمال والرقى، فإذا بنا نراه يتحول إلى مركز تنمية الشراهة والنهم والتسابق على التهام اللحم الضانى!!، فهل من عين ترى وأذن تسمع يا حكومتنا الموقرة؟! أنقذوا دار الأوبرا فجدرانها تئن، ولو كانت لها عيون لبكت!!