الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

فرانسواز ماليه جوريس.. اعتراف مزدوج

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت منطقة فال دو مارن في فرنسا هي المحطة الأخيرة للروائية فرانسواز ماليه جوريس، والتي كانت واحدة ممن تولوا عضوية لجنة تحكيم جائزة الجونكور الشهيرة، حتى استقالت لأسباب صحية عام 2011، ورحلت عن عالمنا مؤخرًا، بعد أن تركت رصيدًا مليئًا بالإبداع.
ولدت الروائية الفرنسية -البلجيكية في مدينة أنفير ببلجيكا، ودخلت عالم الكتابة الروائية باسمها المستعار فرانسواز ماليه جوريس في عام 1951 ونشأت في كنف عائلة من المحامين، فوالدها، ألبرت ليلار، كان لسنوات عديدة وزيرًا للعدل ببلجيكا، وكانت والدتها سوزان ليلار واحدة من أهم المحاميات البلجيكيات، ولكنها إضافة إلى المحاماة كانت هي الأخرى كاتبة، نشرت كتابا بعنوان "مذكرات المُنَظِّر"، ونص بعنوان "سوء فهم الجنس الثاني"، شكّل وقتها تحديًا وانتقادًا لكتابات سيمون دو بوفوار. 
ولم تكن جوريس قد تجاوزت الواحدة والعشرون من عمرها، حيث وقعت روايتها الأولى "معقل الزاهدات" التي نشرها رونيه جوليار، وكانت بمثابة سرد صادم للغاية ومستفز للمجتمع في ذلك العهد، لكنه في الوقت نفسه ساهم في ترسيخ مكانتها كأحد أهم الأسماء الروائية؛ وفي سن الثالثة والعشرين قررت أن تصبح كاثوليكية، وعمّدت في باريس، وحسب قولها فإن امتهانها للكتابة هو الذي قادها إلى الإيمان "لقد كان ذلك بفعل تفكير عميق، وليس بفضل استنارة أو رؤيا. ولقد بقيت وفية، بين مد وجزر"، وفي خضم هذا التحول، ألّفت كتابًا تناول تجربتها بعنوان "رسالة إلى نفسي" الذي نشره جوليار عام 1963. 
وكانت عادتها صارمة للغاية في الكتابة، فحسب ما قالت، لم تكن تتذكر وقتًا لم تكتب فيه "لقد بدأت وأنا بالكاد طفلة هذه العادة القديمة، إلى درجة أنها أصبحت أمرا طبيعيا بالنسبة إلى"، فكانت تصحو مبكرًا في السادسة صباحًا، في فصل الشتاء، والخامسة في الصيف، وتكتب حتى الواحدة بعد الزوال، بنسق متواصل "كما يفعل إسكافي مع الأحذية".
بعد روايتها الناجحة، نشرت جوريس مجموعتها القصصية الأولى "كورديليا" عام 1956، لتتبعها برواية "أكاذيب" عام 1957، والتي حازت جائزة المكتبات، وهي قصة برجوازي مهموم بتوريث تركته لابنته الطبيعية، التي ترفض ذلك متمردة على ما تعتبره نفاقًا اجتماعيًا؛ وتم تصنيفها في خانة مناصرات الحركة النسائية المتمردات، لتتحصل على جائزة فيمينا في عام 1958 عن روايتها "الإمبراطورية السماوية"، وهي هجاء شرس للعوالم الفنية؛ لكنها لم تركن إلى قالب واحد في كتاباتها، حيث جربت نمطًا سرديًا مختلفًا في روايتها "الشخصيات" عام 1961، وهو الرواية التاريخية، لتكتب بعدها "سيرة ماري مانشيني" عام 1964، ثم رواية رمزية حول هجمات منظمة أمريكا الجنوبية بعنوان "الدلائل والعجائب" عام1966، فقطعت على مدى أعمالها الأولى مسارًا كبيرًا، لتحصل على اعتراف أدبي كبير، قادها إلى لجنة تحكيم جائزة "فيمينا" عام 1969 وأكاديمية "جونكور" في ديسمبر 1970، ثم الأكاديمية الملكية البلجيكية عام 1993، لتحتل المقعد الذي كانت تشغله والدتها، وفي العام نفسه لاقت نجاحًا باهرًا مع "منزل من ورق"، وهي رواية مفعمة بالدعابة والسعادة الأسرية، جاءت من تجربتها مع أطفالها الأربعة، صبيين وفتاتين، وكانت تلك بداية لقائمة من الأعمال الروائية الناجحة منها "أليجرا" عام 1976، وهي وقائع رومانسية لافْتِتان امرأة أوروبية بشاب عربي أبكم.
لم تتوقف جوريس عن العطاء والتجريب في كتاباتها، لتقدم عام 2001 الرواية التي اعتبرت الأفضل على مر مسيرتها بعنوان "اعتراف مزدوج" وهي عبارة عن سيرة ذاتية عبر مرآة اعتُبرت أيضًا تكريما لجورج ساند، وكوليت، وفرجينيا وولف وكذلك سيمون دو بوفوار، وكتبت في مقدمتها "الكتابة، حسب اعتقادنا، هي أن نفتح أبوابًا ونوافذ ولا نغلقها ثانية". ورغم الوحدة والمرض اللذان واجهتهما بشجاعة في نهاية حياتها، لم تتوقف عن الكتابة، فصدر لها في أكتوبر 2007 "لا أنتم دوني ولا أنا دونكم"، وهي رواية عن الحب، ووجوده، وغيابه، وعودته.