رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

حقيقة محاولة سرقة جسد "العذراء" على يد اليهود

 السيدة العذراء مريم
السيدة العذراء مريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الفترة من ٧ -٢٢ أغسطس بصوم السيدة العذراء، ولهذا الصوم قدسية خاصة عند جميع الأقباط نظرا للمكانة السامية التى تحتلها السيدة العذراء فى قلوبهم، ولمكانتها تلك تعد «العذراء» القديسة الوحيدة فى تاريخ الكنيسة التى توجد لها سبعة أعياد، هى: عيد البشارة بميلادها ويقع فى ٧ «مسرى»، وعيد ميلادها ويقع فى ١ «بشنس»، وعيد دخولها طفلة إلى الهيكل ويقع فى ٣ «كيهك»، وعيد دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر ويقع فى ٢٤ «بشنس»، وعيد نياحتها (وفاتها) ويقع فى ٢١ «طوبة»، وعيد بناء أول كنيسة على اسمها ويعرف أيضا بعيد السيدة العذراء حالة الحديد ويقع فى ٢١ «بؤونة»، وعيد صعود جسدها الطاهر محمولا على أجنحة الملائكة إلى السماء ويقع فى ١٦ «مسرى»، كما أضيف عيد ثامن لها، وهو عيد ظهورها فى كنيسة الزيتون ويقع فى ٢٤ «برمهات» الموافق ٢ إبريل. 
وعودة إلى تاريخ حياة السيدة العذراء مريم، فقد ولدت من أبوين تقيين، الأب اسمه «يواقيم» ومعناه «يهوه يقيم»، والأم اسمها حنة ومعناه بالعبرانية حنان، وكانت حنة عاقرا لم يرزق لها نسلا، مما كان سببا فى ألم ومرارة لها، فشرعت تصلى إلى الله أعواما عديدة لكى يرزقها نسلا. 
ويروى القديس مار أفرآم السريانى «٣٠٦- ٣٧٣م» فى ميمر شهير له فيقول: «بينما كانت حنة تندب نفسها كل وقت قائلة: أى شىء تساوى حياتى من الدنيا مع تجردى من الثمر؟ وهوذا البهائم والطيور وكل المخلوقات ترزق نسلا، أما أنا فلم أرزق، الويل لى أنا، وعظيم هو حزنى وألم قلبى، أسألك أيها الإله الدائم وحده، الذى سمع صوت سارة زوجة أبينا إبراهيم وأعطاها إسحاق بعد الكبر، وسمع لراحيل وأعطاها يوسف وبنيامين، أن تسمع صوت دعائى أنا المسكينة الخالية من النسل، وتعطينى زرعا يسر به قلبى، لأنى صرت مرذولة بين أهلى وعشيرتى، وها أنا أنذر بين يديك يا إلهى أن النسل الذى تعطينى إياه لا أدعه يمشى على الأرض حتى أقدمه لهيكلك المقدس».
ويواصل فيقول: «وذات ليلة وبينما هى تصلى ظهر لها الملاك جبرائيل بنور سماوى، وقال لها: يا حنة إن الله قد سمع لدعائك وصلواتك، وها أنت ستحبلين وتلدين ابنة مباركة، وسيكون لها الطوبى فى جميع الأجيال، وفى جميع أقطار المسكونة، فأجابت حنة الملاك جبرائيل وقالت له: حى هو الرب، لو أننى رزقت بمولودة كما قلت لى، لسوف أقدمها قربانا للرب الإله، لتخدمه كل أيام حياتها فى هيكله المقدس»، وتعيّد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتذكار البشارة بميلاد العذراء فى يوم ٧ «مسرى»، بينما تعيّد له كنائس الروم الأرثوذكس والكاثوليك فى اليوم التاسع من شهر ديسمبر.
وبعد تسعة أشهر ولدت الطفلة المباركة مريم، وتعيّد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيوم مولدها فى ١ «بشنس»، بينما يعيّد له الروم الأرثوذكس فى يوم ٨ سبتمبر، ولقد برت حنة بوعدها، فما أن بلغت مريم سن ثلاث سنوات، حتى حملتها حنة إلى الهيكل لتكون خادمة للرب، وحسب شهادة التقليد الكنسى، فلقد توفى يواقيم الأب عندما كانت مريم فى السادسة من عمرها «أى بعد ثلاث سنوات من دخولها الهيكل»، بينما توفيت أمها حنة عندما كانت مريم فى الثامنة من عمرها «أى بعد خمس سنوات من دخولها الهيكل»، وهكذا صارت مريم يتيمة الأبوين، ولم تكمل بعد عامها الثامن.
وعندما وصلت مريم إلى سن البلوغ، تشاور الكهنة فى الهيكل فى أمرها، حيث إنه لا يجوز لها أن تقيم فى الهيكل بعد بلوغها سن الثانية عشرة، فأوعز ملاك الرب إلى رئيس الكهنة أن يجمع عصى رجال المدينة كلها، ويكتب على كل عصا اسم صاحبها، وفى اليوم التالى لوضع العصى فى الهيكل، أخرجت العصى التى كان مكتوبا عليها اسم يوسف النجار براعم زهور، وكان وقتها شيخ فى التسعين من عمره، فلقد توفى يوسف النجار عندما كان سن السيد المسيح ١٦ سنة، بينما كان عمر يوسف ١١١ سنة «سنكسار يوم ٢٦ أبيب»، بالإضافة إلى ذلك ظهرت حمامة بيضاء واستقرت فوق رأس يوسف النجار، فعلم الكهنة أن هذه هى مشيئة الله أن يكون يوسف النجار هو الرجل المختار من السماء، الذى يحق له أن يأخذ مريم العذراء معه إلى البيت.
وبالفعل، تمت خطبة العذراء إلى القديس يوسف النجار بموجب عقد خطبة رسمى، وعندما حبلت بالسيد المسيح بـ«الروح القدس» شك فى أمرها فأراد تخليتها سرا، غير أن ملاك الرب ظهر له وبشره بأنها حبلى بالروح القدس، وبعد ولادتها للسيد المسيح جاء هروبها إلى أرض مصر كما ورد فى إنجيل متى الأصحاح الثانى، أن ملاك الرب قد ظهر فى حلم ليوسف وقال له: خذ الصبى وأمه واهرب إلى أرض مصر.
ويذكر المؤرخون أن العائلة المقدسة مكثت فى أرض مصر حوالى ثلاث سنوات ونصف السنة، مرت فيها بعدة محطات رئيسية، نذكر منها «الفرما، تل بسطا، بلبيس، مسطرد، المطرية، حيث توجد شجرة مريم، منطقة مصر القديمة، حيث توجد كنيسة أبو سرجة، المعادى، ومنها إلى الصعيد، جبل الطير، المحرق، درنكه الخ».. أما المصادر التى اعتمد عليها المؤرخون فأشهرها ميمر البابا ثاؤفيلس «٣٨٥- ٤١٢ م» بابا الإسكندرية رقم ٢٣، وأيضا ميمر الأنبا زاخارياس أسقف سخا «٦٩٣- ٧٢٣ م» وهناك أيضا ميمر الأنبا قرياقس أسقف البهنسا.
وتستمر حياة السيدة العذراء بالجسد، وتشاهد معجزات السيد المسيح كما شاهدت صلبه وآلامه، وكانت متواجدة تحت الصليب، حيث كان يقف بجوارها يوحنا الحبيب، فأوكل السيد المسيح السيدة العذراء إلى يوحنا الحبيب حتى يرعاها من بعده، وتعيش العذراء فى بيت يوحنا حوالى ١٥ سنة، داومت خلالها على زيارة قبر السيد المسيح،كما كانت دائمة التعبد فى جبل الزيتون، ولقد اتخذت مجموعة من العذارى السيدة العذراء أما ومرشدة لهن، وكن يتعبدن فى جبل الزيتون، ولقد تنيحت «توفيت» السيدة العذراء يوم ٢١ «طوبة»، وكانت مدة حياتها على الأرض ٥٨ سنة و٨ أشهر و١٦ يوما، وأثناء الجنازة حاول مجموعة من اليهود الأشرار معاكسة الموكب، وحاول واحد منهم أن يطرح التابوت الذى يحوى جسدها الطاهر إلى الأرض؛ فانفصلت يداه عن جسده وتعلقت بالنعش، فأخذ يصرخ ويبكى بدموع حارة طالبا التوبة والسماح، وبتوسلات الآباء الرسل عادت يداه إلى جسده، ولقد ظل الآباء الرسل يسمعون صوت ترانيم تصدر من القبر لمدة ثلاثة أيام، وبعدها انقطع الصوت، وعند لحظة نياحة العذراء لم يكن توما الرسول موجودا وقتها، وعندما عاد وعلم بنياحتها طلب من الآباء الرسل زيارة قبرها المقدس، وعندما فتحوه لم يجد التلاميذ شيئا ففزعوا لأول وهلة وظنوا أن اليهود قد سرقوا الجسد، فقال لهم توما: لا تنزعجوا يا إخوتى لقد رأيت جسد العذراء صاعدا إلى السماء محمولا على أجنحة الملائكة، وسمع صوت أحد الملائكة يقول له «ما بالك هكذا مذهولا مبهوتا، تقدم وتبارك من جسد العذراء البتول؛ فأسرعت وقبلت الجسد المقدس، ونلت كرامة عظمى أنى حصلت على الزنار «الحزام» الذى كانت تلف به وسطها».
جدير بالذكر أن هذا الزنار محفوظ حاليا فى إحدى الكنائس بحمص فى سوريا، وتعرف بكنيسة الزنار المقدس، وقد شهدت وزارة الآثار السورية بصحة هذا الزنار، وأنه يرجع إلى حوالى ٢٠٠٠ سنة، فصام التلاميذ وصلوا حتى يعلمهم الرب بمكان جسد العذراء، وفى نهاية مدة الصيام ظهرت لهم السيدة العذراء وهى على يمين السيد المسيح، وكان ذلك يوم ١٦ «مسرى»، وهو اليوم المحدد لعيد العذراء ونهاية صومها، وهو يوافق حاليا ٢٢ أغسطس.