الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الموت "دليفري"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أننا نعارض البطالة والاعتماد على العمل بالشهادة فقط أو انتظار فرصة عمل حكومية، إلا أننا لا نرضى على الإطلاق أن يكون مصير من يرفض الجلوس على المقاهى ويبحث عن فرصة عمل هى «الموت»، وأقصد هنا مهنة الطيار أو الدليفرى، وهى مهنة لا شك أنها متعبة وشاقة ولكنها قد تكون مربحة للكثير إذا أتقنها كما ينبغى أن تكون. 
أقول ذلك لأننى منذ يومين تحديدا فوجئت بحادث أليم لعامل دليفرى يقع على الأرض ولم أر من وجهه سوى دماء سائلة، رغم أنه كان يسير فى شارع خالٍ تمامًا من السيارات والمارة، إلا أنه كان يسير بسرعة شديدة فلم ينتبه لوجود «مطب» فانقلب الموتوسيكل ووقع الرجل بالشارع على وجهه فأصيب فى عينيه ورأسه وقدمه، والحقيقة الموقف مستفز لعدة أسباب، أولها: عدم استخدام وسائل الأمان الخاصة بسائقى الموتوسيكلات وهى مسئولية العامل والمكان الذى يعمل فيه، ثانيًا: العامل نفسه يمشى بسرعة غير عادية وأحيانا يسير عكسيًا، حتى يصل أسرع وبذلك يعرض حياته للخطر والأفضل أن يتحرك بسرعة من المحل حتى يصل لمكان الطلب بسهولة ويسر ودون تأخير وفى نفس الوقت دون أن يؤذى نفسه.
ثالثًا: من المفترض أن كل وقت يختلف فى ميعاد التوصيل فأوقات الذروة تأخذ بالتأكيد وقتًا أطول من الصباح الباكر أو الليل. 
رابعًا: من المفترض أن المحلات تستخدم صناديق الدليفرى مجهزة بوسائل للحماية من تغيير طعم الطعام، أى المحافظة على درجة حرارته أطول فترة ممكنة ضمانًا لسمعتها.
خامسًا: من المفترض أن تتم مراعاة عامل الديلفري، ومعاملة أى مهنة خطرة فيكون له تأمين خاص ومعاشات، ولكن للأسف لا يوجد له هذا أو ذاك أو حتى بدل طبيعة عمل، ولا أدرى كيف تمرر الحكومة هذه المهنة دون رقابة صارمة وهى على علم بوجود ظلم على من يعمل بها من أصحاب المحلات.
سادسًا: كثيرا ما نقرأ علي الفواتير ثمن خدمة التوصيل عشرة جنيهات وقد تقل أو تكثر تبعًا للمكان، ولكنها لا تصل لعامل الدليفرى نفسه بأى حال من الأحوال، ولكنها للمحل أما العامل الذى يعرض نفسه للخطورة حتى يوصل لك الطلب، فلا يأخذ سوى أجر شهرى محدود ويعتمد على البقشيش، فإذا تأمل أحدنا رحلة الشقاء والتعب فى الشمس الحارقة والحرارة الشديدة ومخاطر الطريق التى يتكبدها أى فرد لكى يقوم بتوصيل الطلبات، فلا تبخل عليه بجزء من مالك، فهو بالنسبة لك زهيد ولكنه بالنسبة له يعنى الكثير.
وهنا يأتى السؤال: أين حقوق العاملين فى مصر؟، من المفترض أن كل دولة لديها قانون للعمل يحمى العامل ويحافظ على حقوقه وواجباته ولكن للأسف هناك البعض ممن يستغل حاجة الآخرين للعمل ليجبره على العمل دون ضمانات، والكثير يقبل فى ظل عدم وجود بدائل، لكنه من المفترض أن تكون هناك رقابة صارمة من الدولة تحمى العاملين، وتوفر لهم بيئة مناسبة ومناخًا مستقرًا للعمل، فهل نأمل أن نرى فى القريب العاجل عامل الدليفرى أو «الطيار» كما يطلقون عليه وقد شعر بالأمن والاستقرار ولا يعرض نفسه للخطر مرة أخرى، هناك العديد من الحكاوى التى تقشعر لها الأبدان، فهناك من مات ولم يترك لأسرته أموالًا لعدم وجود معاشات لهم، وهناك من أصيب بإصابات أبدية ولا يوجد له تعويض..إلخ، أتمنى أن تكون هناك صحوة لهؤلاء، نقدرهم ونبعث فيهم الأمل، فهل من مستجيب؟