رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جامعتنا.. اللي ما جمعتنا!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما لاحت بارقة أمل تشير إلى الاستقرار النسبى تتصاعد الأحداث المتلاحقة فى المنطقة العربية دون أن تترك حتى فرصة الاستيعاب للمهتمين بالشأن العربى، منذ الغزو الأمريكى للعراق تغيرت عبر السنوات التالية مفردات وشرعيات، رغم ذلك ظل أداء الجامعة العربية أسير الصيغ التقليدية ومؤتمرات قمة اقتصرت فعالياتها على بيانات ذات بنود مكررة من عينة الشجب والاستنكار وغيرهما من المفردات التى فقدت صلاحية استهلاكها.
للأسف لم يرتق دور الجامعة العربية إلى مستوى وطبيعة الأحداث التى أصبحت تهدد «الوجود السياسى» للمنطقة العربية.
ربط التحركات السياسية الأخيرة التى كسرت جمود العلاقات بين «تركيا-إسرائيل-روسيا» مع طبيعة الدور الطائفى الذى غلب على حسابات التدخل الأمريكى فى المنطقة العربية منذ غزو العراق وحتى اليوم كلها مؤشرات تؤكد أن الاتجاه الدولي- رغم ظهور الدور الروسى بقوة- ما زال يعيد التحالفات على أساس طائفى، وليس وفقا للمعطيات السياسية للمنطقة العربية.. فبعد ثلاثة عشر عاما على إطلاق يد الأطماع الإيرانية –كقوة شيعية- فى المنطقة تظهر ملامح الاتفاق «الأمريكى – الروسي-الإسرائيلى» على خلق تكتل سُنّى فى المواجهة، اعتمادا على تعزيز دور تركيا والسعودية فى المنطقة. تركيا المتلهفة إلى أى انتصار خارجى يغطى الفشل الأمنى والسياسى لسياسة رئيسها أردوغان على الصعيد الداخلى ما زالت أمامها عقبة الخلاف «الغبى» الذى اختلقته مع مصر، وهو ما يمثل أيضا حدا فاصلا فى الموقف السعودى وارتباطه الاستراتيجى مع مصر، وهو ما سيقف حائلا أمام مشاركة الدولتين «مصر والسعودية» فى تحالفات تمس طبيعة العلاقات بينهما، إذ رغم استشعار السعودية ودول الخليج التهديد من التدخل الإيرانى العلنى والسافر فى شئون الدول العربية إلا أن البديل المقبول لهذه الدول قطعا لن يكون على أساس التقسيم الطائفى للمنطقة- كتلة شيعية مقابل أخرى سُنّية- بعدما أكد التاريخ القريب أنه سيقود إلى تدمير المزيد من الكيانات العربية.
هذا الملف بالإضافة إلى تحديات الإرهاب والصراعات المسلحة فى عدة دول عربية سيكون فى استقبال الدبلوماسى والسياسى العريق أحمد أبوالغيط، وهو يتسلم منصبه أمينا للجامعة العربية، قدرات الأمين العام القادم ومهاراته الإدارية ليستا محل شك، الإشكالية تكمن فى مواقف الدول الأعضاء التى لا تعكس طموحات شعوبها ولا مستوى التهديد الأمنى والسياسى المحيط بالمنطقة. إذا كانت الإحداث الإرهابية التى ضربت أوروبا فرضت على دول الاتحاد إعادة النظر فى منظومة التنسيق الأمنى والاستخبارى فيما بينها، بعد ما كشفت هذه الهجمات عن الثغرات والعيوب، فإن استعادة ثقة الشعوب فى هذه المنظومة الإقليمية كقوة عربية قادرة على التأثير تستدعى وقفة جادة للوصول إلى صيغة تضامن عربى أمنى فى مواجهة الضربات التى يوجهها الإرهاب إلى دول مثل «لبنان، السعودية، البحرين، الأردن، الكويت» التى أعلنت مؤخرا عن إحباط مخطط إرهابى بالإضافة إلى أوضاع أكثر تعقيدا فى «العراق، سوريا، ليبيا، اليمن» التى تفرض تواصلا حقيقيا مع المنظمات والقوى العالمية بعيدا عن لغة البيانات الدبلوماسية التقليدية.
أمام الحقائق الدولية المطروحة ورغبة أمريكا التخلص من تبعات مغامراتها العسكرية فى الدول العربية يقتصر اهتمام الاتحاد الأوروبى نحو أزمات المنطقة على ما يمس أمن دوله- قضية المهاجرين- لا يبدو أمام المنطقة طريق للخروج من معركة الوجود كدول ذات كيان سياسى إلا العمل على مسارين، الأول سياسى عبر دعم- بل فرض- التضامن العربى خلال منظومة عمل بقيادة مجموعة الدول المؤثرة فى المنطقة وبالتنسيق مع الجامعة العربية.. فلا أمريكا ولا دول الاتحاد الأوروبى ولا السماء ستمطِر حلولا سحرية تحفظ البقاء لدول فى المنطقة أو تحقق لدول أخرى الخروج من دائرة الصراعات المسلحة.. المسار الثانى تحويل معاهدة الدفاع العربى المشترك من مجرد حبر على ورق إلى واقع، وتفعيل مشروع تشكيل قوة عربية مشتركة، خصوصا أن الاعتراض الذى أبدته دولتان حين تم طرح المشروع فى الجامعة العربية هو نتيجة سيطرة أطراف خارجية على قرار هاتين الدولتين أمام عجز منظمة عالمية مثل الأمم المتحدة عن فرض وصاية دولية على مناطق الصراع فى سوريا والعراق وليبيا كى تقود هذه الدول نحو مرحلة استقرار سياسى وأمنى تبدو فكرة القوة العربية المشتركة هى الأجدى، بعدما أدى التدخل الإقليمى والدولى القائم على الأطماع فى هذه الدول إلى تعقيد الأوضاع بدلا من التهدئة.
أخيرا.. هل سينجح طموح وحماس الأمين العام الجديد فى تكذيب توقعات رائد الأغنية السياسية العراقية خلال الخمسينيات عزيز علي- أو أحمد فؤاد نجم العراق- حين أطلق أغنيته الساخرة الشهيرة (جامعتنا.. اللى ما جمعتنا) عن الجامعة العربية؟!.