رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بالفيديو.. قصص الأنبياء.. عيسى عليه السلام "13 – 30"

صورة من الفيديو
صورة من الفيديو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت أم مريم العذراء عاقرًا لا تنجب الأولاد، وتمنت دائمًا أن يكون لها ولد نظرًا للفطرة الإنسانية المعروفة، وقد التجأت إلى ربها متوسلة إليه أن يرزقها ولدًا، ونذرت أن تتصدق به لخدمة بيت المقدس، وقد كان عمران والد مريم عالمًا كبيرًا من علماء بني إسرائيل، واستجاب الله تعالى لدعاء أم مريم، ونظرًا لكونها كانت تدعو ربها أن يكون ذكرًا ليخدم بيت الله، فاعتذرت بعد الولادة قائلة: "فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم"، سورة آل عمران آية 36، توفي عمران والد مريم وابنته صغيرة تحتاج إلى رعاية، فلما قدمتها أمها إلى بيت المقدس، وكفلها حينها زكريا أبو يحيى عليهما السلام، وفي أثناء رعايته لها كان يجد عندها رزقا وطعاما لم يأتها به ولا وجود منه عند الناس في ذلك الوقت، وكان يسألها عمن أحضره مجيبة كما في الآية الكريمة: "فتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب"، وكانت الملائكة تتردد على مريم أثناء عبادتها في المحراب، وتخبرها باصطفاء الله إياها وتطهيرها من الأرجاس والدنس وترغبها في العبادة والطاعة والخضوع لله تعالى، فشبت مريم عامرة القلب بالإصلاح والتقوى ومكثت ببيت العبادة بالمقدس تعبد الله الذي يرزقها إلى أن اشتهر أمرها بين الناس.
جاء ذكر النبي عيسى عليه السلام في العديد من المواضع في القرآن الكريم، وعيسى عليه السلام هو عبد الله، وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروح منه، وقد لقب سيدنا عيسى بالمسيح في يوم من أيام خلوة مريم لعبادة الله، وبعد أن بلغت مبلغ النساء، راعها رجل وظهر أمامها الملك جبريل عليه السلام والذي تمثل لها بشرًا سويًا لتأنس به ولا تنفر منه، فحاولت الهروب منه وظنت أنه يريد بها سوءًا وهي تقية مؤمنة عفيفة، فجاء آيات القرآن في ذلك من سورة مريم "قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)"، ونفخ ذلك الملك في جيبها فإذا هي حامل بقدرة من الله عانت السيدة مريم من آلام الحمل كسائر النساء، وأثقلتها الهموم والأحزان في بلدتها "الناصرة" لما سيتحدث عنها الناس من سوء، ولذلك قررت الاعتزال في بيت ريفي وحيدة كئيبة حزينة، إلا إنها قد استسلمت لقضاء الله وقدره إلى أن حان وقت ولادتها بعد تسعة أشهر، احست مريم بآلام المخاض فلجأت إلى جذع نخلة وآلمتها وحدتها "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23)"، سمعت مريم أثناء تألمها صوتًا يناديها من تحتها أن لا تخاف ولا تحزن "فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) والسري هو جدول نهر يجري ماؤه تحتها في تلك البقعة الجرداء، كانت تلك المعجزة دليلًا قاطعًا على براءتها وعفتها وطهارتها، فقويت بذلك نفسها واتت قومها بالولد تحمله، وأخذ الجميع باتهامها "فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)"، لكن كان من تقدير الله أن أنطق عيسى، هذا الطفل الصغير وهو في حالة المهد وأجاب على طعن أولئك الطاعنين بعد الإشارة إليه "فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا 33)"، بهر صوت عيسى تلك الجماعة وأسكتتهم تلك الآية، فذاع شأن عيسى إلى يوم القيامة، وقد جاء في سورة مريم "ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ 34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ".
نشأ عيسى طفولته كسائر الأطفال، وقد سافر به يوسف النجار إلى مصر مع امه حينما أمر هيردوس حاكم فلسطين بقتل كل طفل في بيت لحم، وأقاموا هناك إلى أن مات هيردوس ثم عادوا إلى الناصرة، وحين بلغ عيسى الثانية عشر من عمره، رحل مع امه إلى بيت المقدس بدأ عيسى ينصت إلى أحاديث الكهنة فوجد القوم يؤمنون بكل قول ويصدقون كل حديث، فأنكر كل ما وجده غير صحيح، إلا أن بعض الناس قد نقموا عليه جرأته وأنكروا تساؤلاته، إذ لم يعتد أحد قبله على مجادلة الكهنة، لكنه ظل يناقش بالحق ويحاور العلماء والحكماء رجع عيسى بعد ذلك مع أمه إلى الناصرة، ولما بلغ الثلاثين من عمره نزل عليه جبريل الأمين، وكانت تلك بداية رسالته، وتلقى بعد ذلك من ربه كتاب الإنجيل الذي جاء مصدقًا لما بين يديه من التوراة، وأخذ يدعو الناس لرسالته ومتابعته، ويسعى في رد اليهود عن زيغهم ويبين لهم حقيقة التدين وجوهره، لأن النزعة المادية قد غلبت عليهم كل شيء، ولأنهم قد قاموا بتحريف شريعة موسى السمحة وأصبح همهم جمع المال فقط. سطع نجم عيسى بعد بعثته، واخذ بمنطقه العذب يخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهدي إلى الطريق المستقيم ارتحل عيسى إلى بيت المقدس واختار يوم عيد ووقت اجتمع وعرض دعوته على الوافدين من القرى والمدن، فالتف الناس حوله وتفتحت قلوبهم لحديثه، مما أثار حفيظة وغضب الكهنة وأخذوا يفكرون في التخلص منه إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك لأن الله قد حفظه وأيده بنصره، وبما أن الطب قد كان قائمًا حينها، فقد أيده الله بمعجزات تفوق الطب الذي توصل إليه الناس في تلك الأوقات، وقد كان يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله.
https://www.youtube.com/watch?v=_M4h8k2WDss