السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

عقدة الدكتور معتز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فاجأني الدكتور معتز عبد الفتاح وهو يهدد.. نعم يهدد.. في برنامج على قناة “,”سي بي سي“,” بأنه إذا لم يستجب المجتمع لما يريده الإخوان فسوف نسقط جميعًا في هاوية عميقة، وقد بدا من كلام معتز عبد الفتاح أن معاندة جبهة الإنقاذ للجماعة هي السر في استعصاء المجتمع على السيطرة الإخوانية، وبالتالي فهذه الجبهة ستكون مسئولة عن الوقوع في الكوارث التي يحذرنا هو منها، ولا شك أن هذا اتهام لا تنفيه الجبهة وشرف لا تدعيه؛ لأن رفض المجتمع لجماعة الإخوان أكبر من أي قوة سياسية.
وهذا يناقض تعليقه المستمر على أداء رئيس الجمهورية، وعلى طريقته في اتخاذ القرار، وفي التعامل مع القوى السياسية الأخرى، ويناقض إشارته في مقال طريف من مقالاته إلى أن أسلوب الرئيس في إدارة شئون البلاد سوف يصيبنا بعقدة يسميها هو “,”عقدة الدكتور مرسي“,”.
لكني أرى أن الدكتور معتز- الذي تقول عنه الموسوعة الشعبية ويكيبيديا إنه مدير وحدة الإسلام السياسي بجامعة ميتشيجان المركزية الأمريكية- لا يقع في تناقض بسهولة، وربما كان يركِّز على السيد الرئيس؛ لأنه لا يريد أن يركز على بيت الداء وهو وجود جماعة غير مشروعة في قلب المشهد السياسي، وتأثيرها الضار على مؤسسات الدولة وعلى الثقافة السياسية للبلاد.
ومن باب إعفاء الإخوان من مسئوليتهم عما يجري يقول لنا الدكتور معتز: إن أخطر ما يحدث، اليوم، هو رفض قوى المجتمع أن يجرها الإخوان جرًّا إلى ما يريدون، ولهذا فهو يريد من الكل أن ينصاع ويمشي في الطريق التي رسمها لنا الإخوان.. لماذا؟ لأن الإخوان قدر، و“,”لو كان الإخوان أشرارًا أو لديهم نزعة للشر، فقد حكموا البلد منفردين، ولو كانوا حسني النية قليلي الخبرة فقد حكموا البلد منفردين“,”.
الإخوان مسئولون عما يفعلون، وإذا وضعوا البلد على حافة حرب أهلية فسوف يطلب الناس تدخل الجيش، وسوف يستجيب لهم، كما استجاب لهم عندما أفلست الملكية والأحزاب والسلطة البريطانية، فتدخل الجيش ليفتح أبواب المستقبل.
وقد يقول قائل إن هذا كان قبل أكثر من ستين عامًا، والدنيا تغيرت.. نعم هذا صحيح، ولهذا فتدخل الجيش إذا وقع لن يكون للاستيلاء على السلطة، ولكن لمواصلة الدور الجديد الذي حدده له الشعب في 25 يناير 2011، وهو رعاية التحول إلى الديمقراطية التعددية.
الجيش جوهر صلب لا يتغير بسهولة، وليس في أي دولة من دول العالم قوة أساسية وحيدة- من كوريا الشمالية إلى سويسرا مرورًا ببوركينا فاسو.. يتغير الكل وتبقى هي وحدها راسخة متماسكة ما دامت الدولة متماسكة- سوى الجيش، تنبهتُ لهذه الحقيقة عندما صرح رئيس أركان القوات البريطانية في السبعينيات بأن الجيش سيتدخل لو أن الاتجاهات اليسارية في النقابات واصلت التصعيد لدرجة معينة.
الحكم النهائي للعبة السياسية في أي بلد في التاريخ من المدينة المنورة أيام عمر بن الخطاب، إلى موسكو أيام ستالين، وبرلين أيام هتلر، إلى لندن وباريس وواشنطن في كل العصور، الحكم النهائي للجيش رغم اختلاف التعبيرات عن هذه الحقيقة، والتبريرات التي تطرح ليقبل بها الناس في كل بلد عنها في غيره من البلدان.
ولكن لو افترضنا أن الشعب المصري أصرَّ على معاندة الإخوان، وأصر الإخوان على غيهم، وانفجر الموقف، واضطر الجيش للنزول، فأين سيقف الدكتور مرسي؟ الدكتور مرسي هو رأس الدولة، والرأس لا يمكن له أن يخاصم العمود الفقري لجسده.
الدكتور مرسي قال قبل أيام إنه لا يوجد بينه خلاف وبين أي مكون من مكونات الدولة، وهذا منطقي، وخاصة إذا كان يقصد به الجيش، فلا يُعقل أن يقف رئيس الدولة ضد قواته التي تسعى لحفظ النظام ولحماية بلاده من الاحتراب الأهلي.
يعني المشكلة ليست بين الشرعية الدستورية وبين الجيش حامي هذه الشرعية، ولكنها بين الجماعة الخارجة على الشرعية وبقية قوى المجتمع، وسوف يبقى المجتمع متصديًا لنزق هذه الجماعة، ولن تخيفه تهديداتها ولا تهديدات جامعة ميتشيجان.