الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالصور.. "البوابة" تتجول في "خرابة الألف مصنع"

الحكومة حددت «مواعيد وهمية» لافتتاحها.. والرئاسة «غائبة»

احد مصانع أنتاج الورق
احد مصانع أنتاج الورق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انقطاع مستمر للكهرباء وانتشار السرقات و«إتاوات شهرية» اتقاء لـ«شر الأعراب»
«التسويف الحكومي» يهدد بتدمير 48 مليار جنيه استثمارات حالية ومستقبلية 
إضاعة الآلاف من فرص العمل.. أصحاب المصانع يعرضونها للبيع.. ومستثمرون «إحنا كفرنا خلاص»
في الوقت الذي يجوب فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى دول العالم لجذب الاستثمارات وحلحلة الجمود الذي يعانى منه الاقتصاد، نجد أن المقابل لجهود رئيس الدولة مماطلة وتسويف حكومى تشهد عليه مبانى ومعدات ١٠٠٠ مصنع بالقاهرة الجديدة، تعانى التهديد بتدمير استثمارات حالية تبلغ نحو ٨ مليارات جنيه، واستثمارات مستقبلية تقدر بنحو ٤٠ مليار جنيه، ستدر دخلا على الدولة بأكثر من ٢ مليار جنيه كضرائب وجمارك سنويا، فيما توفر آلافا من فرص العمل.
ورغم المواعيد التي تم تحديدها من قبل الحكومة لثلاث مرات من أجل افتتاح المنطقة، على أمل تسوية أوضاع المصانع وحل أزماتها، إلا أن المواعيد لم تكن سوى شو إعلامي، بينما الرئيس ينتظر تحديد الموعد النهائى من أجل افتتاح المنطقة، التي تعانى من أزمات في التراخيص والأمن، كل هذا ولا تزال عجلات الإنتاج متوقفة لمصانع تنتج وتصدر لأكثر من ١٥ دولة، رغم أن كثيرا منها ينتظر الموافقة الحكومية، بينما القليل يتمتع بها ويفتقد لأشياء من شأنها العمل على تسيير عجلة العمل.
«البوابة» قامت بجولة دامت لأكثر من ست ساعات بالمنطقة، عاشت خلالها مشكلات ومعاناة بعض المستثمرين، ورصدت توقف عجلة الإنتاج برعاية وإهمال حكومى دفع بعض المستثمرين للإعلان عن بيع مصانعهم. 
تضم المنطقة ألف مصنع، بينها ٤٠٠ مصنع للصناعات الصغيرة تتراوح مساحاتها ما بين ٣٠٠، و١٢٥٠، ٥٠٠٠ متر مربع، و٦٠٠ أخرى تتراوح مساحتها ما بين ٥ و١٥ فدانا، وتتنوع أنشطتها ما بين الدوائى والمعدنى والغذائى والكيميائى ولوازم المقاولات والورق، والنجارة، وغيرها من الأنشطة الصناعية، وغالبية ملاك المصانع من الشباب، وتقع المنطقة على أطراف شارع التسعين بالتجمع الخامس، وأغلبية المصانع جاهزة ولا تعمل وبعضها غير مكتمل البناء، وبالمنطقة نقطة أمن أشبه بالمعسكر، عبارة عن سور دون مبان داخله، يقوده ضابط وأمين شرطة وفردا أمن، وهى غير كافية للتأمين. 
فساد حكومي
كانت المدينة معدة للافتتاح خلال احتفالات ٣٠ يونيو من العام الماضي، بعد أن وجه الرئيس بحل مشاكلها والعمل على دخولها للعمل بالشكل المرضي، إلا أن الرئاسة اكتشفت أثناء الإعداد للترتيبات النهائية استعدادا لزيارة الرئيس، وجود مشاكل ومعوقات حالت دون حصول المستثمرين على رخص التشغيل للمصانع القائمة، التي ضخوا فيها استثمارات بقيمة ٨ مليارات جنيه، يعمل وينتج منها أكثر من ٢٠٪ رغم عملهم دون تراخيص بسب تعنت الوزرات. 
وهو ما دعا الرئيس لتكليف د. عبلة عبد اللطيف، رئيس المجلس التخصصى للتنمية الاقتصادية والاستشارية لرئيس الجمهورية، والدكتور شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، لحل كل المشاكل خلال ٣ شهور.
الحقيقة تقول إن ٧٠٪ من المصانع مقامة بالفعل و٣٠٪ منها في المراحل النهائية للإنشاء، و٣٠٪ من المصانع المقامة تنتج، وبعضها يصدر إنتاجه للخارج، ومع إرسال تقرير مجلس الوزراء للرئيس كانت هناك أجهزة تعد تقريرا آخر كشف فضيحة الحكومة، وأمام هذه المفاجأة اضطر رئيس الحكومة لإصدار قرار باعتبار ١٥ فبراير الماضى موعدا نهائيا لإنهاء مشاكل المستثمرين، لكن ذلك لم يحدث أيضا، وهو ما يضع الكثر من علامات الاستفهام حول قدرة معاونيه على تنفيذ توجيهاته.
سرقة وبلطجة وخسائر
في جولتها بالمنطقة، رصدت «البوابة» بالكلمة والصورة صرخات المستثمرين، الذين أجمعوا على وجود عدد من المشكلات المزمنة، على رأسها الانقطاع المستمر للتيار الكهربي، الذي يكلف صاحب المنشأة عبء الاعتماد على مولد كهربائي، ويكبده خسائر فادحة جراء التذبذب في التيار الكهربى الذي يتسبب في حرق الماكينات والآلات التي تعمل بالمصانع.
تليها مشكلات الأمن، حيث تعانى المصانع من سرقة المواد الخام والمعدات ومواد البناء، مما دفعهم للسقوط ضحايا لـ«الأعراب» الذين يفرضون عليهم الإتاوات بمبالغ متفاوتة شهريا مقابل حمايتهم.
أما الأزمة الثالثة فكانت في استغلال بعض الموظفين بالجهات الحكومية لوضع تلك المصانع والحصول على مبالغ مالية منهم، نظير عدم اتهامهم بمخالفة القوانين واللوائح بتهمة الإنتاج دون تراخيص أو عدم وجود مياه للإطفاء، وكأن هذا هو مصير الاستثمار في مصر.
رصدت «البوابة» خلال الجولة لافتات لبيع أو إيجار عدد من المصانع نظرا لعدم قدرة أصحابها على التعامل مع المنظومة التي فرضت عليهم، واستخراج التراخيص والتصاريح أو الحصول على تمويل لبدء العمل رسميا.
«البوابة» التقت رئيس مجلس إدارة شركة لصناعة الأثاث الخشبى والمقاولات، أحمد كمال كريش، الذي أكد أنه يدفع شهريا ٥٠٠٠ جنيه لـ«الأعراب» بالمنطقة نظير اتقاء شرهم والحفاظ على مقر شركته آمنا من مخططاتهم أو سرقة المعدات والمواد الخام، كما يحدث مع المصانع المجاورة التي ترفض دفع «الإتاوة» المفروضة عليهم، مشيرا إلى أن نقطة الأمن لا تسيطر على زمام الأمور بالمنطقة، بل أحيانا يستعين أفراد الأمن بـ«الأعراب» لتوفير الحماية للمنشآت، مع العلم أن من يرفض دفع المبالغ المطلوبة تسرق المواد الخام والإنتاج النهائى، وهو ما حدث فعليا مع سيدة أثناء بناء مصنع مجاور.
وأوضح أنه اضطر لتعيين أفراد أمن من شركة حراسة خاصة بتكلفة ٦٠٠٠ جنيه شهريا، إضافة إلى ٢٧٠٠ جنيه تدفع شهريا للخفير، لافتا إلى أنه اضطر أيضا لشراء أتوبيسات خاصة للشركة لنقل العمال والموظفين لمقر الشركة بالمنطقة الصناعية، نظرا لانعدام المواصلات من المنطقة.
وعن التراخيص والتصاريح، قال إنه استطاع إنهاء تراخيصه بعد معاناة مع الجهات المختصة، لافتا إلى أنه قام بشراء الأرض من مالكها الأصلى الذي حصل عليها بالتخصيص بقيمة ١٢٥ جنيها للمتر بسعر ٣٠٠٠ جنيه للمتر، فيما يصل سعره الآن إلى ٥٠٠٠ جنيه.
وأشار إلى أن إنهاء تراخيص التشغيل يحتاج إلى التعامل مع أربع جهات تعمل كل منها في جزيرة منعزلة، وهى جهاز مدينة القاهرة الجديدة، وهيئة التنمية الصناعية، والدفاع المدنى، والبيئة، وقال إنه على سبيل المثال تطلب هيئة الدفاع المدنى تركيب رشاشات مياه في العنابر رغم عدم وجود مياه وصعوبة تنفيذ ذلك، لطبيعة كل نشاط، الأمر الذي قد يؤدى إلى حدوث كوارث.
وأضاف كريش أنه يسدد شهريا مبلغ ١٠ آلاف جنيه نظير الكهرباء رغم انقطاعها عن مصنعه لأيام متتالية، وعند اللجوء للشكاوى يلجأ الموظفون لتعليق الخط وعدم الاستجابة للشكوى، مما يضطر الشركة للاعتماد على المولدات التي تكلف الشركة شهريا ١٠ آلاف جنيه.
وأكد أن الهواتف لم تدخل المنطقة إلا قبل أربعة شهور ماضية فقط، والسبب سرقة معدات السنترال التابع له المنطقة من قبل «الأعراب» بعد رفض المسئولين دفع الإتاوة المطلوبة، مما تسبب في توقف عدد من الماكينات بالمصنع لديه، والتي تحتاج إلى خدمة الإنترنت لكى تعمل ويتم تحديثها، ومع دفع الدولة للإتاوات بدأ توصيل بعض الخطوط.
وأوضح أنه قد بدأ العمل بشركة «بيوت» منذ ٢٠١١ بحجم استثمار يبلغ ٣١ مليون جنيه، وإجمالى عمالة أكثر من ٢٠٠ فرد، إضافة إلى شركة للمقاولات باستثمارات ٦٠ مليون جنيه، وتعمل في إنشاء الفيلات والعمارات والتشطيبات الداخلية للمجمعات السكنية، ويبلغ متوسط أجر العامل ٣٠٠٠ جنيه.
وعاد يتحدث في حزن قائلا: «إحنا مالناش أب شرعي.. للأسف الدولة جابتنا هنا ورمتنا، فهاهى مشكلة القمامة رغم أننى أسدد ٢٠ ألف جنيه سنويا مقابل خدمة النظافة غير الموجودة أساسا، وعدم وجود عامل نظافة واحد بالمنطقة، وأستعين بعاملين وأعراب لنقل المخلفات». 
وأضاف: «كنت أعمل مهندسا معماريا في قطر، ورجعت لمصر أحلم بإنشاء مصنع، ولكن الروتين أكبر منى على أرض الواقع، فلا رحمة من الأعراب ولا حتى هيئة الاستثمار التي يواجه المستثمر فيها مشكلة تسجيل اسم المورد الذي يستورد منه الخامات التكميلية، وعلى سبيل المثال معاناته لتسجيل المورد الصينى الذي يتعامل معه، والذي رفضت الهيئة تسجيله أكثر من مرة، مما أعاق عملية التصنيع، مع العلم أن المصنع يصدر منتجات بقيمة ٢٠ مليون جنيه».
هيئة الاستثمار «عقدتنا»
في أحد المصانع كان اللقاء مع محمد شتا، صاحب مصنع للجوارب، المصنع مكون من أربعة طوابق، «شتا» قال: «إن حجم الاستثمارات بالمصنع تبلغ ٥ ملايين جنيه، والعمل متواصل في صورة ورديات ٢٤ ساعة، ويتم تخصيص الوردية الصباحية التي تبدأ من الثامنة صباحا وحتى الرابعة عصرا، للفتيات نظرا لانعدام التواجد الأمنى بالمنطقة وبعد أماكن سكنهن».
أبرز شتا معاناته كبقية جيرانه من المستثمرين بالمنطقة، قائلا: «إن المستثمرين يعانون من عدة مشكلات منذ بدء تشغيل مصانعهم، يأتى على رأسها انقطاع الكهرباء لما يقرب من ٣ -٤ ساعات، مما يكبد المصنع خسائر قدرت بـ١٥ ألف جنيه شهريا، جراء توقف الماكينات عن العمل وتلفها أحيانا نتيجة تذبذب التيار الكهربائي، حيث إن توقف الماكينات عن العمل لمدة ساعة يكبد المصنع خسائر تقدر بـ٣٥٠ جنيها، رغم أننا نصدر للخارج، ونخطط لأن يكون ٣٠٪ من الإنتاج فقط للسوق المحلية والباقى للتصدير».
ولفت إلى أنه يعانى من عملية استيراد بعض المواد الخام التي تدخل في صناعة المنسوجات، التي ليس لها مثيل من المنتجات المحلية، بسبب تعنت الإجراءات من قبل هيئة الاستثمار، وأن المصنع يعتمد على استيراد ٥٠٪ من الخامات، وهيئة الاستثمار تفترض سوء نية المستثمر وتتهمه باحتمال بيعه للمواد الخام، فمثلا تفرض الهيئة على المصنع استيراد الخيط غير مصبوغ، والاعتماد على الصبغات المحلية، الأمر الذي قد يؤدى إلى ضعف جودة المنتج، نظرا لأن الصبغات المحلية أقل جودة من المستوردة، مشيرا إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة، واللجوء للتمويل المصرفى مستحيل في ظل عدم الحصول على رخصة التشغيل والسجل الصناعي. 
وأوضح أنه تلقى إنذارات بالغلق لعدة مرات من أكثر من جهة، ومن بينها الكهرباء والتنمية الصناعية، على اعتبار أنه يعمل بالمخالفة للوائح والقوانين.
المستثمر «مجرم مخالف»
خلال الجولة التقينا بالدكتور هشام كمال، رئيس جمعية مستثمرى المشروعات الصغيرة، الذي بدأ في سرد معاناته في رحلة محاولة الحصول على حقوق المستثمرين، قال: «في ٢٠ يناير ٢٠١٦ اجتمعنا مع مجلس الوزراء وبحضور مسئولين من البيئة والدفاع المدنى ورئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة المهندس علاء عبد العزيز، وعمر خورشيد ممثلا عن وزارة التجارة والصناعة، واللواء إسماعيل جابر رئيس هيئة التنمية الصناعية، بعده بدأت البيئة تذلل العقبات، حيث وافقت على ١٦٥ حالة، وتم خفض التكلفة من ١٥٠٠ إلى ٥٠٠ جنيه، بينما ظلت أزمة تقييم الأثر التي تتكلف ٨٠٠٠ جنيه، وهو مبلغ باهظ بالنسبة لمستثمر مبتدئ، بينما شروط الدفاع المدنى ظلت عائقا أمام المستثمرين، حيث لا يوجد للدفاع المدنى قانون موحد واضح المعالم، وإنما يتم احتساب كل حالة على حدة بزعم تطبيق ما يسمى بـ«الكود المصري» وهو غير واضح، وبالتالى يتم تسليم زمام الأمور للموظف، فمثلا خط حريق المنطقة لا يعترف به الدفاع المدنى ولا تعترف بوجود مياه فيه من الأساس، وهو ما يشكل إهدارا للمال العام».
وعاد ليوضح أن قيمة الأرض الفعلية ١٥ ألف جنيه، ولكن المستثمرين الحاليين لم يحصلوا عليها بهذا الثمن بل قاموا بشرائها من أصحابها ممن خصصت لهم بسعر أعلى، ويسدد صاحب المصنع تأمينات عمال بقيمة ١٢ ألف جنيه، ونظافة دورية ٨٥٠ ألف جنيه سنويا دون وجود عامل نظافة واحد بالمنطقة، وأن أعمدة الإضاءة لا تعمل بكامل طاقتها بسبب وجود نزاعات بين الشركة المسئولة عن الإضاءة وجهاز مدينة القاهرة الجديدة الذي تطالبه الشركة بسداد مستخلصاتها، رافضا الدفع لوجود عيوب بأعمدة الإضاءة.
واستكمل كمال حديثه منفعلا: «إحنا كفرنا خلاص.. الإجراءات مبتنتهيش وحالة التشكيك مستمرة والتراخيص متوقفة بسبب التعنت، لدرجة أن بعض أصحاب المصانع لجأوا لعرض مصانعهم للبيع بعدما يأسوا من إيجاد حلول، وتساءل لماذا لا تقدم لنا الحكومة يد العون؟ إحنا عايزين نشتغل، أنا في موقف صعب مبقتش عارف أروح فين ولا لمين تانى، إحنا صبرنا نفد، لو ظل الوضع كما هو إحنا كمان هنعرض مصانعنا للبيع، يمكن يفلح اللى هيشتريها».
وأضاف أنه حتى ٣٠ يونيو ٢٠١٥، كان المستثمرون يعتمدون على المولدات لاستخدام المياه «البدايات كُفر.. والنهايات ألعن»، ورغم كل ذلك ترفض الحكومة مد يد العون للمستثمرين ودعمهم، فكل تصريحاتهم متضاربة، وما عاناه المستثمر أثناء البناء أهون كثيرا مما يعانيه في إنهاء الإجراءات، فكل جهة تعمل في جزيرة منعزلة عن الأخرى، خاصة جهاز مدينة القاهرة الجديدة وهيئة التنمية الصناعية، حيث تعتبر الجهات المستثمر مجرما مخالفا إلى أن يثبت العكس، نجد تصريحات المسئولين داخل الاجتماع الواحد متضاربة، إضافة إلى تضارب القوانين واللوائح بين الجهات.
ويضيف: «التقينا بالمهندس مجدى فرحات نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية السابق الذي وافق على تقديم مستندات تثبت حيازة أراضينا، ورغم ذلك تظل الأرض ملك الحكومة حتى انتهاء إجراءات رخصة التشغيل، وحتى الآن المستثمرون غارقون في الإجراءات الروتينية ما بين التشغيل وتغيير النشاط، مع العلم أن أكثر من ثلث الملاك من التجار والسماسرة اشتروا الأراضى بغرض التسقيع والربح وليس بهدف التصنيع.
وأوضح أن غالبية أصحاب المصانع لجأوا للبيع بعد نشر الصحف قرارا لرئيس مجلس الوزراء، بأن يعاقب كل من يمتلك منشأة دون رخصة بالسجن لمدة عام وغرامة من ٥ إلى ١٠ آلاف جنيه، مما جعل الغالبية تتراجع أمام وضعها في لائحة السوابق لمجرد عدم تمكنهم من الحصول على تراخيص، وعند مناقشتى الأمر مع رئيس جهاز القاهرة الجديدة قال لي: «أنا بأمن نفسى من السجن مقدرش أخالف القوانين».
الحكومة هتخلينا نشحت
اللقاء التالى كان مع مؤتمن الجارحى، سكرتير عام جمعية مستثمرى الصناعات الصغيرة، صاحب مصنع لإنتاج الورق، الذي بدا على ملامحه الغضب العارم بسبب الأوضاع التي يعيشون فيها، وكانت أولى تصريحاته أنه قرر بيع مصنعه بسبب معاناته من الروتين الحكومي، وقال إنه بدأ العمل في مجال التجارة في الورق منذ عام ١٩٩٣ عن طريق شركة في مدينة نصر عام ٢٠٠٥، وفى عام ٢٠١٣ اشترى قطعة الأرض بالمنطقة الصناعية ٣٠٠ متر بإجمالى مبلغ ٨٠٠ آلاف جنيه، بعد أن كانت مخصصة لمبيض محارة بمبلغ ١٥ ألف جنيه، مع العلم أنه لم يسدد آخر قسطين، قام بسدادها في أعقاب شراء الأرض، حيث إن صاحب الأرض الأصلى لم يسدد سوى ٩٠٠٠ جنيه فقط من ثمنها.
وأشار إلى أنه كان يتعامل مع ٤٠٪ من مصانع الملابس الجاهزة في مصر، ووصل إلى نسبة ٧٪ منذ اتجاهه للتصنيع، وأنه يتلقى إنذارات إغلاق المصنع بشكل مستمر بسبب بدء العمل قبل الحصول على ترخيص، وأوضح أنه أنفق كل ما يملك من سيولة مالية بإجمالى ٤ ملايين، ولم يستطع تشغيل المصنع، وعندما نفدت السيولة واحتاج إلى وجود ماكينات لتصنيع الورق، اتجه لورشة خراطة بتصميم معين لتصنيع ٣ ماكينات بدلا من استيرادها بقيمة ٧٠٠ ألف جنيه.
وأوضح أنه يعانى من خسائر فادحة منذ عام ٢٠١١ بإجمالى ٦٠٠ ألف جنيه، قائلا: «إحنا كفرنا.. أخدنا على دماغنا للصبح وتعبنا من أجل عمل منظومة دون جدوى».