رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أردوغان من المكاسب الوهمية إلى الانتكاسات المنتظرة

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتفلت جماهير حزب العدالة والتنمية بفوز حزبها بالأغلبية فى الانتخابات المبكرة للبرلمان التركى، بعد الفشل فى التوافق على تشكيل حكومة ائتلاف بين الأحزاب. وقد حصد حزب العدالة والتنمية حوالى ٪٤٩ من إجمالى أصوات الناخبين.
والمعروف أن الحزب حصل فى انتخابات يوليو ٢٠١٥ على حوالى ٤٠٪ فقط من إجمالى الأصوات، وقد جاءت زيادة نسبة الأصوات التى حصدها حزب العدالة والتنمية من حساب ما حصلت عليه بعض أحزاب المعارضة، فبينما حافظ حزب الشعب الجمهورى على نسبة ٢٥.٣٪ فى انتخابات نوفمبر، حيث كان ما حصلت عليه فى انتخابات يوليو ٢٥.١٪ أما حزب الحركة القومية فقد حصل على ١١.٩٪ فى انتخابات نوفمبر، بينما كان قد حصل على نسبة ١٦.٥٪ فى انتخابات يوليو. وأخيرا تراجع حزب الشعوب الديمقراطى الكردى من ١٣.١٪ إلى ١١.٩٪. لقد تراجعت نسبة ما حصلت عليه المعارضة إجمالا من ٦٠.٢٪ إلى ٥١.٦٪ وكان يمكن لأحزاب المعارضة بما حصلت عليه من المقاعد فى انتخابات يوليو ٢٠١٥ أن تشكل حكومة ائتلافية دون الحاجة لحزب العدالة والتنمية، ولكن المعارضة فشلت فى تشكيل ائتلاف فيما بينها، على الرغم من أنها كانت تجتمع على بعض الأهداف الموحدة، أهمها الإصرار على إنهاء حالة الاحتكار السياسى لحزب العدالة والتنمية، بل ومحاولة القصاص من زعماء الحزب وتقديمهم للمحاكمة، على خلفية جرائم الفساد التى زادت فى السنوات الأخيرة، وأصبحت تستفز المجتمع التركى بشكل عام.
ولكن يبدو أن الخلافات بين أحزاب المعارضة، كانت أكبر بكثير من دوافع الائتلاف فيما بينها.
وفى نفس الوقت فشل حزب العدالة والتنمية فى تكوين ائتلاف عقب انتخابات يوليو ٢٠١٥ لتشكيل حكومة ائتلافية، وهو الأمر الذى دفع أردوغان إلى اللجوء لسيناريو الانتخابات المبكرة لتكون طوق النجاة له ولحزبه من أكبر أزمة سياسية يتعرض لها الحزب وقد استطاع الحزب خلال ٤ شهور إدخال بعض التعديلات فى اللائحة الداخلية للحزب أهمها تغيير قانون ثلاث دورات نيابية، والذى كان يمنع نواب الحزب من التقدم بالانتخابات بولايات أخرى.
الأمر الذى أضر بشعبية الحزب ودفع رموزًا كثيرة كانت معروفة فى دوائرها إلى التقاعد النيابى والسياسى قبل الأوان.
والدفع بوجوه شابة لا يعرفها الناخبون لترشيحها مكان الشخصيات المعروفة خصوصًا فى البوادى والمدن الصغيرة حيث يرتبط الناخبون بالأشخاص أكثر من الأحزاب، مع إلغاء هذه الفقرة من لوائح الحزب الداخلية فى الانتخابات المبكرة سمح لوجوه نيابية كثيرة بمعاوده الترشيح وهو ما عزز من فرص الحزب فى دوائر كثيرة، إضافة إلى أن الحزب قد غير من برنامجه الانتخابى، حيث تخلى ولو مؤقتًا عن مشروع تحويل النظام السياسى التركى من نيابى إلى رئاسى.
ومن جانبه فإن رئيس الجمهورية رجب أردوغان وقف على مسافة محددة من حملة الدعاية الحزبية طوال فترة الانتخابات، وترك لرئيس الحزب أحمد داود أوغلو الساحة فى الدعاية الانتخابية، لكى يبدو للناخبين أن هناك مسافة بين الحزب وبين رئاسة الجمهورية، أما أهم الأسباب فكانت هى اللعب بورقة الأمن والاستقرار، بعدما دخلت الحكومة فى معارك دامية مع خصمها التاريخى حزب العمال الكردستانى، ثم تنظيم الدولة الإسلامية.
خاصة أن البلاد عاشت طوال سنتين ونصف السنة ما يعرف بعملية السلام التى بموجبها توقف فيها إطلاق النار بين حزب العمال الكردستانى والجيش التركى، ولكن انهارت عملية السلام بعد قيام حزب العمال بقتل ضابطى شرطة فى ٢٢ يوليو ٢٠١٥ كانا قد اتهما بعلاقتهما بتفجيرات منطقة سروح التى نتجت عن تفجيرات انتحارية ضد مركز ثقافى كان مليئًا بنشطاء من اليساريين والأكراد فى ٢٠ يوليو فى مدينة سروح الكردية، قد جاء رد فعل تركيا على عملية قتل الضابطين سريعًا بقصف جوى على قواعد ومخابئ حزب العمال الكردستانى شمال العراق، ثم تحولت هذه المعارك إلى معارك مفتوحة بين حزب العمال الكردستانى والجيش التركى ووصل عدد القتلى من الجانبين بالآلاف. ومن هنا عاد البعد الأمنى أو مرحلة الصراع فى القضية التركية يسيطر على المشهد السياسى، وهو ما دفع الناخبين للتمسك بفكرة الاستقرار وعودة أصوات ملايين من الناخبين الأكراد للتصويت لحزب العدالة والتنمية.
هذا بالإضافة إلى تنفيذ تنظيم الدولة الإسلامية عدة عمليات أبرزها الهجوم الذى وقع فى ١٠ أكتوبر ٢٠١٥، حيث استهدف مسيرة سلمية نظمتها جماعات كردية ويسارية وأسفر الانفجار عن مقتل ١٠٢ وجرح حوالى ٣٠٠ شخص.
إذًا استطاع حزب العدالة والتنمية الدعاية لمبدأ الأمن و الاستقرار ونجح فى استعادة ما يقرب من ٤.٥ مليون ناخب لصالحه.
وحسب الدستور الكردى فإن تشكيل الحكومة لحزب بمفرده يتطلب الحصول على ٢٧٦ مقعدًا بينما حصل حزب العدالة على ٣١٧ مقعدا وهو بذلك يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده، ولكن هذه النسبة لا تسمح له بتغيير الدستور، حيث يتطلب ذلك الحصول على ٣٧٦ كما أنه لا يستطيع تمرير أى تعديلات دستورية وعرضها على استفتاء شعبى، لأن ذلك يتطلب الحصول على ٣٣٠ مقعدًا وقد يلجأ حزب العدالة على تعويض نقص ١٣ مقعدًا من حزب الحركة القومية.
وأخيرا يجب الاعتراف بأن أردوغان قد نجح فى قيادة الحزب فى الانتخابات المبكرة والانتصار على المعارضة التى لم تتمكن من تغيير خطابها الانتخابى، أو حتى محاولة تجاوز الخلافات فيما بينها.
وسيظل الصراع الداخلى محتدمًا طالما ظل حزب العدالة متبنيًا نفس السياسات أهمها الإصرار على إقامة نظام رئاسى وممارسة الضغوط على المعارضة والاستمرار فى تقليص حرية الإعلام وعدم محاسبة الفاسدين، إلى جانب المواقف المتشددة من المسألة الكردية والانغماس فى شئون دول الجوار وستظل تركيا تعيش حالة الاستقطاب القومى (تركى/كردى) أو سياسى (علمانى/إسلامى) وهى قضايا تصعب معالجتها سريعًا.