رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وإن سألتهم عن الوطن قالوا: فليذهب للجحيم!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"اعطني إعلاميين بلا ضميــر، أعطيك شعبــًا بـلا وعى"، ذلك هو النهج الذى استخدمه وزير الإعلام النازى "جوبلز" فى محاولته للسيطرة الذهنية على العالم، أثناء الحرب العالمية، لم يكن "جوبلز" يهذى عندما قال هذا الكلام، بل كان مدركًا لما يقول جيدًا، ويعرف مدى خطورة "الكلمة".
لم يخترع "جوبلز" العجلة، فالله سبحانه وتعالى أقسم فى كتابه العزيز بالقلم، وأول ما أمر به الإنسان فى أولى آيات كتابه العزيز التى أنزلها على الرسول الكريم كانت "اقرأ"، إذًا (الكلمة) هى أخطر الأسلحة التى من الممكن أن تحمى الإنسان ويمكنها أيضًا أن تدمره.
الإعلام المصرى لا يعى هذا الكلام، فالصورة الواضحة أنه تحول إلى وسيلة لنشر الفوضى، وفى أحيان أخرى "الرذيلة" و"الفسق" و"الفجور" وكل هذه الأمور لا تبنى دولًا ولا تدعم مجتمعات صالحة.
إن بعض الأسر، التى ما زالت على عهدها القديم تحافظ على العادات والتقاليد، أضحت لا تشاهد البرامج التليفزيونية، بعد أن أصبح بعضها أقبح وأشد من المواقع الإباحية، فهناك قنوات أصبحت مدرسة لتعليم الصغار والكبار الألفاظ النابية والقتل والسلب والنهب.
فالإعلام (منذ ما يزيد على الثمانى سنوات، وتحديدًا مع ظهور القنوات الخاصة) أصبح دون رقيب ولا حسيب، وظهر ذلك جليًا عام 2010، من خلال برامج تخصصت فى إشعال الاحتقان المجتمعى، يمكن أن نطلق عليها "برامج حرق مصر"، تلك القنوات التى كانت تبدأ عملها يوميًا من الساعة الثامنة مساء وحتى الواحدة صباحًا، تفرغت للتفنن فى تشريح المجتمع المصرى بهدف قتل أى أمل فى هذا البلد، وكأن مصر لم يكن فى مستقبلها ولو نقطة واحدة بيضاء، وقد استطاعت هذه القنوات إدخال مصر فى دوامات من الفوضى الفكرية والأخلاقية تمهيدًا لحرق البلد.
والعجيب أن الإعلام لم يكن له مواقف ثابتة، فالقنوات كان تحارب الإخوان قبل الثورة تقربًا لنظام مبارك، هى نفسها التى خدَّمت على الإخوان بعد ثورة يناير إلى أن أتوا لسُدة الحكم، بعد أن حوّل الإعلام أعضاءها إلى نجوم مجتمع وسياسة، من خلال تواجدهم فى هذه البرامج، وسرعان ما انقلب السحر على الساحر وحاصر هؤلاء الإرهابيون مدينة الإنتاج الإعلامى.
ولما جاءت ثورة 30 يونيو وخلصت البلاد والعباد من هذه الجماعات الإرهابية، لم يجد نجوم الإعلام، أو على الأقل عدد منهم، شيئًا قذرًا يعملون عليه، فالتفتوا إلى تخريب العقول والضمائر، باستضافة الراقصين والراقصات المبتذلين والمبتذلات، وأصبحت برامج الدجل والشعوذة هى الأوفر حظًا لدى خرائط قنواتهم، إضافة إلى نشر الأفعال الفاضحة بغية رفع عدد المشاهدين.
لقد أصبح الإعلام فاسدًا ومنبرًا للألفاظ الخارجة والمشاهد الخادشة للحياء، فلا يهمهم ما يقدمونه للمجتمع، ولا يراعون أن قنواتهم تصل إلى البيوت المصرية مكمن النشء؛ بل أصبح القانون يُضرب به عرض الحائط من رموز المجتمع علنًا، مثلما فعل رجل الأعمال نجيب ساويرس فى أحد البرامج عندما أسدى وعيدًا مفتوحًا لخصومه، مؤكدًا أنه يستطيع أن يحصل على حقه بذراعه، كما لو أننا فى غابة لا دولة!
أضف إلى ذلك ما فعله المنتج السنيمائى "السبكى" عندما شتم على الهواء مذيع برنامج العاشرة مساءً بلفظ خارج يعاقب عليه القانون، وسبقته الممثلة انتصار فى برنامجها الجديد بتحريضها الشباب على مشاهدة المواقع والأفلام الإباحية بغية الثقافة!
لقد شارك كل هؤلاء الذين يعدون رموزًا للمجتمع فى إهدار دولة القانون وتحدى قيم المجتمع، عيانًا بيانًا، دون أن يخشون رادعًا أو عقابًا، تلك هى منتهى الفوضى.
الأمر ليس هينًا، لدرجة أن الرئيس السيسى ألمح فى أحد خطاباته الأخيرة إلى تلك الفوضى، عندما تعجب من عدم إصدار ميثاق الشرف الإعلامى إلى الآن، ويبدو أن هناك مَن لا يريد لهذا البلد أن يتقدم، ويحاولون بكل الطرق جرنا للوراء حتى نصبح محلك سر، المهم أن تنتفخ جيوبهم بالأموال برفع أعداد المشاهدين، وإن سألتهم عن الوطن قالوا: فليذهب إلى الجحيم.