رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل تنجح "طلعت ريحتكم" في توحيد اللبنانيين لمواجهة "الطائفية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«طلعت ريحتكم».. شعار أطلقته مجموعة من الشباب اللبنانى المنتمين لمنظمات المجتمع المدنى، وقد أطلق الشعار لمواجهة العجز الحكومى عن حل مشكلة النفايات المتراكمة فى شوارع لبنان، والتنديد بأسلوب تعاطى الحكومة مع الأزمة الذى اتسم بالكثير من الفساد المتعمد كعادة أسلوب الحكومة اللبنانية فى معالجة قضايا قطاع الخدمات بشكل عام، والتى يأتى على رأسها الانقطاع المتزايد للتيار الكهربى على الرغم من الوعود المتكررة من الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990م.
أما عن الفساد الذى يشوب ملف النفايات فيتلخص فى أن الحكومة أقصت البلديات من حقها فى طرح المناقصات والبت فيها ومنحت لنفسها الحق فى احتكار التعاقد مع شركات النظافة وترك البلديات للدور الإشرافى فقط، وبالطبع فإن المبالغ التى دفعت لشركات النظافة الخاصة أضعاف ما كانت تدفع للبلديات، وذلك نظير الرشاوى والإتاوات، مما أسفر عن تقاعس شركات النظافة عن القيام بدورها. إن الفساد فى الحكومة اللبنانية واضح أمام أعين الشعب اللبنانى، ومن المؤكد أن مشاكل قطاع الخدمات هى انعكاس لأزمات أكثر تعقيبا فى الواقع السياسى اللبنانى. وقد عجزت الطائفية السياسية فى اختيار رئيس للجمهورية منذ ١٥ شهرا، وفشلت ٢٧ جلسة برلمانية للاجتماع على منصب رئيس الجمهورية، وتعانى الحياة السياسية فى لبنان من تعطل عمل البرلمان، حيث مددت فترة النواب مرتين، هذا البرلمان الذى عجز نوابه عن إصدار تشريعات قبل انتخاب الرئيس علاوة على انتهاء المدة الحالية لقائد الجيش، وهو منصب مسيحى، حيث قرر وزير الدفاع -بشكل منفرد- تمديد منصب القائد الحالى دون الرجوع إلى الحكومة، وبالتالى تأجل حسم المشكلة لمدة عام جديد، ومنذ اندلاع الحرب فى سوريا فإن لبنان تتأثر بشدة لما يحدث على الأراضى السورية، ورغم تعرض البلاد للعديد من الخروقات الأمنية التى لها علاقة مباشرة بالصراع السورى إلا أنه ظل مستقرا نسبيا من الناحية الأمنية، ولكن يظل الوضع السياسى فى لبنان كالعادة يدار من الخارج والشعب اللبنانى يعى تماما أن معظم القرارات الرئيسية تدار وتحسم من خارج لبنان، وهذا ما يفسر دعوة الشباب حول شعارات بعينها تتناسب مع طموحات المجتمع المدنى، وكان ملف النفايات على رأس هذه الموضوعات، ومنذ يوم السبت ٢٢ أغسطس الماضى شهدت العاصمة اللبنانية «بيروت» تظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف، مطالبين بحل أزمة تراكم النفايات ومحاسبة المسئولين عن الفساد فى وزارة البيئة وعلى رأسهم وزير البيئة «محمد المشنوق» ومع تزايد أعداد المتظاهرين ارتفع سقف الشعارات وأطلقت شعارات مثل «الشعب يريد إسقاط النظام»، والدعوة إلى الاعتصام، وفى اليوم التالى شهدت الاحتجاجات مواجهة شديدة من قبل قوات الأمن لفض الاعتصام، وقد اتهمت مجموعة «طلعت ريحتكم» المندسين بالوقوف وراء استفزاز القوات الأمنية ومحاولة التشويش على الحركة، وبناء عليه أعلنت الحركة إرجاء الاعتصام الذى دعت إليه لأسباب أمنية، ولم يهدأ وسط بيروت إلا فى ساعة متأخرة من الليل بعد دخول تعزيزات من الجيش اللبنانى لمواجهة المتظاهرين، ولهذا قررت المجموعة فض الاعتصام والعودة مرة أخرى يوم الاثنين، ولقد تسببت المواجهات الأمنية فى إصابة أكثر من ٧٠ شخصا بجروح على الرغم من أن المعتصمين كانوا يرددون شعار «سلمية سلمية»، فى إشارة إلى الطابع السلمى لتحركهم فى ساحة رياض الصلح القريبة من مجلس النواب ومجلس الوزراء، حيث قامت مجموعة من الشبان بعضهم كان ملثما برشق العناصر الأمنية وقوات مكافحة الشغب الذين اصطفوا خلف الحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة، فى محاولة لمنع المعتصمين من الوصول إلى مقر الحكومة، واستخدمت قوات الأمن خراطيم المياه، ثم أطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات، فيما كلف وزير الداخلية بإجراء تحقيق رسمى بين المتظاهرين وقوى الأمن وغيرها من القوى العسكرية، على أن يكون التحقيق جاهزا خلال ٢٤ ساعة، وطالب النائب العام «سمير حمود» من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بإجراء تحقيق بشأن ما حدث، مع تكليف أطباء شرعيين لتحديد نوع الإصابات وأنواع المقذوفات، هذا وقد علق رئيس الحكومة «سلام» على ما حدث فى خطاب بثه التليفزيون، مؤكدا أنه لن يكون شريكا لهذا الانهيار، وداعيا جميع الأطراف لتحمل المسئولية، وأضاف سلام: «موضوع النفايات هو القشة التى قصمت ظهر البعير، لكن القصة أكبر بكثير من هذه القشة، إنها قصة النفايات السياسية فى البلد»، وقد رد المتظاهرون على خطاب سلام بمطالبته بالاستقالة لأنه جزء من الأزمة، علما بأن استقالة رئيس الوزراء فى هذه الحالة ستخلق أزمة سياسية على اعتبار أن تعيين رئيس الوزراء يأتى بتكليف من رئيس الجمهورية، وهو المنصب الخالى حاليا، وقد واصل المحتجون دعوتهم فى التظاهر ليوم السبت الموافق ٢٩ أغسطس، حيث انطلقت مظاهرة «طلعت ريحتكم» من محيط وزارة الداخلية باتجاه ساحة الشهداء ببيروت، وتوافد الآلاف للمشاركة فى المظاهرة. بينما احتشدت أعداد كبيرة من المتظاهرين أمام السرايا الحكومى فى ساحة رياض الصلح وسط بيروت. وقد ألقت ناشطة من الحملة كلمة أكدت فيها أن هدف الحملة تحقيق دولة مدنية مع الاستمرار فى التظاهر حتى يستقيل وزير البيئة «محمد المشنوق»، وكذلك الإعلان عن نتائج التحقيقات حول من أطلق النار على المتظاهرين ومحاسبة وزير الداخلية وإيجاد حل بيئى وصحى للنفايات، مع التأكيد على إجراء انتخابات نيابية شرعية، وقد حذرت الناشطة من غضب المواطنين منددة بالطبقة السياسية، وقد أعلن قائد الجيش اللبنانى «جان قهوجى» أن قوات الجيش ستحمى التحركات الشعبية، ولن تسمح بالتعدى على المتظاهرين، وقد أمهل المحتجون الحكومة ٧٢ ساعة للاستجابة لمطالبهم. ومع نهاية المهلة المكررة أقدم المحتجون على اقتحام مبنى وزارة البيئة وإعلان الاعتصام داخله، وبعد مفاوضات طويلة مع قوات الأمن ورفض المحتجين ترك المبنى إلا فى حالة إعلان وزير البيئة الاستقالة من منصبه. قامت قوات الأمن بإخلاء المبنى بالقوة وأخرجوا جميع المحتجين، وصاحبت ذلك تصريحات حكومية حول إمكانية التعاطى مع مطالب المحتجين مع التأكيد على أنه من الصعب إقالة أى وزير فى الحكومة فى المرحلة الحالية، وقد توعدت الحركة بمواصلة التصعيد، حيث ارتفع سقف المطالب إلى إقالة الحكومة ومحاسبة جميع الفاسدين، بمن فيهم القادة السياسيون. فهل يستمر طموح الحركة فى محاولة تغيير الواقع السياسى اللبنانى، فالحركة جمعت - ولأول مرة – الشعب اللبنانى تحت علم واحد هو علم لبنان، وانتصرت على الطائفية اللبنانية فى أكبر تظاهرات تشهدها بيروت؟ أم أن قوى الرجعية والطائفية تنجح فى وأد هذه الحركة أو على الأقل الالتفاف حول مطالبها...؟