الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

"البوابة" تحاور هاربًا من جحيم التنظيم الإرهابي.. أبوعبيدة الأسيوطي يروي رحلته في "كهوف داعش"

 داعش
داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ حساب على «فيس بوك» قادنى للانضمام إلى التنظيم.. والمخابرات ساعدتنى على الهروب
■ جهاد النكاح يبدأ ما بين 100 دينار إلى 3000 دينار.. والأمراء يتصارعون على الجميلات

«أبو عبيدة» هو اللقب الذي حصل عليه بعد الانضمام لتنظيم داعش، وهو شاب يبلغ من العمر ٣٠ عاما، خريج كلية الهندسة، وقد كان طالبا متفوقا من عائلة ميسورة الحال، لا يعمل، تربى في عائلة لها تاريخ طويل مع العمل العام والعمل السياسي، تولدت لديه بسبب قراءاته وأصدقائه رغبة في الجهاد الذي قرأ عنه وسمع به في خطب بعض الشيوخ وتأثره ببعض الشخصيات المنتمية للتنظيمات التكفيرية.
انتظرته أكثر من ٣ ساعات لأنه كان مترددا في لقائى لدواع أمنية، وحسابات لا أعرفها تحديدا، ربما خوفا من أن يعرف الدواعش شيئا.. طال الانتظار وتوقعت ألا يأتى وإذا به يأتى في المكان المحدد ومعه الوسيط الذي عمل على طمأنته كما قام بنفس الدور معى من قبل.. جاء أبو عبيدة ليشرح لى وللشباب المصرى تجربته مع تنظيم داعش.
■ كيف بدأت قصتك مع تنظيم داعش؟
- بدأت قصتى معه منذ شرعت في البحث عن كيفية الانضمام للتنظيم خلال موقعى «فيس بوك» و«تويتر»، ولم يستغرق الأمر طويلا، فقد تواصلت مع أحد الأشخاص ويدعى «المصري»، وبدأت حوارا معه، وفى البداية انتابه شك في عزمى الانضمام إليهم، وبادرنى بمجموعة من الأسئلة من نوعية: من شيوخك، لمن تقرأ؟ وما أسباب رغبتك في الانضمام إلينا؟.. وظللنا نتحاور لفترة استمرت أكثر من ٨ شهور.
■ وكيف كانت بداية انضمامك لداعش؟
- في صباح يوم جمعة قال لى «المصري»: «جهز أوراقك، فخرجت من منزلى دون أن أقول شيئا لأهلي، متجها للقاهرة بجواز سفرى وساعدنى في الحصول على تأشيرة لتركيا، وتوجهت لمطار الإسكندرية، ونصحنى بأن أسافر في توقيت طيران الفجر لضعف الإجراءات الأمنية في ذلك الوقت، ووصلت إسطنبول، واتصلت بالمصرى لأعرف كيف أصل إليهم، فقام بتوصيلى مع منسق تابع لهم يدعى «غازى انتاب» الذي شرح لى كيف أستقل حافلة لأصل إليه، واستغرقت مدة الرحلة ١٧ ساعة، وطلب منى عقب وصولى أن أذهب إلى أحد الفنادق وأنتظر التعليمات.
ظللت لمدة أسبوع بالفندق إلى أن اتصل بى مرة ثانية وأرشدنى إلى سيارة تابعة لهم من معبر تل أبيض مع أشخاص سوريين قاموا أثناء تواجدى بالسيارة بأخذ متعلقاتى من حقائب وهواتف وكل شيء».
■ وماذا عن لحظة دخولك إلى أراضى داعش؟
- دخلنا مقر ما يسمى بـ«الدولة الإسلامية» وتحديدا المبنى الإدارى للدولة، ووضعونى أنا وآخرين في حجرة واسعة تسمى «المضافة»، وكان بها عدد كبير من المنضمين حديثا للتنظيم ينتظرون الفحص والتوزيع، ويقوم على حراستها أشخاص ملثمون يطلق عليهم «الأمنيون».
■ وكيف كان موقعك في التنظيم؟
- بعد أن أخذت هاتفى ومتعلقاتى اتصلت بالمصرى الذي ساعدنى على الانضمام من البداية وسألته: «إلى أي سلاح سأنضم؟ فنصحنى ألا أنضم إلى سلاح الأمنيين حتى أدخل الإدارة العسكرية لفرز الأشخاص، وجاء لزيارتى، حيث كان المصرى في كتيبة في العراق، واقترح على أن يجهز لى أوراقى ويأخذنى معه، حيث إن إدارة الحدود يحتاجون لأشخاص جدد، وذهبنا إلى الحدود، وظللت شهرا ولم آخذ تدريبا لعدم استقرار الوضع هناك، حيث إن أماكن التدريب تعرضت للضرب، وكانت مهمتنا على الحدود السيطرة على الطريق المؤدى إلى منطقة «عياشة» وحدودها ومصادرة المخدرات، السلاح، السجائر، وفحص الخارجين من الحدود».
■ ومتى انتقلت لداعش العراق؟
- وفروا حافلة قامت بنقلى إلى الموصل مع آخرين، والموصل تعد ثانى أكبر محافظة في العراق، ثم وصلت إلى ولاية صلاح الدين بمنطقة معارك بيجى، وهناك أيضا نزلنا إلى «المضافة»، وعرفت أن هذه المنطقة أكثر الأماكن التي بها عمليات استشهادية بالعراق، فيوميا عمليات تفجيرية عن طريق «الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة».
■ وما حقيقة جهاد النكاح لدى داعش؟
- جهاد النكاح يتراوح سعره بين ١٠٠ دينار إلى ٣٠٠٠ دينار، ويقوم الأمراء بتوزيع النساء على أنفسهم، ويجاملون أيضا ذويهم دون بقية الأفراد، وتصل الأمور أحيانا بين الأمراء إلى التصارع للحصول على أفضل النساء، وهذا الأمر يسبب غضبا للأفراد والضباط.
■ وهل انقطع اتصالك بأهلك في أسيوط؟
- لا توجد خطوط أو هواتف للاتصال هناك فالطريقة الوحيدة هي التواصل من خلال الـ«هوتسبوت» بالإنترنت من خلال الأقمار الصناعية، فلا توجد شبكات اتصال أرضية، وكانت على فترات ليست بشكل دائم، واتصلت بوالدتى التي حثتنى على العودة، وأكدت لى أنه تم استدعاء والدى، وأن الشرطة المصرية على أهبة الاستعداد لمساعدتى في العودة، وفى هذا الوقت بدأت أفكر في النزول ولكن كيف؟ خاصة بعد أن تأكدت أن ما يحدث بعيد تماما عن الجهاد ولا يمت له بصلة.
■ كيفية تواصلت مع الأمن المصرى للعودة؟
- اتفقت معى والدتى أن أحد الضباط المصريين سيعاوننى على النزول وأخذت رقم هاتفه، وقمت بالتواصل معه عبر الـ«واتس آب»، وتحدث معى عن أشياء كثيرة منذ فترة انضمامى، واتفق معى على إسقاط التهم عنى مقابل الاعتراف وسرد ما حدث تفصيليا، ثم بعد أكثر من ساعة من الحديث أغلقت معه الكلام واتفق مع والدى على أنه سيساعدنى في الخروج من سوريا.. وكان هاجس أننى سأقتل يراودنى طيلة الوقت.
■ وما تداعيات طلب الخروج من الدولة بحجة الإصابة وعدم القدرة على العمل؟
- قدمت طلبا ثالثا، وقدمته إلى نائب الأمير، وفوجئت أنه وافق بشرط أن أحصل على ختم الأمير، وتوجهت للإدارة العامة لوجود ملفى هناك، وقام الأمنيون بوضع غمامة على عينيى، وأرسلونى إلى استبيان الجنود لعمل تحقيق معى حول أسباب رغبتى في الرحيل.
■ وكيف كان التحقيق الذي خضعت له؟
- بدأ شخص بالحديث معى بصوت غليظ وبعد أن عرف أننى من طرف المصرى وأننى ليس لى أي أقارب بالمخابرات طلب منى أن أحضر وثيقة إخلاء طرف، ولم يقوموا بضربى أو تعذيبى، وذهبت لأكمل الأوراق وأنا أنتظر القتل في أي لحظة، ووصلت إلى إدارة الحدود، وحصلت على ختم الدولة، وكان معى ٥ أشخاص آخرون، وقام ملثمون بأخذنا بغمامة أيضا على أعيننا وألقوا بنا في صحراء لا يوجد ملامح لأى بشر بها، وانقطعت الاتصالات، ولا يوجد معنا أي شيء لا هوية ولا ماء بملابسنا فقط.. وظللنا نمشى كثيرا إلى أن تسللنا إلى طريق تركيا وأنا لم أصدق نفسى أننى ما زلت حيا.
■ وكيف كان التواصل مع الأمن المصرى بعد الهروب؟
- تواصلت من تركيا مع الضابط الذي سبق أن تحدثت إليه، وقلت له إننى هربت وأرسل لى أحد الأشخاص لمساعدتى، ثم توجهت إلى مطار القاهرة، وخضعت للتحقيق، وأدليت بكل ما حدث لى منذ أن انضممت إلى داعش وحتى عودتى وتركونى أعود لأهلي وأسرتى وأقدم لهم الشكر والتقدير على معاونتهم لي للرجوع من طريق اللاعودة.