الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عمر بن الخطاب كان يحب الموسيقى.. ولحّن أغنية بنفسه

مفاجأة تاريخية يكشفها كتاب صادر عن الهيئة العامة للكتاب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ خليفة المسلمين أمر «رباح» بالغناء فى طريق الحج 
■ سمح بضرب الدفوف فى الأفراح
■ «قابيل»: الرسول لم يحرم الألحان

الأسوياء نفسيًا لا يتحدثون كثيرًا فى مثل هذه الأمور...لأنهم يعتبرونها من البديهيات... فلا أحد مستقر نفسيًا يمكن أن يسأل هل الموسيقى حلال أم حرام؟...أو يناقش حكم الإسلام فى الغناء... وما الذى يجب أن نسمعه أو لا نسمعه. 
لكن ولأننا واجهنا طويلًا قومًا من غير الأسوياء نفسيًا، فقد أجبرونا على النقاش الطويل حول حرمة الموسيقى وفسوق من يغنى... فقد كان طبيعيًا أن يصدر كتاب لمحمد قابيل عن الهيئة المصرية للكتاب يحمل عنوان « هل الموسيقى حرام؟». 
كان من الأولى أن يكون العنوان واضحًا وصريحًا ومباشرًا وحاسمًا، وهو أن الموسيقى ليست حرامًا، لكن الفكرة لا تزال مترددة واليد لا تزال مرتعشة... خاصة أن البحث المميز الذى قام به قابيل وهو موسيقى وكاتب صحفى... يؤكد بالأدلة الشرعية أن الموسيقى ليست حرامًا على الإطلاق. 
من بين ما أورده قابيل بين يدى بحثه أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» لما عاد منتصرًا من إحدى غزواته جاءته جارية سوداء، وقالت: يا رسول الله إنى كنت قد نذرت إن ردك الله سالمًا، أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها: إن كنتى نذرتى فاضربى وإلا. 
أما المتقشف الزاهد المجاهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه فكان محبًا للغناء بالصوت الجميل، فقد مر بدار قوم فسمع ضجة فقال : ماهو؟ فقيل: عريس، فقال: وما يمنعهم أن يخرجوا بغرابيلهم فإنها إمارة العرس ( الغربال نوع من الدفوف استخدم فى البادية وفى فجر الإسلام)... وأذن عمر لرباح المعترف أن يغنى لأصحابه الذين كانوا معه فى طريقه إلى الحج ليقصر عنهم الطريق والسير ويسهل صعوبة الصحراء المقفرة، وغنى رباح للحجيج ومن بينهم كثير من الصحابة والتابعين والأنصار، ولم يكن عمر بن الخطاب راضيًا عن الموسيقى فحسب، بل كان من ذوى الرأى والتميز فيها. 
والثابت أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لم يكن يكره الموسيقى، لكنه كان يكره المخنث منها، ومن بين ما يرويه ابن الفقيه الهمزانى أن عمر سمع مرة قيانا يضربن بالدفوف بغناء ( لا يعفو الله عنه) فكان نصيبهم منه قسوة التأنيب والقرع بالعصا. 
المفاجأة التى يكشف عنها محمد قابيل فى كتابه أن هناك من ينسب إلى عمر بن الخطاب أنه لحن أغنية بنفسه، وهو ما ذكره الدكتور محمود أحمد الحفنى فى مقال نشر فى المجلة الموسيقية عام ١٩٢٣ العدد ١٢ بعنوان «عمر بن الخطاب فى الموسيقى».
انتظرت من مؤلف الكتاب أن يبحث عن مقال الدكتور الحفنى ويعيد نشره فى كتابه، لكن يبدو أنه اكتفى بالمعلومة التى لديه، وأعتقد أن البحث عن هذا المقال وإعادة نشره سيكون مفيدًا جدًا، للتأكيد على أن كبار الصحابة وتحديدًا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لم يكونوا ضد الموسيقى والغناء، وأن الحديث عن أن عمر كان يكره الغناء ولا يرحب به لم يكن إلا من باب النصب الدينى ليس إلا. 
خلاصة القول ما يذهب إليه محمد قابيل أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» لم يحرم الغناء، لكنه شغل بنشر الدعوة الإسلامية، كذلك فعل صحبه من الخلفاء الراشدين، فلم يتوافر الاستقرار الاجتماعىوالاقتصادىاللازم لازدهار الموسيقى، وتم ذلك فى عصر الخليفة عثمان بن عفان حيث احتلت الموسيقى مكانة رفيعة فى مجالس العرب إلى جانب الشعر والأدب. 
وقد أقبل الإمام أحمد بن حنبل على مجلس القاضى إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف لسماع غنائه، وهو الإمام الذى اقتدى به كثير من المسلمين بمذهبه وحجته القوية الصادقة، وروى عن الإمام الشافعى أنه سمع الغناء أيضًا، فقد مر مع أحد أصحابه وهو إبراهيم بن إسماعيل على دار قوم تغنيهم جارية بصوت جميل، فقال الشافعى لصحبه: ميلوا بنا نسمع، ودخلوا الدار جميعًا بقصد السماع، فلما انتهت الجارية من الغناء قال الإمام لصاحبه إبراهيم: أيطربك هذا، فرد صاحبه: لا، فقال له الإمام: مالك حسن، لقد طرب الإمام وجرد صاحبه من الحسن لأنه لم يطرب من الغناء الحسن.