رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

القبائل السيناوية.. الدرع الواقية للأمن القومي المصري «1 - 2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد بارك الشعب المصرى النجاح الذى حققته القوات المسلحة المصرية فى حربها ضد معاقل الإرهاب فى شمال سيناء، الذى توج بإحباط محاولة العناصر الإرهابية المسلحة باحتلال جزء من أرض الشيخ زويد أو رفح، ورفع أعلام ما يعرف «بدولة سيناء»، وهو أسلوب تنظيم «داعش» فى سوريا والعراق، حيث يواكبه ضجيج إعلامى عبر وسائل إعلام عميلة أو على مواقع التواصل الاجتماعى، وبإلقاء الضوء على طبيعة المعارك الشرسة الذى كشف عن تبنى العناصر الإرهابية لاستراتيجية عسكرية جديدة، سواء من ناحية إعداد العناصر المشاركة فى الهجوم أو نوعية العتاد والأسلحة المستخدمة، فحسب بيان القوات المسلحة أن ٧٠ عنصرا قد شاركوا فى الهجوم، وأنهم استخدموا أسلحة متعددة المستويات حتى وصلت لمدافع مضادة للطائرات، وعلى الرغم من النجاحات التى حققتها القوات المسلحة، رغم هدم الكثير من الأنفاق وإقامة المنطقة العازلة ومداهمة وتدمير معسكرات ومخازن أسلحة التنظيم، وذلك طوال العامين الماضيين، فلا تزال عمليات التهريب تتم وبمستوى أعلى قياسا بالأسلحة المشاركة فى المعارك الأخيرة، ولا يزال تدفق العناصر التكفيرية إلى شمال سيناء متواصلا، ولن نتحدث هنا عن أهمية الدور المخابراتى، سواء بالداخل أو بالخارج، لكننا سنؤكد أهمية الظهير الشعبى فى شمال سيناء، وهم قبائل وعشائر سيناء الذين شكلوا طوال عقود خط الدفاع الأول لبوابة مصر الشرقية، ولكن ما حدث من تطور بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، حيث تسببت البنود المجحفة بالمعاهدة فى خلق فراغ أمنى فى سيناء، خاصة بالمنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، وساهم الحصار الإسرائيلى على قطاع غزة بعد استيلاء حماس على الحكم، فى نمو وتطور تجارة الأنفاق لتهريب الأسلحة والمخدرات، ومن هنا ظهرت مافيا الأنفاق التى تشرف عليها حماس، وبالتعاون مع شيوخ قبائل وعناصر من بدو سيناء، ولقد ساهمت فترة حكم مبارك الفاسدة، حيث تم إقصاء الشعب المصرى من معادلة التنمية المستدامة، على أن أهل سيناء كانوا أكثر المتضررين من هذا الإقصاء والإهمال، ومنذ ثورة ٢٥ يناير وحتى الآن تعاقبت حكومات مختلفة اجتمعت على إطلاق الوعود بشأن تنمية سيناء وفيما عدا مشروع قناة السويس الجديدة، تبخرت جميع الوعود هباءً، ولقد شهدت فترة حكم مرسى من تزايد تواجد العناصر التكفيرية، خاصة قرار مرسى بالإفراج عن المئات من تلك العناصر بالسجون، إلى جانب حشد المئات من العناصر المصرية للقتال فى سوريا، إذن هناك من يستفيد من دورة حياة الإرهاب فى سيناء، ولقد فطنت القيادة السياسة لهذا الواقع، وقررت الاستعانة بالظهير الشعبى عبر شيوخ القبائل والعشائر، ويهمنا فى هذا المجال أن نتعرف على ملامح بدو سيناء ودور شيوخ القبائل.
شبه جزيرة سيناء منطقة صحراوية، وهى الجزء الشرقى من مصر، وتحتل ٦٪ من مساحة مصر الإجمالية، ويسكنها حوالى مليون وأربعمائة ألف نسمه، منهم ٥٩٧٠٠٠ نسمة فى محافظتى شمال وجنوب سيناء، و٨٠٠ ألف نسمة فى المنطقة الغربية من سيناء (الإسماعلية والسويس وبورسعيد) التى تلقب بأرض الفيروز، وتنقسم سيناء إلى ثلاثة أقسام: القسم الشمالى، ويعرف بالسهول الشمالية، والقسم الأوسط ويعرف بجبل التيه، والقسم النارى بالجنوب، ويتميز بقمم الجبال، بينما تتميز المنطقة الشمالية بالمياه الجوفية الممتدة ما بين القنطرة ورفح، حيث تتزايد جودة المياه الجوفية بالاقتراب من مجرى وادى العريش.
أما عن التركيبة السكانية فى سيناء، فإن ٩٦٪ من أهل سيناء من البدو تشكلوا من عدة قبائل، أبرزها قبيلة الترابين، وهى القبيلة الأكبر فى سيناء والنقب، وقبيلة سواركة، والتياها، والعزايزة، والحويطات، وقبائل أخرى كثيرة، وتعود جزور أهالى سيناء إلى الجزيرة العربية والحجاز ونجد واليمن، وقسم آخر تعود جزورهم إلى مصريين بدو كانوا يسكنون فى سيناء منذ القدم، وملامحهم الشكلية مصرية فرعونية، وتوجد أيضا قبائل مرتبطة بالشرقية والجيزة جاءوا إلى سيناء خلال القرن الماضى، وأصبحوا بدوا، وهناك مجموعة صغيرة قليلة من العريشة من نسل الجنود الألبان القادمين مع محمد على.
أما أهم مدن سيناء فهى «العريش - طور سيناء - بير العبد - الشيخ زويد - رفح - الحسنة - نخل - رأس سدر- أبو زنيمة - أبو رديس - سانت كاترين - شرم الشيخ - دهب - نويبع - القنطرة شرق - طابا...»، إضافة إلى بعض المراكز العمرانية الأخرى، هى أساس التنمية الحضارية والعمرانية فى إطار المشروع القومى لتنمية سيناء، إضافة إلى أكثر من٣٠٠ قرية يغلب عليها الطابع الريفى، حيث يتم التخطيط لتطوير هذه المنظومة فى نسيج عمرانى واحد، والمياه تحيط بسيناء من أغلب الجهات، فهى تقع بين ثلاثة سواحل على البحر المتوسط من جهة الشمال (بطول ١٢٠ كم)، وقناة السويس فى الغرب (٢٤٠كم) ثم خليج العقبة من الجنوب الشرقى والشرق بطول (١٥٠ كم)، وهكذا تمتلك سيناء ٣٠٪ من سواحل مصر الكلية.
ونأتى إلى أهم نشاطات السكان الاقتصادية (السياحة – التعدين - الزراعة النقل)، وتعتبر السياحة فى سيناء سياحة عالمية، لما تمتاز به من خصائص طبيعية ودينية وحضارية، وهى تساهم بنسبة كبيرة فى الدخل القومى المصرى، ويأتى السياح من كل أنحاء العالم لاسيما دول الاتحاد الأوروبى، وتوجد العديد من المنتجعات السياحية، أهمها شرم الشيخ، وذهب، ورأس سدر، ونويبع، وطابا، ودير سانت كاترين، ومدينة طور سيناء، وتتركز السياحة فى محافظة جنوب سيناء، فيما تعتبر الزراعة هى النشاط الأكبر للسكان، علما بأن المساحة المزروعة فعليا لا تتجاوز ١٧٣.٥ ألف فدان، منها ١٧٣ ألف فدان فى شمال سيناء، وحوالى ١٥٠٠ فدان فقط فى جميع سيناء، وجميعها تنتج حوالى ١٦٠ ألف طن ثانويا من الخضر والفاكهة، وحوالى ٤١٠ آلاف أردب من الحبوب، كما تعد الثروة الحيوانية التى تبلغ ٢٦٥ ألف رأس من الأغنام والماعز وبعض الأبقار والجاموس تعتمد فى تربيتها على المراعى الطبيعية، وتعتمد الزراعة والرعى على مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية التى لم تستغل أغلبيتها حتى الآن. ثم يأتى التعدين فى المرتبة التالية فى النشاط السكانى، حيث تعتبر شبه جزيرة سيناء المورد الأول فى الثروة المعدنية فى مصر، حيث يتدفق من أطرافها الغربية البترول، وتعتبر محافظة جنوب سيناء من أهم المواقع المنتجة للبترول (أبو رديس، رأس سدر)، بالإضافة إلى مواقع بحرية فى خليج السويس، وتنتج سيناء حوالى ثلثى إنتاج مصر من البترول، وتأتى معادن الفوسفات والنحاس والحديد والمنجنيز.. إلخ فى شرق سيناء، كما تتميز جنوب سيناء بالكثير من الخامات التى تستخدم فى الصناعة، مثل الجبس والفحم والطفل الكربونى وكلها مواد تساهم فى صناعة الأسمنت والسيراميك وغيرها، إلى جانب أن سيناء تشتهر بأجود أنواع الفيروز فى العالم، وأخيرا تأتى نشاطات النقل والمواصلات التى لها أهمية خاصة فى سيناء، نظرا لاتساع المساحة وقسوة الطرق والدروب وصعوبة بعض الطرق الجبلية، علما بأن سياحة السفارى تعتمد على خبرة ومهارة بدو سيناء فى مسالك الطرق، وعلى صعيد آخر توجد فى سيناء مطارات عديد من المفترض أنها تستوعب أعدادا من العمالة الكثيفة، حيث العوامل الاقتصادية، وقياسا على عدد سكان سيناء رقميًا تفوق ما يحظى به سكان مصر فى الوادى أو الدلتا، ولكن واقع الحال يؤكد أن جميع سكان سيناء خاصة فى الشمال يعانون من أزمات اقتصادية، ومن غياب مشاريع تنموية حقيقية، مما يدفع البعض للدخول فى واحة اقتصاد التهريب عبر الأنفاق وتجارة السلاح والمخدرات، بل وتشكيل احتياطى بشرى للتنظيمات الإرهابية، وسنعرف فى العدد القادم أهم المشاكل التى يعانى منها سكان سيناء، ومدى مصداقية الوعود التى أطلقتها الحكومات المتعاقبة حول تنمية سيناء.