الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

شهادات الهاربين من "الأزهر"

إذا كان كل الأطراف متضررين.. فلماذا لا ننسف معاهد المشيخة فورا؟

 صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لماذا يرفض الطلاب الاستمرار في المعاهد الأزهرية؟ ولماذا الآن تحديدًا؟ وما دور جماعة الإخوان؟ وهل يعتقد الشيوخ أن الدولة ضد تعليم الدين في المدارس؟
٣٦ ألف طالب طلبوا التحويل للتعليم العام بسبب المناهج وضعف المستوى التعليمي
أولياء الأمور: بعض المقررات الدراسية تتسبب في تحويل أبنائنا إلى «دواعش»
رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: المناهج «تمام».. بس التلميذ «عايز يريح دماغه»

يخرج الطالب الأزهرى من معهده، محمَّلًا بمناهج تحرِّضه على كراهية كل شيء.. وأول ما يكرهه، هو «الأزهر».
«السمعة السيئة» التي لحقت بالتعليم الأزهرى، كانت على رأس أسباب هروب الطلاب من التعليم الأزهرى، خاصة بعد أن تسبب الأمر في ضياع هيبة أكبر مؤسسة إسلامية في العالم، وبعد أن ظل الأزهر يأخذ من سُمعة محمد عبده تحوّل إلى «مصنع الإرهاب».
الجماعات الإسلامية حاولت سرقة «الأزهر».. كانت معركة تحت الأرض.. وهى معركة اختطاف الإسلام المصرى.. الذي كانت المشيخة مرجعيته.. دسّوا أبناءهم بين طلاب الجامعة، فخرجوا منها دون أن يكسبوا شيئًا.
جنوا عليها فقط. خرجوا من «الأزهر»، حاملين فكرا «صحراويًا» لا يمت للإسلام بصلة، واستمرَّت حالات هروب الأزهريين من الدراسة بالمعاهد الأزهرية والتحويل إلى «التربية والتعليم»، رغم ما أعلنت عنه مشيخة الأزهر من إعداد مناهج ميسرة وجديدة للعام المقبل، لكن مهما كانت المناهج «نظيفة» ممّا يلوّث كتب التراث، يعلن كثيرون الهروب من «الجحيم».
٣٦ ألف طالب وطالبة حوّلوا من المعاهد الأزهرية لمدارس «التربية والتعليم» وفقًا لتقرير قطاع المعاهد الأزهرية عن نسبة المحولين لعام ٢٠١٤/٢٠١٥، إذ بلغ عدد المحولين من التعليم الابتدائى الأزهرى للتعليم العام ١٩ ألفا و٣٢٥ طالبا وطالبة، واحتلت القاهرة النسبة الأكبر في التحويل، إذ بلغ عدد المحولين فيها ١٣٤٩ طالبا وطالبة، تليها سوهاج، وبلغ عدد المحولين فيها ١١٦٤، ثم الدقهلية حيث قام ١١١٦ طالبا وطالبة بالتحويل للتعليم العام، وفى المرحلة الإعدادية قام ١٧٢٣٠ طالبا وطالبة بالأزهر بالتحويل للتعليم العام، واحتلت قنا النسبة الأكبر في التحويل، حيث قام بالتحويل فيها ١٩٧٦ أزهريا للتعليم العام، تليها البحيرة بتحويل ١٤٥٠ طالبًا، ثم الشرقية ١٣٣٨، والدقهلية ١٣٨٨ طالبًا وطالبة قاموا بالتحويل للتعليم العام، ما يشير إلى هروب ما يقرب من ٨٠ ألف طالب أزهرى إلى التعليم العام.
ولكن.. السؤال الأهم هنا.. لماذا؟
روايات متعدِّدة لأولياء الأمور عن أسباب نقل أبنائهم من «الأزهر»، يقول أحدهم: «نقلت ابنى من الصف الثالث الأزهرى إلى الصف الثانى في التعليم العام، وأسباب النقل تتلخص في نقص الإمكانات وقلة المدرسين وزيادة المصاريف التي جعلت أولياء الأمور يحولون لأبنائهم إلى المؤسسات التعليمية العامة، حيث إنها بسيطة في مناهجها التعليمية وبها يسر وقبول على عقل الطالب». ويشير إلى أن بعض المناهج التي تدرس بالمعاهد قد تحول الأبناء إلى «دواعش». وقال ولى أمر طالبة بالأزهر: «بنتى ترفض التعليم الازهرى منذ انضمامها له، ولكن شروط السن في التربية والتعليم هي الحائل الوحيد للخروج من الأزهر»، مؤكدا أن «التعليم الازهرى لا يتناسب مع الإناث ولا الأولاد لأن المناهج ثقيلة». وأشار عبدالباقى إسماعيل، ولى أمر إحدى التلميذات، إلى أن السبب في رغبة الطلاب والتلاميذ للتحويل إلى التربية والتعليم هو عدم انتظام الدراسة في الأزهر، والتزام التربية والتعليم بالدراسة والمتابعة، علاوة على أن مواد الأزهر كثيرة لأنها تجمع ما بين المناهج العلمية والدينية إضافة إلى القرآن والحديث، مما يعد عبئًا على كاهل الأسر في الدروس الخصوصية.
أكثر المتضررين من هروب طلاب «الأزهر» هم المدرسون. تلاحقهم الاتهامات بالتقصير، والإهمال، رغم أنهم يعملون بالموارد المتاحة، وفى حدود.. يحاولون صناعة جيل ناجح، إلا أن الفشل حولهم من كل جانب.
أحمد زيدان، مدرس العلوم الشرعية بالدقهلية، يقول إن التحويل من «الأزهر» إلى «التربية والتعليم» يعود إلى أسباب عديدة، منها عدم قدرة المتعلم على إكمال تعليمه بـ«الأزهر»، وعدم التأهيل الكافى لمعلمى المرحلة الابتدائية، ما ينتج عنه تخريج طالب مترهل علميا. ويضيف: «هناك عدد من المدرسين أصحاب الشهادات المتوسِّطة في معاهد الأزهر جزء من جذور الأزمة.. لا بد أن تقوم المعاهد بالتخلّص منهم، ليصبح التعيين للمؤهلات العليا فقط». وتابع زيدان: «أسباب التحويل من معاهد الأزهر كثرة المواد في الصفوف الإعدادية، والثانوية، ما يؤدى إلى عدم قدرة الطالب على التحصيل، وعليه تخفيف المناهج»، مشيرًا إلى أهمية أن يكون هناك اختبار بسيط في القراءة والكتابة قبل دخول المرحلة الابتدائية بالأزهر الشريف، وأن يتم التركيز على مادة القراءة والإملاء والخط، حتى يستطيع المتعلم مواصلة التعليم.
محمد عبدالغنى، مدرس المواد الشرعية بأحد معاهد ملوى بالمنيا، يؤكد أن ظاهرة تحويل الطلاب إلى التربية والتعليم تعرض لها الأزهر منذ سنوات عديدة، وأصبحت كارثة في الفترة الأخيرة، لدرجة أن أحد المعاهد وصل عدد طلاب الصف الأول الابتدائى به إلى ٦ طلاب فقط، لكن خلال العام الحالى تم احتواء جزء من هذه المشكلة، من خلال تخفيف المناهج على الطلاب، وهو ما قوبل باستحسان من الطلاب، حيث تم تخفيف المواد الشرعية في المرحلة الإعدادية من خمس مواد وهى «الفقه والسيرة والحديث والتفسير والتوحيد»، إلى كتاب واحد يضم أربع مواد، كما أن الطالب في السابق كان مطلوبًا منه أن يحفظ ٣٠ حديثا، فأصبحت ٥ أحاديث فقط في كل تيرم».
وأضاف عبدالغنى: «ما أثير في الفترة الأخيرة من قضايا على الساحة من تطرف وداعش والتشكيك في البخارى وغيره، جعل الكثير من أولياء الأمور يحجمون عن أدخال أبنائهم دائرة التعليم الأزهرى».
وعلق الدكتور محمد أبو زيد الأمير، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، على هذه الأزمة قائلا إنه تم وضع بروتوكول بين التعليم والأزهر منذ فترة قريبة، ينص على التحويل من المعاهد الأزهرية للتربية والتعليم وفقًا لمدة ووقت معين، مؤكدًا أن ظاهرة هروب الطلاب من التعليم الأزهرى إلى التربية والتعليم تتمحور في سبب واحد واضح، هو عدم قدرة الطالب على التعليم الأزهرى، وهو ناتج عن ميول الطالب نفسه ولا دخل لمناهج أو تسيب التعليم في المعاهد الأزهرية كما يقولون، مضيفًا: «المناهج تمام، بس الطالب عايز يريّح دماغه».
ومع استمرار هذه الكارثة التي حلت بالأزهر، فقد وضع قطاع المعاهد الأزهرية عددا من الضوابط والشروط للتحويل من المعاهد الأزهرية إلى التعليم العام، والتي كان في مُقدمتها قصر التحويل على الطلاب المقيدين بصفوف المرحلة الابتدائية والصفين الأول والثانى الإعدادى في العام الدراسى ٢٠١٤ /٢٠١٥، ولا يجوز تحويل المقيدين بالصف الثالث الإعدادى أو المرحلة الثانوية في العام ذاته، وكان من بين ضوابط التحويل أن يتم تطبيق معايير السن المعمول بها على الطلاب الراغبين في التحويل إلى الصفوف المناظرة بكل من الجهتين، دون استثناء من ذلك، مهما كانت المبررات، وتم استحداث هذه المعايير بهدف تحجيم نسبة التحويل أمام أولياء الأمور والطلاب، حفاظا على كثافات الفصول ونسب الطلاب فيها.
شيوخ المعاهد الأزهرية لهم تفسيرات أخرى لتدنى مستوى التعليم في الأزهر، يرون أن أهمها ضعف إمكانيات الدولة التي أوصلت التعليم الأزهرى لهذه الحال، وهو ما يقول عنه أحد شيخ المعاهد الأزهرية: «إن سأل أحد المسئولين عن أهم أسباب التحويل من المعاهد الأزهرية فيسجدون أن السبب هو نقص الإمكانات الموجودة لخدمة العملية التعليمية، وضعف مستوى المدرسين، وبعد المسافات بين سكن الطلاب والمعاهد التي يدرسون بها»، مشيرا إلى أن مسألة تحويل الطلاب من المعاهد الأزهرية إلى التعليم العام ترجع إلى انتقال الأسر من محل إقامتهم إلى أخرى لا يتواجد فيها معاهد أزهرية قريبة».
ويضيف: «أسر الطلاب الذين يقومون بتحويل أبنائهم إلى التعليم العام كثير منهم يكون دافعه ضعف مستوى الأبناء الفكرى والذهنى ما يعوقهم عن الاستمرار في التعليم الأزهرى».
ويؤكد أن «الأسباب الحقيقية ترجع إلى ضعف إعداد المدرسين القائمين على تدريس المواد الثقافية بالمعاهد، وعدم توفير الإمكانيات اللازمة والحقيقية للمعاهد، حتى يصبح لديها القدرة على التطوير في مسألة الحفظ والتلقين التي كانت متبعة منذ زمن بعيد، خاصة أن القائمين على نظام التعليم في الأزهر لا يتبعون خطوات التطوير رغم أنه نظام جيد جدا ويجمع بين علوم الدنيا وعلوم الآخرة».
الداعية الإسلامى، عبد الناصر بليح، مسئول نقابة الدعاة بمحافظة كفر الشيخ يقول إن النقل من الأزهر للتربية والتعليم والعكس، له جذور منذ سبعينيات القرن الماضى، عندما أصدر الدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر السابق، قرارا بفتح الباب أمام طلبة المدارس للأزهر الشريف معاهد وكليات، وبالفعل ظل هذا الوضع الذي نجنى ثماره في جميع المجالات على هذا الحال حتى اليوم، وتارة تتم الموافقة من الأزهر للتربية والتعليم وتارة يمنع شيخ الأزهر هذا النقل وهكذا، ولكن يوجد منذ بداية هذا القرن بعض القصور في العملية التعليمية والترهل الذي أصاب جميع المؤسسات بفعل فاعل للنيل من العملية التعليمية في مصر، وانتشار الدروس الخصوصية أيضا أدى إلى عدم الالتزام والحضور بالمعاهد كما أنه كان هناك فترة من الفترات التي تم فيها ضم المعاهد بالعمالة والمدرسين فتسلل إلى الأزهر بعض المدرسين غير المؤهلين تربويا.
ويشير «بليح» إلى أن ظاهرة الغش الجماعى وخروج أوراق الأسئلة خارج اللجان أثر على مستوى الطلاب وخاصة في الجامعة.
ويناشد «بليح»، شيخ الأزهر أن يصدر تعليماته للجان القائمة على تنقية المناهج أن تأخذ الموضوع بمحمل الجد والاجتهاد، وأن تسارع في غربلة المناهج.
من النسخة الورقية