الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا نخوِّن المصريين في الخارج؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أن صدر حكم الدستورية العليا ببطلان حرمان مزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات البرلمانية انطلقت حملات بدا أصحابها كالدبة التي قتلت صاحبها، حيث طالبت بتجاوز حكم المحكمة الدستورية وليتها اكتفت بذلك، فبعضها راح يتهم المصريين في الخارج بالخيانة والعمالة بشكل مرسل وعلى نحو مطلق.
لقد نسي هؤلاء أنهم أنفسهم من هللوا لمشاركة مواطنيهم في كل عواصم العالم في ثورة الثلاثين من يونيو، وانتفاضة المصريين ضد حكم الإخوان في العواصم الغربية، نسوا أيضاً أنهم من هللوا لاحتفاء هؤلاء المغتربين عن وطنهم بالرئيس عبدالفتاح السيسي حينما زار الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، ووقفوا في مظاهرات حاشدة لمواجهة الدعايا الكاذبة للجماعة الإرهابية في نيويورك وباريس، علاوة على احتشادهم في طوابير طويلة للمشاركة في الاستفتاء على دستور 2014 وانتخابات الرئاسة.
الآن أصبح مواطنونا بالخارج خونة وجواسيس محتملين، أستطيع تفهم تلك المخاوف من دخول أصحاب الجنسية المزدوجة تحت قبة البرلمان المصري، لا سيما أنهم أقسموا يمين الولاء لسيادة أوطان جديدة، وما قد ينتج من تضارب في المصالح جراء ذلك الوضع الشائك، لكننا في مواجهة واقع آخر، ألا وهو حكم الدستورية العليا، ولا أتصور أن احداً من بيننا يريد إعادة سيرة الاخوان في إسقاط هيبة القضاء وسلطة القانون.
إن من يطالبون بمخالفة الحكم لا فارق بينهم وبين ميليشيات "حازمون" والشاطر التي حاصرت قضاة ذات المحكمة إبان حكم الاخوان.
انصياعنا للحكم واحترامه هو سبيلنا الوحيد، أما التخوف من تسلل جواسيس وعملاء، فلا أتصور أنه قاصر على من يحملون جنسيات أخرى إلى جانب الجنسية المصرية، فكم من جاسوس وخائن يعيش بيننا ولم يغادر يوماً الحدود المصرية، بل ولم تطأ قدمه ناحية المطار.
والشيء بالشيء يذكر، أليس من الوارد أن يدخل البرلمان أحد أولئك الممولين لمظاهرات الجماعة الإرهابية، أو أحد المشاركين من خلف الستار في كل التفجيرات التي تقع هنا وهناك.
ثم أن الرقابة الشعبية والمتابعات الصحفية والاعلامية، ناهيك عن تحريات أجهزة المعلومات الأمنية كفيلة بكشف الخائن والجاسوس، وثم أمر آخر وهو ان الحصول علي جنسية أخرى مرهون بالحصول أولاً علي موافقة الدولة المصرية ممثلة في وزارة الداخلية، ولا اعتقد أن حجم اللذين اتبعوا هذا الاجراء يمثلون نسبة 10% من الحاصلين علي جنسيات أخرى، وأظن أن تقديم المستند الخاص بموافقة الدولة المصرية ينبغي أن يكون أحد الأوراق الواجب تقديمها إلى اللجنة العليا للانتخابات، وبدونها لا يصح الترشح إلى مقاعد البرلمان.
غير أن الأخطر في تلك الحملات- التي يعمل بعضها تحت شعار أسقطوا المصريين في الخارج- تخوينها لمن اقترحوا منح هذا الحق في لجنة الخمسين، دون أن يفكروا في لحظة واحدة في مدى سخف وحمق ما يرددونه من اتهامات وسباب، ودون أن يعوا أن المقصد كان الرغبة في احتضان ابناء الوطن، والاستفادة من تجاربهم العريضة والثرية التي اكتسبوها في تخصصات مختلفة داخل مجتمعات متباينة وثرية بتعدد ثقافاتها وتطورها الحضاري والتكنولوجي.
لنكف عن هذا الهراء ولنمضي نحو الانتخابات ولنترك الأمر لأعضاء مجلس النواب فلهم أن يعدلوا في الدستور كما يشاءون وفقاً للقانون.