الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الحلم بمصر قاعدة إعلام عالمية!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من علامات تدهور الكفاءة لدى القائمين على الإعلام الرسمي، أنهم يدمجون عدد قتلى الإخوان وحلفائهم في موقعتي رابعة والنهضة (وهم نحو 80) بالزيادة اليومية في إجمالي عدد القتلى الجدد، الذين هم في الأساس ضحايا جرائم الإخوان من المدنيين ورجال الشرطة! ومن الغريب أن يقول الخبر في المتابعة اليومية: إن إجمالى عدد الضحايا “,”منذ بدء الأحداث“,” وصل إلى نحو 300، خالطاً هذا مع ذاك، ثم يزيدون فى يوم آخر إلى 400، ثم 500..إلخ! وعلى القارئ أن يحسبها بنفسه. أين ضحايا الإخوان فى هذه الحسبة؟ وكم عددهم؟ وأين ضحايا جرائم الإخوان؟
والتفرقة هنا ضرورة، ليس بمعنى أن هناك فصيلين من الأعداء، ولكن لتبيان قوة كل من الطرفين وعدة وعتاد كل منهما، وتصويب مغالاة أي طرف فى قوته أو في مسكنته، إلى غير ذلك من التفاصيل التي تساعد على إدراك الواقع السياسى.
وهكذا يثبت هؤلاء الإعلاميون أنهم يفتقدون للبوصلة التي يهتدون بها قبل أن يقوموا بهداية الرأى العام!
والأكثر فداحة من هذا أن العقلية التي تحجب المعلومات لا تزال سائدة حتى الآن، بعد الثورة التي نادت بالحريات وفي القلب منها حرية الإعلام وحق تدفق المعلومات! وهو ما تتجلى سلبياته يومياً في عشرات الحالات.
منها أنه، وحتى الآن، لم يشاهد الشعب إلا بضع ثوانٍ من الأفلام التي صورتها طائرات الشرطة فى موقعتي رابعة والنهضة، والتي قيل قبل العمليات: إنها ستثبت بالدليل المادى أخطاء المخطئين، ولم يُتَح إلا لقطات من الأرض، وهي لا تفي بالوعود المقطوعة سالفاً، كما أنها لا تعطى أدلة دامغة على كثافة ونوعية التسليح الذي قيل: إن الإخوان جهزوا أنفسهم به للمعركة، ولم يعرض التليفزيون إلا أعداداً محدودة من البنادق والمسدسات والذخيرة، وهي أقل بكثير مما قيل: إنه كان متوقعاً، ولم ير الرأى العام مشهد العثور على الجثث التي قيل: إنها كانت موجودة تحت المنصة، كما لم يعرض التليفزيون لقطات للأجانب الذين قيل: إنهم مشاركون فى جانب الإخوان.
وصرح مصدر مسئول بأنه تم القبض على عدد من قيادات الإخوان، ثم قيل إن هذا لم يحدث، بل وقيل: إنه لم يصدر تصريح بهذا، وسرت شائعة قوية بأن هؤلاء القيادات بينما كانوا في قبضة الشرطة وهم فى طريقهم للترحيل إلى السجون جرى تهريبهم بواسطة حماس تحت تهديد السلاح!! ثم وصلنا إلى أسوأ الاحتمالات وهو أن تظل كل هذه الروايات قائمة دون أن يدرك مسئول إعلامي خطورة عدم الحسم على مصداقية الحكم المؤقت لدى الرأى العام.
وفي واقعة أخرى، سألت مذيعة التليفزيون أحد كبار مسئولي الداخلية عن صحة معلومات عن القبض على أسماء بعينها لبعض زعماء الإخوان، وكان الخبر متداولاً على عدد من وكالات الأنباء والكثير من صفحات الفيس بوك، فقال المسئول بلهجة قاطعة إنه لا يجوز أن نتطرق الآن إلى هذا الموضوع! ولم يفصح حتى عن أسباب “,”منع التطرق“,” بكلمة واحدة: نعم، أو لا، وترك الناس نهباً لشائعة تخصّ قضية تؤرقهم، خاصة وأن الناس لم يعطوا أحدا تفويضاً في المعرفة بدلاً عنهم!
والأهم من كل هذا، أن ما كان محجوباً أيام حكم الإخوان صار متاحاً الآن، وهو ما يلزم معه أن يعرف الناس حقيقة ما قيل عن اتفاقيات وقعها مرسي مع إسرائيل عن تسهيلات منحها في سيناء وعن موافقته على زرع أجهزة تنصت على الحدود لتسهيل المراقبة الإسرائيلية، وهو ما كان مبارك رفضه لما فيه من مساس بحق السيادة، ولما فى ذلك من تهاون يتيح لإسرائيل أن تعرف كل التحركات داخل الأراضي المصرية في اختراق واضح للأمن المصرى!
أين هذه الوثائق بعد أن صارت كل سجلات الرئاسة وأرشيفها وكافة وثائقها فى يد من يُفترَض أنهم ممثلو الثورة! ولماذا لم يتطرق الإعلام الرسمي لكل هذا؟
وكان يُقال أيضاً: إن أجهزة الأمن وثقت العلاقات السرية بين الإخوان والأمريكان منذ أكثر من 20 عاماً، وهذا غير قضية التخابر المتهم فيها الدكتور مرسي. فكيف لا يدرك الإعلام الرسمي أنه من المفيد إعلان هذه التفاصيل الآن فى مجال التضاغط الحادث مع أمريكا، وأيضاً على مستوى فضح الإخوان داخلياً لمن لا يزال يؤمن فى صدقهم؟ فضلاً عن أن كل هذا حق أصيل للرأى العام فى المعرفة.
لا تدرك هذه العقلية المكاسب الهائلة التي ستعود على الجبهة الداخلية المناصرة للثورة، إذا مورست حرية الإعلام بحق، ولا يريدون أن يتعلموا مما أضافته مجموعة قنوات الجزيرة إلى قطر التي لم يكن لها ذكر إلا في أوساط قراء الخرائط.
هذه العقلية تحرم مصر من أن تحظى بالفرصة الحقيقية التي هي نتيجة طبيعية للثورة، بأن تكون قاعدة الإعلام الحر فى المنطقة كخطوة قبل أن تحقق لنفسها مكانة عالمية عن جدارة، إضافة إلى مكاسب تقدر بالمليارات، ولكن هذا لن يتحقق إلا فى مناخ حرية حقيقية، تحت إدارة إعلاميين مهنيين يقدرون رسالتهم، في ظل دولة القانون حيث يكون للقضاء الكلمة الفصل في البت في الأخطاء المنسوبة للإعلام.
ولكن، وللأسف، وعلى النقيض، يروّج الإعلاميون المتنفذون لوجوب إغلاق قناة الجزيرة مجاراة للمشاعر السائدة من جمهور لم يتعود على انفلات بعض الذين يستغلون مناخ الحرية إلى حد اقتراف جرائم إعلامية، جمهور استسهل المصادرة الإدارية وينفد صبره في انتظار القضاء!