رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

في ذكرى رحيله.. فريد الأطرش ملك العود وموسيقار الأزمان

فريد الاطرش
فريد الاطرش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل اليوم الذكرى الاربعين لرحيل ملك العود وموسيقار الأزمان، فريد الأطرش الذي، منحه الله تعالى صوت فريد وموهبة رائعة في الغناء والتمثيل والتلحين أيضا، وكان ينطبق عليه المثل الشعبى "للإنسان نصيب من اسمه "، فكان متفردا في اغانيه والحانه، حتى أصبح علما من إعلام الموسيقى والغناء العربي.

ولد فريد الذي ينتمي إلى آل الأطرش لإحدى العائلات العريقة في جبل الدروز جنوب سوريا في 19 أكتوبر 1910، وكان ترتيبه الثالث بين أخوته العشرة، حيث تزوج والده فهد الأطرش ثلاث سيدات هن طرفة الأطرش وميسرة الأطرش والأميرة علياء المنذر والدة أنور وفريد وفؤاد ووداد وآمال التي اشتهرت لاحقًا باسم «أسمهان»، وحرم من رؤية والده بسبب كثرة تنقلاته مع والدته هربًا من الفرنسيين الذين كانوا ينوون اعتقاله وعائلته بسبب قتال والده ضد ظلمهم.

 

عاش فريد في القاهرة في حجرتين صغيرتين مع والدته "عالية بنت المنذر" وشقيقيه فؤاد وأسمهان،التحق فريد بإحدى المدارس الفرنسية ((الخرنفش)) وذات يوم زار المدرسة هنري هوواين فأعجب بغناء فريد وراح يشيد بعائلة الأطرش أمام أحد الأساتذة فطرد فريد من المدرسة والتحق بعدها بمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك..

حرصت والدته على بقاء فريد في المدرسة غير أن زكي باشا أوصى مصطفى رضا بأن يدخله معهد الموسيقى، وقد عزف فريد في المعهد وتم قبوله وكأنه ولد في تلك اللحظة،

واتجه إلى بيع الأقمشة وتوزيع الإعلانات من أجل إعالة اسرته ومساعدة والدته التي تميزت بصوتها العذب أيضا التي اضطرت بأن تسجل في حياتها اسطوانه واحدة إلا إنها لم تتخذ الفن مهنة نظرًا لمكانة عائلتها، وفي هذه الأثناء بدأ الاطرش بالتفتيش عن نوافذ فنية ينطلق منها حتى التقى بفريد غصن والمطرب إبراهيم حمودة الذي طلب منه الانضمام إلى فرقته للعزف على العود، وقد أقام زكي باشا حفلة يعود ريعها إلى الثوار، وأطل فريد تلك الليلة على المسرح وغنى أغنية وطنية ونجح في طلته الأولى، وبعد جملة من النصائح اهتدى إلى بديعة مصابني التي ألحقته مع مجموعة المغنين ونجح أخيرا في إقناعها بأن يغني بمفرده. لكن عمله هذا لم يكن يدر عليه المال بل كانت أموره المالية تتدهور إلى الوراء. لذا بدأ العمل في محطة شتال الأهلية حتى تقرر امتحانه في المعهد ولسوء حظه أصيب بزكام وأصرت اللجنة على عدم تأجيله ولم يكن غريبا أن تكون النتيجة فصله من المعهد. لكن مدحت عاصم طلب منه العزف على العود للإذاعة مرة في الإسبوع فاستشاره فريد فيما يخص الغناء خاصة بعد فشله أمام اللجنة فوافق مدحت بشرط الامتثال أمام اللجنة وكانوا نفس الأشخاص الذين إمتحنوه سابقا إضافة إلى مدحت. غنى أغنية الليالي والموال لينتصر أخيرا ويبدأ في تسجيل أغنياته المستقلة. سجل أغنيته الأولى (يا ريتني طير لأطير حواليك) كلمات وألحان يحيى اللبابيدى فأصبح يغني في الإذاعة مرتين في الإسبوع لكن ما كان يحصل عليه من مبالغ مالية كان زهيدا جدا.

استعان بفرقة موسيقية وبأشهر العازفين كأحمد الحفناوي ويعقوب طاطيوس وغيرهم وزود الفرقة بآلات غربية إضافة إلى الآلات الشرقية وسجل أغنيته الأولى وألحقها بثانية (بحب من غير أمل) وبعد التسجيل خرج خاسرا لكن تشجيع الجمهور عوض خسارته وعلم أن الميكروفون هو الرابط الوحيد بينه وبين الجمهور.

تميزت موسيقى الاطرش بمذاق خاص فكان يصوغها كما يصوغ الشاعر قصائده بالوحي والالهام فهي ليست نتيجة تعليم أو دراسة لأنه لم يدرس الموسيقى دراسة منتظمة وإنما اخذها بالفطرة والسليقة والاستعداد والموهبة الفذة التي ولدت معه فوجد نفسه منذ الصغر يغني ويسرق عود والدته ليعزف عليه من ورائها، وليس من الغريب أن يلقب بـ"ملك العود" نظرا لبراعته الشديدة في العزف على العود.

اشترك فريد الأطرش في 31 فيلما سينمائيا كان بطلها جميعا وقد أنتجت هذه الأفلام في الفترة الممتدة من السنة 1941 حتى السنة 1975. أشهر الأفلام على الإطلاق والذي جنى أرباحا طائلة هو فيلم حبيب العمر، لأنه مثل قصة حب حقيقية، ثم فيلم عهد الهوى المقتبس عن الكسندر توماس الصغير عن روايته غادة الكاميليا.. وهذه الرواية لها قصة، ففي العشرينات من القرن الماضي، قام يوسف بيك وهبي بعرض مسرحية حول مادة الرواية، وشاركته البطولة الفنانة روز اليوسف واسمها مرجريت أما اسم يوسف وهبي فكان " أرمان"، وكان هذا العرض قد أثار ضجة كبيرة وأرباح طائلة وهو من أوائل العروض المسرحية الكبيرة ليوسف وهبي. وبعد سنوات طويلة، قام يوسف وهبي بإقناع فريد بدور أرمان ومريم فخر الدين بدور مرجريت أما يوسف وهبي نفسه فأكتفى بدور الأب. وكان فريد الأطرش يختار القصص بعناية، وبالذات القصص التي تتقاطع ولو قليلا مع قصة حياته.. ولا ننسى فيلم رسالة من امرأة مجهولة وكم تقاطعت الأحداث مع قصة حياة الموسيقار الكبير فريد الأطرش. وكان الفيلم هذا تحولا في حياة الفنانة التي شاركته بطولة الفيلم، لبنى عبد العزيز، وغرس حب الموسيقار وطيبته. والتي طالما أنصفته وتكلمت بجرأة عنه غير مهتمة بآراء الآخرين التي تريد تذويب قيمة فن ومشوار هذا الموسيقار الكبير.

عرف عن فريد عادات جميلة وعادات غير مستحبة، فكان اتصاله بالقمار شيئا من تلك العادات السيئة، أدمن على لعب الورق حتى عود نفسه على الإقلاع، وعرف عنه أيضا حبه للخيل.و ذات يوم وفيما كان في ميدان السباق راهن على حصان وكسب الجائزة وعلم في الوقت نفسه بوفاة أخته أسمهان في حادث سيارة فترك موت أخته أثرا عميقا في قلبه وخيل إليه أن المقامرة بعنف ستنقذه. تعرض إلى ذبحة صدرية وبقي سجين غرفته، تسليته الوحيدة كانت التحدث مع الأصدقاء وقراءة المجلات، اعتبر أن علاجه الوحيد هو العمل. وبينما كان يكد في عمله سقط من جديد واعتبر الأطباء سقطته هذه النهائية، ولكن في الليلة نفسها أراد الدخول إلى الحمام فكانت السقطة الثالثة وكأنها كانت لتحرك قلبه من جديد وتسترد له الحياة، فطلب منه الأطباء الراحة والرحمة لنفسه لأن قلبه يتربص به. توفي في مستشفى الحايك في بيروت إثر أزمة قلبية وذلك عام 1974 عن عمر 64 سنة.

نال الاطرش العديد من الاوسمة وألف عنه ما يقرب من 15 مؤلفا تناول النواحي الاجتماعية والفنية والحياتية والعاطفية وغيره، وغنى الاطرش كلمات ما يزيد عن 30 شاعرا من شعراء عصره ومن أشهرهم: أحمد بدرخان،،أحمد رامي، بيرم التونسي، أبو السعود الإبياري، كامل الشناوي،مأمون الشناوي،ولحن لما يزيد عن 20 من الفنانين والفنانات العرب، ومن أشهرهم:أسمهان،إسماعيل ياسين،تحية كاريوكا، سامية جمال،شادية،فايزة أحمد،صباح، وديع الصافي، نور الهدى،وردة الجزائرية، محرم فؤاد.