رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

غضب أوروبي من مصادرة حرية الصحافة في تركيا.. الاتحاد الأوروبي: المداهمات لا تتوافق مع حرية الإعلام.. وصحيفة "لاكزتا" الإيطالية: إنهم يطفئون الشمس في أنقرة.. وأردوغان يرد: لا تهديد للقيم الديمقراطية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت تركيا احتجاجات واسعة نظمها أنصار جماعة الداعية الإسلامي الشيخ فتح الله جولن والمنظمات المدنية وأنصار أحزاب معارضة لحكومة العدالة والتنمية، في عدة مدن تركية، خاصة أمام مقرات المحاكم، احتجاجا على حملة اعتقالات للإعلاميين في الذكرى الأولى لقضايا فساد عائلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي بدأت في ساعة مبكرة من صباح يوم الأحد الماضي، وطالت العديد من الصحفيين والكتاب ومنتجي الأعمال الدرامية وكتاب السيناريو.

وجاء في مقدمة الصحفيين المعتقلين أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة "زمان التركية" والمدير العام لمجموعة قنوات سمان يولو، ومنتجون وكتاب سيناريو، وبلغ عدد المعتقلين حتى الآن 27 شخصا، وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "يورت" التركية اليوم الثلاثاء، أن التظاهرات تم تنظيمها أمام مقرات المحاكم في 13 محافظة، وعلى رأسها إسطنبول وإزمير وقونية وأورفة وأوشاك وآفيون وطرابزون وجوروم وآرضرورم وبالكسير وإسكى شهير وسيواس وأضنة، رافعين شعارات منها "الصحافة الحرة لن تسكت"، و"هكذا بدأ هتلر"، و"لن ننسى السرقة برغم الاعتقالات".

وجاءت حملة الاعتقالات تزامنا مع مرور عام على فضيحة الفساد والرشاوى التي تم الكشف عنها في السابع عشر من ديسمبر 2013، وسببت حملة الاعتقالات سخطا دوليا بسبب الإجراءات غير الدستورية التي قامت بها الحكومة التركية بأوامر مباشرة من أردوغان من أجل غلق أكبر مجموعة إعلامية في تركيا مثل صحيفة "زمان" الأعلى توزيعا بين الصحف التركية، والمعروف عنها قربها من "جولن" ومجموعة سامان يولو للإعلام والنشر، حيث أبدت صحيفة فايننشال تايمز دهشتها من اعتقال فريق عمل مسلسل تركيا واحدة (المدبلج إلى العربية باسم الأرض الطيبة) في إطار عمليات الاعتقال التي شنتها السلطات الأمنية التركية بدءًا من يوم الأحد الماضي، ضد وسائل الإعلام، وتتساءل الصحيفة عن سبب دخول المسلسل في إطار التحقيقات.

بينما أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا شديد اللهجة مساء الأحد، قال فيه إن حملة المداهمات التي شنتها الشرطة في تركيا ضد مؤسستين إعلاميتين "لا تتوافق مع حرية الإعلام، وتعد انتهاكا للقيم الأوربية".

وجاء في البيان المشترك الذي أصدره مفوض توسيع الاتحاد يوهانس هان ومسئولة العلاقات الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغريني، "أن المداهمات والاعتقالات التي جرت في تركيا لا تتوافق مع حرية الإعلام التي تعتبر مبدأ أساسيا من مبادئ الديمقراطية، وأن هذه العملية تعد انتهاكا للمعايير والقيم الأوروبية التي تطمح تركيا لأن تصبح جزءا منها".

ومن جانبه لم يكتفِ أردوغان بالصمت، بل دعا الاتحاد الأوروبي إلى "الاهتمام بشئونه الداخلية"، موضحا أن هذه الاعتقالات لا تمس أبدا حرية التعبير، ولا يوجد أي تهديد للقيم الديمقراطية في تركيا".

ووقعت المناوشات الكلامية بين الجانبين بعد مُضي أسبوع على زيارة الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوربي فيديريكا موغيريني إلى أنقرة، التي كان هدفها تعزيز العلاقة مع تركيا وتعجيل التكامل معها، ما أثار استغراب السلطات التركية، خاصة أنها جاءت مباشرة بعد التقارب الروسي التركي.

وتحت عنوان "إنهم يطفئون الشمس في أنقرة" نشرت صحيفة "لاكزتا" الإيطالية تحقيقا صحفيا امتد عبر أربع صفحات كاملة، خصصت صفحتين كاملتين أيضا لنشر التحقيقات الجوفاء التي قامت بها إدارة أردوغان ونشرت نصوص التحقيقات، وبحسب ما ذكرته الصحيفة فإن هذه التحقيقات لا يمكن أن تؤدي لدفع غرامة 1 يورو وليس إلى إغلاق مؤسسات صحفية.

أما عن الموقف الرسمي لبرلين، فصرح المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن من مصلحة تركيا أن تزيل أي شك محتمل بشأن التزامها بالمبادئ الديمقراطية الأساسية بعد المداهمات التي اعتقل فيها 24 شخصا، بينهم مسئولون تنفيذيون كبار وقادة سابقون بالشرطة، كما قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفان زايبرت، إنه من غير الواضح كيف يمكن التوفيق بين هذا التصرف المتعمد للسلطات الأمنية في تركيا والمبادئ الأساسية لحرية الرأي والصحافة.

وأعلنت بعض الصحف التركية تضامنها الكامل مع حرية الرأي والصحافة، حيث ووصفت صحيفة "طرف" التركية أردوغان بـ"هتلر الجديد" في معرض نقلها لأحداث العملية غير القانونية التي نفّذتها السلطات بأمر صادر مباشرة من الرئيس.

وأعربت واشنطن عن بالغ قلقها إزاء حريات الإعلام المتراجعة بشكل ملحوظ في تركيا، حيث دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، "جين بساكي"، الحكومة التركية لعدم الإخلال بحرية الإعلام واستقلالية القضاء، قائلة "كيف لأنقرة أن تستهدف الإعلام المعارض للحكومة، تعد حملة اعتقالات الشرطة لممثلي الإعلام في تركيا مناهض للحريات العامة، وأن حرية الإعلام واستقلالية القضاء يعدان عاملين هامين نحو الديمقراطية، وعلى تركيا احترام الدستور العام للبلاد".

وقالت "روسيا اليوم" إن عمليات الاعتقال تُرى على أنها مبادرة لإسكات معارضي أردوغان، لكنها لن تكون في صالحه، مشيرا إلى أن هذه العملية ستتراجع بتركيا أكثر في تصنيفها من حيث غياب حرية الصحافة.

وأعرب الكثيرون من رجال الساسة عن غضبهم تجاه حملة الاعتقالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الزعيم السابق لكتلة الاشتراكيين، ثاني أكبر التكتلات في البرلمان الأوروبي، "هانز سيووبودا" والذي قال إن الأحداث الأخيرة التي يتعرض لها الصحفيون في تركيا هي خطوة جديدة للوراء بعيدا عن الديمقراطية"، مشددا على ضرورة أن تلعب تركيا دورا مهما في المنطقة لكونها الدولة النموذج.

وجاء الانتقاد الأشد من منسق لجنة تركيا بالبرلمان الأوروبي كاتي بيري، التي أعربت عن صدمتها من جراء حملة الاعتقالات الأخيرة بحق الصحفيين، وقالت إن مطاردة وسائل الإعلام المعارضة للحكومة، يعد هجوما شرسا على حرية الصحافة.

وعبرت الكثير من منظمات المدافعة عن حقوق الإنسان عن مخاوفها مما وصفته هجوما حادا من قبل الحكومة التركية على حرية التعبير.

وتأتي تركيا في المرتبة 154 من 180 فيما يخص حرية الصحافة حسب منظمة صحفيون بلا حدود.