رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صيحات التجديد الدينى ( 39 )

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وبعد عديد من الكتب والكتابات التى اتخذت المنهج المزدوج فكرًا دينيًا وثقافة غربية حديثة معاً . صمت الجميع . ربما لأن عصبة رشيد رضا تراجعت بسبب ارتباك فكرها إزاء هذه الكتابات أو بسبب وفاة الشيخ رضا نفسه ، وربما لأن حسن البنا قد اقتحم المشهد بفكر فيه هذا وذاك أو بالدقة تظاهر بذلك ، وربما بسبب انشغال الجميع بهموم الحرب أو بالصراعات السياسية المحتدمة التى أشعلتها سيطرة الثالوث على ماهر – المراغى – كامل البندارى على شئون القصر الملكى فأداروا معركتهم ضد الوفد على أساس دينى مستندين إلى شراء ولاء حسن البنا واحمد حسين [مصر الفتاة] فأخرج البنا مظاهرات مساندة للملك هاتفة "الله مع الملك" فى مواجهة مظاهرات وفدية تهتف "الشعب مع النحاس" . ومع رفض النحاس باشا [رئيس الوزراء آنئذن] الاحتفال بتنصيب الملك فاروق بمراسم إسلامية المظهر ومنها قيام شيخ الجامع الأزهر بتقليده سيف جده محمد على باشا ، وإصرار النحاس على أن فاروق سوف ينصب ملكًا للمصريين جميعًا مسلمين ومسيحيين .
الآن أصبح الصراع بين الرجعية ودعاة التجديد صراعًا سياسيًا بالأساس وانكمش الجميع أمام جبروت النفوذ الجماهيرى للوفد .
ومضت سنوات لتبدأ المعركة من جديد ، وكانت فى منتصف الأربعينيات من القرن الماضى ذات طابع وطنى وسياسى ضد تلاعبات الإخوان وانحيازهم للقصر وللطاغية صدقى وحزبى الأقلية [الدستوريين والسعوديين] فى الصراع الوطنى المحترم ضد القصر وكل عملائه بما فيهم الإخوان ومن خضم هذا الصراع نبتت معارك أخرى تدعو إلى التجديد الدينى . وبدأت بذور دعوة تجديدية فى الأزهر وحتى بين المثقفين العصريين مثل د. محمد أحمد خلف الله . ود. محمد مندور وغيرهما . ومن الأزهر برز الشيخ محمود شلتوت والشيخ أبو زهرة والشيخ عبد المتعال الصعيدى .
ونقرأ شعراً للشيخ عبد المتعال الصعيدى يقول فيه :
الجامع الأزهر ابتلاه رب له العز والوجود
بكل قحف وطرف عليك بالبشر لا يجدد
قطعة صخر أليس فيه الثقل واليبس والجمود
صلوا وصاموا والليل قاموا والقلب عن كل ذا بعيد
[الشيخ عبد المتعال الصعيدى – المجددون فى الإسلام من القرن الأول حتى القرن الرابع عشر – صـ42]
أما الشيخ أبو زهرة فقد وصفهم بأنهم كاليعاقبة فى الثورة الفرنسية تشددوا فى استخدام الألفاظ دون التفات للجوهر الحقيقى [الشيخ أبو وهرة – أصول الشريعة – صـ343] .
أما الدكتور محمد حمدى زقزوق فقد أكد أن الشريعة هى "التى تقرر مبادئ عامة وأصولاً وقواعد تعد بمثابة خطوط عريضة وهى تدع الباب مفتوحاً فى كل وقت للاجتهاد فى استنباط الأحكام الشرعية التى تتلاءم مع الظروف والأصول فى كل مجتمع وتتناسب مع مستجدات الحياة ومتطلبات الزمان والمكان ، وهى تتسم بالتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم ، فليس فى الشريعة ما يشق على الناس أو يخرج عن نطاق استطاعتهم ، فالحج لمن أستطاع إليه سبيلا ، والصوم للقادر عليه والزكاة لمن كان عنده فضل مال" [د. محمود حمدى زقزوق – مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد – صـ31] .
ويقول ومن الأفكار المغلوطة لدى الكثيرين الخلط بين الشريعة والفقه الاسلامى ، وقد استقر هذا الفهم فى أذهان الكثيرين منذ قرن نتيجة لعصور التخلف التى طرأت على المسلمين بعد تراجع الحضارة الإسلامية . والفرق بين الشريعة والفقه مثل الفرق بين السماء والأرض وبين ما هو إلهى وما هو بشرى ، وقد أدى هذا الخلط إلى إضفاء القداسة على آراء الفقهاء خروجا على الدين نفسه وتمسك هؤلاء بإغلاق باب الاجتهاد ومنع رحمة الله الواسعة فى التيسير على العباد" [المرجع السابق – صـ33] .
وتمضى بنا الدراسة إلى مجددين جدد .