الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سأنتخب هذا المرشح رئيسًا «8»‏

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جميع الملفات داخل دائرة واحدة تحكم، وتُدار بما يمتلكه أي نظام سياسي لعاملين هما الرؤية ‏والإرادة، الرؤية تمثل المخزون المتوارث من الخبرات المعلوماتية السابقة للمؤسسة والفرد، ‏والإرادة تمثل الرغبة والطموح القائم على دوافع عدة منها الوطنية والإخلاص، وكلا العاملان ‏يحتاجان إلى أدوات عملية متنوعة ومتناسقة ومتلاحمة.‏

في الحالة المصرية نفتقر كليًا إلى العامل الأول الخاص بـ"الرؤية" لما مرت به مصر عبر 60 ‏عامًا تقريبًا من التجريف والتجريد المعلوماتي حتي انعدمت تقريبًا الرؤية داخل مكونات ‏المؤسسة والفرد، واصبح المتاح هو مكون بعوامل تعرية الفساد الذي ظهر بدوافع المحسوبية ‏والنفاق والتسلق، ولهذا إرتكن أو انزوى كل من يمتلك بعض عوامل الرؤية العلمية وأصبح ‏خارج إطار ودائرة التأثير، ولهذا جاء مقترحنا بإقامة "شركة تحيا مصر" ومكونها الذي هو من ‏خارج العقل الجمعي المصري "أبناء المصريين بالخارج من يمتلكون الرؤية العلمية والعملية" ‏لتقوم بتقديم الحل الذي بداخله الداء والدواء لاختراق أنسجة العقل الجمعي المصري.‏

الملف الاقتصادى تم إدارته بطريقة غير مناسبة وغير متناسقة مع الحالة المصرية، فقوة ذلك الملف ‏تكمن في الصورة الغير منظورة والخاصة بالاقتصاد الموازي الغير معلن أو غير مرئي داخل ‏الموازنة العامة للدولة وهذا ما كان عبر تاريخها، وهو من أحد أسباب قدرتها وقوتها علي ‏المجابهة والصمود أمام كل عوامل التعرية التي هاجمتها خارجيًا وداخليًا، وكان عصب ذلك هو ‏الفلاح ومنزله الريفي وما يحتويه ذلك من امن غذائي يروي ويغذي المؤسسة والفرد، وبجانب ‏الفلاح هناك كل من يعمل في صناعات فردية يقدمها أيضا للمؤسسة والفرد، كل ذلك تم تدميره ‏ونسفه كليًا في أخطر القرارات التي مرت علي تاريخ مصر وهي قانون المستأجر 1997 في ‏عهد نظام مبارك والمعروف بقانون طرد الفلاح.‏

ولما يتوفر لدى الأجهزة السيادية المصرية والتي تمتلك قدرات تجعلها من أفضل الأجهزة في ‏العالم، لما هو قادم من متغيرات عالمية بين نظاميين أحدهما يقاوم التراجع وأخر يزاحمه ‏القدوم، وهنا الصراعات والحروب التي ستمتد لسنوات قادمة، وستكون مصر رحم المخاض ‏لهذا الصراع فكان يجب العمل على استعادة الاقتصاد الموازي الغير مرئي للمواطن ومن ثم في ‏البدء في الاقتصاد الخدمي والريعي الأخر حتى تضمن مصر امنها الغذائي الذي سيحدد إلى أي ‏مدى ستصمد أي أمه أمام العواصف القوية التي تحدث وستحدث.‏

وعليه كما اقترحنا في مقالنا الخاص بملف الزراعة أن يتم تغيير استراتيجية التعامل مع ‏الأراضي المستصلحة فبدل من تسليمها لمستثمر، يتم تقسيمها إلي قطع متكاملة في البنية ‏الخدمية لإنتاج امن غذائي متكامل وتسليمها للفلاحين بنظام التقسيط المريح وتوفير المساندة ‏اللوجستية لكي تنجح التجربة.‏

أما الشق الأهم الأخر هو الصناعات والمنتجات الفردية والصغيرة والتي أيضًا هي غير مرئية ‏في موازنة اقتصاد الدولة وأقترح في هذا الشأن أن تقوم الدولة المصرية بتحديد كل المساحات ‏الخاصة بأملاك الدولة، وخصوصًا داخل القري والنجوع والأحياء وإعداد دراسة عن طريق ‏‏"شركة تحيا مصر" لكيفية استخدام تلك المساحات وعمل عليها مشروعات إنتاجية متنوعة ‏والعمل علي تمليكها وتأجيرها لأصحاب المهن والصناعات المطلوبة، وأيضًا توفير المساعدة ‏اللوجستية لنجاح تلك التجربة، هذا ما يحتاجه الاقتصاد المصري وهو إعادة تصويبه نحو ما ‏كان عليه قبل 1997 لأن ذلك هو الطريق السليم لمعالجة الكثير من مشاكل مصر المتنوعة ‏والمتراكمة والتي تشكل أزمة تكوين داخل المؤسسة والفرد واصبح الجميع عاجز أمامها.‏