الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المرأة أيقونة القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لعبت المرأة العربية بشكل عام دورًا محوريًا في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات، فحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة وإصرارها على الوقوف بجانب الرجل ومساندتها له دليل على كونها عنصرًا أساسيًا في إحداث عملية التغيير في المجتمع العربي، فالمرأة العربية تتصف بالأصالة، والمثابرة، وقوة التحمل، وإيمانها الشديد بدورها كأم وزوجة وإبنه، ويظهر هذا جليًا في أيام الحرب أكثر من أيام السلم وهناك شواهد تاريخية كثيرة في الدول العربية توضح ثبات المرأة في الأوقات العصيبة في تاريخ بلادها، وهنا سوف نلقي الضوء على المرأة الفلسطينية ودورها في عملية النضال.

بالفعل المرأة الفلسطينية هي أيقونة القضية فهي الأم التي أنجبت المناضلين والشهداء وربتهم على العزة والكرامة، وهى الأخت الظهر الحامي للمناضل الفلسطيني، وهى الزوجة التي دفعت للأمام وبثت روح الحماس وكانت كتفًا بكتف في النضال منذ اندلاع الشرارة الأولى. وكانت وما زالت  رمز المقاومة الثائرة والأسيرة والشهيدة.

كانت الشرارة الأولى لتحرك مؤثر للمرأة الفلسطينية في عام 1925 من خلال الاحتجاج على زيارة وزير الخارجية البريطاني آنذاك "بلفور" إلى القدس وإتمام زيارة المسجد الأقصى، وبعدها شهد التحرك النسائي الفلسطيني نشاطا كبيرا على كافة الأصعدة، وخاصة في عام 1929 أثناء ثورة البراق، حيث أسست جمعية السيدات العربيات، ويليه الاتحاد النسائي العربي ومكانها القدس الذي كان أول اتحاد نسائي عربي وهو  عبارة عن مجموعة من النسوة اللاتي استشعرن ضرورة تنظيم العمل النسوي. ثم تشكل بعد ذلك الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والذى ساهم بشكل فعال في توسيع نطاق العمل النضالي ضد الاحتلال الإسرائيلي والحفاظ على الحقوق المدنية للمرأة الفلسطينية . 

وفي عام 1963 م، تأسست جمعية المرأة الفلسطينية حيث كانت الظروف شبيهة بسبب النكبة والهجرة، وكانت السيدات في حاجة إلى هذا المكان الذى يحكين فيه عن مشكلاتهم واحتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والأسرية.

إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد انعكس سلبيًا على حياة المرأة الفلسطينية، ففي أعقاب حرب النكبة 1948، تم تهجير وتشريد الملايين من النساء وغالبيتهن ما زلن لاجئات. فقد عانت النساء من فقدان الأمن، ونوبات الغضب وغيرها من الاضطرابات حيث قامت القوات الإسرائيلية باستهداف وإذلال النساء الفلسطينيات ضاربين بعرض الحائط الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. 

حيث تضطر النساء اللواتي نجون من هذه الفظائع إلى العيش مع الصور الحية والمرعبة للحرب والموت لبقية حياتهن، كما يواجهن مهمة شاقة تتمثل في الحفاظ على تماسك العائلات بعد النزوح، وتوفير الطعام والملبس والمأوى في البنية التحتية المدمرة لأطفالهن وعائلاتهن، وهو ما يحدث بشكل كامل داخل فلسطين، حيث عانت المرأة الفلسطينية من ويلات الحرب، سواء كانت معاناة مباشرة تجاه المرأة أو غير مباشرة من خلال الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلّفها الاحتلال وأدت إلى تدهور الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والأمني داخل الأراضي الفلسطينية، مما ساهم بشكل كبير في سوء أوضاع النساء الفلسطينيات من حيث السلامة والأمن والحصول على أبسط حقوقهن من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، إلى جانب الأعباء المضافة التي تتحملها النساء عند استشهاد أو اعتقال أحد أفراد الأسرة، وتتحول في معظم الحالات إلى المعيلة الوحيدة للأسرة.

وفي أبريل عام 1970  حيث كان إضراب جماعي للأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن الطعام لمدة تسعة أيام متتالية، بسبب الكف عن الضرب والعنف ضدهن داخل محبسهن وخاصة الحبس الانفرادي، وبعد ذلك توالت أعمال الاحتجاج حتى وقتنا الراهن، فلم يستطيع العدو الصهيوني  صد عزيمة المرأة الفلسطينية رغم القتل والهدم والاعتقالات المتتالية، فسوف تظل هناك بطولات وقصص صمود لنساء وفتيات ضحين بأنفسهن وليخلدن أسماءهن عبر التاريخ.

وفى الأحداث الجارية لا نستطيع أن ننكر المشهد المرأى لسيدات فلسطينيات شاركن بكل ما يستطعن من قوة سواء كانت طبيبة تداوى الجرحى أو متطوعة تساعد في إعانة المتضررين من العنف وضرب المدنيين.

سوف يستمر دور المرأة الفلسطينية  في مواجهة التحديات وصنع التغييرات في المجتمع الفلسطيني والعربي من خلال جهودها وتميزها على جميع الأصعدة، ونضالها المستمر لمواجهة الاحتلال الاستعماري لأرضها، فالمرأة الفلسطينية قدمت أعظم مثال للنضال والتحدي والصمود والمثابرة رغم جميع التحديات، حتى أصبحت بالفعل أيقونة القضية الفلسطينية.