الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

باريس تشدد على فحص ملفات أفراد مرتبطين بجماعات متطرفة قبل ترحيلهم إلى بلادهم

الإرهاب يهدد فرنسا
الإرهاب يهدد فرنسا من جديد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في موجة جديدة من مكافحة الجماعات المتطرفة في فرنسا، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة مراجعة ملف المتطرفين الذين تعتزم باريس ترحيلهم إلى بلادهم، لتفادي أي ثغرة يمكن أن تحدث في فحص الإجراءات الموجهة ضد أشخاص يشكلون تهديدا وخطرا محتملا على أمن الدولة، حيث أعادت إلى الواجهة حادثة اغتيال معلم فرنسي على يد شاب من أصول شيشانية، في مدينة أراس شمال فرنسا، الأسبوع الماضي، ملف ترحيل الأفراد والشخصيات الدينية المرتبطة بجماعات الإسلام السياسي المتطرفة، وإبعادهم إلى بلادهم، خاصة أن باريس وضعت قائمة تضم عدة شخصيات من بينهم دعاة، ونحو ١١ شخصا من حاملي الجنسية الروسية. 


كانت فرنسا قد رفعت درجة التأهب في البلاد تحسبا لأي هجمات إرهابية، بعد الحادث الذي أودى بحياة معلم وإصابة شخصين بجروح بالغة. ونقلا عن موقع "فرنسا٢٤"، فإن المدعي العام المعني بقضايا مكافحة الإرهاب في فرنسا، جان فرانسوا ريكارد، قال: إن الرجل الذي طعن معلما حتى الموت بمدينة أراس (شمال البلاد) في ١٣ أكتوبر، تعهد بالولاء لتنظيم "الدولة الإسلامية". وأضاف أنه طلب فتح تحقيق مع ثلاثة أشخاص من بينهم المشتبه به الرئيسي محمد إم بتهم ارتكاب جرائم مرتبطة بالإرهاب.
في ذات الإطار، شدد الرئيس الفرنسي على ضرورة التكاتف الأوروبي ضد الإرهاب والتطرف، قائلا: إن أوروبا تشهد تصاعدا في "الإرهاب الإسلاموي" وأن جميع الدول مهددة، بحسب ما نقل عنه موقع "فرنسا ٢٤".
ووفقا لتقرير صادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، فإن فرنسا عززت خلال عامي ٢٠٢١ و٢٠٢٢ من جهودها في مجالي القوانين والتشريعات استكمالًا لقانون “تعزيز قيم الجمهورية”. كشفت الحكومة الفرنسية في الخامس من أبريل ٢٠٢١، عن مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب من خلال مراقبة الإنترنت كـ (واتساب وسيجنال وتيليجرام) باستخدام الخوارزميات، وتوسيع استخدام أجهزة الاستخبارات الفرنسية للخوارزميات لتعقب الإرهابيين المحتملين. قدمت وزارة الداخلية الفرنسية في ٢٨ أبريل ٢٠٢١ أمام مجلس الوزراء مشروع قانون جديد مؤلف من ١٩ بندا حول الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، ويستند على ترسانة من التدابير القائمة بالأساس. 


محاربة الإرهاب في فرنسا
في إطار مكافحة الإرهاب وتعقب الجماعات المتطرفة وإبعاد الشخصيات المرتبطة بها عن الأراضي الفرنسية، حذرت باريس مرارا من عدم احترام قيم الجمهورية الفرنسية، حيث طالب الرئيس الفرنسي في وقت سابق، من الشخصيات الدينية في بلاده، بضرورة التوقيع على ميثاق قيم الجمهورية، كي يتمكن من محاسبة المقصرين في تنفيذ مبادئ هذا الميثاق.
وبحسب تقرير للمركز الأوروبي، فإن جماعات الإسلام السياسي لاسيما جماعة الإخوان والسلفيين تحتكر الخطاب الدعوي داخل المساجد في فرنسا. ولا يزال هناك قصور في فهم الفرق بين جمعيات الإسلام السياسي والإسلام بصفة عامة. تمثل جماعات السلفية “الجهادية” في فرنسا تهديدًا كبيرًا للسلطات والأجهزة الأمنية ويظهر حجم المساجد التي تم إغلاقها والأئمة التي تم ترحليهم مدى خطورة الخطب و الدعاية التحريضية لهذه الجماعات.
وأضاف التقرير أن صعود اليمين المتطرف في فرنسا يثير مخاوف كثيرة حيث يستغل اليمين المتطرف الأزمات في فرنسا لتصعيد الخطابات ضد مؤسسات الدولة والأجانب وبالفعل تصاعدت خطابات اليمين المتطرف في فرنسا ضد الأجانب، وبات متوقعًا أن يحمل اليمين المتطرف معه تحديات لا سيما لأكبر جالية مسلمة في أوروبا خلال العام الجاري. 
وأوضح، أن السلطات الفرنسية بذلت جهودا كبيرة في محاربة جماعات الإسلام السياسي والجماعات “الجهادية”، وأصدرت بالفعل ترسانة من القوانين ووسعت من صلاحيات الشرطة وأجهزة الاستخبارات. بات من المتوقع أن تعتمد الحكومة الفرنسية خلال عام ٢٠٢٣ قوانين وتشريعات جديدة ضد جماعات وأنشطة اليمين المتطرف وتشديد القوانين حول عملية ترحيل الأجانب الذين ارتكبوا أعمالًا إرهابية وفي مُقدّمتهم المتطرفين الذين ينتمون للسلفية الجهادية وفي تنظيم الإخوان المُسلمين، ما يساهم في انخفاض العمليات الإرهابية على غرار العام الماضي.


سياسات قاسية لمواجهة خطاب الكراهية
تمثل قضية الداعية حسن إيكوسن، مغربي الأصل، علامة بارزة في تتبع الشخصيات المرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية مثلا، وقبل عام فر الداعية من فرنسا إلى بلجيكا هربا من تنفيذ قرار فرنسي بطرده وتسليمه إلى المغرب، وهناك في بلجيكا تم توقيف إيكوسن بناء على مذكرة توقيف أوروبية تقف وراءها فرنسا لاستلامه. وفي يناير الماضي قررت بلجيكا ترحيله وتسليمه إلى الدار البيضاء، حيث قالت وزيرة الدولة البلجيكية لشئون اللجوء والهجرة نيكول دي مور تعليقا على ترحيل الداعية المغربي: "لا يمكننا السماح للمتطرفين بالتجول في أراضينا. يجب إبعاد أي شخص ليس لديه الحق في أن يكون هنا".
وفي ذات الصدد، قال الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا: إن فرنسا تتبع سياسة الترحيل مع أفراد جماعات الإسلام السياسي التي تدعو للعنف والإرهاب، وفي هذا الإطار أعلنت السلطات الأمنية طرد الداعية المغربي نظرا لخطابه المتشدد الداعي إلى الكراهية والعنف.
وأضاف رئيس المركز في تصريحات لـ"البوابة"، أن فرنسا وضعت عددا من القوانين خلال السنوات الأخيرة تعود إليها من أجل مواجهة الجماعات المتطرفة أبرزها قانون يختص بمعالجة التطرف الإسلاموي والجماعات المتطرفة يوصف بأنه قانون ضد الانعزالية في فرنسا وضد أن تكون هناك محميات متطرفة داخل المجتمع الفرنسي، وفي الغالب هذه المحميات تكون مرتبطة بجماعة الإخوان وتنظيم داعش وتنظيم القاعدة. لافتا إلى دور فرنسا في التشديد على تدريب الأئمة داخل البلاد، وعدم استقدام أئمة من الخارج، مع التشديد على تدريبهم في الداخل، مع وقف التمويلات الخارجية للمساجد والمنظمات الإسلامية.


التزام فرنسي تجاه محاربة داعش
ومع كل حادثة إرهابية تتعرض لها باريس، تكتشف أن منفذها لديه روابط قوية مع جماعات متطرفة نشطة في البلاد، أو مبايعة المنفذ لتنظيم داعش الإرهابي، وهو ما كشفت عنه الجهات الأمنية في حادثة مقتل معلم فرنسي على يد شاب من أصول شيشانية، لذا تؤكد فرنسا على التزامها المتواصل بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في منبعه.
ووفقا لموقع الدبلوماسية الفرنسية، فإن فرنسا تعتزم كل العزم على مواصلة مكافحة الإرهاب إن كان في الشرق الأوسط أو في أفريقيا أو في أفغانستان أو في آسيا الوسطى، مثلما أكّدت وزيرة أوروبا والشئون الخارجية كاترين كولونا خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الذي عُقد في ٨ يونيو المنصرم. وذكّرت الوزيرة بأنّ فرنسا تلتزم بإرساء الاستقرار في العراق وفي سوريا وبتقديم المساعدات الإنسانية في البلدين على نحو مستمر منذ عام ٢٠١٧.