الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

العاصفة "إلياس" تضرب اليونان بقوة بعد أيام من "دانيال".. وزلازل جديدة في المغرب وإيطاليا.. متى تنتهى موجة الكوارث الطبيعية في حوض المتوسط؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عاصفة شديدة وأمطار غزيرة تضرب اليونان من جديد مما تسبب في فيضانات وانقطاع الكهرباء وغلق بعض الطرق، نتيجة تأثر البلاد بـ العاصفة "إلياس" للمرة الثانية فى أقل من شهر، حيث كانت اليونان قد تعرضت لرياح عاتية منتصف سبتمبر نتيجة العاصفة "دانيال". 

وتسببت العاصفة إلياس، فى حدوث فيضانات عارمة فى مدينة فولوس بوسط البلاد وتركت المئات عالقين فى القرى الجبلية القريبة، وجرفت الفيضانات طرقا وحطمت جسورا وغمرت آلاف المنازل بالمياه، وتسببت فى انقطاع الكهرباء، وفي جزيرة إيبويا، اندفع الطمي الأحمر إلى البحر بالقرب من قرية ليمني شمال غربي اليونان، حسبما أظهرت صور بثتها وسائل إعلام يونانية.

وغمرت المياه شوارع قرية مانتودي، بشمال شرق البلاد حتى مستوى الخصر، مما أجبر المواطنين على اللجوء إلى الطوابق العليا من منازلهم، كما ضربت العاصفة مدينة لاريسا بوسط اليونان ومنطقة جبل بيليون.

وفي هذه الأثناء، تبذل السلطات المحلية جهودا كبيرا لإزالة تبعات العاصفة، حيث قال أخيلياس فولوس رئيس بلدية المدينة للتلفزيون الرسمى: "تحولت فولوس بأكملها إلى بحيرة.. حياة المواطنين مهددة بالخطر، حتى أنا ما زلت عالقا، وثمانين بالمائة من المدينة انقطعت عنها كهرباء.. لا أعلم من أين أتت كل هذا المياه".

وقالت السلطات إن أسوأ الأضرار تم الإبلاغ عنها فى محيط فولوس والأجزاء الشمالية من جزيرة إيفيا القريبة، وهى منطقة معرضة للفيضانات بسبب تأثير حرائق الغابات الهائلة قبل عامين.

وذكرت إدارة الإطفاء اليونانية أن السلطات أجلت ما يزيد عن 250 شخصًا من المنطقة منذ تعرضها للعاصفة إلياس، موضحة أنها تلقت حتى الآن 1200 اتصالًا طلبًا للمساعدة.

من جانبه، أفاد رئيس بلدية فولوس بأن العاصفة والفيضانات تسببتا في انقطاع الكهرباء مساء أمس حتى أصبح 80% من المدينة في ظلام دامس، كما أغلقت السلطات الطرق أمام حركة مرور المركبات.

وقال وزير الزراعة ليفتيريس أفغيناكيس الأربعاء إن فرقًا للتنظيف تخلصت من أكثر من 180 ألف رأس من الماشية والدواجن النافقة، لكنها ما زالت غير قادرة على الوصول إلى أكثر من 12 مزرعة دجاج ما زالت معزولة بعد تقطع السبل المؤدية إليه، مضيفا أن المحاصيل المدمرة تشمل القطن والذرة والقمح والتفاح والكيوي.

متى تهدأ العاصفة إلياس؟

ومن المتوقع أن تهدأ العاصفة إلياس اليوم الجمعة. وما زالت فولوس، المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 140 ألف نسمة، تكافح للتعافي من العاصفة دانيال، التي أدت إلى هطول كميات كبيرة من الأمطار في وسط اليونان قبل ثلاثة أسابيع.

 العاصفة دانيال

وتأتي العاصفة " إلياس" بعد أقل من شهر من العاصفة السابقة دانيال، التي ضربتها في مطلع سبتمبر الجاري، حيث تعرضت اليونان لظروف جوية سيئة نفس المنطقة، ما أسفر عن مقتل 16 شخصا، وخلفت أضرارا تقدر بأكثر من مليارى يورو "2.3 مليار دولار" فى المزارع والبنية التحتية.

وحُرمت فولوس من المياه الصالحة للشرب لأكثر من أسبوعين في وقت سابق من هذا الشهر، ولم يتم إصلاح كل الأضرار التي لحقت بشبكة المرافق العامة فيها بعد.

وخلفت العاصفة دانيال قتلى، ودمرت المحاصيل، وقضت على عشرات آلاف الحيوانات في مزارع في منطقة واسعة وأساسية للإنتاج الزراعي في اليونان.

إعادة إعمار اليونان 

وفي مواجهة وابل من الانتقادات بسبب الفشل الملحوظ في التعاون بين الجيش وخدمات الحماية المدنية في الساعات التي أعقبت الكارثة، تعهدت الحكومة بتقديم أكثر من ملياري يورو "2،1 مليار دولار" لإعادة الإعمار.

وكان الاتحاد الأوروبى وعد اليونان بدعم مالى يتجاوز المليارى يورو، لمواجهة الأضرار الناجمة عن حرائق الغابات الصيفية والفيضانات المستمرة، فى حين تعيد أثينا التفاوض على شروط حزم المساعدات الأخرى لتوجيه الأموال نحو التكيف مع تغير المناخ.

وقال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس أمام البرلمان: " تعرضت فولوس ثانية لعاصفة استمرت فترة طويلة.. الدولة مع أولئك الذين يعانون.. لقد طغت الكوارث الطبيعية على المسار الإيجابى للبلاد بسبب الهجمات الناجمة عن تغير المناخ".

عواصف البحر المتوسط

وتسببت العاصفة "دانيال" في فيضانات شديدة في درنة الليبيو، والتي تطورت بدورها لتهدم سدّين مائيين وتتسبب بكارثة في مدينة درنة وصل عدد ضحاياها أكثر من 5 آلاف قتيل إلى جانب آلاف المفقودين والمصابين.

وتاتي العاصفة دانيال وقرينتها إلياس في الوقت الذي لا تعتبر العواصف الإعصارية بالبحر المتوسط من الأعاصير المدارية المصنفة رسميا، لكن شدتها قد تصل أحيانًا لقوة إعصار من الفئة 1، أي تكون سرعتها 119- 153 كيلومترا بالساعة على مقياس سفير-سيمبسون.

وتعد العاصفة "دانيال" عاصفة شبيهة بالإعصار تحدث في البحر المتوسط حصرا، وتسمى عاصفة إعصارية متوسطية. وتم التعرف على هذه الظاهرة لأول مرة ثمانينيات القرن الماضي، ومع دراستها اكتشف العلماء أنها تتشكل في الغالب فوق غرب ووسط البحر المتوسط.

العاصفة والإعصار.. ما الفرق؟

وتعتبر العاصفة والإعصار من الظواهر الجوية التي تتميز بالرياح القوية والأمطار، لكن العاصفة بشكل عام أصغر بفارق كبير من الإعصار، والذي يكون عادة أكبر حجما ويمكن أن يمتد لمئات أو حتى آلاف الكيلومترات. وقد تحدث العواصف في مناطق مختلفة حول العالم وتحت ظروف جوية مختلفة، وأما الأعاصير فترتبط في المقام الأول بالمناطق الاستوائية وتتشكل فوق مياه المحيط الدافئة بالقرب من خط الاستواء.

وبحسب دراسة نشرت عام 2015 بالمؤتمر الدولي الـ 14 لعلوم وتكنولوجيا البيئة برودس اليونانية، فقد توصلت المسوحات المختلفة طويلة المدى للأقمار الصناعية إلى حدوث 67 إعصارا من هذا النوع بين عامي 1947 و2014.

كيندريسا، الإعصار الاستوائي في البحر الأبيض المتوسط، يشتد بسرعة ويقترب من مالطا في 7 نوفمبر 2014. حقوق الصورة: ناسا

ولكي يتكون أي إعصار، فإنه لا بد من وجود فارق كبير في الضغط الجوي بين منطقة منخفضة الضغط تكون مركز الإعصار، وبين مناطق مرتفعة الضغط تحيط بها.

وفي حالة المرتفع الجوي، فإن اتجاه الرياح يكون مع عقارب الساعة. أما في المنخفض الجوي، فيكون اتجاه الرياح عكس عقارب الساعة. وهنا يمكن للرياح أن تجري في صورة دوائر بين المرتفع والمنخفض الجوي، ومن ثم يرفع من احتمال نشوء الإعصار مع كل انخفاض في الضغط الجوي.

ولا تعتبر العواصف الإعصارية في البحر المتوسط من الأعاصير المدارية المصنفة رسميا، لكن شدتها قد تصل أحيانًا إلى قوة إعصار من الفئة 1 (أي تكون سرعة العاصفة 119- 153 كيلومترا في الساعة) على مقياس سفير-سيمبسون، الذي طوره المهندس المدني هربرت سفير وخبير الأرصاد الجوية بوب سيمبسون عام 1971.

ورغم ذلك فقد تم تسجيل حالات أكثر خطورة من العاصفة الإعصارية المتوسطية "دانيال" إذ شهد عام 2020 عاصفة وصلت شدتها مستوى الفئة 2، أي بسرعة 154-177 كيلومترا على الساعة، على نفس المقياس

ورغم ذلك، فإن الخطر الرئيسي الذي تشكله هذه العواصف لا يرتبط عادة بسرعة الرياح المدمرة، بل بالأمطار الغزيرة التي تتسبب فيها، والتي تؤدي بدورها إلى فيضانات مفاجئة شديدة تهدد الحياة، وهذا هو ما حدث في حالة ليبيا.

ليست المرة الأولى

ولا تعد هذه المرة الأولى التي تضرب فيها عاصفة إعصارية متوسطية بهذه القوة. ففي سبتمبر 1969 تطور إعصار شديد بالبحر المتوسط، وأدى لفيضانات شديدة سببت مقتل قرابة 600 شخص في كل من مالطا وتونس والجزائر، وتركت 250 ألفًا بلا مأوى، وألحقت أضرارًا جسيمة بالاقتصادات الإقليمية.

وقد تكررت هذه الظاهرة الجوية بشكل كثيف خلال العقدين الماضيين فقط، ومنها ما حدث في مالطا وجزيرة صقلية الإيطالية، حينما ضربتا في نوفمبر 2014 بعاصفة إعصارية شبيهة سميت "كندريسا" كانت أحد أقوى العواصف الإعصارية المتوسطية على الإطلاق، إذ اشتدت سرعتها خلال يومين، ووصلت ذروتها في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، وتسببت في مقتل 3 أشخاص وأضرار لا تقل عن 250 مليون دولار.

زلزال جديد يضرب المغرب

وقبل يومين أعلن معهد المغرب للجيوفيزياء، عن تسجيل هزة أرضية جديدة بلغت قوتها 2.7 درجات على مقياس ريختر، بإقليم الحسيمة، وأوضح المعهد، أن هذه الهزة، التي حُدد مركزها فى إحدى المناطق التابعة لإقليم الحسيمة، وقعت عند الساعة الحادية عشر و56 دقيقة و54 ثانية صباحا (بتوقيت جرينيتش+1).

وأوضح البيان أن هذه الهزة سجلت على عمق 21 كيلومترا، ووقعت عند التقاء خط العرض 35.166 درجة شمالا، وخط الطول 3.905 درجة غربا.

يأتي ذلك في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب منتصف سبتمبر الجاري، والذي أودى بحياة أكثر من 3000 شخص وخلف العديد من الجرحى أو المشردين.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت السلطات المغربية مؤخرًا عن خطة لإعادة الإعمار تبلغ قيمتها حوالي 11.7 مليار دولار (8.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي) على مدى خمس سنوات. وسيتم تخصيص حوالي 30 بالمئة منها للمساعدات الطارئة، وإعادة بناء المساكن وإصلاحها، وترميم البنية التحتية المتضررة بما في ذلك المرافق الصحية والتعليمية. فيما سيركز الباقي على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة المتضررة.

وستقوم الحكومة المغربية بتمويل خطة إعادة الإعمار من خلال الإنفاق من الميزانية ومساهمة بقيمة 2 مليار درهم مغربي (حوالي 195 مليون دولار) من صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي تديره الدولة.

زلزال في إيطاليا

وقبل أقل من أسبوعين، وقع زلزال بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر، بالقرب من مدينة فلورنسا، بوسط إيطاليا، ولم يتسبب في أضرار جسيمة، حيث قال "المعهد الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين" إن مركز الزلزال كان قبالة بلدة مارادي، التي تبعد نحو 70 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي من فلورنسا، وعلى عمق 8.4 كيلومتر.

وبعد كل تلك الأحداث الطبيعية المأساوية يبقى السؤال.. متى تتوقف كوارث حوض المتوسط؟.