الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

اللهم لا تجعلني محمد صلاح.. وحكاية المقال النحس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كان الله في عون النجم المصري العالمي محمد صلاح.. أشعر تمامًا بالصراع الخطير الذي يدور في نفسه، فما بين عرض الانتقال الملياري المغري جداااااااااا وبين خيار البقاء في ليفربول والفوز بالكرة الذهبية، وأخيرًا حلم العودة إلى أرض الوطن حيث دفء المشاعر وحنين الماضي الجميل أجده يتمزق وبكل تأكيد لا ينام ليل نهار بسبب هذه الحسبة المحيرة.

وبما أنني من أكثر المؤمنين بنعمة السلام النفسي وعدم خوض مثل هذه الصراعات المزعجة، فقد دعوت الله ألا يجعلني محمد صلاح، وحمدته حمدًا كثيرًا على أنعمه التي لا تعد ولا تحصى خصوصًا أنني، وبكل أسف، لا أطيق كرة القدم وأشفق على لهث اللاعبين خلفها وانقطاع أنفاسهم وابتلاع ألسنتهم لإدخالها في شباك الخصوم.. وعلى إيه كل ده يا اخواننا والله الدنيا ما مستاهلة كل هذه الخناقات والتشاحنات.

ولا أخفي على قرائي المعدودين على الأصابع، اللي ماليين عليا حياتي سعادة وأمل، أنني ضعفت لفترة وتمنيت على الله، ولا يكثر على الله، أن يجعلني محمد صلاح.. ويروق لي أن أوضح لكم أن هذا ليس طمعا في كثرة المال أو حبا في الثراء ولكن لأحقق عدة أحلام تراود خيالي المنهك دائمًا من أمثلتها:

محاولة إدخال البسمة على شفاه كل بائس وعلاج كل مريض في مستشفى تليق بآدميته.. ومساعدة كل شاب وفتاة في إيجاد شقة تجمع بينهما في الحلال وتوفير فرصة عمل لكل متعطل بدلًا من أن يتخطفه اليأس.. وبناء مدارس راقية لتعليم أبنائنا وأن أتبرع لكل المؤسسات العلاجية التي تمزقت قلوبنا ونحن نشاهد مرضاها في شهر رمضان وأن أشتري الشاليه أبو 7 أصفار ومعاه شقة في "ماونتين فيو" وليه ما تكونش فيلا ثلاثية الأبعاد زي بتاعة حسين فهمي.. 

وقبل كل هذا شراء موتور مياه "عفي" لعمارة "يعقوبيان" التي أسكنها بدلا من معاناة إقناع باقي السكان بضرورة الوقوف على قلب رجل واحد لحل أزمة عدم وصول المياه ومد يد العون لحكومتنا التي تعاني عجزا أبديا في الموازنة يضطرها دائما للتضحية بالشعب حتى تعيش هي.

وعند هذا البند الأخير بالتحديد أفقت من غفلتي وعدت إلى رشدي وتنازلت عن دعائي بأن أصبح "مو صلاح" ورجوت الله سبحانه وتعالى أن يجعلني مثلي أنا، وأن يلهمني القدرة على الصبر والاستمتاع بأنعم الله التي لا تقدر بمال وأن أحاول تحقيق كل ما أتمناه وأن أتصرف وأنا معي الجنيهات وكأنني صاحب مليارات، وأيقنت أننا في ذلك الحين ستكون الدنيا حقا بخير.

فإزاء هذه الأحلام الأسطورية فضلت شراء راحة "دماغي" بل ودعيت الله لأبو صلاح وأمثاله من إخواننا الذين تغازلهم أحلام المليارات والذين بكل تأكيد لا يعرفون الراحة يومًا ما، فوجدت أنه من الأفضل دائما الابتهال إلى الله الخالق الرزاق القادر وحده على صنع المعجزات أن يديم علي نعمة الرضا بالمقسوم وعدم منح الأمان للدنيا "الفانية المتفاتة" وأن يذهب عن رأسي فكرة إني أكون مثل أحد وأن أكون مثل نفسي فقط وأن أعيش كأغنى الناس وأنا في جيبي بضع جنيهات معدودات.. وأن يديم عليا افتخاري و"فشخرتي" وأنا أضع "رجلًا على رجل" وأنا جالس على مقهى "العمدة" في جمهورية شبرا وأنا أحتسي قدح القهوة "المانو" التي أعشقها وأمسك بيدي "خرطوم الشيشة معسل السلوم" وأنا أعطي "النادل" جنيهين زيادة فوق الحساب على سبيل "البقشيش".

وألا أتردد في مساعدة محتاج ولو بابتسامة حنونة ودعوة شفوية غير مشفوعة بعملات ورقية.. فهذا في تقديري المفهوم الحقيقي للسعادة.. أن ترضى بما قسمه الله لك وأن تسعى لرسم الابتسامة على وجه أوشك على اليأس وأن تمسح دمعة حزين.. نعم فنحن نحتاج إلى من يعطي وينسى ويأخذ ولا ينسى، إلى من ينحني ليرفع الآخرين، إلى من يحب الناس جميعا لا فئة دون أخرى، إلى من يسعد بفقره كسعادته بغناه، من يشكر الله في الضراء مثل السراء، عندئذ سأظل أغنى الناس.. على الأقل في مرآتي الخاصة.

 

حكاية المقال النحس

أقر وأعترف أنني لم أعتقد في يوم من الأيام بوجود شيء اسمه "نحس".. إلا في حالة واحدة هي نشر سلسلة مقالات: "اللهم لا تجعلني"، والتي اعتدت على كتابتها كل حين لأذكر نفسي بضرورة الرضا بما قسمه اللي لي ونعمة ألا أكون مثل غيري وهذا كنز لو تعلمون عظيم.

أما عن قصة النحس في هذه المقالات فتعود حكاياتها إلا أنني منذ نحو 15 عاما كتبت: اللهم لا تجعلني هشام طلعت مصطفى، وبعدها بأيام دخل الرجل السجن في اتهامه بالتحريض على قتل الفنانة سوزان تميم التي وقعت بتاريخ 28 يوليو 2008.

ثاني مرة كتبت فيها: اللهم لا تجعلني احمد عز وكان هذا في مطلع العام 2011، بعدها بأيام معدودات قامت ثورة 25 يناير وجاء الرجل خلف قضبان السجن، مش عارف ايه الحكاية بصراحة.

الغريب ان قطار النحس لم يتوقف، فمنذ عدة سنوات كتبت " اللهم لا تجعلني "ابوهشيمة"، وبعدها فوجئت برحيله عن مؤسسة "اعلام المصريين" وطبعا ده كله ممكن يكون من قبيل الصدفة البحتة.

لكن اللي مش ممكن اعتبره صدفة أبدًا أنني وبعد أن كتبت مقالًا بعنوان: "اللهم لا تجعلني صحفي للإيجار"، دفعت صاحبة الجلالة تمًا وعن بكرة أبيها ثمن نحس هذا المقال، ووقع ما كنت أحذر منه من "تقشير الصحفيين للبطاطس وتنقية الأرز في البيت".

عمومًا.. أثق في الروح المعنوية العالية لقرائي الأعزاء المعدودين على أصابع اليد والواحدة ووعيهم الراسخ بأنه مفيش حاجة اسمها نحس ولا يحزنون، ودي كلها حوادث فردية.. ومن هنا قررت أعيد نشر الجزء الثابت في سلسلة هذه المقالات، وربنا يجعل قدمه خفيفة عليكم أجمعين .