الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الزعيمان سعد زغلول ومصطفى النحاس.. دمتما بخير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الاحتفاء بذكرى رحيل الزعيمين الجليلين سعد زغلول ومصطفى النحاس ليس فعلا سياسيا، بل هو تعبير عن انتماء وطني عابر للحزبية الضيقة والأيديولوجية المغلقة. عبر ثلث قرن تقريبا، منذ اشتعال الثورة الشعبية العظيمة في مارس ١٩١٩، حتى سقوط العهد الملكي ورموزه في يوليو ١٩٥٢، قاد سعد والنحاس نضالا شعبيا نبيلا عظيما يراود الاستقلال والحكم الدستوري وترسيخ مبادئ الحرية والتنوير وترويض الاستبداد الملكي الموروث، وهما في صدارة المتطلعين إلى التخلص من قيم ومفاهيم الحكم المطلق والشعارات الظلامية، وإذا كان الاختلاف معهما، في الحباة وبعد الموت، حقا مشروعا على الصعيد السياسي، فإن الإساءة إليهما والتطاول عليهما وإنكار ما قاما به من إنجازات ليس إلا نوعا من المراهقة الصبيانية التي لا تعرف أقدار الرجال.
تنتصر "البوابة" في احتفالها بالزعيمين للوطنية الخالصة العابرة للسياسي الهش المؤقت الزائل، وتأمل في إنعاش الذاكرة لتعين الشباب الراغب في المعرفة على التأمل في تاريخ جدير بالفخر والاعتزاز، تمتد آثاره إلى الحاضر، وتتجاوزه إلى المستقبل الذي لا سبيل إليه إلا بالوعي والتسلح بالموضوعية والإفادة من الانتصارات والهزائم وتجنب الأحكام القاطعة سابقة التجهيز.
سعد زغلول ومصطفى النحاس زعيمان يحظيان في الحياة والموت بمحبة طاغية واحترام يجمع عليه المؤيدون والخصوم على حد سواء، ولا شك أننا في مسيس الحاجة لتقديم تحية تليق بمقامهما الرفيع وتتجاوز التعصب المقيت ولعنة الإقصاء الذي يقود بالضرورة إلى الهاوية.
يأبى رفيقا النضال الوطني إلا أن يرحلا في يوم واحد: ٢٣ أغسطس من عامي ١٩٢٧ و١٩٦٥، ولم تكن الجنازتان المهيبتان في وداعهما إلا الترجمة العملية لعظمة الشعب المصري ووعيه بأهمية أصحاب الفضل من عشاق الوطن الذين يعطون حتى الرمق الأخير. الأمر نفسه نجده في جنازتي مصطفى كامل وجمال عبد الناصر، ١٩٠٨و ١٩٧٠. الاحتفال بالوداع تجسيد لانتصار الحياة من ناحية وإصرار على الامتداد الذي لا يعرف القطيعة من ناحية أخرى.


لا بأس من العراك السياسي المتحضر، فلا أحد يحتكر اليقين والحقيقة المطلقة، ولا بد أيضا من التقييم الموضوعي المتزن الذي يعطي لكل زعيم قائد حقه، ذلك أن مصر للجميع بلا تمييز أو احتكار، والمعيار الوحيد هو الاجتهاد لخدمة الوطن، ومن لم ينل أجر الصواب لن يفوته أجر الاجتهاد.
في ذكرى رحيل العظيمين، تقدم "البوابة" تحية تؤكد من خلالها أنها مؤسسة إعلامية وطنية لا هدف لها إلا الدعوة إلى مستقبل أفضل، ولأن سعد والنحاس لا يغيبان عن العقول والقلوب وإن احتجبا، فإننا نقول لهما: دمتما بخير دائما. ثقا أنكما تسكنان قلوب الملايين ممن يعرفون ما قدمتما من عطاء.