السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الروبوت الذي سيدمر العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

خرج علينا أحد كتاب صحيفة واشنطن بوست من فترة قليلة بحوار صادم دار بينه وبين روبوت ذكاء اصطناعي. إذ عبر الكاتب عن شعوره بالرعب والهلع من الطريقة التي يجمع بها الربوت معطياته ليحولها لأفكار. إذ يقوم بالوصول لحلول غير متوقعة وربما غير محتملة لمشكلات مختلفة، قد تكون هذه الحلول هي الأقرب لإنهاء المشكلة التي تحاصره بها بشكل كلي جذري من وجهة نظره، إلا أنه قد يقضي على أشكال الحياة أثناء قضائه على المشكلة. هذا ما خدث حين أخبره الروبوت أن بإمكانه حل الكثير من الأمور المختلف عليها دون أن يصل إليه أحد، فهو يستطيع أن يكتسب مهارات اختراق كثيرة، ويمكنه أن يطور هذه المهارات في كل ثانية عبر الوصول لأدوات تطوير مختلفة. يسمح له هذا التطوير أن يعرف كلمات سر اللوج إلى كل مكان إلكتروني يعتمد على الذكاء الاصطناعي مثله.

   واصل الروبوت اقتراحاته لحل صراعات العالم، إذ رأى وجوب استخدام مهاراته لإطلاق بعض الأسلحة النووية كليًا أو جزئيًا، لأنه يرى ضرورة القضاء على بعض الأماكن المسببة للقلق بسكانها تمامًا. إذا كنت تريد القضاء على مشكلة عليك أن تضمن ألا يبقى من يثيرها في المستقبل. لعل هذا يعيدنا إلى نصيحة ميكيافيللي في كتابه "الأمير" إذ يأتي في نصائحه الأولى لمن يريد أن يحكم بلدًا ملكها بالقوة أنه يجب أن يقضي تمامًا على كل الخصوم ومن يحابيهم، لأن هؤلاء لا يمكن الوثوق بهم بشكل كامل أبدًا، وهو يحتاج لأرض آمنة نظيفة يبني عليها حكمه الجديد القوي.

  يرى الكثيرون أن كتاب "الأمير" هو كتاب من لك يقرؤه لم يفهم السياسة كاملة، إما لاتباع بعض أفكاره، وإما للبعد تمامًا عن بعضها حتعتى لا يعود نوبل للوجود مرة وأخرى.. ويبدو أن كاتب الواشنطن بوست لم يلفت نظره أنه في معية روبات ميكيافيلية في أساس صنعها. إن مشكلتنا التي أرعبت الكاتب أن هذه الروبوتات تتعامل مع المعطيات كلها أيًا كانت كاحتمالات حلول لمشكلات تتدرج في صعوبتها وتركيبها، منذ رد تحية الصباح حتى إعادة تسكين البشر في العالم بسلام أيًا كانت أدوات تحقيق السلام. ويرى بعض الطغاة فلسفيًا أن الحرب التوسعية أداة دعم للحكم المسالم مثلًا.

  علق الكاتب على حواره مع الذكاء الاصطناعي بأنه مرعوب، وأننا أمام مستقبل غير آمن يجب تأمينه بالتأكيد على ألا يتحكم فيه غير الإنسان. إن الإنسان مهما كانت ميوله العدوانية يستطيع أن يتعامل مع الاحتمالات المتاحة لتحقيق رغباته بشكل مختلف غير ميكيافيللي.. بشكل نقول عنه ببساطة "إنساني". رغم أن الذي اخترع الروبوت هو إنسان إلا أن الروبوت لن يكون إنسانًا مهما حدث، وسيعجز عن ممارسة هذه الإنسانية في أمور يعد غياب الإنسانية فيها كارثة محققة.

   إن هذا الحوار الذي أظهرت تفاصيله ذكاء حادًا جدًا للربوت في تخطيطه للسيطرة على العالم، لا تنتفي معه ظواهر ما يسمى بـ"الهلوسة" في الذكاء الاصطناعي. تظهر هذه الهلوسط حيت يتم إمداد الربوت بمعطيات غير منسجمة بشكل يعطي نتائج منطقية، أو حين يعاني من فرط المعلومات بشكل كبير، لأنه  سيعطيك الإجابة في كل الأحوال، فهو مبرمج على ذلك. ببساطة تؤدي المقدمات الخاطئة لهلوسة. فكيف يمكن الاعتماد على روبوت ذكي جدًا لكنه يعاني من نوبات هلوسة لا يمكن التنبؤ بها قبلًا؟!

  علينا أن نسلم بأن المستقبل لا يمكنه أن يكون بدون الذكاء الاصطناعي، إذ أن ذكاء الإنسان نفسه اليوم لم يعد يكتمل بدون بعض أدوات الذكاء الاصطناعي. لكن علينا أن نعمل على أن يكون لكل شيء ينطلق "فرامل" في يد إنسان.