الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

«الإخوان».. السعي إلى السلطة على جماجم الشعب

ماذا يحدث فى السودان وما نتائجه؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لا تنتهى فى سبيل الوصول إلى السلطة ولو على جماجم الشعوب، شاهدنا تأثيرهم فى سوريا واليمن وليبيا وغيرها من البلاد العربية التى تحاول جاهدة أن تحكمها أو تدمرها بحروب أهلية عملا بالقول الذى وجهوه للمصريين من أعلى منصة رابعة «يا نحكمكم يا نقتلكم».. هذا هو الوضع فى السودان الآن حيث تحاول الجماعة بكل ما تمتلك من قوة مادية وإعلامية وعسكرية إطالة مدى الحرب فى السودان بين الأطراف المتنازعة وعرقلة أى فكرة للوصول إلى طاولة التفاوض.

 

ورغم تعقيدات المشهد السودانى تحاول الجماعة المشهد من خلال تصوير أنفسهم أنّهم القوة الوحيدة أو الأكثر حماسًا لدعم الجيش فى هذه الحرب، وبحسب «الشرق الأوسط»، فإنّ الحركة الإسلامية السودانية حركة سياسية بامتياز، وليست دعوية بالمعنى المتعارف عليه، فقد برعت فى اللعب على التناقضات.

ونجحت دائمًا من خلال سياسة الصوت العالى فى تصوير نفسها بحجم أكبر من حجمها الحقيقى فى الشارع السوداني، وداخل مؤسسات الدولة بما فى ذلك الجيش، وتحاول بالتعاون مع قوى الإسلام السياسى «التيار العريض» سكب المزيد من البنزين على النيران المشتعلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لتمديد عمر الصراع إلى أقصى درجة، ونسف أى سبل للتفاهمات السياسية من شأنها أن تعوق مخططات التنظيم.

يقول الباحث السوداني، السلام إبراهيم ناصر، رئيس منصة الدراسات الأمنية وأبحاث: فى تصريحات لـ«سكاى نيوز»: ظهور المجموعات المؤدلجة، خاصة تيارات الإسلام السياسي، ومحاولتها تنفيذ أجندة مصالح خاصة فى ضوء مشهد الصراع الراهن فى السودان، يعدان أمرا غاية فى الخطورة، وتعوق تحركات الإسلاميين فى السودان جهود التهدئة ووقف الصراع بين الطرفين.

ويضيف "ناصر": الإخوان يحاولون تأجيج الصراع وتفكيك المؤسسة العسكرية بإحداث انقسامات جذرية داخل الجيش، تيارات الإسلام السياسى تحاول فى الوقت الراهن تحويل الصراع بين قوتين، إلى صراع أيديولوجى عميق، وهو ما يعقد أزمة السودان.

وبحسب قراءة عدد من الخبراء للمشهد السودانى فإن عودة الحركة الإسلامية لتصدر المشهد من جديد فى السودان كانت مع انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، حيث سمح قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، بممارسة النشاط السياسى للحركة الإسلامية، لذلك انعقد مؤتمر الحركة الإسلامية، وكان منطلقا لعودة الإسلاميين إلى عدة مناصب داخل الدولة.

هذه العودة تعد أحد الأسباب المحورية للحرب الدائرة اليوم فى السودان، حيث تم تمكينهم من جديد وإعادتهم للواجهة، وهم الآن من يديرون الحرب فى الصفوف الأولى، حتى البيانات التى تصدر اليوم بخصوص الصراع الدائر يطفو عليها أسلوب جماعة الإخوان.

عمل الجماعة على الأرض

تعمل الجماعة على الأرض من خلال منصاتها الإلكترونية وعدد كبير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى حيث تحاول بمسمّياتها المختلفة، متوحدة أو مبعثرة، العودة إلى الساحة السياسية بأسرع ما يُمكن، وتُبدى دعمها للجيش السودانى بقيادة عبدالفتاح البرهان، رغم أنّه لا يرغب فى أى تقارب من الجماعة قد يضر بتحالفاته داخلياً وخارجياً.

وحيناً تحاول نشر الشائعات لإظهار قوات الدعم السريع بمظهر الضعف ظناً منها أنّ ذلك سيعيدها إلى المشاركة فى المرحلة المقبلة، أو الانقلاب عليها بالتحالف مع العسكر، فيما الجميع يبتعدون عنها لجهة أنّها قد تضرّ بمستقبلهم السياسى فى قادم الانتخابات فيعمل على سبيل المثال على كرتي، القيادى الإسلامى على ضخ بعض النبض فى قلب الحركة المتوقفة منذ إطاحته عن الحكم عبر ثورة شعبية عارمة فى ديسمبر ٢٠١٩، فلا يكفّ عن التصريح بذلك إلى أجهزة الإعلام.

فيما يسخَر كثير من السودانيين من هذه المثابرة ودأبه على تمثُله لحُلمه الشخصي، وعلى سبيل المثال كانت آخر تغريداته على موقع التغريدات القصيرة تويتر ١٢ مايو الجارى " أنا لم أفقد الأمل على الإطلاق ولم أغير رأيى أبدًا بأن هذه الحركة المباركة هى فى حمى الرحمن، طالما كانت تحتوى على هذا الكم الهائل من المخلصين الذين يربطون الليل بالنهار ويعملون جادين ومجتهدين فى كل الأوضاع وكل فترات الحكم التى تعاقبت على حكم السودان.. الحركة موجودة وكانت فى دأبها المعروف وسعيها بالمجتمع وفى كل مكان يوجد فيه السودانيون إن كانت فى سلطة أوغير سلطة وأملنا كبير فى الله".

ويذهب مراقبون إلى أنّ هنالك شبه إجماع شعبى بأنّ أجزاء ومكونات جماعة الإخوان المسلمين بالسودان فقدت مشروعيتها السياسية والأخلاقية التى تؤهلها للمنافسة فى أى سياق ديمقراطى قادم.

من جهة أخرى؛ أفتى الإخوانى عبد الحى يوسف، على شاشة قناة تبث من تركيا، بقتل السياسيين المنتمين لما سمّاه "الأحزاب العميلة" التى وقّعت الاتفاق الإطاري، وحاولت فرضه على الشعب، على حدّ قوله.

الصحفية السودانية داليا الطاهر قالت على صفحتها الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعى (تويتر): "بعد فتواه بقتل ثلثى الشعب، الإرهابى عبد الحى يوسف يُفتى بقتل السياسيين من قوى الحرية والتغيير، ومن وضعوا الاتفاق الإطاري".

وتابعت "الطاهر": "هذه الفتوى، فى هذا الوقت بالذات، تحمل دلالات خطيرة جداً، وسنحتفظ بهذا الفيديو". وأضافت: "كنت قد نوّهت من قبل أنّ على السياسيين تغيير أماكن سكنهم؛ خوفاً من الاستهداف، وقابل بعضهم هذا الحديث بالسخرية".

تجنيد عناصر لداعش

تقوم الحركة الإسلامية وفى القلب منها “جماعة الإخوان فى السودان” بتجنيد عناصرها فى جماعات إرهابية أخرى، فى ظل رغبتها فى العودة إلى السلطة، وأصبح إقليم دارفور غربى البلاد مكاناً لعبور الإرهابيين من وإلى السودان، وهو ما يتماهى مع خطط تنظيم داعش الإرهابي، الذى يسعى تجاه تأسيس ولاية فى السودان عبر خلايا نائمة، وتمرير عناصر من دول الساحل الإفريقى إلى دارفور، حيث هشاشة الأوضاع على حدود السودان؛ ممّا يسمح بتسلل العناصر الإرهابية، وصنع نقاط تجمع، وتشكيل خلايا على الحدود أو أطراف الخرطوم.

وفى هذا الصدد؛ يقول رئيس المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب: سيناريو التنظيمات المتطرفة المعتمد على استغلال الفوضى وغياب السلطة يتكرر الآن؛ مما يعطى الفرصة لهذه الجماعات للنشاط والتحرك، “ما حدث من عمليات هروب جرى الحديث عنها من سجن كوبر، هو سيناريو متوقع، وقد تكرر فى العراق عام ٢٠١٢، وفى سوريا ومصر عام ٢٠١١،  ولم يستفد منه سوى المتطرفين الذين خرجوا وأعادوا تنظيم صفوفهم، مستغلين الوضع الأمني، وإن كانت تحركاتهم فى مصر أقل بكثير مما حدث لاحقاً فى سوريا والعراق”.

من جهته؛ يقول نور الدين بن محمد طويل، إمام وخطيب المركز الثقافى الإسلامى فى ضاحية درانسى بباريس، فى مقاله بصحيفة “مكة” الإلكترونية: إن الشريط الحدودى بين السودان وتشاد، الممتد لأكثر من ألف كيلومتر شرق البلاد، والمجاور لإقليم دارفور، سيكون بوابة الجحيم التى سيدخل منها آلاف المقاتلين، محذراً من تجربة شبيهة بتجربة تدفق المقاتلين إلى العراق من سوريا.

تتفق وجهة نظر "طويل" مع تحليل نشره موقع “عين أوروبية على التطرف”، الذى تطرق إلى حصار السودان بالجهاديين من مختلف الأنحاء، فى ظل وجود أقوى فرع لتنظيم القاعدة فى الصومال من خلال حركة الشباب، إلى جانب انتشار التنظيمات الإرهابية الأخرى؛ سواء تنظيم الدولة "داعش" فى غرب إفريقيا، أو فرعها القوى فى الكونغو الديمقراطية، مع وجود للتنظيم فى الصحراء الكبرى.

وخلص تقرير “عين أوروبية على التطرف” إلى أن استمرار دوامة العنف مع وجود مساحات غير خاضعة للحكم؛ يمثل حوافز رهيبة للفصائل المتحاربة، للتعاون مع أى شخص يمكنه تقديم المساعدة؛ لأنه ستكون أمام الإرهابيين فرصة يمكنهم استغلالها، مما يشكل أمراً فى منتهى الخطورة.

المخاطر والتحديات

هناك عدد كبير من المخاطر التى تهدد الوضع السودانى حال عودة الإخوان للسلطة او اقتسامها مع فصيل آخر، هذه المخاطر تتمثل فى تفكك السودان، "لأن الشعب السودانى بكل أطيافه السياسية والاجتماعية يرفضون عودة التنظيم باستثناء مؤيديه وأنصاره".

كذلك هناك تحديات كبيرة تواجه السودان فى الفترة الحالية فى ظل تمدد الصراع وبعد انتهائه، من بينها الصعوبات الاقتصادية والتوترات العرقية والدينية وعدم الاستقرار السياسي، ومن أجل مواجهة هذه التحديات، يحتاج الشعب السودانى والقادة إلى العمل معاً لبناء مجتمع أكثر شمولية وديمقراطية. سيتطلب هذا التزاما بحقوق الإنسان وسيادة القانون والشفافية فى الحكومة. كما سيتطلب الحوار والتعاون بين الجماعات المختلفة، لإيجاد أرضية مشتركة وبناء مستقبل أكثر سلاماً وازدهاراً للسودان.