الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

أوليفييه دوزون يكتب: آفات جديدة.. خليج غينيا يعانى من الصيد غير المشروع والاتجار بالمخدرات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تقريره السنوى، كشف مركز ميكا الموجود فى بريست والمخصص للأمن البحرى عن تراجع أعمال القرصنة إلى أدنى مستوى لها فى عام ٢٠٢٢؛ ففى خليج غينيا والتى كانت تعتبر حتى وقت قريب من أخطر المياة خطورة فى العالم للقرصنة، تم اختطاف ثلاث سفن فقط فى عام ٢٠٢٢ مقارنة بـ٢٦ فى عام ٢٠١٩ وانخفض عدد الأشخاص المختطفين من ١٤٦ فى عام ٢٠١٩ إلى شخصين فقط خلال العام الماضى.
يأتى هذا الانخفاض الحاد فى القرصنة نتيجة وعى الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية، التى تقوم بإجراءات ملموسة ضد انعدام الأمن البحرى فى المنطقة وتزود نفسها بإطار قانونى مناسب من خلال عمل مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات، ويعتبرخليج غينيا أكبر مثال على ذلك كما يقول رئيس الأركان للبحرية الفرنسية الأدميرال بيير فاندير. فهو يؤكد أن مياه المنطقة شهدت تراجعًا ملحوظًا فى أعمال القرصنة سنة ٢٠٢٢ رغم أنها من أكثر الأماكن خطورة. ويدعو الأدميرال إلى مواصلة الجهد مع التشبث بالحذر عند تحليل أسباب الظاهرة.
ويستكمل قائلًا: "هذا ما اتفقنا عليه فى ندوة رؤساء أركان القوات البحرية لخليج غينيا G٧ فى باريس فى أكتوبر الماضى، إلى جانب نظرائى من البحرية الساحلية، وممثلى القوات البحرية الشريكة، والاتحاد الأوروبى. وفوق كل شيء، يجب ألا نتوانى عن حذرنا، لأن التهديدات المتعلقة بالأمن البحرى مازلت قائمة. هذا هو الحال بالتأكيد مع السرقة أو التهريب أو الاتجار بالمخدرات أو التلوث أو الصيد غير القانونى".
فى الواقع، شهد عام ٢٠٢٢ انخفاضًا ملحوظًا فى القرصنة فى خليج غينيا. لكن لا يزال التأثير الإعلامى على هذه الظاهرة سائدًا إلى حد كبير على حساب التهديدات الأخرى التى تؤثر بشكل خطير على الأمن البحرى فى المنطقة.
الصيد غير القانونى 
وبالتالى، يظل الصيد غير القانونى هو العامل المؤدى الى عدم الاستقرار الاقتصادى فى خليج غينيا إذ يمارس ضغطًا قويًا على الأرصدة السمكية ملحقًا الضرر بالسكان المحليين.
ومما يزيد من حدة هذه الظاهرة تطور صناعة الدقيق وزيت السمك. "فى الواقع، لاتستهدف هذه الصناعة الأنواع المربحة من أسماك القاع، بل على العكس الأسماك المهاجرة الصغيرة التى تمثل الأنواع الأكثر استهلاكًا من قبل سكان غرب إفريقيا". وتمارس الزراعة السمكية الآسيوية الأوروبية ضغطًا على الموارد وتتسبب فى نضوبها.
تلوث
فيما يتعلق بالتلوث البحرى، تميزت نهاية عام ٢٠٢٢ على وجه الخصوص بإعلان شركة شل عن دفع ١٥ مليون يورو لصالح المزارعين النيجيريين الذين تلوثت قراهم بشكل خطير بسبب المد الأسود. أسفرت الإجراءات، التى بدأت فى عام ٢٠٠٨، عن إدانة الناقلة فى عام ٢٠٢١ أمام محكمة لاهاى، وأخيرًا فى ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٢ تم الإعلان عن مبلغ التعويض.
تسلط تلك الإدانة الضوء على ظاهرة مقلقة بشكل خاص حيث يعانى خليج غينيا الكثير من التلوث الناجم عن المنصات أو خطوط الأنابيب أو تفريغ السفن، وهوما يذكرنا بذلك التلوث الناجم عن انفجار منصة ديب وتر هوريزون  Deepwater Horizon فى عام ٢٠١٠ فى خليج المكسيك. ومما يزيد الطين بلة ذلك التلوث بالبلاستيك والمعادن الثقيلة بماله من تأثير سئ على التنوع البيولوجي.
 


تهريب المخدرات
كما أن تهريب المخدرات لم ينحسر، كما يتضح من ضبط ٤.٦ طن من الكوكايين فى ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٢ حيث تؤكد هذه المضبوطات المنتظمة أن خليج غينيا هو أحد الشرايين الرئيسية لتهريب المخدرات، وتتراوح آثاره الضارة من الصحة العامة إلى فساد المؤسسات المدنية. وتؤكد الباحثة كاتيا ليندسكوف جاكوبسن من جامعة كوبنهاجن على تحوّل "العديد من القراصنة" إلى "جريمة النفط بدءًا من التكرير غير القانونى إلى نقل النفط الخام المسروق"
وتتساءل كاتيا ليندسكوف فى التقرير السنوى لمركز ميكا قائلة: "من استقراء تاريخ القرصنة فى خليج غينيا، نجد أنها ضعفت ثم عادت فى شكل جديد. فقد انتهت "قرصنة المتمردين" ذات الدوافع السياسية فى حوالى عام ٢٠١٠، وظهرت "قرصنة النفط"، مدفوعة بالمكاسب المالية من ضخ الوقود من السفن لإعادة بيعه. واختفى هذا النوع من القرصنة تقريبًا فى عام ٢٠١٦، ولكن تبعه تزايد حالات القرصنة من أجل الحصول على فدية من عام ٢٠١٦ حتى حادثة تونسبيرج الأخيرة فى ديسمبر ٢٠٢٢ التى أدت إلى اختطاف إثنين من طاقم ناقلة نفط. بالنظر إلى هذا التاريخ، فإن السؤال الذى يطرح نفسه هل هذا التدهور الحالى يمكن أن يتبعه ظهور نوع جديد من القرصنة؟.. بالفعل مكافحة الصيد غير المشروع والتلوث المحلى والاتجار بالمخدرات هى بالتأكيد أولويات لخليج غينيا. ومع ذلك، كما أكد نائب الأدميرال أوليفييه ليباس، قائد المنطقة البحرية الأطلسية للبحرية الفرنسية، تم اختراق ثلاث سفن فقط فى عام ٢٠٢٢ (مقارنة بـ٢٦ فى عام ٢٠١٩) فى مياه خليج غينيا، حيث قال أوليفييه: "تعاوننا يسعى للتعامل بالتساوى مع جميع الصعوبات التى تواجه الأمن البحرى فى المنطقة، من منظور أفريقى وليس فقط من منظور أوروبى".
بالتأكيد أن مكافحة الصيد غير المشروع والتلوث المحلى والاتجار بالمخدرات هى أولويات العمل فى خليج غينيا.
وتشير التقديرات إلى أن ما بين ٤٠ و٥٠٪ من محاصيل الصيد تتم فى إطار غير قانوني بما يمثل مليار إلى مليارى دولار من الموارد المفقودة. وبالتفكير فى هذا الأمر، يجد الصيادون المحليون صعوبة متزايدة فى كسب العيش من صيدهم. إنهم يتحملون المزيد من المخاطر، فهم يضطرون للذهاب إلى أبعد من ذلك لأن الموارد آخذة فى الجفاف والإبحار يتم فى قوارب ليست مناسبة، مما يؤدى إلى "الموت فى البحر".
يؤكد الأدميرال الأنجولى نارسيسو فاستودو جونيور، المدير التنفيذى لمركز التنسيق الإقليمى (CIC)، ومقره فى ياوندى: إن القرصنة هى الجريمة الأكثر وضوحًا، ولكن الصيد غير القانونى وتهريب المخدرات هى أكثر الجرائم الخفية والأكثر ضررًا.


معلومات عن الكاتب: 
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. بتناول فى مقاله،  الاتفاق السعودى الإيرانى الأخير برعاية بكين، ومغزاه بالنسبة للصين.. يدق ناقوس الخطر، لينبه إلى خطورة ما يشهده خليج غينيا، مشيرًا إلى التعاون الأفريقى الأوروبى لمواجهة هذه الأخطار.