الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

مصريات

ملوك مصر| «سنوسرت الثاني».. رب منطقة الشلال

سنوسرت الثاني
سنوسرت الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في موسوعته القيّمة "مصر القديمة"، ذكر الأثري الكبير الراحل سليم حسن في الجزء الثالث، الذي يتناول تاريخ الدولة الوسطى ومدنيتها وعلاقتها بالسودان والأقطار الآسيوية والعربية، أنه بعد وفاة «أمنمحات الثاني» تولى المُلك ابنه «سنوسرت الثاني» الملقب باسم «خع خبر رع»، بعد أن اشترك معه في الحكم حوالي سبعة أعوام.

 

وكان المشرف على تفتيش الحصون في عهد «سنوسرت الثاني»، خلال توليه الحكم مع والده، موظفًا يدعى «حابو». وقد ترك نقشًا ذهب معظم معالمه على صخرة في أسوان، وعليه اسم «أمنمحات الثاني» محبوب الإلهة «ساتت» ربة «إلفنتين»، واسم «سنوسرت الثاني» محبوب الإله «خنوم» رب منطقة الشلال.

 

وقد ذكر «مانيتون» كاهن مصري من سمنود عاش في زمن البطالمة في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد، أن «سنوسرت الثاني» من أطول الملوك الذين جلسوا على عرش المُلك قامة، فكان طوله حسب قول «مانيتون» نقلًا عن «يوسبيوس» أربعة أذرع وثلاثة أشبار وأصبعين؛ أي نحو ستة أقدام. أما مدة حكمه للبلاد فكانت قصيرة؛ إذ لم يمكث على العرش أكثر من تسع عشرة سنة، بما فيها سبعة الأعوام التي اشترك فيها مع والده.

 

ويشير صاحب موسوعة مصر القديمة أن الملك «سنوسرت الثاني» بدا أنه لم يكن ميالًا للحروب، ومن المحتمل أن بلاد النوبة أخذت تفلت من يده بعض الشيء، وقد كان الملوك الذين سبقوه توغلوا بجيوشهم فيها إلى الشلال الثالث وجعلوها إقليمًا مصريًّا "ولكن شواهد الأحوال تدل على أنه في خلال حكم «أمنمحات الثاني» المشترك مع ابنه؛ أخذ نفوذ المصريين يتناقص حتى إن القبائل النوبية هددت البلاد المصرية نفسها بالغزو". 

 

يستدل على هذا من بعض النقوش التي عثر عليها في «الكاب»، حيث وجدت لوحة مؤرخة بالسنة الرابعة والأربعين من حكم «أمنمحات الثالث» لجده «سنوسرت الثاني» يقول فيها: «أمر جلالته ببناء حصار داخل سور «سشموتاوى» المرحوم» وهذا الاسم هو اللقب «الحوري» للفرعون «سنوسرت الثاني».

 

ويقول سليم حسن: من الصعب أن نعرف السبب الذي من أجله أقام «سنوسرت» سورًا في هذا المكان طوله نحو 80 كيلومترًا شمالي الشلال الأول، في زمن كانت البلاد فيه غاية في الهدوء والسكينة والاتحاد، اللهم إلا إذا كان هناك خطر يهددها من الجنوب، يضاف إلى ذلك أنه كان يوجد في بلاد النوبة العليا وفي الصعيد استحكامات وحصون يرجع تاريخها إلى هذا العهد وهي «خشتامنة» و«كوبان» و«عنيبة»، ولدينا من الأدلة ما يثبت أن هذه الاستحكامات كانت موضع عناية في عهد هذا الملك، وقد كان ظاهرًا أنه يحتمل حدوث اضطرابات في بلاد النوبة، وأن القبائل السود كانت تهدد التخوم المصرية.

 

هرم سنوسرت الثاني

وتزوج «سنوسرت الثاني» من سيدة كانت شهرتها تفوق جمالها، إذا كان تمثالها الذي عُثر عليه في «تانيس» صورة حقيقية لها، والنقوش التي على عرش التمثال هي "الأميرة الوراثية، والحظية العظيمة، والممدوحة كثيرًا، والزوجة الملكية، وحاكمة النساء، وبنت الملك من جوفه" صاحبة الاسم «نفرت»، ومعني اسمها الجميلة.

 

وهذه الملكة نفسها على ما يظهر، وبنتها «حتشبسوت» قد ذُكرتا على لوحة جنائزية لموظف اسمه «إي»، وهو يخبرنا أن زوجته كانت الأميرة «حتشبسوت» بنت الملكة «نفرت»، وكذلك ذكرت الملكة «نفرت»، وأختين أخريين إحداهما تسمى «نفرت» والثانية «إتا كايت»، على بردية من اللاهون.

 

وقد بنى «سنوسرت» لنفسه هرمًا سماه «خع سنوسرت»، أي "المضيء" ومدينة مجاورة له تُسمى «عنخ سونسرت». وقد أقام هرمه في اللاهون بالقرب من مدخل الفيوم -الإقليم الذي كان موضع عناية ملوك هذا العصر- ولذلك لم يحِد «سنوسرت» عن فكرة آبائه، وأقام هرمه عند مدخلها؛ أي في بقعة يمكن منها رؤية بلدة «الفيوم» من قمة هذا الهرم.

 

وتشير الموسوعة إلى أن بناء الهرم نفسه غريب في تركيبه؛ إذ إنه أقامه فوق صخرة كبيرة، أصلح بعض جوانبها ثم أكمل البناء بالأحجار واللبن، ثم كساها بالحجر الجيري الأبيض مثل الأهرام الأخرى.

 

يقول الأثري سليم حسن: الظاهر أن «سنوسرت الثاني» لاحظ أن أهرام من سبقه كانت فريسة للصوص؛ ولذا نجده يجعل مدخل الهرم المؤدي إلى حجرة الدفن في الجهة الجنوبية تاركًا بذلك نظام وضعه في الجهة البحرية، كما كان متبعًا من قبل في عهد الدولة القديمة، ثم يعمد بعد ذلك إلى إخفاء مكان الدخول إلى جوف الهرم بأن نحت كل الحجرات الجنائزية في الصخر الصلد دون أن يترك فتحة يمكن الوصول إليها من بين الصخر والبناء.وكان المدخل الرئيسي للهرم مغطى بأرضية مقبرة إحدى الأميرات؛ وذلك احتراسًا وتفاديًا من اللصوص، أما المدخل الثانوي فإنه كان مخفيًّا تحت أرضية ردهة الهرم. ورغم كل عناية «أنبو» المهندس الملكي، فإن حجرة الدفن قد نهبت.

 

أما مدينة الهرم، فقد أقيمت بجوار معبد الوادي، وقد أطلق عليها الفرعون اسم «حتب سنوسرت» -وهي الآن تسمى كاهون"- وقد مُحي جزء منها تمامًا، غير أنها لا تزال تشغل نحو ثمانية عشر فدانًا فيها أكثر من ألفي حجرة، وقد نُظفت كلها، ونُشر تخطيط شوارعها وبيوتها تمامًا؛ وقد عثر فيها على مجموعات من أوراق البردي تعد من أهم ما عثر عليه في تاريخ هذا العصر؛ إذ إنها تبحث في موضوعات شتى كالطب والقضاء.