الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

أوليفييه دوزون يكتب: اتـفاق الرياض وطهران عندما تتغير الأوضاع في الشرق الأوسط تحت رعاية بكين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

واشنطن فقدت مصداقيتها وانحازت إلى جانب معين فى  النزاعات الإقليمية ومن الصعب أن تلعب دورًا فى  صنع السلام
خلافا لكل التوقعات، اتفقت الرياض وطهران، فى  ١٠ مارس ٢٠٢٣، على إعادة العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارتين فى  غضون شهرين.. طهران والرياض توصلتا إلى هذا الاتفاق بعد وساطة من بكين.
وهنا علينا أن نتذكر أن السعودية وإيران قطعتا العلاقات فى  يناير ٢٠١٦، ثم وجهت المملكة العربية السعودية اتهامات لإيران بشأن هجمات صاروخية على منشآت نفطية فى  عام ٢٠١٩ وكذلك جرائم ضد ناقلات نفط فى  الخليج. ونفت طهران الاتهامات، لكن تم تحميل جماعة الحوثى  اليمنية المسؤولية عن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضى  السعودية.
فى  هذا السياق، قامت الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين لاحقًا بتقليص علاقاتها الدبلوماسية مع طهران لدعم الرياض، ولم تتخذ بغداد زمام المبادرة لتنظيم لقاءات بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين إلا فى  أبريل ٢٠٢١. كان هدف العراق التقريب بين البلدين ومحاولة حل نقاط التوتر بين القوتين المتنافستين، وهى  الحرب فى اليمن والبرنامج النووى  الإيراني.
الوساطة الصينية؟
فى  منتصف فبراير ٢٠٢٣، قام الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، بزيارة دولة الصين، استمرت ثلاثة أيام، وهى  أول زيارة يقوم بها رئيس إيرانى  لهذا البلد منذ أكثر من ٢٠ عامًا. فى  الأشهر الأخيرة، استأنفت الإمارات والكويت العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
إيران لها نفوذ مهيمن فى العراق ولبنان.. فى  عام ٢٠٢١، وقعت بكين اتفاقية استراتيجية كبيرة مدتها ٢٥ عامًا مع طهران فى  مجالات متنوعة مثل الطاقة والأمن والبنية التحتية والاتصالات.
وفى هذا السياق، أشاد وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبد اللهيان، بأن "العودة إلى العلاقات الطبيعية بين طهران والرياض توفر فرصًا كبيرة للبلدين والمنطقة والعالم الإسلامى"، مضيفًا أن وزارته "ستطلق بصورة فاعلية مبادرات إقليمية أخرى"، علاوة على ذلك، تم إبرام هذه الاتفاقية تحت رعاية الصين، التى تم اعتبارها بالفعل كمنافس منهجى من قبل البيت الأبيض.
من هذا المنظور، تلعب واشنطن دورًا معاكسا خاصة أنه يدحض فكرة الانسحاب الأمريكى من المنطقة الذى  ستستغله بكين لبسط نفوذها كما أنه يفضل أن يوضح أن أى  شيء يمكن أن يخفف من حدة التوتر بين إسرائيل وجيرانها العرب، سيكون أمرا جيدًا. وفى  الواقع، ترغب إسرائيل فى إقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض. لكن من الواضح أن المملكة العربية السعودية اختارت أن تفعل ذلك أولًا مع إيران، الذى  يعد خصمًا حازمًا للدولة اليهودية والولايات المتحدة.
هذا الوضع الجديد صفعة حقيقية لواشنطن.. فى  الوقت الحالى، لن تفشل بكين فى  الترويج لنجاحها فى  دورها كوسيط ومفاوض بين الدول وهناك المزيد؛ ستشير الإمبراطورية الوسطى بكل سرور، إلى فقدان نفوذ الولايات المتحدة على الساحة الدولية. من المفهوم أن واشنطن لم يكن لديها أبدا إمكانية التفاوض على مثل هذا الاتفاق لعدم وجود حوار بناء مع إيران.
فى  الوقت نفسه، من المرجح أن تستغل الصين هذه الفرصة لتعزيز أمن الطاقة لديها من خلال علاقة قوية مع البلدين المنتجين للنفط، حيث تعتمد بكين على إيران والسعودية فى  النفط.
 


بالنسبة لبكين، هذه الاتفاقية لها أكثر من مجرد قيمة رمزية لأنها تهدف بالتأكيد إلى تعزيز وصولها إلى موارد الطاقة.
تعالوا نفكر فى  الأمر. من المحتمل أن يكون للصفقة تداعيات كبيرة على الاتفاق النووى  الإيرانى  والحرب الأهلية فى  اليمن، حيث انخرط الطرفان فى  حرب لمدة ثمانى  سنوات (المتمردون الحوثيون مدعومون من طهران، بينما تقود الرياض التحالف العسكرى  لدعم الحكومة اليمنية).
كما يُظهر ذلك الأمر التصميم الجديد للسعودية على انتهاج سياسة خارجية مستقلة عن الغرب ومنذ عام ٢٠٢١، جرت محادثات بين المسؤولين السعوديين والإيرانيين فى  العراق وسلطنة عمان، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق.
الاتفاق الذى تم التفاوض عليه هو دليل على الوجود الصينى المتزايد واهتمامها المتزايد بلعب دور فى المنطقة..  والتى  ستظهر تداعياته بشكل إيجابى  على جميع دول المنطقة والعديد من الدول الأخرى. كما أن باكستان يمكن أن تتأثر أيضا.
وبما أن الولايات المتحدة لا تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران، فإن الصين فى  وضع جيد للتفاوض على اتفاقية خاصة أنه نشاط منخفض المخاطر نسبيًا ومجزٍ للغاية بالنسبة للصين، حيث إن بكين ليست متمسكة بأى  نتيجة معينة.
كما سيؤدى تحسين العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران إلى تقليل احتمالية نشوب صراع إقليمى  وتقليل التوترات فى  المنطقة. هذا جيد للصين والولايات المتحدة واللاعبين الإقليميين ويمثل دور الصين فى المحادثات نقطة تحول بالنسبة لطموحات بكين فى  المنطقة.
إلى جانب التدخل الروسى  فى  الحرب فى سوريا، تعد الدبلوماسية الصينية علامة أخرى على تراجع النفوذ الأمريكى.
كثفت الصين علاقاتها مع السعودية وإيران فى  السنوات الأخيرة بعد أن أصبحت مشتريا رئيسيًا للنفط فى  الشرق الأوسط، لكن طموحاتها بدت تجارية منذ فترة طويلة، مع القليل من الاهتمام بالتورط فى  تسوية النزاعات فى  المنطقة.
من المفهوم أن بكين وفرت شريان الحياة لإيران المتضررة من العقوبات، لتصبح أكبر مشتر للخام منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى  فى  ٢٠١٨.
وهناك المزيد: سعى الصينيون إلى توثيق العلاقات مع المملكة العربية السعودية، المنافس الإقليمى  لإيران، التى  يعتبرون أنها أكبر شريك تجارى  وهم أحد المشتريين الرئيسيين للنفط. كما بدأت الرياض فى  استيراد تكنولوجيا الصواريخ الحساسة.
وهنا علينا أن نوضح أن الولايات المتحدة قد انحرفت بشكل متزايد واتبعت مواقف تمنعها ببساطة من أن تكون وسيطًا ذا مصداقية وفى  الواقع، تنحاز الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى جانب معين فى  النزاعات، وتصبح شريكًا فى  الحرب وفى النزاعات الإقليمية، مما يجعل من الصعب جدًا على واشنطن أن تلعب دورًا فى  صنع السلام.
أما الصين فهى لم تنحز قط إلى جانب السعودية وإيران فى حين أن بكين لديها أيضًا علاقات سياسية واقتصادية كبيرة مع إسرائيل، فقد دعم الأمريكيون تاريخيًا إسرائيل، وبالتالى  لم يتمكنوا من لعب دور الوساطة وحتى وقت قريب جدًا، كانت أمريكا الشريك الوحيد القادر على تقديم دعم استراتيجى وقابل للحياة لبلدان المنطقة.. لكن يبدو اليوم أن هذه الملاحظة قد انتهت منذ أن دخلت الصين المشهد بنفس الطريقة التى  دخلت بها روسيا بالنسبة للمنطقة.

معلومات عن الكاتب:
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. بتناول فى مقاله، الاتفاق السعودى الإيرانى الأخير برعاية بكين، ومغزاه بالنسبة للصين.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

https://www.ledialogue.fr/