السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

«الفرقة الضالة».. سامح فايز يتوسع فى استكشاف الخيوط والتفاصيل الكاملة لخيانة الجماعة الإرهابية

سامح فايز، كاتب وباحث
سامح فايز، كاتب وباحث في شئون الجماعات الجهادية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى إصدار جديد، يتوسع الكاتب سامح فايز الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية فى رسم الخطوط وإضافة التفاصيل المهمة لاكتمال الصورة التى كشفتها ثلاثية مسلسل الاختيار عن أسرار التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، وخاصة التسجيلات التى أذاعها الجزء الثالث من المسلسل لمجموعة من قيادات الجماعة الإرهابية، ضمن كتابه الجديد «الفرقة الضالة».
يتحدث «فايز» فى صدر الكتاب عن رغبة قديمة له فى الحديث عن بطولات الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب بداية من الانفلات الأمنى الذى وقع إبان العام ٢٠١١ فكان مسلسل الاختيار الذى أخذ من حادثة كمين البرث نقطة انطلاق، حيث حقق رغبته القديمة فى ملحمة وطنية تسجل بطولات الجيش والشرطة ضد خيانة الجماعة الإرهابية، لذا جاء فصله الأول «الإخوان والجيش» عن المحاولات المستميتة من قبل الجماعة الإرهابية لزرع عناصرها داخل المؤسسات الأمنية بهدف الاستيلاء عليها أو تدميرها وإبطال مفعولها فى مواجهة شرورهم.

الفرقة الضالة

تاريخ من العنف وادعاء السلمية الكاذبة
رأى «فايز» أن التسجيلات التى أذاعها الجزء الثالث من المسلسل تحتاج منه لمتابعة وتعقب عددا من المسائل والحوادث والعودة لجذورها التاريخية كى يستفيد منها المشاهد بصورة كلية ومكتملة، فمثلا الحلقات التى تحدثت عن الفرقة «٩٥ إخوان» والتى كشف عنها وزير الشباب والرياضة فى حكم الإخوان أسامة ياسين، نجده يعقد لها فصلا كاملا تحت عنوان «السلمية الكاذبة» ويعود بشكل بحثى بعيدا عن الخط الدرامى فيستكشف دور الفرقة وعملها فى يناير ٢٠١١ وما وثقته لجنة تقصى الحقائق عن أحداث موقعة الجمل ودورها فى تأمن وحماية قيادات جماعة الإخوان.
وبتسلسل منطقى يقفز «فايز» للحديث عن التنظيم السرى للجماعة الذى نشأ مع المرشد المؤسس حسن البنا واستمر بتنويعاته المختلفة ورؤسائه المتعاقبين وأدواره المتعددة مما يثبت عن جدارة كذب ادعاء الجماعة أى حديث عن السلمية فى الوقت الراهن أو منذ نشأتها.
يقول «فايز»، إن جماعة الإخوان منذ نشأتها الأولى أدركت أنها فى حاجة إلى تأسيس تنظيم مسلح يعمل على حماية مصالحها، وقد كان مع نشأة النظام الخاص، الجناح العسكرى للجماعة، والذى نفذ العديد من المهام الإرهابية، كان فى مقدمتها اغتيال القاضى الخازندار أمام منزله، ثم اغتيال رئيس وزراء مصر محمود فهمى النقراشى، ثم محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، هذا التنظيم الذى تزعم القيادات أنه انتهى مع المرشد الثانى حسن الهضيبى، تؤكد الحوادث والوقائع أنه استمر حتى وقتنا الراهن.

عبدالرحمن السندي

المراحل الأربعة للتنظيم المسلح داخل «الإخوان»
يوثق كتاب «الفرقة الضالة» المراحل التى مر بها التنظيم السرى للجماعة، فيذكر أن حسن البنا شكله لأول مرة فى العام ١٩٤١، ووضع على رأسه محمود عبد الحليم المهندس الزراعى السكندرى، لكنه استقال لظروف خاصة، ثم حل محل موظف بوزارة الزراعة يدعى عبد الرحمن السندى، وانتهى التنظيم ظاهريا بوفاة حسن البنا وقيام ثورة يوليو، أما المرحلة الثانية فكانت عندما أوكل حسن الهضيبى مهمة التنظيم الجديد إلى صاحب ورشة نجارة يدعى يوسف طلعت.
وانتهى التنظيم الثانى بالقبض على معظم أعضائه، ثم القبض على المرشد، وأعضاء الجماعة، وإعدام رئيس التنظيم عام ١٩٥٤، والذين اتهموا بالاشتراك فى محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية.
وتشكل التنظيم للمرة الثالثة فى بداية الستينيات بقيادة تاجر حبوب من دمياط، يدعى الشيخ عبد الفتاح إسماعيل، ومعاونه المهندس الزراعى محمد الشريف، وحدد هدفه فى قتل عبد الناصر ومعاونيه، وقلب نظام الحكم بالقوة، وانتهى التنظيم بالقبض على أعضائه وإعدام رئيس التنظيم ومعه سيد قطب ومحمد يوسف هواش.
وفى المرحلة الرابعة يعيد مصطفى مشهور، الذى أصبح لاحقا المرشد الخامس، تشكيل التنظيم، حيث استكمل هذا التنظيم تشكيلاته فور خروج الإخوان من السجون عام ١٩٧٥ بتجنيد كثيرين من شباب الجماعات الإسلامية فى فترة السبعينيات، وكان هدفه مغايرا للتنظيمات السابقة، كان الهدف الجديد هو قلب نظام الحكم فى الإخوان، واختطاف الجماعة، ليستولى على مقدراتها وممتلكاتها ويتخلص من ازدواجية القيادة، ويصبح له مطلق اليد فى قرار الإخوان، وهو ما تم الكشف عنه فى القضية المعروفة باسم «سلسبيل»، وهو تنظيم لم يعلم عنه مكتب الإرشاد شيئا إلا باعترافات المتهمين.
ويلفت «الفرقة الضالة» إلى أنه بعد تحول جماعة الإخوان بالكامل إلى نظام خاص قطبى يؤمن بفكرة العنف سبيلا للوصول للسلطة، عملت الجماعة على تغيير مسمى النظام الخاص للتخلص من رواسب الماضى المتعلقة به.
وقال إن فكرة إطلاق مسمى جديد على النظام الخاص للجماعة استراتيجية اتبعها الإخوان بداية من سنة ١٩٩٥، مع تعيين مصطفى مشهور مرشدا للجماعة. وينتقل المؤلف للحديث عن مليشيات الجماعة التى أبرزته فى عرض للفنون القتالية فى جامعة الأزهر فى ديسمبر عام ٢٠٠٦ والتى كان الهدف منها عمل تشكيلات شبه عسكرية على غرار الميليشيات التابعة لبعض الأحزاب الدينية بكل من لبنان وإيران والأراضى الفلسطينية المحتلة. 
ويصل المؤلف للحديث عن الفرقة «٩٥ إخوان» والتى يرجع سبب تسميتها لعام ١٩٩٥ أى عام تأسيسها، وتولى مسئوليتها خيرت الشاطر ثم انتقلت إلى أسامة ياسين.
المرشد العلنى والمرشد السرى
يتطرق المؤلف إلى دور أحد قيادات الجماعة ممدوح الحسينى، المسئول الإدارى عن منطقة مدينة نصر والقاهرة الجديدة إبان ثورة يونيو ٢٠١٣ وهى المنطقة التى شهدت أحداث مسجد رابعة العدوية، ومن قبلها حادث خلية مدينة نصر الإرهابية، وحادث اغتيال النائب العام هشام بركات، وحادث اغتيال العقيد عادل رجائى، وحادث اغتيال الحسينى أبو ضيف.
ويتتبع الكتاب مراحل وتحولات الإخوانى ممدوح الحسينى الذى تعلم على أفكار التيار القطبى وانتمى لجماعة المسلمين التى عرفت إعلاميا باسم جماعة «التكفير والهجرة» التى خطفت الشيخ الذهبى واغتالته فى العام ١٩٧٧، ونقلا عن مقال لثروت الخرباوى فإن ممدوح الحسينى هو المرشد الفعلى لجماعة الإخوان آنذاك، وهو ما يطلق عليه داخل الجماعة «المرشد السرى»، وهى آلية اتبعتها الجماعة بعد إعدام سيد قطب وخروجهم من السجون؛ بسبب تاريخهم مع الملاحقات الأمنية فأصبح هناك مرشد معروف للجميع وآخر سرى لا يعرفه سوى الخاصة من الجماعة، وهو المرشد الفعلى مدبر أمور التنظيم.

عبدالمجيد الشاذلي

عبد المجيد الشاذلى.. من عباءة الإخوان لـ«أنصار بيت المقدس»
فى «تسجيلات الاختيار»، تحدث الإخوانى خيرت الشاطر عن مجىء عناصر إرهابية من الخارج لمصر، مستفيدين من الاضطرابات الأمنية التى شهدتها البلاد عقب أحداث ثورة الـ٢٥ من يناير.
واعترف «الشاطر» بوجود مجموعات خطرة للغاية سماها بـ«مجموعة التوقف والتبين»، وقال إن مجموعة عبد المجيد الشاذلى المعروفة بالتوقف والتبين أو القطبيين أو السلفية الجهادية مجموعات خطر حقيقى حتى لو كانوا قليلى العدد لأنهم يتبنون فكرة العنف، ولديهم فكرة أنهم لابد أن يقفزوا على الحكم والسلطة وهو تعديل فى استراتيجياتهم السابقة.
فى الفصل الثالث «الدعوة السلفية»، يتحدث المؤلف عن السلفية الجهادية، ويوضح أن أخطر ما كشفته تسريبات الاختيار خروج فكر هجين بين السلفية والإخوان، أحد أهم رواده عبد المجيد الشاذلى مؤسس دعوة أهل السنة والجماعة، وهى التيار المعروف لدى الأجهزة الأمنية فى مصر باسم التيار القطبى.
ويقتبس «فايز» وصف للشاذلى بأنه «أحد خواص سيد قطب» من موقع «أنا السلفى»، متحدثا عن مراحل حياته وأفكاره التى آمن بها بداية من سيد قطب، ومصطفى شكرى زعيم جماعة التكفير والهجرة، ويضيف عن أفكاره أنه يرى أن الناس الذين يرضون عن أنظمة الحكم القائمة كفار، هم ساكتون على حكم بغير ما أنزل الله ولهذا فهم عنده شركاء، والمجتمع فى عمومه رايته راية كفر ما دام يحكم بغير ما أنزل الله.
شدد «الفرقة الضالة» على تتبع خطورة الشاذلى، ووفقا للمؤلف فإن أخطر مجموعة خرجت من رحم دعوة الإخوانى القطبى عبد المجيد الشاذلى هى السلفية الجهادية فى سيناء؛ بعد امتداد أفكاره إليها عن طريق مؤسس السلفية الجهادية فى شبه جزيرة سيناء أسعد البيك، والذى درس على يديه أخطر الجهاديين فى سيناء، أبرزهم طبيب الأسنان خالد مساعد، مؤسس جماعة التوحيد والجهاد على نفس نسق جماعة التوحيد والجهاد فى العراق التى أسسها أبو مصعب الزرقاوى. 
وبعد مطاردات مع الأمن المصرى سجن أغلب أعضاء ذلك التنظيم، لكنهم استغلوا الفوضى التى أعقبت يناير ٢٠١١ وهربوا من السجون ليعود العنف مجددا إلى سيناء بعد تأسيس تلك المجموعة ما عرف باسم جماعة أنصار بيت المقدس، والتى بايعت داعش فى وقت لاحق تحت مسمى ولاية سيناء.

حسن البنا

أخونة المعرفة
فى الكتاب، أشاد المؤلف بالحلقات التى أشارت إلى عداء جماعة الإخوان للمثقفين الذين تصدوا لهم فى عدد من الاعتصامات والمظاهرات الرافضة لحكم الجماعة، وفى الوقت نفسه أشار المسلسل إلى رغبة الجماعة فى بناء علاقات مع مثقفين لاختراق الوسط الثقافى، لذا جاء الفصل الرابع من الكتاب تحت عنوان «معركة الوعى».
وفيه يؤكد المؤلف أن مصر واجهت ولا تزال العديد من محاولات اختراق وعيها وطمس هويتها لصالح سيطرة تنظيمات ومؤسسات وهيئات مدعومة بشكل مباشر من منظومة استعمارية تأبى أن تترك تلك المنطقة التى سرق الاستعمار خيراتها لمئات السنين، غير أن المواجهة قديما كانت صريحة ومباشرة، نكاد نراها أمامنا ظاهرة، أما الآن مع سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على مجريات الأمور عالميا أصبحت المسألة أكثر تعقيدا.
ويقول «فايز»، إن مظاهر اختراق المؤسسة الثقافية لم تكن وليدة فترة حكم الإخوان، بل هى مسألة بدأت مع المؤسس الأول حسن البنا، تحديدا مجال الطباعة والنشر، مع تأسيس شركة الإخوان للطباعة، ثم شركة الإخوان للنشر بعد سنوات قليلة من تأسيس الجماعة، فى الأربعينيات من القرن الماضى، ثم دمجهما لاحقا فى شركة واحدة، تحت عنوان شركة الإخوان للطباعة والنشر شركة مساهمة مصرية، مسألة تكررت فى محاولة استقطاب بعض نجوم السينما أو الأدب أو المسرح.
ويؤكد «فايز» كتابه بالحديث عن قدرة عقل الإنسان على استقبل المعلومات فى لحظة واحدة، وقدرة هذه المعلومات على تشكيل سلوكه وآرائه ومعتقداته، ويرى أن الحركات الإسلاموية نجحت واهتمت بتأسيس دور نشر للكتب، ومطابع، وصحف، ومراكز بحثية، بنفس أهمية تأسيس خلايا عسكرية مسلحة، وهو ما فعله حسن البنا فى السنوات الأولى لتأسيس الجماعة، حتى قبل أن يؤسس النظام الخاص، الجناح العسكرى للجماعة.
واختتم الكاتب أنه هذا الأمر يشير بوضوح إلى أن معركة تزييف الوعى هى المعركة الأكبر التى يضع التنظيم عليها كل آماله فى المرحلة الراهنة، بعد أن عجز عن المواجهة المباشرة مع مؤسسات الجيش والشرطة فى مصر، وهى معركة ليست وليدة اللحظة، بل هى ذات جذور ممتدة منذ أيام حسن البنا، ثم زاد نفوذها بعد التأسيس الثانى للجماعة، منتصف السبعينيات من القرن الماضى، وصعود نجم التنظيم الدولى للإخوان فى تلك الفترة، والعمل على نشر مصطلح أسلمة المعرفة، أو أخونة المعرفة.