السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبد الرحيم علي يكتب: قراءة جديدة فى ملفات الأمن القومى (3 ـ 10) .. حرب الأعصاب الساخنة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

**  كيف انتصر النظام على محاولات «الإخوان» لتشويه صورته فى الخارج؟

 

**  «التنظيم الدولى» قدم ٢٠ مليون دولار لمنظمات ألمانية لرفض زيارة «السيسى»

 

**  ٢٠٠ مليون دولار سنويًا دعم من قطر للجماعة لإسقاط «نظام ٣٠ يونيو» 

 

**  «البشير» وقف مع إثيوبيا في قضية سد النهضة بتحريض من «الإرهابية» 

 

**   «الإخوان» سعت لإحداث فتنة بين القاهرة والرياض

 

 

فى الحلقتين الثالثة والرابعة من هذه السلسلة (قراءة جديدة فى ملفات الأمن القومى المصرى) عدت مرة أخرى إلى خطط جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيمها الدولى، التى لم تهدأ حتى الآن من أجل استعادة السلطة. يعتبرنى البعض مبالغًا فى تضخيم الخطر الإخوانى، يعتبرونه زال تماما، أو على أقل تقدير يتعاملون مع ما يقوم به الإخوان فى مصر والعالم على أنه أمر هين، لا يمكن أن يكون مؤثرًا بأى شكل من الأشكال فى مسيرة الدولة المصرية، ولأننى أعرف جيدًا تركيبة هذه الجماعة وفلسفتها فى التفكير، فإننى أقول لمن يتهموننى بالمبالغة: ما تذهبون إليه ليس صحيحًا بالمرة، فالنار لا تزال تحت الرماد، وهو ما يدفعنى إلى التفتيش فى ملفاتها من جديد، و«بروزة» ما قامت وما تقوم به حتى الآن، حتى لا نجد أنفسنا وجهًا لوجه أمام الخطر من جديد. 

ولذلك فإننى أعود هنا إلى محطات أساسية فى المواجهة التى جرت بين النظام المصرى وجماعة الإخوان المسلمين، لأنها محطات ستجعلنا ننطلق إلى مساحات أخرى من المواجهة، واسمحوا لى أن أستعرض ما جرى، وهو ما سيكون بالنسبة لى ولكم تمهيدًا لفتح ملفات أخرى أكثر عمقًا، وتشكل خطرًا على الأمن القومى المصرى. 

كنت قد أشرت إلى أننى سأتحدث عن محاولة تطويق مصر عربيًا، وكيف نجونا من فخاخ كثيرة، وعندما استعرضت كثيرًا من الملفات وجدت أن جماعة الإخوان وحلفاءها كانوا يقفون وراء كل فخ من هذه الفخاخ. 

كنت قد استعرضت معكم خطة الجماعة لإسقاط النظام فى مصر من خلال تكوينها لبرلمان مواز، وتشكيل ما يسمى بالمجلس الثورى المصرى، هو المجلس الذى وضع الملفات الحقوقية هدفًا له، وراح يقاضى مصر دوليا بها، فيما يمكن تسميته التجارة بالدماء، حيث رفعت قضايا عديدة ضد مسئولين فى النظام المصرى، تتهمهم بأنهم قتلوا أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، معتبرين أن ما حدث فى فض اعتصامى رابعة والنهضة بعد كل الإجراءات والمفاوضات التى أجريت للفض السلمى - كان مذبحة. 

هنا أستعرض معكم جولات قيادات من جماعة الإخوان والتنظيم الدولى إلى أوروبا وأمريكا، بهدف التحريض على النظام المصرى، وهى جولات رصدها كثيرون من المراقبين الدوليين والمحليين، لكنهم لم يقفوا أبدا على دلالاتها ولا الإشارات التى كانت الجماعة تتعمد إرسالها إلى دوائر معينة داخل مصر وخارجها. 

                                                          ■ ■ ■

 بدأ التنظيم الدولى للإخوان فى اعتراض طريق الرئيس فى أى زيارة خارجية، بهدف إفسادها، وتقليل عائدها السياسى والاقتصادى. 

حدث هذا فى زيارة الرئيس السيسى إلى المانيا والتى كانت منتصف العام 2015، حيث اتفق عدد من المنظمات والجمعيات الإسلامية التابعة للإخوان والتى يشرف عليها مسئولون أتراك ومعهم إبراهيم الزيات عضو التنظيم الدولى للإخوان وأحد أبرز الإسلاميين فى ألمانيا مع عدد من أعضاء البرلمان الألمانى لرفض زيارة الرئيس السيسى. 

 وبالفعل خرج بيان من قبل منظمات ألمانيا وبعض البرلمانيين قبل أن يخرج رئيس البرلمان الألمانى ويهاجم النظام المصرى بعد جلسة جمعتهم بقيادات الإخوان وإبراهيم الزيات، وزير مالية الجماعة، وقدم خلالها التنظيم الدولى المدعوم بقوة اقتصادية كبيرة من قطر وتركيا ما يقرب من 20 مليون دولار لمنظمات ألمانية لتبنى حملة لرفض زيارة السيسى إلى هناك.

كما اتفقت الجماعة مع عدد من أنصارها على تنظيم مظاهرات أمام مقر زيارة الرئيس السيسى وإقامته، بل تم زرع إحدى الصحفيات الإخوانيات للهجوم على الرئيس فى المؤتمر الصحفى وإفشاله. 

 

                                               ■ ■ ■

نترك ألمانيا قليلًا، فما حدث فى زيارة الرئيس إليها، كان مجرد نموذج لما يجرى، ونصل إلى الدولتين الأكثر عداءً وخصومة مع مصر وهما قطر وتركيا. 

فتحت الدولتان وبشكل علنى الباب لقيادات الإخوان للبقاء والعيش وافتتاح المشروعات والقنوات، إلا أن الضغط العربى على قطر أجبرها على طرد الإخوان لكنها لم تتوقف عن تقديم دعم بملايين الدولارات يصل إلى 200 مليون دولار سنويًا وفقا لمصادر داخل الجماعة مقابل أنشطة تقوم بها خارجيا من لقاءات وهدايا وشركات تتعاقد معها الجماعة ودعاوى قضائية فى الخارج ضد النظام المصرى وضد رئيسه عبدالفتاح السيسى. 

 أما تركيا فهى لم تقدم دعما ماديا للجماعة، لكنها ذهبت بها ومعها إلى مساحة أخرى من الدعم، حيث وفرت للإخوان ولكل من يتحالف معهم بيئة صالحة للتحرك ومساعدتهم دبلوماسيًا أيضا، وفتح قنوات، حيث افتتحت الجماعة أكثر من 10 قنوات منذ 30 يونيو وحتى الآن، واستقدمت العديد من الشخصيات مثل أيمن نور الذى طرد من لبنان وبعد مفاوضات إخوانية مع النظام التركى وافق على منحه تأشيرة الإقامة، وبالبقاء فى تركيا يتحرك وفقًا لخطط موضوعة لضرب النظام المصرى، كما استقدمت الجماعة فنانين من داخل مصر وذلك للتحريض ضد الجيش والشرطة والرئيس السيسى.

من تركيا وقطر إلى السودان، وعندما نتحدث عن السودان تحديدًا فنحن نتحدث عن دولة جوار، لها معنا حدود مشتركة، وقد لجأت إليها الجماعة، بعد أن زاد التضييق عليها، فلم تقف الجماعة مكتوفة الأيدى أمام التضييق عليها، فاتفق التنظيم الدولى مع الرئيس السودانى عمر البشير على دعمه أمام المجتمع الدولى ومواجهة القضايا التى يحاكم عليها، وإقامة مشروعات والاستثمار فى السودان مقابل أن يفتح الباب أمام الإخوان وشبابها الراغب فى الخروج من مصر إلى هناك، وهو ما حدث بالفعل، حيث أصدر قرارًا رئاسيًا بتسهيل الالتحاق بالجامعات وإقامة المشروعات للإخوان هناك، ولم يمنع أى شخص من السفر بل يعامل أنصار الإخوان معاملة جيدة ويحصلون على حقوقهم كاملة كالسودانيين.

ومن بين ما أعلن عنه عمر البشير تحديدًا عن الإخوان المسلمين أنهم أبناء عمومة، وأنه لا يمكن أن يغضبهم، بل يمد لهم يد العون، ويساعدهم من خلال احتوائهم، وهو الاحتواء الذى يخفف ضغط النظام المصرى عليهم. 

وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الشكل من العلاقة بين التنظيم الدولى للإخوان والنظام السودانى، أن افتتح التنظيم الدولى عددًا من المشروعات الزراعية والحيوانية فى الخرطوم وعددًا من المدن السودانية، كما التحق بعضهم فى وظائف وفرتها لهم الحكومة السودانية كما وقف الرئيس البشير مع إثيوبيا ضد مصر وذلك وفقًا لاتفاقه مع التنظيم الدولى للإخوان للضغط على مصر من الجنوب وملف المياه أيضا وفق وثائق مكتوبة بين كلا الطرفين.

ولا يمكن لنا أن نخفى ما نعرفه من أن نتائج المفاوضات فى سد النهضة تعثرت كثيرًا، ليس فقط لأن إثيوبيا تتعنت مع مصر، ولكن لأن هناك أطرافًا تلعب فى المسافة الفاصلة بين القاهرة وأديس أبابا، وهذه الأطراف تخدم أهداف جماعة الإخوان بشكل كبير. 

ثم نصل معكم إلى عمق ما نريده، نصل تحديدًا إلى المملكة العربية السعودية، فبعد وفاة الملك عبدالله بدأت الجماعة تتخذ خطوات جادة للتقارب مع الملك سلمان، خاصة أنه لم يهاجم الجماعة أو يتخذ قرارات ضدها فى وقت يسعى فيه لمحاربة الحوثيين ويحتاج لدعم الإخوان فى اليمن وفى سوريا، فقرر ألا يغلق الباب أمام إخوان مصر وعقدت عدة لقاءات على أثرها تم رفع الجماعة من قوائم المحظورين والإرهاب وفتح الباب أمامهم إلا أن دعمهم لإيران ورفضهم لإصدار بيان يعلنون فيه التأييد الكامل للسعودية فى حربها ضد اليمن، ومقال المدح فى إيران اضطر السعودية لطرد وفد إخوانى من المطار كان على رأسهم عمرو دراج، القيادى الإخوانى، وقررت السعودية وقف التعامل مع إخوان مصر. 

لقد حاولت الجماعة تعكير صفو العلاقات مع مصر، وكانت الصورة فى بداية تولى الملك سلمان غائمة إلى درجة كبيرة، لكن الجماعة التى تريد أن تظل فى منطقة رمادية لا تغادرها أبدًا، وجدت نفسها غير قادرة على التودد للسعودية من أجل مصالحها هنا فى مصر، وفى نفس الوقت تصمت على ما يحدث فى اليمن، فانفصم العقد الذى كونته الجماعة مع المملكة، لتعود السعودية مرة أخرى إلى صف مصر بشكل كامل، وليعيش الإخوان الآن فترة صعبة جدا، بعد أن خسروا حليفا كبيرا كان يمكن أن يساعدهم ويقف إلى جوارهم. 

العلاقة مع السعودية تحديدًا ستكون محلًا لحديث منفصل، فى إطار هذه القراءة الجديدة، لكنى قصدت هنا أن أشير إلى أن جماعة الإخوان حاولت ومبكرًا جدًا أن تستغل الفترة التى كان الملك سلمان فيها يرتب أوراقه كملك جديد، لضمه إلى صفها، وجعله خصمًا لمصر، أو على الأقل، تستغل ما لديه من رؤى، لتحقق مكاسب فى الداخل المصرى، وهو ما لم يحدث، أو على الأقل، كانت هناك بوادر له، لكن تم وأدها مبكرًا جدًا. 

                                                      ■ ■ ■

لم تترك جماعة الإخوان الإرهابية بابًا لمحاصرة النظام المصرى إلا وتركته، وكان من بين هذه الأبواب استغلال شركات العلاقات العامة الدولية، وقد لعبت بها جيدًا فى مساحة جديدة لعرقلة أى تقدم يقوم به النظام المصرى، وكانت هذه المساحة هى محاولة ضرب الاقتصاد المصرى، والوقوف أمام أى وكل محاولة للنهوض والخروج من الأزمة. 

وفى هذه المساحة يمكن أن أرصد الآتى: 

أولًا: كانت البداية بالمؤتمر الاقتصادى، فرغم النجاح الكبير فى الحضور والتنظيم إلا أن الجماعة تعاقدت مع شركات علاقات عامة للعمل على تشويه الاقتصاد المصرى وضربه، وتقديم تقارير غير حقيقية عن الأزمات التى يعانى منها والمشاكل الاقتصادية، منها التصنيف الائتمانى وغير ذلك وقام بتلك الخطوات أحد الخبراء البارزين فى قناة الجزيرة القطرية، وفقا لما أكدته قيادات إخوانية حيث تم إرسال تقارير إلى الوفود التى شاركت فى المؤتمر الاقتصادى لإعطاء صورة سلبية عن الاقتصاد المصرى.

وهناك أيضا يوسف ندا، الملياردير الإخوانى، الذى تواصل مع شركات كبيرة حضرت المؤتمر وعمل على حثها لوقف الاستثمار فى مصر، بحجة الملف الأمنى والملف الاقتصادى السيئ وساعدهم فى ذلك مظاهرات الإخوان والعمليات الإرهابية التى تتورط الجماعة فيها بشكل مستمر.

ثانيًا: تعاقدت جماعة الإخوان أيضا مع شركة علاقات عامة عملاقة، فى محاولة منها لإفشال افتتاح قناة السويس، وتقديم تقارير عبر قناة الجزيرة وقنوات عالمية مدفوعة الأجر عن أخطار المشروع وعدم جدواه لتقليل الاهتمام العالمى به، وإبرازه بشكل لا قيمة له أو فائدة ترجى من ورائه.

ثالثًا: فى مقابل شركات العلاقات العامة التى تعاقدت معها الجماعة لتشويه النظام المصرى والإساءة إليه، تعاقدت الجماعة مع شركة علاقات عامة لتلميعها فى أمريكا ولندن. 

حيث بدأت جماعة الإخوان الإرهابية حملاتها للتصدى لتوصية اللجنة القضائية للكونجرس الأمريكى باعتبار التنظيم «جماعة إرهابية» وهو الأمر الذى أثار موجة من الغضب داخل جماعة الإخوان خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أكبر داعمى التنظيم فى الداخل والخارج.

وتواصلت الجماعة عبر مكتبها فى لندن، والذى يترأسه الأمين العام للإخوان إبراهيم منير، ومحمود سودان مسئول العلاقات الخارجية للجماعة، مع عدد من شركات العلاقات العامة فى أمريكا لتبنى حملة لتجميل وجه الجماعة وبيان أفكارها الرافضة للعنف وتاريخها منذ تأسيسها فى 1928 وأنها لم تتورط فى أعمال عنف قديمة أو جديدة، وكذلك دورها فى ثورة يناير، وفقا لما كشفت عنه مصادر من داخل التنظيم.

وأوضحت مصادر إخوانية أن هناك اتصالات مع كبرى شركات العلاقات العامة الأمريكية والهدف منها هو إقناع أعضاء الكونجرس أن الإخوان ليست جماعة إرهابية وأن ما يثار حولها وما قدمته الحكومة المصرية يدين الجماعة ليس صحيحًا، مستندة فى ذلك إلى فيديوهات وصور لأحداث سابقة منذ 30 يونيو، وأهمها فض النهضة ورابعة وأحداث رمسيس لبيان أن الجماعة تعرضت لظلم.

وأكدت المصادر أن الجماعة رصدت مبالغ مالية ضخمة لم تحدد قيمتها، خاصة أنها لن تكتفى بدعايات شركات العلاقات العامة فقط، بل ستمتد إلى عقد مؤتمرات ومناشدة المنظمات التابعة للإخوان بأمريكا ولندن لتنظيم مؤتمرات لعرض أفكار الجماعة ورفضها للعنف وهجومها السابق على داعش والقاعدة.

لم تنجح الجماعة فى مساعيها بشكل كامل، ففى المقابل لعبت الدولة المصرية، ولعبت دوائر كثيرة بعضها رسمى والبعض الآخر شعبى، فى توضيح الحقائق أمام المجتمع الدولى، فالجماعة لم يقع عليها الظلم، بل هى التى خططت لاختطاف الدولة المصرية، وهى التى دخلت فى مواجهة مع الجيش والشرطة والشعب، ولم تستمع لصوت العقل، حيث جرت مفاوضات كثيرة لفض اعتصامات الجماعة بعد 30 يونيو سلميًا إلا أنها لم تستمع إلا لصوتها، الذى على ما يبدو ضلها، عندما أقنعها أنها قادرة على مواجهة جيش وشرطة وشعب.

دلالة ما تفعله الجماعة ولا تزال تعمله حتى الآن، هو أن لديها إصرارًا على هز صورة النظام المصرى فى العالم، ولا تكتفى بذلك، فبعد أن باء كثير من جهودها بالفشل فى هذا الملف، كثفت جهودها لتشويه النظام فى الداخل، وذلك عبر منصاتها الإعلامية وأذرعها عبر المواقع الإلكترونية التى تمولها بسخاء، وعبر شبكات التواصل الاجتماعى التى تحولت إلى منابر لبث الشائعات والفتنة كل يوم، فإعلام الإخوان يحاصرنا بكم هائل من الأكاذيب، وهو ما يستحق منا يقظة وانتباهًا كبيرين.