الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدر البهي في كشف نقاب السلفي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلم أنني أتكلم عن أمور قد يراها البعض تافهة، بينما هي من القضايا المصيرية.. لأئمة وعلماء السلفية الوهابية.. والتي تطفح جهلًا بأبجديات الفقه والشرع، ولكنها تسربت إلى وعي الكثيرين، حتى صارت عقيدة، وسأستعرض بعضها.
لا تقل أنا فاطر، وقل مُفطِر؛ لأن الفاطر هو الخالق، وهذه ردها لا يحتاج للغوص في بطون أمهات كتب الفقه والتراث. يكفي أن ترد عليهم بأن اسم العيد هو عيد الفطر وليس عيد الإفطار. أما لغويًّا ففي لسان العرب: والفَطْر للصائم، والاسم الفِطْر، والفِطْر: نقيض الصوم، وفي القاموس المحيط: فَطَرَ الصائِمُ: أكَلَ وشَربَ.
لا تقل والنبي؛ لأنك تقسم بغير الله، وهذا شرك، وهو أمر مردود عليه بأدلة كثيرة، أبسطها "أفلحَ وأبيه"، وهو حديث في صحيح مسلم، ودار حوله جدل طويل وتفريعات، حسمها الإمام أحمد بن حنبل (رمز التشدُّد) بأنَّ "أفلح وأبيه" من باب الترجِّي، وليس قسمًا؛ لذا فهو ليس شركًا.
الإطالة في الصلاة والخطبة: وهاتان كارثتان يتوهم السلفيون أنهما من الورع. أما الأولى، وهي الإطالة في الصلاة الجامعة؛ فلأنها تُخرِج الكثيرين من خشوعهم إلى القلق والتوتر، والخشوع واجب في الصلاة، ويتحقق بتسبيحة واحدة، وهنا يحمل الإمام وزر بطلان صلاة المجموعة التي خلفه في أقوى الآراء. وحتى الرأي الذي لم يقل بوجوب الخشوع، أوجب سجدتي سهو في عدم الخشوع، وهذا لا يحدث، ويتحمله الإمام المطيل في صلاته.
ويكفي لأدعياء الورع هذا الحديث عن ابن مسعود في صحيح البخاري: "فما رأيت رسول الله في موعظة أشد غضبًا منه يومئذٍ، ثم قال: "إن منكم منفرين، فأيكم صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة".

وبالنسبة للخطبة فإن أطول خطبة في الإسلام لم تتجاوز، بل لم تصل إلى عشر دقائق، خاصة أن الإطالة تُنسي ما قبلها، فلا يمكن أن يركز الناس في كلام لمدة ساعة متواصلة. وعندنا خطبة حجة الوداع، وهي أطول خطبة، لم تصل إلى 500 كلمة.. جرِّب أن تقرأها، وتحسب وقتها، فستدرك أنها لم تصل إلى عشر دقائق.
وجاء في الأحاديث عن وصف صلاة الرسول صلى الله عليه في الجمعة أنه كان يقرأ بـ "سبح اسم ربك الأعلى"، و"هل أتاك حديث الغاشية". وركز في هذه الجملة: كانت صلاته أطول من خطبته، يعني لو حسبنا وقت قراءة السورتين مع الركوع والسجود حتى نهاية الركعتين، فهذا الوقت أطول من وقت خطبة الجمعة.
أما الكلام عن خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في تبوك، أنه خطب من الفجر إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، وهكذا، فهي حالة استثنائية لم تتكرر، ولها ظروف وأهداف خاصة، حيث خطب في كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، وانتهت، فلا هي ملزمة، ولا هي خطبة جمعة.
لا تقل صباح الخير، ومن قالها رُدَّ عليه بـ "وعليكم السلام ورحمة الله"، وهذه قلة ذوق؛ لأنها ليست حرامًا، كما أن الآية واضحة "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردُّوها"، فإن كان الأحسن منها مما يُغضِب، فلماذا لا ترد بمثلها؟ والعجيب أن إمامهم عبد العزيز بن باز أفتى بجوازها، واعتبرها احتفاء طيبًا.
وجه المرأة عورة: وهي قضية يراوغون فيها بشكل مستفز؛ لأن الصلاة متشددة في مسألة العورة، ولو كانت هناك أدنى شبهة في عورة وجه المرأة لكانت تغطيته واجبة، وكذلك الحج والاختلاط فيه.
الاختلاط حرام: ورغم أن هذه الكلمة ليست سلفية، وإنما محدثة في الفقه، إلا أن أدعياء السلفية يروجون لها بشكل مبالغ فيه.
وهو مردود عليه بأن المرأة كانت تشهد الجماعة والجمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتب الفقه ستجد في ترتيب الصفوف للصلاة أن المرأة تكون خلف الصبيان، ولم يكن هناك حائل أو جدار عازل أو ستارة بينهم. كما كان يحدث الاختلاط في صلاة العيدين.
وكانت النساء تحضر دروس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الرجال، حتى طلبن منه أن يخصص لهن يومًا؛ لأن الرجال تزاحمهن، ففعل.
وكانت المرأة تذهب إلى السوق وسط الرجال، وتشارك في الحروب. روى مسلم عن أنس أن عائشة وأم سليم كانتا في يوم أحد مشمِّرتين، تنقلان القرب على متونهما وظهورهمـا، ثم تفرغانهـا في أفواه القـوم، ثم ترجعـان فتملآنهـا. وكان لأم عمارة نسيبة بنت كعب دور بطولي يوم أحد. حتى إن البخاري خصص بابًا في صحيحه عن غزو النساء وقتالهن.
لا شيء في الإسلام اسمه اختلاط الرجال بالنساء، ولكن هناك خلوة هي فقط المحرمة.
القيام حتى الفجر في رمضان: وهنا يكون السؤال: متى كانت الغزوات؟ وهل كانوا يغزون بالنهار، ويقومون الليل حتى الفجر، ثم ينامون في القتال؟! 
مخافة الفتنة: وهي باب للأمراض النفسية؛ لأن أي شيء حولك ستراه فتنة، وتعيش مريضًا بهلاوس هذه المخافة، وتفقد الثقة بنفسك. ولم يحدث في أي عصر مثل هذا الكلام.
إجماع العلماء: وهو شيء أنت حر فيه، ولا يجوز لك أن تلزم غيرك به؛ لأن الصحابة أنفسهم لم يكن بينهم إجماع، وأبسط دليل هو تفسير القرآن وأمور فقهية كثيرة، كان فيه اختلاف لسبب بسيط، هو التوسيع على المسلمين؛ لذا فإن اختلاف العلماء رحمة لتختار منها ما يناسب طبيعة مجتمعك، وتختار لأن أصحاب الآراء لم يبنوها على هوى، بل على أدلة، وعندما تقرأ اختلاف العلماء، تجد متعة ذهنية وثراء فكريًّا ليس في أي ثقافة أو أمة غيرنا.
الأخذ بالأحوط: كان الفاروق عمر بن الخطاب يأخذ بالأشد، ويفتي للأمة بالأخف.
إطلاق اللحية: وهنا قاعدة في أصول الفقه أن العبادات توقيفية، بمعنى أن فعلها لا يكون إلا بدليل. أما العادات وأمور الحياة فكل شيء مباح حتى يرد نص "قطعي" بالتحريم، وإعفاء اللحية ليس عبادة، ولكنه سنة ومظهر وعادة؛ لذا فالتزامك بالنص سنة، وعدم الالتزام ليس إثمًا، مثل الكحل والسواك، هل أنا ملزم بهما؟!
تسريحة الشعر: عن أُمّ هَانِئٍ رضي الله عنها قالت: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ".
وقال الحافظ ابن حجر في شرح صحيح البخاري:
"وما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه كان غالب أحواله، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة، ويتخذ منه عقائص وضفائر، وهذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهد شعره فيها".
وقال ابن القيم في كتابه زاد المعاد:
" وَكَانَ شَعَرُهُ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ الْجُمَّةِ وَدُونَ الْوَفْرَةِ، وَكَانَتْ جُمَّتُهُ تَضْرِبُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، وَإِذَا طَالَ جَعَلَهُ غَدَائِرَ أَرْبَعًا، قَالَتْ أم هانئ: ( قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَدْمَةً وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ )، وَالْغَدَائِرُ الضَّفَائِرُ، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".
البس الساعة في يدك اليمنى: وهو أيضًا من مظاهر الورع الزائف، ولا يستحق ردًّا؛ لأن اليسرى من اليمنى ليست بقضية تثار إلا لمن لديهم فراغ روحي ونفسي وذهني ووقتي.
كل بيدك اليمنى: والأكل باليدى اليمنى من الآداب لا الواجبات، وهو رأي الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.