الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

« لعنة الميراث».. 8 آلاف جريمة وشروع في القتل سنويا.. والإفتاء: تأخير تسليم الورثة محرم شرعا.. عالم اجتماع: ضعف الوازع الديني وتحول منظومة القيم للفردية وضعف الضوابط الرسمية سبب تنامى الجرائم

ستاندر تقارير، صور
ستاندر تقارير، صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

على عتبات طمع وجشع الميراث تتلاشى كل القيم، وتتزايد حوادث الحوادث بين أفراد العائلة الواحدة، ويدفع الأبرياء أرواحهم لأنهم يحيون فى بيئة غلبت القيم الفردية وتراجعت الأخلاق إلى حد الخطورة، فالطمع في الميراث تكون عواقبه واحدة فالنتيجة المحققة موت وخراب ديار. وأرجع الخبراء جذور الأزمة لضعف الوازع الدينى وتنامى القيم الفردية والمادية على حساب القيم النبيلة، وأضافوا: ضعف الضوابط الرسمية عبر عقوبات واهية علاوة عن تلاشى الضوابط الاجتماعية واختفاء "العيب" كون بيئة حاضنة لتنامى مثل هذه الجرائم وتطورها إلى حد يقلق المجتمع الذي يحتاج لإعادة بناء قيمة وشخصيته بشكل إيجابي.

صحفي ضحية الطمع

ففى 20 ديسمبر 2022، فقدت الجماعة الصحفية الشاب الخلوق محمود الجماس، 26عام، بعد مقتله على يد عمه وابنه، بسبب خلافات على الميراث، بالبحيرة، حيث ترقب العم لابن أخيه الشاب وقام بضربه بماسورة حديد على رأسه. أُصيب الصحفي الشاب، بنزيف حاد في المخ، نتيجة الضرب العنيف، وظل مدة شهرين في العناية المركزة، يوم 20 ديسمبر الجاري، تاركًا لأمة وأبية حزن لا يفنى على ابنهم الوحيد، بسبب الطمع راح الجمسي وترك الحزن يسيطر على قلب والده بسبب طمع الميراث وكأنهم اختلقوا دينًا جديدًا لهم يشرعون فيه أكل الحرام ويستحلون لأنفسهم حقوق الناس بالباطل.

وزارة العدل تتخذ إجراءات جديدة لمواجهة فيروس كورونا | أموال الغد
وزارة العدل المصرية

8 آلاف جريمة قتل بسبب الميراث

بحسب دراسة سابقة صادرة عن وزارة العدل فى وقت سابق، أكدت زيادة عدد قضايا النزاع على الميراث بين الأشقاء بشكل ملحوظ، فقد أشارت الدراسة إلى أن هناك 144 ألف قضية نزاع على ميراث يتم نظرها أمام القضاء سنويا، بالإضافة إلى 2750 قضية حجر لعدم الأهلية للتصرف فى الممتلكات على أحد الوالدين أو كليهما، يقيمها أبناؤهم أو الأشقاء ضد بعضهم البعض، وأضافت الدراسة أن  هناك 8 آلاف جريمة قتل تقريبا ترتكب سنويا بين أفراد الأسرة الواحدة  بسبب الميراث.

حبس عامل بسبب قتل ثلاثة من أفراد أسرته

واقعة أخري بإحدى قرى العياط  بمحافظة الجيزة  شهر مارس الماضي أمرت النيابة العامة في جنوب الجيزة، بحبس عامل 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامه بقتل 3 أشخاص من عائلته؛ بسبب خلافات الميراث،  كما خاطبت جهات التحقيق مصلحة الطب الشرعى لإفادتها بنتائج تشريح جثث المجنى عليهم، وطلبت تقرير وافً حول أسباب الوفاة، وكشفت التحريات أن العامل أطلق النار على 3 من أفراد عائلته، بسبب خلافات متعلقة بالميراث، مما أسفر عن مقتلهم.

عبد الحميد زيد
أستاذ علم الاجتماع "عبدالحميد زيد" بجامعة الفيوم

بدوره يقول أستاذ علم الاجتماع "عبدالحميد زيد" بجامعة الفيوم: الطمع والجشع في الميراث والأمور المادية سبب من الأسباب ولكنه ليست الجذور الرئيسية، خاصة أن الدوافع كثيرة لكن  يرجع السبب الرئيسي إلى التحول في جملة القيم المحورية التى تحكم سلوك الأفراد التى بدورها نمط السلوك ومستواه من خلال تحديد مساحات المرغوب فيه والمرغوب عنه ومدى مناسبته لرضا المجتمع من عدمه ويتحدد كل ذلك من خلال القيم والمعايير السائدة في المجتمع.

ويضيف زيد لـ"البوابة نيوز": القيم والمعايير في المجتمع المصري تحولت بشكل كبير فتغيرت القيم الأخلاقية والنبل والكرم إلى قيم مادية تدعو إلى الفردية والمصلحة الخاصة على حساب العامة والفهلوة على حساب العلم والشخصنة على حساب الموضوعية والتعصب على حساب الوسطية، حينما يكون الحاكم الرئيسي للقيم هو المادية فتتلاشى كل القيم الايجابية مهما اختلف الميراث أو أعمال تجارية أو أي خلاف ويبقى الأساس في تحديد نمط السلوك المنتظر من المادية والمصلحة.

يواصل "زيد": ضعف الضوابط ومسألة الحساب الرسمي أصبحت مكلفة وغير مفيدة مثال حصة الميراث للسيدة بسيط وقليل فالبتالي تكون مسألة اللجوء إلى القضاء والمحاماة مكلفة ما يدفعها للتراجع عن حقها، علاوة عن ذلك غياب وتلاشى الضوابط الاجتماعية غير الرسمية مثل "العيب" وهنا تتوفر البيئة الحاضنة لحدوث هذه الجرائم وتناميها عزز من ذلك ضعف الوازع الديني حتى وصل الأمر لشخص حاول أن يعتدي على أخته بدافع الانتقام والسيطرة على الميراث. 

بوابة الأزهر الإلكترونية - Home | Facebook

تأخير الميراث محرم شرعا

وعن خلافات المواريث، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن تقسيم التركة بعد موت المُوَرِّث حقٌ لعموم الورثة على المشاع، ذكَرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، وأوضحت الإفتاء عبر منشور على صفحتها الرسمية "فيسبوك"، أن كل وارث يستحق نصيبه من التركة، بعد أن يخصم منها نفقة تجهيز الميت وبعد قضاء الديون وإنفاذ الوصايا. واستكملت دار الإفتاء المصرية، "أنه لا يجوز لأي أحد من الورثة الحيلولة دون حصول باقي الورثة على حقوقهم المقدَّرة لهم شرعًا بالحرمان أو بالتعطيل، ولا يجوز استئثار أحدِهم بالتصرف في التركة دون باقي الورثة أو إذنهم"، مؤكدة أن منع القسمة أو التأخير فيها بلا عذر أو إذن محرَّم شرعًا.

وينصح "زيد": نحتاج لإعادة صياغة الإنسان المصري في التربية ووسائل الإعلام التى تقدم نماذج سيئة، ويفترض أن نحاول اقتلاع القيم الفردية التى لا تناسب المجتمع المصري ولا نرضى عنها ونركز على النقاط الايجابية والأخلاق عبر كافة الوسائل سوء منظمات المجتمع المدني أو الجامعات أو المناهج الدراسية أو دور العبادة ووسائل الإعلام.