رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"القاعدة" يتجاهل مقتل الظواهري وينشر إصدارا يهاجم داعش.. الدلالات والمآلات

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فاجأ تنظيم القاعدة العالم بإصدار حديث، يهاجم فيه تنظيم داعش، ويكشف تفاصيل عن ثلاثة من قيادات التنظيم، الذين سبق تصفيتهم.
المفاجأة لم تكن في مجرد ظهور الإصدار الجديد للقاعدة، وإنما في أن المتحدث خلاله كان أيمن الظواهري، الذي أعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق من العام تصفيته.
ويطرح هذا الإصدار الجديد لـ"القاعدة" تساؤلا حول توقيت إذاعته، خاصة أنه من المؤكد أن تسجيله تم قبل واقعة تصفية الظواهري.
وبحسب الخبراء فإن خروج هذا الإصدار في التوقيت الحالي له دلالات، وستكون له مآلات مؤثرة في مسيرة التنظيم، وهو ما نلقي الضوء عليه في السطور التالية.


عودة الظواهري بعد موته الدلالات والمآلات


لجوء تنظيم القاعدة إلى نشر هذا الإصدار في التوقيت الحالي، لا يعدو كونه استمرارا للنهج المعتاد في التشويش على نتائج المصائب الكبرى التي يتعرض لها التنظيم، فبعد فترة طويلة من الصمت بشأن مصير الظواهري، الذي أعلنت الولايات المتحدة تصفيته خلال الفترة الماضية، حاول التنظيم في إصداره الأخير الإيهام بأن الظواهري مازال حيا، بإضافة كلمة "حفظه الله" إلى جوار اسمه الظاهر في الإصدار.
وبالنظر إلى تاريخ الإصدار وإضافة جملة "حفظه الله"، بجوار اسم الظواهري سنجد أنفسنا أمام حيلة مكشوفة لإقناع العالم بأنه مازال حيا، وهي في الحقيقة حيلة لاتنطلي على أحد، ليس فقط لأن تنظيم القاعدة اعتاد على مثل هذه المراوغات، وإنما أيضا لأن الظواهري لم يتحدث عن أي من الأحداث التي تلت التاريخ المفترض لتصفيته، رغم كثرة هذه الأحداث، ما يمثل دلالة قاطعة على أنه كان يتحدث في تسجيل قديم، يسبق تاريخ تصفيته.


أهداف القاعدة من إحياء الظواهري


محاولة تنظيم القاعدة إحياء أيمن الظواهري مجددا، تشير إلى نقطتين في غاية الأهمية، الأولى أن التنظيم يعيش خلافات كبيرة تعرقل اختيار قيادة جديدة تخلف الظواهري، وهو ما جعل القادة الباقين من التنظيم يشعرون بالضعف، وهو ما يقودنا إلى النقطة الأخرى، حيث يحاول قادة التنظيم إقناع اتباعهم في جميع مناطق النفوذ، بأن التنظيم قوي ومتماسك، وأن قيادته التنظيمية مازالت على قيد الحياة، وبالتالي لا يوجد ما يدعو للتفكك.
من جهته يرى عاصم الزعبي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أن تنظيم القاعدة اعتاد منذ إعلان ما أسماه بـ"الجبهة الإسلامية لقتال اليهود والصليبيين"، في فبراير 1998، على إرسال الرسائل من خلال أشرطة الفيديو المصورة، سواء تلك التي كانت تنتجها مؤسسة سحاب، أو من خلال اللقاءات الإعلامية المحدودة جدا، التي أجراها مؤسس التنظيم أسامة بن لادن، مشيرا إلى أن هذه الرسائل المشفرة، تحمل بعضها أوامر بتنفيذ هجمات إرهابية، وأخرى تحمل دلالات تتعلق بالتنظيم وقيادته.

ارشيفية


رسائل مبطنة


ودلل عاصم الزعبي على ذلك بقوله: "في لقاء أجرته محطة أي بي سي  الأمريكية مع بن لادن، مطلع صيف 1998، كان يضع خلف ظهرة خريطة تظهر فيها كل من كينيا وتنزانيا، وورد في لقاء مع أحد قيادات القاعدة، أن ابن لادن تعمد وضع هذه الخريطة، لتكون رسالة لعناصر التنظيم لشن هجوم على سفارات الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، وهو ما حصل بالفعل في السابع من أغسطس 1998، عبر هجومين متزامنين، ما أدى لمقتل 263 شخصا وجرح نحو 4500 آخرين".
وقال الباحث في شؤون الحركات الإرهابية: "الإصدار الجديد للقاعدة الذي يتحدث فيه الظواهري عن القيادات الذين قتلوا في شبه القارة الهندية، يحمل عدة دلالات أبرزها عبارة حفظه الله، التي وُضعت بجانب اسم الظواهري، لتبين أن التنظيم لم يعترف بشكل رسمي بمقتله، كما لم تعترف حركة طالبان الأفغانية بذلك رسميا أيضا، وقد يرغب التنظيم من هذا بتشتيت الأنظار عن حقيقة تعيين قائد جديد للتنظيم، هو في الغالب في باكستان التي تعتبر جزءا من شبه القارة الهندية".
وأضاف: "الحديث عن شبه القارة الهندية من قبل الظواهري، في تسجيل قديم قبل مقتله، ما هو إلا مؤشر على أن زعيم القاعدة الجديد موجود في هذه البقعة الجغرافية، لكن من الصعوبة أن يكون في الهند نظرا للوضع الأمني ضد الإرهاب، لذلك فمن المرجح وجود الزعيم الجديد في منطقة القبائل الباكستانية المحاذية لأفغانستان، حيث توجد حاضنة شعبية كبيرة للتنظيم، تعود إلى أيام ما كان يسمى بالمجاهدين العرب، الذين استطاعوا من خلال عبد الله عزام، وابن لادن تأسيس شبكة علاقات كبيرة في بيشاو، والمناطق المحيطة بها في قبائل البشتون.

ارشيفية


وتابع: "العلاقة بين تنظيمي القاعدة، وداعش، تحولت بعد وصول زعيم داعش  الأسبق أبو بكر البغدادي، إلى الصدارة لعداوة ظاهرة، خاصة بعد أن أعلن البغدادي نفسه خليفة للمسلمين عام 2014، وبذلك ألغى اعترافه بتنظيم القاعدة الأم، الذي كانت تتبع له جماعة التوحيد والجهاد، بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان يعتبر نفسه تابعا للقاعدة وبن لادن.
وحاليا يسعى تنظيم القاعدة إلى استعادة مكانته الجهادية في مختلف دول العالم بعد الانتكاسات العديدة التي تعرض لها بدءا من هزيمته عقب هجمات 11 سبتمبر ومقتل مؤسسة بن لادن وتشتت قياداته، ولكن هناك عقبة في وجهه وهي داعش، الذي بات يشكل خطرا على القاعدة وأيضا على حركة طالبان الأفغانية حيلف القاعدة السابق، من خلال هجمات داعش خراسان.
ويتمتع تنظيم "داعش" بمرونة أكبر من "القاعدة"، في طريقة تمدده وهجماته وحتى هيكليته التنظيمية والقيادية، حيث يمكن ملاحظة قدرة "داعش" على اختيار قادة جدد بعد مقتل كل قائد أو "خليفة" كا يسميه، وهذا غير متوفر لدى تنظيم القاعدة.
وأتم "الزعبي" بالقول: "يمكن القول أن هناك معركة في مواجهة داعش في اتجاهين، الأول في شبه القارة الهندية وفي أفغانستان، بشكل خاص، خلال المرحلة القادمة، وهذه المعركة فيها مصلحة مشتركة بين طالبان والقاعدة وهو من يمكن أن يخلق أرضية جديدة لتحالف جديد بينهما".
وأضاف: "الثاني معارك بين التنظيمين في مناطق أخرى، هي في الأصل مشتعلة في سوريا بين داعش، وهيئة تحرير الشام، بقيادة الجولاني، لكن الأكبر قد تكون في القارة الإفريقية في المستقبل، نظرا لتمدد هذه التنظيمات في العديد من الدول في القارة السمراء".