الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

ملتقى الخبراء يناقش مستقبل الاقتصاد المصرى.. السوق المصرية واعدة وجاذبة للاستثمار.. وتشكيل المجلس الأعلى للاستثمار يلبى مطالب المستثمرين ويسرع تنفيذ القرارات فى الوقت المناسب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«عبدالهادى»: تدعيم استراتيجية الاستثمارات الأجنبية المباشرة الفترة المقبلة

«جاب الله»: احتفاظ الأفراد بالدولار يعمق الفجوة بين إيرادات الدولة واحتياجاتها

ناقش ملتقى الخبراء المصريين مستقبل الاقتصاد المصري في ضوء المتغيرات الحالية، على رأسها سعر الصرف وتحركات الدولة لضخ العديد من الاستثمارات فى الاقتصاد المصري.

خبير بأسواق المال: البورصة تعاود الارتفاع بعد تأييد المصريين للرئيس | بوابة أخبار اليوم الإلكترونية
 الدكتور محمد عبدالهادي 

وقال الدكتور محمد عبدالهادي الخبير الاقتصادى، إن الدولة تستهدف دعم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهنا جاء قرار رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع قرار رئيس الجمهورية بتشكيل المجلس الأعلى للاستثمار في ظل ظرف شديد يتعرض له الاقتصاد المصري، نتيجة النقص الحاد من موارد النقد الأجنبي، على خلفية الأزمة الأوكرانية الروسية، من أجل سرعة اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمارات بالشكل المطلوب، مما يدعم زيادة جاذبية الاقتصاد المصري لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضاف «عبدالهادي» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن استراتيجية الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي التي يعول عليها في الفترة الحالية والمقبلة، من أجل دفع عجلة الإنتاج نحو الدوران وضبط الاستيراد العشوائي، وزيادة الصادرات، والتي حققت طفرة خلال التسعة أشهر من العام الحالي، حيث حققت نحو 27.5 مليار دولار في ظل أزمة عاتية، كانت لها تداعيات كارثية على أقوى الاقتصادات العالمية، مما سيؤدي إلى استقطاب نقد أجنبي إضافي لسد الفجوة التي أحدثتها صدمة الأموال الساخنة.

وأشار إلى أن تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء ورؤساء بعض الجهات المعنية، سيكون له قوة دافعة لأعمال المجلس، متمثلة في سرعة تنفيذ القرارات الاستثمارية في الوقت المناسب، وتذليل العقبات أمام المستثمرين الأجانب، خاصة في ظل عدم وجود وزارة مُستقلة للاستثمار كما كان الوضع قبل ذلك، مما أدى إلى عدم وجود تناغم فيما بين الوزارات والجهات ذات الشأن في شأن سرعة اتخاذ القرارات الاستثمارية في الوقت المناسب، بل إن عدم التنسيق بين تلك الوزارات والجهات المختلفة، كان سببًا رئيسيًا في عدم تحقيق المُستهدفات المطلوبة فيما يتعلق بملف الاستثمار.

وفي ظل أن المجلس الأعلى للاستثمار، يجتمع كل ثلاثة أشهر بحد أدنى من خلال دعوة رئيسة، أو إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وتكون قراراته مُلزمة لكل أجهزة الدولة المختلفة، فمن الضروري العمل على سرعة العمل على تنقية القرارات الاستثمارية التي صدرت في السابق، والتي تتعارض مع بعضها البعض، مع تبني العديد من الآليات والقرارات التي تدعم زيادة جاذبية الاقتصاد المصري للمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبشكل خاص للاستثمارات العربية والأفريقية، وتخصيص المزيد من الأراضي في المدن الصناعية للمستثمرين وتقسيط ثمنها على آجال طويلة نسبيا، مع تقرير حزمة من الإعفاءات الضريبية الحقيقية، والتي تكون كافية لجذب المستثمر الأجنبي، وتفضيله للاستثمار في مصر، بالمقارنة بالدول الأخرى، والذي يتطلب دراسة تجارب الدول الأخرى في هذا الخصوص، من أجل بناء بنية مؤسسية للاستثمار، يتم الاعتماد عليها لبناء دولة قادرة على توطين الصناعات المختلفة والاستثمارات الأجنبية الكفيلة بسد النقص الحاد في العملات الأجنبية المختلفة ودعم قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي المصري، وتحسين أوضاع ميزان المدفوعات، وزيادة فرص العمل من خلال زيادة أعداد العمالة المدربة على الصناعات الحديثة ذات التكنولوجيا العالية، بل تنمية القدرة على مواجهة الأزمات المختلفة، وبشكل خاص أزمة نقص موارد النقد الأجنبي، والتي كانت لها تداعيات سلبية وكارثية على الاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية.

مستقبل الجنيه المصري

وليد جاب الله: مصر تمتلك الكثير مما تحتاجه الأسواق الإفريقية | الوفد
الدكتور وليد جاب الله

وقال الدكتور وليد جاب الله، إن سعر صرف الجنيه المصري يتوقف على العديد من المُتغيرات الداخلية والخارجية، وإذا كانت مصر لا تمتلك تأثيرًا كبيرًا في تغيير الواقع الخارجي فإنه يُمكنها اتخاذ الكثير من الإجراءات التي تكفل لها ضبط منظومة أسعار الصرف الذي لا يُمكن للخبراء من خارج المؤسسات المختصة توقع مُستقبله بدقة، مع عدم امتلاكهم البيانات اللازمة للبحث الذي لا يُمكن أن يستند إلى عموميات وانطباعات شخصية.

وأكد على أنه لا يوجد سعر عادل للدولار، ولكن الهدف هو توقع سعر التوازن الذي عنده يتوازن ميزان المدفوعات للدولة المصرية، وهو المؤشر الذي يُعبر عن ناتج مُقارنة إجمالي إيرادات الدولة من العملة الأجنبية، مع ما يتم سداده لتلبية كامل احتياجاتها من الخارج بما يضمن استقرار عمليات العرض والطلب على العملة الأجنبية، والواقع أن مصر لم تُعان من مشكلات مُزمنة في توازن ذلك المؤشر ففي غالب الأحوال يعوض الفارق بين تكلفة الواردات الأكبر مُقارنة بإيرادات الصادرات الأقل من خلال إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، والقطاعات الخدمية في الظروف الطبيعية.

وتابع «جاب الله»، أنه مُنذ بداية تداعيات فيروس كورونا بدأ تزايد العجز في ميزان المدفوعات لأسباب أهمها انهيار إيرادات السياحة التي كانت قد حققت نحو 13 مليار دولار خلال عام 2019، وتراجع إيرادات قناة السويس ارتباطًا بتراجع حركة التجارة العالمية وانخفاض أسعار البترول، بينما ارتفعت تكلفة الإنفاق العام بما فيها الإنفاق الصحي ومُساندة القطاعات المُتضررة في ظل استمرار تمويل المشروعات العامة لضمان النمو وعدم اتساع نطاق البطالة، وقد قامت الدولة المصرية بتغطية ذلك العجز من خلال الوفورات التي كانت قد حققتها من برنامج الإصلاح الاقتصادي وبمُساندة من صندوق النقد الدولي وعدد من الدول الصديقة ومؤسسات التمويل التنموي الدولية، وقد نجحت الدولة في امتصاص تلك الأزمة دون الإخلال بتوازن سعر الصرف على اعتبار أن نمو النشاط الاقتصادي بعد إنهاء تداعيات كورونا يمكن له ضمان عودة توازن ميزان المدفوعات دون اضطراب في سعر الصرف، ولكن ما حدث أنه ورغم الارتفاع الكبير في الصادرات المصرية الذي بلغ نحو 43 مليار دولار خلال عام 2021 إلا أنه مع دخول عام 2022 ارتفعت تكلفة الواردات المصرية لأرقام غير مسبوقة لزيادتها كمًا مع زيادة الطلب الداخلي، وارتفاع قيمتها ارتباطًا بتداعيات الحرب الأوكرانية التي تسببت في حالة تضخم قياسي ضرب الاقتصاد العالمي وهو الأمر الذي عمق من فجوة ميزان المدفوعات المصري الذي سجل عجزًا بلغ نحو 10.55 مليار دولار خلال العام المالي 2021-2022.

وأردف، أنه مع توقع أن ترتفع تلك الفجوة خلال العام المالي الجاري 2022-2023 التي تضاف إليها تحديات خروج المال الساخن تأثرًا برفع أسعار الفائدة الأمريكي، وتزايد أعباء خدمة الدين العام، وإذا كان سد الفجوة التمويلية وتوازن ميزان المدفوعات هما الضمانة لاستقرار أسعار صرف الجنيه المصري، فإننا يُمكننا أن نرصد تعامل الدولة المصرية مع ذلك التحدي من خلال عدد من المحاور من أهمها: محور السياسة النقدية التي بدأت بوضع ضوابط إدارية تحد من الواردات، كما اتجهت لاتخاذ إجراءات لامتصاص السيولة من السوق أهمها رفع أسعار الفائدة تدريجيًا لتصل إلى 13.75% للعملية الرئيسية في أكتوبر الماضي لعام 2022 تشجيعًا للادخار لخفض الطلب على الواردات، كما تم تطبيق علاج صندوق النقد المشهور وهو السماح بمرونة أكبر لسعر الصرف مما ترتب عليه خفض قيمة الجنيه باعتبار أن انخفاض القوة الشرائية لدخول الأفراد سيترتب عليه خفض الطلب على الواردات فيقل الطلب على الدولار للمستوى الذي يتوازن فيه عند مستوى معين، ولكن الأمر لم تكن له نتائج إيجابية كبيرة لكون التضخم يتركز في واردات الغذاء والطاقة وعناصر الإنتاج الذين يشكلون النسبة الغالبة من الواردات، وهي واردات حتمية يترتب على عرقلة استيرادها تضخم أكبر وضغط أكبر على سعر صرف العملة المحلية.

مبادرات تشجيعية

وأضاف «جاب الله»، مع وضوح تحدي الفجوة التمويلية وإشارة بعض المؤسسات الدولية لها بدأت ممارسات تغليب الاحتفاظ بالدولار وتسربه خارج الجهاز المصرفي واستخدامه كمخزن للقيمة خصمًا من استخدامه كوسيط في التبادل الخارجي، حيث يُعمق احتفاظ الأفراد بالدولار من الفجوة بين إيرادات الدولة الدولارية واحتياجاتها اللازمة لعمليات التبادل الخارجي، وقد تعاملت الدولة للحد من تلك الظاهرة عن طريق محور السياسات المالية التي منها تقديم مبادرات تُشجع جذب إيرادات دولارية من الخارج كالسماح بإدخال المصريين بالخارج لسيارة مُعفاة من الجمارك مُقابل وديعة دولارية بقيمة الجمارك لمُدة خمس سنوات، وتقديم مُنتجات عقارية للعاملين بالخارج تُسدد قيمتها بالدولار، والواقع أنه مع أهمية تلك المُبادرات إلا أنها لا تُعد سخية بصورة تجعلها قادرة على إحداث فارق كبير في ظل انتشار عقيدة الاستحواذ على الدولار بعد أن بدا وكأن امتلاكه في ذاته استثمار أفضل، والقضية هنا ليست في تفضيل الاستحواذ على الدولار فقط، بقدر ما هي أن جانبا كبيرا من هذا الاستحواذ يتم خارج الجهاز المصرفي.

وأكد الخبير، أن الحل الجذري لسد الفجوة الدولارية هو تشجيع الاستثمار، وزيادة الإنتاج فإن الدولة المصرية تعمل في محور سياسات الإصلاح الهيكلي على تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتقدم الكثير من الحوافز سواء للمُستثمرين الراغبين في إنشاء مشروعات جديدة، أو الراغبين في الاستحواذ على مشروعات قائمة، وقد نجحت بالفعل في جذب صناديق وكيانات أجنبية استحوذت على نسب من أسهم بعض الشركات الرابحة وهو الأمر الذي يرفع من الإيرادات الدولارية، ويفتح الباب لهؤلاء المُستثمرين لتطوير تلك الشركات والتوسع في أنشطها، ومع النجاح في ملف استحواذ الأجانب لشركات مصرية، إلا أن هناك حاجة للكثير من العمل في مجال جذب استثمارات أجنبية لتأسيس شركات جديدة بعد أن اقتصرت استثمارات الأجانب في مجال تأسيس الشركات الجديدة عام 2021 على نحو 238،2 مليون دولار فقط.

ومن الناحية الخارجية نجد أن سعر صرف الجنيه المصري يواجه الكثير من الضغوط الناتجة عن المُتغيرات الدولية، أهمها استمرار الحرب الأوكرانية وما يرتبط بها من عقوبات خلفت تضخمًا من غير المُتوقع تجاوزه في المدى القصير، واستمرار مُعدلات الفائدة عند مُستوياتها المُرتفعة في الولايات المتحدة الأمريكية التي ترتب عليها استمرار سحب الدولار من دول العالم صوب الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي لا تشغل فيه الصين الفراغ الذي يحدث نتيجة سحب الدولار إلا في حدود مُخططاتها الاستراتيجية.

وهكذا فإن سعر الدولار يتوقف على العديد من المُتغيرات في الكثير من المحاور الداخلية والخارجية، وفي الوقت الذي لا تمتلك مصر تأثيرًا كبيرًا في تغيير الواقع الخارجي الذي من المؤكد أنه لن يستمر بوضعه الحالي إلى الأبد، فإنه من الحتمي استمرار التطوير المُستمر لسياسات مرنة وشاملة تدعم استقرار أسعار الصرف.

متغيرات داخلية وخارجية

واختتم «جاب الله» حديثه، أن سعر صرف الجنيه يخضع لعشرات المتغيرات الداخلية والخارجية، والتوقع العلمي حاليًا هو أمر غير متاح للباحثين من خارج المؤسسات المُختصة لعدم قُدرتهم على امتلاك أحدث البيانات الخاصة ببحث ذلك الملف، كما أنه لا يُمكن بناء توقع قائم على عموميات أو انطباعات شخصية، أو الخطوط العريضة للأحداث، وتظل ضمانة النجاح في تحقيق استقرار أسعار الصرف يحكمها عامل الوقت ومدى جودة ما يُقدم من مبادرات، ربما لا تكون المُبادرات المُقدمة حتى تلك اللحظة على درجة كبيرة من السخاء، ولكن يجب أن نعلم أن الأمر مُستمر لشهور قادمة تحتاج لتنظيم وتنوع للسياسات والمُبادرات مع التأكيد على أهمية تبني مسار واضح الرؤية مُعلن المنهجية، والعمل على إنهاء رهان البعض من حائزي الدولار على أن الانتظار سيعزز مكاسبهم.