السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

البرلمان الليبى يقر بالإجماع قانون تشكيل محكمة دستورية جديدة.. كامل المرعاش: ضربة قاتلة لكل محاولات الضغط على القضاء وتسخيره لخدمة الدبيبة والمتحالفين معه

مجلس النواب الليبي
مجلس النواب الليبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى خطوة لتحييد القضاء وضمان عدم تأثره بالميليشيات، صوَّت مجلس النواب الليبى بالإجماع على قانون إحداث المحكمة الدستورية العليا، وعليه يحق للبرلمان تشكيل أعضاء المحكمة، ومقرها سيكون مدينة بنغازى، وهى خطوة قوية وجريئة من البرلمان الليبى الذى يتجه نحو إلغاء دور الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا فى طرابلس الواقعة تحت ضغط حكومة عبدالحميد الدبيبة، المنتهية ولايتها، وتأثير المجلس الأعلى للدولة برئاسة خالد المشرى، المدعوم من جماعة الإخوان الإرهابية وميليشياتها المسلحة.
ودعما لخطوة البرلمان، أصدر الهادى الصغير رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية، بيانا شرح أهمية إقرار البرلمان لقانون المحكمة الدستورية، حيث أكد أنه كان لابد لمجلس النواب من النظر فى تجنيب المحكمة العليا ودوائرها السامية المحترمة ويلات الضغوط السياسية والتحشيد والضخ الإعلامى، وربما التضيق المتوقع من بعض الأطراف ذات النفوذ المسلح والتى تمتلك المال الفاسد، لكل ذلك رأينا استحداث محكمة دستورية يتم اللجوء إليها بقنوات وأدوات محددة سلفا، وفى أضيق الأطر تلبية لمتطلبات المرحلة، وتوطينها مؤقتا ببنغازى إلى حين صدور الدستور الدائم للبلاد وفق ما يتفق عليه الليبيون لاحقا».
التوازن المطلوب
وتعقيبًا قال الكاتب الليبى الدكتور كامل المرعاش، إن خطوة مجلس النواب جاءت فى توقيتها الصحيح لإيجاد توازن بين قوة الأمر الواقع التى تحكم عاصمة البلاد طرابلس والتى تسيطر فيها حكومة عبدالحميد الدبيبة بدعم مباشر من الميليشيات التى جندتها بالمال، وبطبيعة الحال هذا الوضع انسحب على كل مؤسسات الدولة بما فيها القضائية والعدلية، وهو ما يعرض هذه المؤسسة التى يتوجب أن تكون مستقلة، لابتزاز وضغوط الميليشيات وحكومة الدبيبة، وربما يتم إقحامها فى قضايا سياسية تخدم مصالح حكومة الدبيبة فى الاستمرار على اغتصاب السلطة.
وحول إمكانية أن تكون الخطوة تمضى فى اتجاه زيادة تعقيد الأزمة، أوضح «المرعاش» أنه لا يرى ذلك بتاتا، وإنما ستكون عنصرًا للتوازن مع المؤسسة القضائية الموجودة فى طرابلس تحت سطوة الميليشيات.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أن المحكمة الجديدة سوف تساهم فى إحداث التوازن المطلوب، والحفاظ على حيادها واستقلاليتها، ومنع عبث حكومة الدبيبة فى إقحامها عبر وسائل الترهيب والترغيب لشرعنة اغتصابه للسلطة.
وتابع «المرعاش»، أن خالد المشرى وأتباعه من قبل تنظيم الإخوان الإرهابية رفضوا هذه الخطوة، وذهبوا لتجميد أى تواصل مع مجلس النواب، لأن ضربة مجلس النواب باستحداث الدائرة الدستورية وإبعادها عن سيطرة الميليشيات فى طرابلس، تعد ضربة قاتلة لكل محاولات الضغط على القضاء وتسخيره لخدمة حكومة الدبيبة والمتحالفين معها.
وكان مجلس النواب، أصدر بيانا جديدا، الأربعاء الماضى، أكد فيه على أن إصدار المجلس لقانون إنشاء المحكمة الدستورية هو تأكيد على حماية الحريات والحقوق وإضافة قضاء متخصص فى الشأن الدستورى.
وجاء فى البيان، إن إنشاء محكمة دستورية من قبل مجلس النواب السلطة التشريعية هو تأكيد لما تضمنته مسودة الدستور فى المواد (١٣٨ إلى المادة ١٤٥) التى توافق عليها أعضاء لجنة المسار الدستورى المُشكلة من مجلس النواب ومجلس الدولة، ولم يتم الاعتراض عليها من أحد، مما يؤكد رغبة الجميع فى إنشاء قضاء دستورى يحمى الحقوق والحريات، ونستغرب من عدم فهم المقصود والهجوم ضد قانون إنشاء محكمة دستورية.
أخيراً نؤكد بأن ما اتخذه مجلس النواب من إصداره لقانون المحكمة الدستورية هو أمر يُحقق العدالة ولا تأثير له على المسار الدستورى الذى عندما يصدر من خلاله الدستور ستلغى كافة القوانين المخالفة لنصوصه.
خطوة البرلمان تثير ذعر الإخوان
خطوة البرلمان الليبى أثارت ذعر واستياء جماعة الإخوان المسيطرة على المجلس الأعلى للدولة فى طرابلس، الذى أعلن بدوره عن قطع العلاقات وأى تواصل مع مجلس النواب مع إيقاف عمل كافة اللجان المشتركة بين الطرفين.
ودعا المشرى فى كلمة وجهها لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلى التخلى عن خطوة تشكيل المحكمة الدستورية، مطالبا بـ«ضرورة إلغاء قانون استحداث محكمة دستورية عليا فى مدينة بنغازى، الذى صدر بالمخالفة للنصوص الدستورية ولكل ما توافق عليه المجلسان».
ومتجاهلا الانقسام الذى تمارسه الميليشيات والحكومة المنتهية ولاياتها فى طرابلس، وصف «المجلس الأعلى» تصويت مجلس النواب بالخطوة التى تثير مزيدا من الانقسام، وحسب بيان للمجلس فإن «الآثار المترتبة على القانون المعيب المشار إليه قد تودى بالبلاد ووحدتها، وتجرها إلى مزيد من الانقسام والتّشظى، وتضر بشكل مباشر باستقلالية القضاء، وأن المجلس الأعلى للدولة يرفض رفضًا قاطعًا هذا القانون، ويؤكد على بطلانه، وهو والعدم سواء، ويدعو السادة المشار إليهم فى الخطاب إلى عدم العمل به أو تسمية أيّ من رجال القضاء لعضوية المحكمة الدستورية المستحدثة.
أهمية تشكيل محكمة جديدة 
يرى مراقبون للمشهد السياسى أن خطوة إحداث تشكيل محكمة دستورية جديدة فى بنغازى تهدف لإبعاد ملف القضاء بعيدا عن ضغط الميليشيات وجماعة الإخوان الإرهابية وتأثير حكومة الدبيبة.
وفى بيان للمتحدث باسم البرلمان الليبى عبدالله بليحق، فإنه لا يجوز الطعن بعدم دستورية القوانين إلا من رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة أو ١٠ نواب أو ١٠ وزراء.
قبل هذا، كانت الحاجة الملحة قد دعت إلى تفعيل الدائرة الدستورية داخل المحكمة العليا بطرابلس بعد تجميدها لعدة سنوات وصلت لـ ٧سنوات، إلا أن تفعيلها جاء تحت تأثير من ميليشيات الإخوان والجماعات المتطرفة.
وخلال أول اجتماع لها فى أغسطس الماضى، تعهدت الدائرة الدستورية بالنظر فى كافة الطعون التى وردتها، كما تعهدت بعدم الانحياز لأى طرف فى البلاد، ليكون رأيها حدًا لإنهاء الجدل القائم حول الملفات القانونية والدستورية، والصراع الجارى بين أجسام الدولة ومؤسساتها.
وتطلع عدد من المحللين أن تحذوا الدائرة الدستورية نهجًا مختلفا من أجل مصالح البلاد المنقسمة، والتى تعيش ولها حكومة فى طرابلس انتهت مدة ولاياتها وعلى رأسها عبدالحميد الدبيبة الذى يرفض تسليم السلطة ويحتمى خلف عدد من المليشيات المتحصنة فى العاصمة الليبية، وبين حكومة فتحى باشاغا التى منحها البرلمان الليبى ثقته، بعدما كلف باشاغا بتشكيلها.