الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

المرأة وسلبيات المجتمع.. «الزواج المبكر» و«ختان الإناث».. عادات موروثة قتلت الطفولة

متضررات لـ«البوابة»: كنا نتمنى أن نستمتع بطفولتنا قبل تحمل المسئولية

ختان الإناث
ختان الإناث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمثل ظاهرة زواج القاصرات وختان الإناث، جريمتين مكتملتى الأركان فى حق الفتيات، واللتين تعودان بالسلب على المجتمع وإنسانيته، لا سيما مساهمتهما في الزيادة السكانية والعنف الجسدي وزيادة معدلات الوفاة. 

وعلى الرغم من تقدم الحكومة بتشريعات للبرلمان تتعلق بتجريم زواج القاصرات وختان الإناث، إلا أن العادات الموروثة ما زالت تطغى على الفكر، كما أن هذه العادات لها خطورة على حماية حقوق الأطفال من كل أشكال العنف أو الإساءة أو الإهمال.

إحصائية زواج القاصرات

وفقا لإعلان جهاز التعبئة العامة والإحصاء أن 39.3% من إجمالي حالات زواج القاصرات في مصر، أميات، وتصل أعداد الفتيات اللاتى سبق لهن الزواج ضمن الفئة العمرية "10-17 عامًا" أكثر من 117 ألف فتاة، بينما نسبة المتسربات منهن من التعليم نحو 25%.

ووفقًا لدراسات أخرى، فإن مصر تستقبل ما يصل لــ200 ألف مولود سنويا نتيجة لهذا الزواج، وهو ما يجعل تجريم تلك الظاهرة وحشد جهود التوعية لتغيير الفكر الموروث ضرورة جادة.

حالات زواج القاصرات يعترفن لـ«البوابة»

تواصلت «البوابة» مع «م،ف»، إحدى المتزوجات القاصرات، التي قالت: إنها تزوجت في سن 13 من عمرها، وحينها لم تدرك مدى خطورة هذه الزيجة على صحتها البدنية والنفسية، موضحة أنها عانت من مشاكل كثيرة، منها عدم تفهمها مسئولية الزواج ما أثار الكثير من المشكلات في العلاقة الزوجية، بالإضافة إلى إنجابها طفلة في سن صغيرة وتم الانفصال عندما بلغت ٢٠ عامًا. 

في السياق نفسه، روت «ل،ع» تجربتها التي وصفتها بـ«الصعبة»، قالت: تزوجت وأنا في عمر 14 سنة، وتعرضت لمواقف كثيرة لم أتحملها، منها سوء المعاملة وصعوبة التعامل مع زوجي وعدم تفاهمنا، مؤكدًة أنها لن تكرر هذه المعاناة الصعبة مع بناتها مرة أخرى، لأنها ستؤثر على صحتهن البدنية والنفسية.

بينما قالت «ك، م»: «أهلي أصروا على زواجي وأنا في سن الـ13 عاما، مبررين هذا التصرف بأنه عادات وتقاليد البلد، خاصة وأني من الصعيد فعادات الصعيد زواج البنت في سن صغيرة.

وأكدت، عانيت بعد الزواج بستة أشهر من طريقة المعاملة من زوجي، خاصة أن أهلي قاموا بخطبتي لأحد أبناء أقاربنا لا أعرفه ولا يعرفني، فضلا عن عدم إتمامي الدراسة التي خرجت منها بسبب الزواج، وهذا الأمر أثر بالسلب على صحتي النفسية وكنت أتمنى أن أعيش حياة طبيعية وأستمتع بطفولتى.

تحركات برلمانية لحماية الأطفال من زواج القاصرات

أكدت هالة أبوالسعد، عضو مجلس النواب، أنها تتقدم بمشروع قانون لحظر زواج الأطفال، الذي يُعد خطوة مهمة لحماية الأطفال والمجتمع من هذه الظاهرة السلبية وما يترتب عليها من آثار جسيمة على الأطفال. 

وأضافت «أبوالسعد» أن هناك زيجات تتم دون وثيقة أو قسيمة زواج ولا يتم توثيق العقد إلا بعد بلوغ البنت السن القانونية، مشيرًة إلى أن مشروع القانون الجديد سيحد من الزواج المبكر وهناك عقوبات حددتها بداخله سوف تمنع من حدوث تلك الظاهرة، لأن زواج القاصرات أزمة اجتماعية تتطلب التدخل السريع للسيطرة عليها والحد منها. 

وأوضحت عضو مجلس النواب، أن القانون نص على أنه يعاقب بالحبس والغرامة لمن يتزوج أو يزوج أو يساهم في تزويج قاصر في حال محاولة زواج لقاصر أقل من 18 سنة. 

وأكدت، أن المشروع استبعد المسئولية الجنائية عن الطفل القاصر، ذلك لكونه ناقص الأهلية الجنائية، فلو كان الزوجان طفلين فلا مسئولية جنائية، أما لو كان الزوجان أحدهما قاصر أي دون السن القانونية المحددة بـ18 عامًا فتكون المسئولية على الزوج البالغ فقط دون الطرف القاصر.

مخاطر الزواج المبكر على الصحة

وفى بيان سابق لوزارة الصحة المصرية، أكدت أن من أهم أضرار الزواج المبكر الأنيميا ونقص التغذية وزيادة احتمال وفاة الأم والإجهاض المتكرر وزيادة احتمالات وفيات الأطفال أيضا، كما أثبتت عدة دراسات وتقارير أن الغالبية العظمى من المتضررين من هذا النوع من الزواج هن الفتيات.

وأوضح البيان، أن معظمهن يعشن وفقا للعديد من الدراسات ظروفا اقتصادية واجتماعية متدنية يحرمهن من طفولتهن، ويهدد حياتهن وصحتهن، كما يعانين من مشاكل اقتصادية وصحية، أسوأ من أقرانهن غير المتزوجات، وهي مشاكل تنتقل في النهاية إلى أطفالهن، وتزيد من الضغط على قدرة البلد على توفير خدمات صحية وتعليمية جيدة.

ندوات للتضامن للحد من الظاهرة

تواصل وزارة التضامن الاجتماعى عقد سلسلة من الندوات واللقاءات التى نظمتها خلال حملتها التي تجوب المحافظات للتوعية بمخاطر ظاهرة الزواج المبكر تحت عنوان "زواجها قبل ١٨ يضيع حقوقها". 

وتحرص الوزارة على عقد الكثير من الندوات واللقاءات مع المواطنين بالكثير من المناطق، لإقناع المواطنين بالتوعية وإبراز المشكلات التي تتعرض لها المتزوجة في سن صغيرة.

وقالت نانسى صميدة الأخصائية النفسية: «إن البنت تتأثر نفسيا مما يحدث لها عندما تتزوج فى سن صغيرة من انتهاك لحقوقها والعنف النفسى الذى تتعرض له، كما أنه يعد تعديا على طفولتها وحرمانها من حنان الأب والأم والتى تكون فى أشد الاحتياج له فى هذا الوقت من عمرها». 

وأضافت «صميدة»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن هناك مشكلة أخرى تكمن فى حالة أن تصبح البنت نفسها أما، فكيف لطفلة أن تصبح أما وهى غير مؤهلة لذلك، كيف ترعى طفلة وتقوم بتربيتها ويؤدى ذلك لتوتر مشاعرها، فهى لا تعلم معنى الأمومة، مؤكدة أن كل هذا يؤدى إلى الاضطراب النفسى، وقد يؤدى إلى حالات الشخصية الهيستيرية والحدية والاكتئاب والوسواس القهرى ويأتى ذلك من إحساسها بالذنب.

وأكدت أن زواج القاصرات عادة ما يكون الرجل كبيرا فى السن ولديه خبرة جنسية أكبر والبنت سنها لا تتعدى الـ15 عامًا، موضحًة أن زواج القاصرات من أكثر العادات التى تدل على العنف المنزلي، وذلك نظرًا لأن الزوج استحل لنفسه أن يتزوج من فتاة في هذه السن. 

وتابعت: من واقع الحالات التي شاهدتها نجد أن الحالة تجاوز عمرها سن الـ35 سنة ورغم تقدمها في العمر، إلا أنها غير قادرة على تجاوز فكرة زواجها في سن مبكرة، بالإضافة إلى أن مثل هذه الحالات تعاني من أمراض منها الاضطرابات الشخصية الهيستيرية، وبالتالى فهذه الزيجات لا يمكن أن يحكم عليها بالزواج الناجح، ودائما نتحدث أن الاضطرابات النفسية أو الوجع النفسي ليس شرطًا ظهوره في وقت زواجها، فمعظم الآلام تظل كامنة، ولكنها كالبركان الخامل الذي من الممكن أن ينفجر في أي وقت.

وردا على الخطوات التى يجب علينا اتخاذها لمعالجة الآثار النفسية قالت: هذه الحالات تحتاج إلى شغل مكثف، وأرى أن الوقاية تسبق مرحلة العلاج، من خلال ندوات توعية وتنوير للأسر وشرح خطورة الزواج المبكر على البنت، فضلًا عن العلاج النفسى والمعنوي الذي نقدمه للفتاة لتخطي هذه المرحلة المريرة التي مرت بها.

إحصائيات المحافظات للختان

تتوافر إحصاءات مخيفة حول نسب ختان الإناث فى مصر، حيث إنه طبقا لإحصائيات عام 2014، فإن نسبة الختان فى السيدات اللاتى سبق لهن الزواج من سن 14- 42 معدلها 92%، وأن ارتفاع نسبة الختان واضحة فى الوجه القبلى بين السيدات بنسبة حوالى 92% وفى بورسعيد ودمياط النسبة أقل كثيرا من 15%. 

وبالنسبة للنسب فى المحافظات فإن نسبة الختان فى دمياط 10% وبورسعيد 12% وهى نسبة بسيطة جدًا تستحق الدراسة، ونسبة الختان فى القاهرة 35% والأعلى فى الوجه البحرى محافظة القليوبية 68% وقنا أعلى نسبة فى الوجه القبلى وفى مصر كلها 91%. 

في حين كان هناك انخفاض في انتشار ختان الإناث في الفئة العمرية «15-17 عاما» بأكثر من 13 في المائة من 2008 إلى 2014. 

حالات تعرضت للختان

تقول «ف. ع» البالغة من العمر 25 عامًا: إنها تعرضت للختان وهي في الثالثة عشرة من عمرها، مشيرًة إلى أن تأثير الختان ما زال حاضرًا حتى اليوم على الصعيد النفسي والجسدي. 

وأوضحت، أتذكر إلى الآن المشهد الأسوأ عندما أخذتني عائلتي إلى الطبيب، وهذا الأمر يعتبر تقليدًا في العائلة والقرية، هذا اليوم وما حدث به بكل تفاصيله سبب لي مشاكل مع نفسي، أنا غير قادرة على أن أثق بشكلي ولست راضية عن حالي ولا أستطيع أن أدخل بعلاقة عاطفية. 

فيما قالت «س. ف» التي تبلغ من عمرها 30 عامًا: «أهلي أخذوني وأنا في الثامنة من عمري إلى طبيب نساء في محافظة سوهاج، وعندما تمت العملية أصابتني حالة فزع بعدها، وحتي الآن أعاني من الصدمة النفسية، أتعالج منها منذ 4 سنوات، وأعاني من اكتئاب مزمن». 

وأكدت «ن، أ» التى تبلغ من العمر 35 عامًا أتذكر ذلك اليوم، وكأنه أمس عندما أخذتنى أمى وأهل والدى إلى دكتور للقيام بعملية الختان، وكنت حينذاك أبلغ الـ12 من عمرى تقريبًا، ولكنى أتذكر صراخى وقتها وعدم تحملى الألم ورفضى إتمام العملية ليتم إجراؤها لى بالقوة وسط أفراد عائلتى، وكنت أشعر بالخجل والضيق وقلة الحيلة، واليوم أعاني من عدم شعورى بالحب تجاه أى رجل.

10 سنوات سجنًا عقوبة ختان الإناث

نص قانون عقوبة ختان الإناث على: «معاقبة كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 7 سنوات.

أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، بالإضافة إلى تغليظ العقوبة على من يجري عملية الختان، يفتح القانون الباب أمام معاقبة ولي الأمر الذي يحاول إجراء عملية الختان لابنته.

مساعي حكومية للحد من ختان الإناث

أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، وفق تقرير صادر عنها، أن هناك انخفاضا كبيرا في نسب ختان الإناث بين الأمهات وبناتهن، بسبب الجهود المختلفة التي تقوم بها الدولة في التوعية بمخاطره.

ولفتت الوزارة إلى أن هيئة الأمم المتحدة أجرت بحثا عن أساليب التربية الوالدية لمستفيدى برنامج الدعم النقدي «تكافل»، خلال عام 2021، لتشير نتائجه إلى أن 52% من الفتيات من عمر 13 حتى 17 سنة تعرضن لجريمة الختان، مقارنة  بأمهاتهن اللاتي بلغت النسبة بينهن 90%. 

أوضحت «التضامن» أن التوعية بجريمة ختان الإناث تأتي ضمن حملة «وعي» التي أطلقتها الوزارة وتضم العديد من الرسائل التوعوية التالية: «أنت أقوى من المخدرات، ختان الإناث جريمة، نربي بأمانة من غير إهانة، بلدنا - مركب النجاة، العمل كرامة، جوازها قبل 18 يضيع حياتها».

«الإفتاء»: ختان الإناث «حرام شرعًا»

قالت دار الإفتاء المصرية، إن ختان الإناث حرام شرعًا، كما أن الأطباء جزموا بضرره على البنات من الناحية الصحية. 

وأضافت، الصحيح أن ختان الإناث من قبيل العادات وليس من قبيل الشعائر، فالذي هو من قبيل الشعائر إنما هو ختان الذكور باتفاق؛ إذ قال الإمام ابن الحاج في «المدخل» (3/ 310): «واختُلف في حَقِّهنَّ: هل يخفضن مطلقًا، أو يُفرق بين أهل المشرق وأهل المغرب» اهـ، وانظر: «فتح الباري» للحافظ ابن حجر (10/ 340).

ويقول الإمام الشوكاني في «نيل الأوطار» (1/ 191): «ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج به فهو لا حُجَّةَ فيه على المطلوب» اهـ.

وأوضحت دار الافتاء، أن كل ذلك دل على أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى الموروث الطبي والعادات، وبعد البحث والتقصي وجدنا أن هذه العادة تُمارَس بطريقة مؤذية ضارَّة تجعلنا نقول إنها حرام شرعًا.