رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خمسة وتسعون عامًا على ثورة 19: العقاد والثورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولد العقاد في شهر يونيو عام 1889، بعيد الاحتلال البريطاني، حيث ولد أيضا رموز جيل ما بعد ثورة 19 والفترة الليبرالية في مصر، طه حسين والمازني وعبد الرحمن الرافعي وغيرهم. وسيصبح هذا الجيل بحق جيل مصر الليبرالية، لذلك يعتبر العقاد ابنًا من أبناء ثورة 19، هذه الثورة التي شارك فيها العقاد في شبابه حيث هاجم لجنة ملنر الإنجليزية التي جاءت لتهدئة الشعب المصري من أجل إخماد روح الثورة، ويقال أيضا إنه انضم إلى جماعة "اليد السوداء" هذه الجماعة الثورية التي لعبت دورًا مهمًا في العمل السري أثناء الثورة.
لكن المهم أن العقاد مثله مثل أبناء جيله أصبح نتاجًا لهذه الثورة الشعبية المهمة في تاريخ مصر، وتميز العقاد بارتباطه الشديد بزعيم الثورة سعد زغلول ويتضح ذلك جليًا في وصف سعد زغلول له بأنه، أي العقاد "كاتب جبار المنطق"، وحتى في لحظات خلاف العقاد مع مصطفى النحاس ومكرم عبيد وخروجهما من حزب الوفد، يؤكد العقاد على انتمائه لثورة 19 وإلى زعيمها سعد زغلول، حيث يؤلف كتابه الشهير "سعد زغلول: سيرة وتحية"، في محاولةٍ لتذكير الأمة بزعيمها، وتأكيدا على ولائه إلى الثورة وزعيمها، وكسرًا لاحتكار حزب الوفد لزعامة زغلول.
ومن ناحيةٍ أخرى أصبح العقاد وجيله أبناء مخلصين لفكرة الحرية التي أشعلتها ثورة 19، وأصبحوا أيضا رموزًا للفترة الليبرالية وحرية الفكر آنذاك، ظهر ذلك واضحًا في ظهور فكرة الملحق الأدبي لبعض أهم الصحف المصرية آنذاك، لا سيما "السياسة" و"البلاغ"، حيث أصبحت هذه الملاحق الأسبوعية منارة لحرية الفكر والسجالات الثقافية الهامة التي عرفتها مصر آنذاك.
وظل العقاد منتصرًا لمبدأ حرية الفكر بصرف النظر عن انتمائه السياسي، يتضح ذلك جليًا في موقفه من أزمة كتاب "الشعر الجاهلي" لطه حسين في عام 1926، إذ وقف مناصرًا لطه حسين على الرغم من خلافاته معه، والأكثر من ذلك أن العقاد خالف في ذلك موقف زعيمه المحبوب سعد زغلول، حيث وقف زغلول بل وحزب الوفد موقفًا مناوئًا لطه حسين نكايةً في حزب الأحرار الدستوريين، كأن العقاد يعلمنا أهمية حرية الفكر وعدم خضوعها للمناورات السياسية، ويحترم سعد زغلول موقف العقاد.
ولعل المعركة الشهيرة للعقاد، معركة العيب في الذات الملكية في عام 1930، ودفاع العقاد الشهير عن الدستور إزاء الميول الاستبدادية للملك فؤاد، خير دليل على طبيعة أبناء هذا الجيل، جيل ثورة 1919 وحساسيته الشديدة إزاء مسألة الحريات.
ويشن العقاد ابن ثورة 19، ابن الحرية هجومًا حادًا على كل الدعوات المناوئة للحريات سواء النازية والفاشية، والشيوعية وحتى حركة الإخوان المسلمين.