الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"رأس البر" مصيف الطبقة الأرستقراطية في العهد الملكي والوسطى حاليًا

مصيف رأس البر
مصيف رأس البر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رأس البر هو المصيف المفضل لأحفاد الخديوي إسماعيل، وأم المصريين صفية زغلول، وكذلك للعديد من الفنانين ومشاهير الزمن الجميل، وعلى رأسهم أم كلثوم وأسمهان وسليمان نجيب ويوسف وهبي وفريد شوقي ومحمد الموجي والشيخ محمد متولي الشعرواي والكاتب محمد التابعي والكاتب مصطفى أمين، الذين حرصوا جميعا على تسجيل لحظاتهم في رأس البر بالصور.

وتعتبر رأس البر من المصايف المتميزة في مصر، حباها الله موقعا فريدا عند التقاء نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط فى منظر نادر، وهو عبارة عن جزيرة على شكل مثلث رأسه منطقة اللسان وضلعه الشرقي نهر النيل، والغربي البحر الأبيض المتوسط، وقاعدته القناة الملاحية لميناء دمياط.

وتمتاز المدينة بوجود عدد من المزارات الجميلة، من أهمها منطقة اللسان، وفنار رأس البر التى شيدت عند شاطئ البحر المتوسط لترشد السفن ليلاً، والتى شهدت المنطقة المحيطة بها تطويرا جعلها مزاراً مهماً، ومنطقة الجربى التى كانت تشهد قديماً الاحتفالات بمولد سيدى الجربي، وكورنيش النيل. 

رأس البر في القرون الوسطى وكيف كانت شاهدا على الحملات الصليبية: 
رأس البر اسم حديث، كان العرب في القرون الوسطى يطلقون على هذه المنطقة "جيزة دمياط " أي "ناحية دمياط"، ولما زارها المؤرخ الإسلامي تقي الدين المقريزي في القرن الخامس عشر، دعاها في قصيدته "مرج البحرين". 
وكانت رأس البر شاهداً على أحداث تاريخية هامة تتعلق بالحملات الصليبية ففي عام 1169م وصلت إلى ساحل دمياط أساطيل الصليبيين ونزلوا إلى البر في منطقة رأس البر، ثم حاصروا مدينة دمياط ثلاثة وخمسين يوماّ وقاتلهم صلاح الدين إلى أن أجلاهم عن دمياط.
وفي يونيو عام 1218م وصل أسطول ضخم أمام رأس البر يحمل نحو سبعين ألف مقاتل بقيادة جان دي برين ثم نزلت إلى جزيرة دمياط وعسكروا أمام المدينة 6 أشهر ودخلوها في نوفمبر 1219م،   وانتهت بخروج الغزاة من دمياط بعد أن قضوا فيها وعلى شواطئها ثلاثة سنوات وأربعة أشهر.
وفي يونيو 1249م وقف أمام رأس البر أسطول كبير يحمل لويس التاسع وجيشه ثم نزلوا إلى رأس البر وزحفوا إلى دمياط، وعبروا الجسر واستولوا عليها لينتهي ذلك الحدث بهزيمة الصليبين وأسر لويس التاسع وجلاء الحملة عن سواحل رأس البر و دمياط.
ومع مستهل القرن التاسع عشر وبعد أن تداعت أهوال الغزوات والحروب التى اجتاحت تلك الناحية الجميلة عاد إليها الهدوء وأقبل صيادو الأسماك والسمان بقواربهم وشباكهم وراحوا يترددون على تلك الشواطئ.

فلل وشاليهات رأس البر قديما

رأس البر في القرن التاسع عشر: 
في عام 1823م كان مشايخ الطرق الصوفية وأتباعهم بدمياط يسيرون بمجموعهم نحو الشمال مع النيل للإحتفال بمولد “الشيخ الجربى” بمنطقة الجربى جنوب رأس البر. 
وكان التجار يفدون إلى رأس البر لمقابلة سفنهم العائدة من رحلاتهم، وهنا شاهدوا أول طلائع المصيف ممثلة في هؤلاء المتصوفين واستمر الجميع في هذا المكان الهادئ الجميل الذى يبعث في النفس روعة التأمل وطمأنينة التعبد. 
كما اعتادت بعض الأسر أن تخرج أيام الصيف في سفن شراعية على النيل وترسو أمام رأس البر وتقضى النهار في النزهة والصيد والرياضة فراقهم جوها وشيدوا لهم أكواخاً من حصير البردي. وفي عام 1865 م أتخذ رأس البر(مصطافاً) وتدرج مع عشش قليلة متفرقة مصنوعة من حصر البردي إلى صفوف منظمة بين شاطئ النيل والبحر ثم إلى عشش تقام على أرضيات من الخشب والبناء.
وفى عام 1883م جاء رأس البر العالم الألماني "كوخ" الذي انتدبته الحكومة المصرية على أثر انتشار الكوليرا بمصر وزار رأس البر وكتب عنها في تقرير له "إن مصيف رأس البر قد يصبح يوماّ ملك المصايف وأشهرها” إذ يمتاز بموقعه الجميل وهوائه النقي الجاف وشواطئه الذهبية وبعده عن الضوضاء وهو أقل رطوبة من جو الشواطئ المصرية الأخرى وتكثر في هوائه كمية ”اليود”.
وهذا التصريح كان الدافع الأكبر للعديد من الأثرياء الأجانب للتوافد على المنطقة واستغلالها، ففي عام 1891م أنشأ رجل فرنسي اسمه "بكلان" فندق أصلان و في عام 1891 أنشأ رجل فرنسي اسمه “بكلان” وسيدة فرنسية تدعى “كورتيل” مطعماً وباراً قرب طابية الشيخ يوسف.
كما أنشأ أول فندق راق أمام الفنار وسط المصيف جذب رجال المصطافين ودفع آخرين لبناء عدد آخر من الفنادق.

مصيف رأس البر المبني من العشش

رأس البر في العهد الملكي مصيف الطبقة الأرستقراطية:
في عام 1902م وضعت للمصيف أول خريطة هندسية بسيطة موضحاً بها مواقع العشش وأرقامها والأسواق وغيرها، وتقرير تأجير أرضه، وإضاءة طرقه بالفوانيس وتسيير مراكب نيلية لنقل المصطافين والبريد من دمياط إلى رأس البر والعكس، ويصبح رأس البر مصيفا مفضلاّ لدى الأرستقراطية فبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى "1914-1918م"، حرم الكثيرون من الأرستقراطية المصرية من السفر إلى الخارج فاشتد الإقبال على رأس البر، ما نتج عن إحداث الحرب العالمية الثانية، عندما تعرضت الإسكندرية للغارات الجوية فهرب سكان القاهرة إلى رأس البر، وجاءت الملكة نازلى إلى رأس البر كما زارها عدد كبير من الباشوات الذين تعودوا تمضية الصيف فى الإسكندرية، كما أصبحت تزورها الفرق المسرحية، كفرقة يوسف وهبى والمسرح القومى وشكوكو وإسماعيل ياسين.. وفى أحد كازينوهات رأس البر كان ظهور نجاة الصغيرة لأول مرة كمطربة.
وزاد الإقبال على المصيف عاما بعد عام بعد التطورات الجديدة التي حدثت به وبلغ عدد المصطافين في صيف 1949م إلى 45 ألف مصطاف وفى عام 1950م شقت بالمصيف طرق جديدة متسعة طولاً وعرضا وأنشئت عربات خاصة لتيسير الانتقال والمشهورة باسم ” الطفطف ” ونفذ مشروع الصرف الصحي ومهد الطريق الغربي ومدت شبكة جديدة لمياه الشرب إلى المنطقة الجنوبية بالمصيف وساعد ذلك على توسيع مساحة المصيف.

رأس البر عقب نكسة 1967م:
عقب نشوب حرب 67 تغير تاريخ رأس البر و تم تهجير سكان بورسعيد وجاء معظهم إلى رأس البر التى أصبحت مدينة دائمة صيفًا وشتاء بعد أن كانت للصيف قط، وبعد أن كان يكتفى ببناء قاعدة للعشة تقوم عليها وتقام الحوائط من الأكياب، دخل البناء كل عشش رأس البر التى أصبحت من الطوب والإسمنت وعدة أدوار بعد أن كانت كل عشة طابقًا واحدًا يرتفع مترين عن سطح الأرضن وبعد أن كان الهواء الطبيعى يتسلل إلى داخل العشة، أصبحت أجهزة التكييف هى المورد الأساسى للجو فى مبانى رأس البر.

رأس البر حاليا :
وتشتهر رأس البر حالياً بكونها مصيف الطبقة الوسطى من المصريين نتيجة لأسعار الإقامة بها التى تعد فى متناول أيديهم.