الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ساكو يكتب: قراءة وتطلعات عن واقع الرابطة والأحزاب الكلدانية

الكاردينال لويس روفائيل
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لكون المقال يتصل بالشأن السياسي، لا بد من التذكير هنا كما في السابق، أن الرئاسة الكنسية، حيثما كانت في الشرق الأوسط أو مجلس الأساقفة في دول العالم الغربي، تضطلع ضمن مسئولياتها كلسان حال الكنيسة المحلية بمتابعة ما يخص الشأن العام للبلاد التي يعيش فيها شعبها بما في ذلك المطالبة بحقوقه ومتابعتها. يقول الكاردينال مارتيني: “بحق ان اكبر عمل محبة هو السياسة، عندما تُمارس من اجل نمو الخير العام والأمان الحقيقي والخير الأعلى وهو السلام,”  هذا ما يقوم به البابا  فرنسيس ومعظم البطاركة ورؤساء المجالس الأسقفية في العالم. رجل الدين يتحدث في الشئون العامة التي res publica تخص الكنيسة والوطن  والمجتمع من دون أن يتحزب لأحد.

هذا ما دعاني الى هذه القراءة مع تطلعات مفعمة بالرجاء.

 لقد احتفلت الرابطة الكلدانية بمرور الذكرى السابعة لمؤتمرها التأسيسي الذي انعقد للفترة من (1-3 تموز 2015) في مدينة عنكاوا / اربيل . تأسيسها هدف لحمل الاماني وتطلعات الكلدان في داخل العراق وخارجه وربطهم مع بعضهم من خلال القيام بنشاطات وفعاليات اجتماعية وثقافية..

هذا كان على مستوى الرابطة التي تم تأسيسها بتشجيع ورعاية من الكنيسة الكلدانية، على غرار قريناتها في الكنائس البطريركية الأخرى في المنطقة. أما على نطاق الحراك الشعبي فإن المجلس القومي الكلداني تأسس عام 2002 . وحزب الاتحاد الديمقراطي الكلدان تأسس بشكل رسمي عام 2003 كمنظمة قومية.  الحزبان هدفا الى الاهتمام بالشأن الكلداني وتوعية الكلدان بهويتهم القومية والمطالبة بحقوقهم ومشاركتهم في العملية السياسية.

 لعدة أسباب، منها الظروف الأمنية السيئة، وطبيعة انتماء بعض الأشخاص الى هذه التنظيمات الثلاثة إذ تصوروها بقرة حلوبا يمكن الاستفادة منها، فيما أراد آخرون الصعود على اكتفائها للحصول على منصب حكومي مهم، او من ناحية أخرى، السطو عليها وانتقادها عندما ليست على مرامهم. لكني أرى أن السبب في هذا الواقع الدقيق، هو فقدان التمويل.. مما حال دون ممارسة هذه الكيانات لنشاطها وفعالياتها بين جماهير الكلدان بشكل فعال وواسع…. أمام تساؤل مشروع: كيف تحقق هذه المنظمات هدفها وطموحها  من دون أن يكون المال.. الكنيسة ساعدت قليلا بحسب إمكانياتها، لكن ليس لها القدرة على الاستمرار بذلك بيبب مسئولياتها الراعوية والإنسانية الاخرى تجاه شعبها في هذه الظروف الصعبة والمعقدة.

ومع التأكيد أن لهذه التنظيمات أهدافًا سامية، لكن الكلدان وخصوصا الأثرياء لم يقدموا لها شيئا يُذكر. ولمطالعة هذا الواقع ثمة جدلية ملفتة للنظر: المنخرطون في الاحزاب، يحملون تطلعات قومية متباينة العمق والمسئولية ولكن قلما يمتلكون موارد او محاور تمويل… وفي الوقت عينه فإن الاثرياء من أبناء شعبنا ومع ما توفر لهم من وجاهة في الشأن الاجتماعي ومنهم من تحركه الغيرة تجاه دعم الفقراء والأعمال الكنسية الخيرية، إلا أنهم لم يحركهم وازع الاضطلاع بالنشاط  القومي والسياسي الحزبي دعمه لصالح الشعب. كل هذا ألقى بظلاله على واقع العمل الحزبي والاجتماعي ( الرابطة) لشعبنا الكلداني وحقوقه. لذلك فإن بعض الأحزاب حصلت على تمويل من جهات سياسية فرضت عليها أجندتها ولهذا السبب التعيينات محصورة بالموالين وكذلك الكوتا. والسؤال الذي أطرحه هنا من موقع المسئولية في الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم: من، يا ترى، يمثل الكلدان ويدافع عن حقوقهم؟ وبتواضع اقول: لولا موقف البطريركية وأساقفتها  ومبادراتها لكان الوضع بائسا. … الكنيسة الكلدانية بذلت جهودا مضنية لجمع المعونات من الجمعيات الخيرية والكنائس في العالم لمساعدة المهجرين قسرا من بلداتهم، وبعد التحرير، كان لها الدور  الأساسي في عملية بنائها ولولاها لكانت كرمليس وتلكيف وباطنايا و باقوفا وتللسقف مهجورة من سكانها الاصليين..

هذا الواقع يدعوني لأن أتمنى بأن يتحسس الأثرياء الوضع الذي يعيشه الكلدان في العراق واناشدهم لمد يدهم بسخاء  لمساعدة المحتاجين والتبرع لإنعاش منظماتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، وايضا لإنعاش بلداتهم التي هي تواصل مع تاريخهم وذاكرة شعبهم في سهل نينوى وقرى دهوك وزاخو ..

أجل أيها الأحبة، إن الغنى بركة ونعمة. ولما  نشارك الاخرين  الذين هم بحاجة الى الدعم والمساندة والتحفيز من اجل البقاء والتواصل والخدمة سوف يبارك الله مال المعطي ويفيضه اضعافا. ألم يقل  مار بولس: “المعطي بسرور يحبه الله” (2 كو 9: 7). كذلك قول  الفيلسوف الروماني شيشرون: “لا يكون الانسان قريبا من الله الا عندما يفعل الخير لقريبه”. فلنستخلص بارتياح هذه العبرة الإنسانية في رفعة الشعوب: من يفعل الخير يدرك أنه يشارك في محبة الله، وهنا تكمن ثروته. بكل سرور اشير الى مبادرة بعض المستثمرين بفتح معامل لهم في كرمليس والقوش مما يمتص ازمة العاطلين عن العمل.

وبعد، أنه من الأهمية بمكان أن يُعالج الكلدان هذا الوضع بأسلوب ملائم ويناقشوا هذه المشاكل بهدوء ومسؤولية، وثقة. ولما لا، قد يكون من الافضل دمج الاحزاب الكلدانية في تنظيم واحد اسمه ” الجبهة الكلدانية” مع الحفاظ في داخل الجبهة او الهيكلية المقترحة، على كاريزما تلك الاحزاب وقادتها ضمن محاور مثل: الخط القومي، الخط الديمقراطي،  الاهتمام بالثقافة واللغة والتراث وروح التعبئة الجماهيرية وسواها.  كذلك ضروري  ان ينشأ صندوق تمويلي كلداني وكنا قد طحناه في السينودس عام 2021 ،  يدار بحرفية من جهة نزيهة وشفافة  لدعم الحراك في الشأن المتصل. انه مجرد رأي.

 مع فائق محبتي