الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أبوبكر الديب يكتب: ما بين الجوع وهدر الطعام.. كيف يعيش فقراء العالم؟.. مليار جائع  في ربوع الأرض.. والأغنياء يلقون سنويا كميات غذائية بتريليون دولار في سلات القمامة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ضاعفت حرب أوكرانيا أزمة الملايين حول العالم ممن يواجهون خطر المجاعة نتيجة جائحة كورونا وتغير المناخ بعد تصاعد زيادات أسعار المنتجات الغذائية، وتعرقل الحرب أعمال زراعة المحاصيل من الحبوب وبخاصة القمح، وتصديرها بسبب غلق الموانئ بالبحر الأسود، وهو ما يفاقم أزمة الإمدادات العالمية.

وفي عام 2021، كان أكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع، واقترب 45 مليون شخص من المجاعة لتأتي الحرب فتزيد الكارثة وكل ذلك وللأسف من صنع الإنسان، وخلال العام الجاري قد يلامس عدد الجوعي المليار انسان.

يأتي ذلك في الوقت الذي يهدر فيه العالم وخاصة الدول الغنية حوالي ثلث الغذاء المنتج للاستهلاك الآدمي بخسارة مالية تقدر بحوالي 1 تريليون دولار سنويا.. وهناك مراحل كثيرة لفقد وهدر الغذاء على امتداد السلسلة الغذائية، بدايةً من الإنتاج والحصاد، مرورا بالتخزين، ومن ثم التجهيز والتعبئة، ثم النقل والتوزيع، وأسواق التجزئة والجملة، وصولا إلى المستهلك في المنازل والفنادق والمطاعم، وبالنهاية يذهب ثلث الطعام المنتج إلي سلات القمامة.

فاقتصاد العالم والفقراء بالدول المختلفة لم يتنفسوا الصعداء من فيروس كورونا (COVID-19) وهي الأزمة التي لم يشهد لها العالم مثيلا في العقود الأخيرة والتي أدخلت حوالي 49 مليون شخص إلى دائرة الفقر المدقع خلال عام 2020 حتي اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية والتي تهدد الاقتصاد العالمي بشكل خطير وتنذر بفقدانه تريليون دولار هذا العام، ورفعت أسعار كل شئ كالطاقة "النفط والغاز والفحم" والمعادن "كالذهب والفضة والنحاس" والحبوب "كالقمح والذرة" وأحدثت اضطرابا في أسواق المال والتجارة الدولية، وسارعت البنوك المركزية لرفع الفائدة علي نهج الفيدرالي الأمريكي، ما رفع أسعار الدولار أمام العملات الوطنية. 

وقد وصل عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في أسيا أفريقيا إلى أعلى مستوياتهم منذ عقود، حيث أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تفاقم أزمة الغذاء التي كانت بالفعل تهدد الملايين من الناس وتضغط على الاقتصادات الهشة التي دمرها فيروس كورونا.

وحسب أولو سيب، المستشار الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة للبحث والتقييم والمراقبة،: "تضاعف عدد الاشخاص الذين يعانون من الجوع أربع مرات بين عامي 2019 و2022.. قائلا: نحن نواجه أزمة جوع غير مسبوقة ومعقدة في غرب أفريقيا في ظل العديد من نقاط الضعف والصدمات الهيكلية".

واتخذت عدة دول اجراءات لحماية الفقراء من تداعيات ارتفاع الاسعار والدولار وقدمت البنوك المركزية سيولة إضافية للنظام المالي، بما في ذلك عن طريق عمليات السوق المفتوحة،، وسط تخوفات كبيرة من المواطنين من استمرار تداعيات الحرب على حياتهم وفي هذا المجال اتخذت الحكومة المصرية مجموعة من الإجراءات الكبيرة لضبط السوق وتقليل الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار، وخاصة في شهر رمضان، حيث الحكومة تقوم  بضخ عشرات الآلاف  يوميا من اللحوم والأسماك ومستلزمات رمضان  فى منافذ وزارة التموين والداخلية ومنافذ القوات المسلحة وعدد من الوزارات الآخرى من خلال المجمعات الاستهلاكية لمحاربة الغلاء ومواجهة جشع بعض التجار.

وفي ظل هذه الظروف يجب علي شعوب العالم والشعب المصري الترشيد في شهر الصيام مراعاة للظروف الدولية والتوترات الجيوسياسية والحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الفائدة والدولار وبالتالي ارتفاع أسعار السلع الغذائية بجميع أنواعها عالميا، حيث تشير الدراسات الي أن انفاق المصريين في رمضان، يتخطي 150 مليار جنيه، بما بنسبة تصل إلى 50% عن باقي شهور السنة، وأن الانفاق علي الطعام فقط يصل الي مستوي 100 مليار جنيه بسبب العزومات والولائم الجماعية التي تزداد بالمقارنة بالأشهر العادية وأن ثلث هذه الكميات من الطعام تقريبا تذهب لسلة القمامة فيما يعرف بالهدر الغذائي أو إهدار الطعام أو فقدان الغذاء وهو عبارة عن طعام يتم التخلص منه أو فقدانه دون أن يكون قد تم تناوله وتتعدد أسباب هدر أو إضاعة الطعام  وتحدث في مراحل عدة كالإنتاج، والمعالجة، وتجارة التجزئة، والإستهلاك مطالبا المصريين بالترشيد وعدم الاسراف في شهر رمضان.

وحرصت الحكومة علي استقبال الشهر الفضيل من خلال توافر احتياطات استراتيجية كافية من السلع فضلا عن معارض 8 آلاف منفذ لـ"أهلا رمضان" لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة بمشاركة كبرى الشركات المنتجة للسلع الغذائية بجانب تخصيص أجنحة بفروع السلاسل التجارية الكبرى والشركات الحكومية، ومنافذ المجمعات الاستهلاكية وفروع مشروع "جمعيتى" لطرح المنتجات بأسعار مخفضة تتراوح من 25 إلى 30%، خاصة السلع الغذائية ومنتجات رمضان "الياميش"، وكذلك اللحوم والدواجن والسلع الأساسية مثل الزيت والأرز والسكر، وغيرها من السلع الأخرى.

 وتراقب الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، وبكل أجهزتها المعنية، عن كثب التطورات الجارية على الصعيد العالمي، وما تشهده من اضطرابات بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها التي ألقت بظلالها على مختلف الأصعدة، ولا سيما نقص عدد من السلع وارتفاع الأسعار على مستوى العالم تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بشأن استمرار وجود مخزون استراتيجي طوال الوقت.

وفي هذا المجال وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكومة المصرية بالإعداد الفوري لحزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية لتخفيف آثار التداعيات الاقتصادية العالمية على المواطن المصري.. وعلى الحكومة أن تعمل على مد شبكة الحماية للمواطنين المستحقين ومنهم العمالة غير المنتظمة وتسعى لخفض معدلات الفقر في مصر، وحماية الطبقات الفقيرة وتمكينها اقتصاديا ومساعدتها على الاندماج في العملية الإنتاجية وصرف دعم مالي مباشر للعائلات الأكثر احتياجا، وتعزيز خدمات الرعاية الصحية، وتصميم برامج تعليمية محددة للمتسربين من التعليم، مرتبطة ببرامج تدريب مهني، وإكسابهم مهارات جديدة، تساعدهم على الاندماج في سوق العمل، وإجراء ربط حقيقي لقواعد بيانات برامج الدعم المختلفة التي تشرف عليها وزارات عدة في إطار السياسة الجديدة وتحقيق حلم الرئيس برفع الصادرات المصرية لـ 100 مليار دولار. 

وعند النظر لأبرز المؤشرات النهائية لمشروع موازنة العام المالي 2022 - 2023، نجد محاولات حكومية مشكورة للاعتناء بمحدودي الدخل، مثل خفض العجز الكلي إلى نحو 3.6% من الناتج المحلي، والاستمرار في تحقيق فائض أولي قدره 1.5 % من الناتج المحلي، وخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى الناتج المحلي إلى حوالي 80.5 %، إلى جانب ارتفاع معدل نمو الإيرادات إلى حوالي 17% لتصل إلى قرابة تريليون و447 مليار جنيه، وكذا زيادة المصروفات بمعدل نمو 16% ليصل إلى حوالي 2 تريليون و7 مليار جنيه، بما فيها 365 مليار جنيه مخصصات للاستثمار، و400 مليار جنيه لبند الأجور، و323 مليار جنيه لمنظومة الدعم. 

ويجب البحث عن آليات جديدة لحماية الفقراء واستخدام الموارد المالية بشكل أفضل والوصول بالدعم إلى الفئات المستحقة بالفعل لتخفيف حدة الفقر وتراجع عدد الفقراء خلال السنوات المقبلة من أجل تحقيق أهداف العدالة الإجتماعية، وقد قرر رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي تحديد السعر الجديد لأسعار الخبز الحر والفينو وألزم القرار منافذ البيع بالإعلان عن أسعار الخبز في أماكن ظاهرة للمستهلكين، مع فرض غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 5 ملايين جنيه طبقا لنص المادة 22 مكررا ج، من قانون حماية المنافسة وحدد القرار سعر بيع الخبز المميز زنة 45 جراما بـ 50 قرشا، والـ 65 جراما بـ 75 قرشا، و11.5 جنيها لكيلو الخبز المعبأ، أما الخبز الفينو فحدد القرار 50 قرشا للرغيف زنة 40 جراما.

وأطالب بنشر ثقافة ترشيد الاستهلاك وزيادة الحملات الاعلامية لتوضيح معني ارتفاع الأسعار في ظل الارتفاع العالمي للغذاء، وتعريف المواطنين بكيفية الابلاغ عن المخالفات التي يقوم بها التجار الجشعون لرفع الأسعار، ويجب تشديد الرقابة وحملات الأمنية على الأسواق لضبط الأسعار والتصدي للغش التجاري، وتشديد الرقابة علي الخبز خاصة في القري والنجوع.