الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

ردود أفعال متباينة حول تقليص العمالة الوافدة للكويت


وزيرة الشئون الاجتماعية
وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثار اتجاه وزارة الشئون الاجتماعية والعمل الكويتية لتقليص أعداد العمالة الوافدة بواقع 100 ألف عامل سنويا وصولًا إلى تخفيض العدد إلى مليون عامل خلال عشر سنوات، ردود أفعال مختلفة لدى المواطنين والوافدين وبعض السياسيين والاقتصاديين الذين رأوا فيه خيارًا مستعجلًا وغير مدروس ولا يفضي إلى نتيجة حتمية لحل مشكلة العمالة الهامشية.
ورغم أن وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي تراجعت عن تصريحاتها بوضع خطة واستراتيجية لترحيل 100 ألف عامل سنويا وصولًا إلى المليون خلال عشر سنوات، معتبرة أن ما نسبته إليها وسائل الإعلام في هذا المجال “,”كلام غير دقيق“,”، وقالت إن الوزارة تعكف حاليًا على رسم ملامح استراتيجية سيتم إعلانها في حينها تهدف إلى تقليص أعداد العمالة الهامشية والسائبة التي طالما شوهت صورة الكويت أمام منظمات العمل الدولية، ولدى منظمات حقوق الإنسان“,”، موضحة أن الهدف من هذه الاستراتيجية معالجة الخلل الحاصل في التركيبة السكانية وتنظيم سوق العمل“,”، لافتة إلى أن أبواب الكويت مفتوحة على مصراعيها أمام الخبراء والاستشاريين والفنيين وذوي التخصصات النادرة الذين لا غنى عنهم في الارتقاء بالبلاد ودفع عجلة التنمية إلى الأمام“,”.
وكانت الرشيدي صرحت في مارس الماضي، على هامش مشاركتها في اجتماع اللجنة الدائمة لتنظيم أوضاع العمالة الوافدة بأن الوزارة تعمل على إبعاد 100 ألف عامل سنويًا وصولًا إلى مليون عامل خلال عشر سنوات، وهو الأمر الذي قوبل بانتقادات حادة باعتباره لا يعالج بحكمة الخلل الموجود في التركيبة السكانية، فضلا على أنه يخالف حقوق الإنسان ومستلزمات التنمية في البلاد.
وقد بدأت وزارتا الداخلية والشئون الاجتماعية والعمل حملات كبرى لتنفيذ قرار وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، عن طريق تعديل جداول المهن لديها والتدقيق على مطابقة التخصص العلمي في الشهادة الجامعية للعمل الذي يقوم به الوافد، مؤكدة أنه لا مجال بعد اليوم لتجديد رخصة القيادة أو إذن العمل ما لم يكن المؤهل الدراسي مطابقًا للوظيفة التي يشغلها المقيم، موضحة أن النظام الذي كان معمولًا به في السابق لم يكن يدقق على تطابق المهنة التي يعمل بها الوافد مع الشهادة الحاصل عليها، لافتة إلى أن هناك آلاف الوظائف التي يتم تعيين عمالة وافدة فيها لم تكن تتوافق مع شهادتها، بل إن هناك آلاف المهن يشغلها أناس لم يحصلوا على مؤهل جامعي من الأساس رغم أن هذه الوظائف بطبيعتها تتطلب شهادة جامعية.
وأوضحت المصادر أن وزارة الشئون تسعى حاليا إلى القضاء على تلك الظاهرة من خلال الربط القائم حاليا مع الإدارة العامة للمرور لتوافق المهنة كذلك مع الشروط المطلوبة لاستخراج رخصة قيادة، ومن أهمها الحصول على مؤهل جامعي، لافتة إلى أن القرار بدأ العمل به بالفعل منذ قرابة شهر، إذ لا يتم تجديد الإقامة من دون تطابق المهنة مع الشهادة.
وأكد النائب الكويتي سعد البوص أن قرار وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي بتقليص العمالة الوافدة بواقع مائة الف شخص سنويا جانبه الصواب، مؤكدا أن معالجة قضية العمالة الهامشية لابد أن تكون بطريقة مدروسة وليس بقرار لا يفرق بين الصالح والطالح من الشركات، وأضاف أن خفض العمالة سيؤدي إلى ارتفاع أجورها أضعافًا مضاعفة، وعلينا جعل الكويت بلدًا مفتوحًا أمام العمالة مع إحكام الرقابة وتطبيق القانون على الجميع وساعتها لن يظل في البلاد سوى العمالة الحقيقية التي نحتاجها، وأكد أن القيود التي تفرضها وزارة الداخلية على تأشيرات دخول الكويت أضرت كثيرًا بالبلاد وتعد أحد معوقات تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، مضيفًا علينا أن نستفيد من تجربة دبي التي تحقق من الحركة التجارية وفتح أبوابها لزوارها ما يوازي دخل النفط في ابوظبي، ولم نرَ أي شكاوى في دبي من كثرة زوارها بل على العكس هذا يصب في صالح اقتصادها، لذلك علينا أن نعيد النظر في رؤيتنا للقيود المفروضة على تأشيرة الدخول ونفس الأمر بالنسبة للبحرين، ويكفي أن نعرف أن دولة مثل إسبانيا يدخلها أكثر من ستين أو سبعين مليون سائح سنويًا يمثلون مصدر دخل رئيسيًا لها، فلماذا نضع نحن القيود على تأشيرات الدخول بهذا الشكل؟
ومن ناحيته، أكد رئيس رابطة علماء الشريعة د. عجيل النشمي في تغريدة له على “,”تويتر“,” أن معاقبة من يخالف قوانين المرور بإخراج الوافد من البلاد تعد عقوبة قاسية، وخصوصًا لصاحب الأسرة ومخالفة للشرع ولم يقرها القانون، وشدد على أن العقوبة لا تكون بقطع الأرزاق بل يجب العدل في العقوبة بين المواطن والمقيم.
وقد استنكرت نقابات اتحادات عمالية كويتية “,”قرارات الترحيل التعسفية بحق الوافدين“,”، محذرين من تداعيات تلك القرارات على سجل الكويت في حقوق الإنسان، وطالبت بوقف ما سمته “,”ترويع الوافدين“,” وعدم تغطية الفشل في معالجة الخلل في سوق العمل عبر استهداف هؤلاء عبر إجراءات فردية تعسفية، واستخدام الطرق الأمنية وترويع الوافدين والمغالاة في تطبيق القوانين والقرارات ضدهم، الأمر الذي بات يشعرهم بالاضطهاد والمطاردة، بعكس ما عرف عن الكويت حكامًا وشعبًا في تميزهم بالإنسانية في تطبيق القوانين ضد أي أحد وضع قدمه على أرض هذا البلد، وأن تنفيذ قرار ترحيل 100 ألف وافد سنويًا بطريقة تعسفية وسحب رخص قيادتهم وترحيلهم بالطرق الأمنية، وكأنهم مجرمون سوف يكون نقطة سوداء في سجل حقوق الإنسان بالكويت، لن تنساه شعوب هؤلاء الوافدين، موضحين أن العلاج من البداية كان يكمن في مكافحة تجارة الإقامات، الأمر الذي فشلت فيه إدارة وزارة الشئون الجديدة لتحمله على أكتاف الوافدين لتهرب من مساءلة المتنفذين من تجار الإقامات في حال التعرض لهم، والتغاضي عن أن هؤلاء هم الذين جلبوا كل هؤلاء الوافدين مقابل مبالغ مادية مما تسبب في وجود هذا الكم من العمالة الهامشية.
وقال المواطن الكويتي محمود العنزي إنه لا يمكن الاستغناء عن العمالة الوافدة نهائيا، خاصة في الوقت الحالي، لأن هناك الكثير من المجالات التي يعجز أبناء الكويت عن القيام بها، ويمكن تقليص العمالة وتكويت الأعمال تدريجيًا وإحلال العمالة الوطنية محل الوافدة بعد تدريبها لتكون على نفس القدر من الكفاءة والإنتاج، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها، ولكن تحتاج إلى تغيير في مفهوم العمل لدى الكويتيين وتقبلهم فكرة العمل اليدوي أو الحرفي، خاصة أن الكويت تفتقر إلى التعليم الفني.
وعلى المستوى الاقتصادي، رفض سياسيون واقتصاديون تصريحات وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل حول توجه الوزارة لإبعاد 100 ألف وافد سنويًا، مشيرين إلى أن المتضرر الأكبر من ذلك هو القطاع الخاص الذي يعتمد اعتمادًا كليًا على هذه العمالة، وأشاروا إلى أن القرار بربط المهنة بالمؤهل الجامعي عشوائي وغير واقعي، خصوصًا أن هناك خبرات كثيرة في بعض التخصصات النادرة التي اكتسبها بعض الوافدين دون أن يحصلوا على مؤهلات عليا، مستنكرين التوجه للاستغناء عن هذه الكفاءات التي تحتاجها البلاد في سعيها إلى إقرار التنمية، وقالوا إن أصحاب العقارات الاستثمارية سيكونون من ضمن الفئات المتضررة من قرار إبعاد العمالة الوافدة، وذلك لأن بنايات هؤلاء الاستثمارية ستكون خاوية إذا ما تم إبعاد الوافدين، وأن من يستند إلى ضغط العمالة الوافدة على خدمات وزارة الصحة غير دقيق، لأن الوافدين يدفعون 100 مليون دينار سنويًا للتأمين
الصحي، والدولة لم تتجه لاستثمار هذه المداخيل للتوسع في بناء المستشفيات وتحسين عملها وتخصيص بعضها بعد أن دعت الحاجة إلى العمالة الوافدة.
وأشار عدد من أصحاب شركات المقاولات أنهم المتضررون بالدرجة الأولى من هذا القرار، الذي أدى إلى ارتفاع أجر العمال ليصل إلى 30 دينارًا لليوم الواحد، وأنه بعد اتخاذ الشئون جميع الإجراءات لترحيل العمالة الوافدة ستكون أجرة العامل في مجال البناء تفوق الوصف، وأن ترحيل 100 ألف وافد سنويًا يعني انهيار شركات المقاولات الكويتية لأنها ستتوقف عن البناء في العقارات الاستثمارية التي تشيدها للوافدين، مشيرين إلى أن معظم العقارات التي بنيت في الكويت خلال السنوات الأخيرة كانت بتمويل من البنوك فإذا خلت هذه العقارات من الوافدين فإن أصحاب هذه العقارات سيكون مصيرهم إما الدفع أو السجن.
من جهته، أكد أستاذ اقتصاد بجامعة الكويت أن قرارات الوزارة ارتجالية وغير مدروسة لا تتفهم الأوضاع الاقتصادية في البلد، خصوصا أن هذه القرارات لم تتخذ بشكل دقيق عن نوعية العمالة الوافدة التي ترغب الوزارة في إبعادهم هل هم الأطباء أم المهندسون أم المعلمون أم الميكانيكيون، أم العمالة الهامشية، مشيرا إلى أن العمالة الكويتية لا تتركز إلا في القطاع الحكومي في وزارات خدماتية غير إنتاجية، متسائلًا: عمن سيقوم ببناء العقارات للمواطنين، ومن سيعمل في المصانع وفي جميع أعمال القطاع الخاص، موضحا أن ربط المهنة بالمؤهل الدراسي من التخبطات الواضحة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل لأن هناك مهنًا تمارسها عمالة وافدة اكتسبوا من خلالها خبرات فائقة، فهل يعقل بعد هذا الأمر الاستغناء عن خبراتهم هذه لكونهم لم يحصلوا على مؤهلات جامعية أو مؤهلات حسب تخصصاتهم.
ومن ناحية أخرى، رفض أصحاب المدارس الخاصة قرار الوزارة، ووصفوه بأنه ضربة قاتلة لأصحاب المدارس الخاصة التي تعتمد على أبناء الوافدين، موضحين أن إبعاد أي وافد سيتبعه سحب أبنائه من المدرسة مما سيكبدها خسائر فادحة، فهل ستقوم الدولة بتعويضهم؟ محذرين من أن الكويت ستتحول إلى مدينة عزاب، بعد رغبة عدد من العمالة الوافدة إلى ترحيل أسرهم خوفًا من إبعادهم في أي وقت ولأي سبب. يذكر أن عدد العمالة الوافدة في الكويت حتى أبريل 2012 وصل إلى مليونين و167 ألف وافد، وتحتل الهند المرتبة الأولى بنحو 653 ألفًا و223 هنديًا، وتأتي الجنسية المصرية في المرتبة الثانية بعدد 456 ألفًا و543 مصريًا، وجاءت بنجلاديش في المرتبة الثالثة بـ 189 ألفًا و461 شخصًا، والفلبين في المركز الرابع بنحو 144 ألفًا و144 شخصًا، وسوريا في المرتبة الخامسة بنحو 131 ألفًا و16 شخصًا، وتضم الكويت عمالة وافدة من 123 دولة.
أ ش أ