الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الباشا تلميذ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مَن هو الباشا ومَن هو التلميذ؟

الباشا هو مَن يعرف نفسه جيدا ويعرف أن تطوير الذات أحد أسباب النجاح، أما التلميذ فهو مَن يعتقد أنه أصبح الباشا وأنه يعرف نفسه جيدا ولا يحتاج إلى تطوير الذات فتتوقف العجلة عند هذا الحد فتبدأ من هنا رحلة الانهيار. 

منذ بدء التاريخ تحدث سقراط عن معرفة الذات عندما كتب على أحد جدران المعابد اليونانية عبارة اعرف ذاتك وتحدث الكثير من الأدباء والفلاسفة عن صعوبة إدراك الذات. 

وجاء تولستوي ليقول بكل جراءة "يفكر الجميع في تغيير العالم ولا يفكر أحد في تغيير نفسه". 

وجاء اثنان من العلماء وهما جوزيف وهاري ليكونا معا شباك جوهاري، والذي يحوي أربع مربعات المربع المفتوح وهو ما تعرفه عن نفسك وما يعرفه عنك الآخرون والمربع الخفي وهو يحوي ما تعرفه عن نفسك ولا يعرفه الآخرون عنك والمربع الأعمى وهو ما يعرفه الآخرون عنك ولا تعرفه أنت عن نفسك وفي النهاية المربع المجهول وهو يحوي ما لا تعرفه أنت عن نفسك وأيضا لا يعرفه عنك الآخرون. 

وأخطر هذه المربعات هو المربع الأعمى حيث يرى الآخرون عيوبك وأما أنت فلا تدركها، ونتذكر الحوار الذي دار بين نور الشريف وعبد البديع العربي في فيلم العار عندما عبر نور الشريف عن دهشته من أن والده لا يضع أمواله في البنك لأنه يقول إن فوائد البنك حراما بينما كان يتاجر في المخدرات وعندها أجاب الأب "دي مش مخدرات دي أعشاب". 

ومن هذا الحوار يتضح صعوبة إدراك الذات وأن الإنسان يرى ما يريد أن يرى وأن يسمع ما يريد أن يسمع فيما يعرف في الطب النفسي بمصطلح "الإدراك" .

وقد أثبت ذلك توفيق الحكيم في روايته حمار الحكيم حين حكى أسطورة الدكتور توما الذي يجهل نفسه ولا يعرف أنه طبيب فاشل صار طبيبا فقط بالوراثة وليس بالكفاءة، وكيف أنه قرأ جملة خاطئة تقول أن "الحبة السوداء علاج لكل داء" فقام بعلاج مرضاة بالثعابين فماتت المرضى وعندها أدرك هذا الطبيب الفاشل أنه قرأ الجملة بالخطأ وأن الجملة الصحيحة هي "الحبة السوداء علاج لكل داء" وكانت الطامة الكبرى أن هذا الطبيب يملك حمارا وهذا الحمار عندما أدرك جهل صاحبه قال جملته الشهيرة "لو أنصفني الزمان لكنت أنا أركبلأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب". 

فالجهل البسيط يعني أنك جاهل وتدرك أنك جاهل بينما الجهل المركب هو أنك جاهل ولا تدرك أنك جاهل. 

وصف يوسف السباعي في مقولته الشهيرة عن الجهل عندما قال "هناك ثلاث أنواع من الجهل الجهل البسيط والجهل المركب ومنتهى الجهل". 

وظهر منتهى الجهل في قصة حقيقية شهيرة حدثت في عام 1995 في شيكاغو عندما قام ماك آرثر أحد اللصوص الشهيرة أذاك بسرقة بنكين في يوم واحد وتم القبض عليه في اليوم التالي ولكن المثير في القصة هو أنه لم يكن يرتدي قناعا بالرغم من معرفته بوجود كاميرات مراقبة داخل البنوك وعندما سألوه عن السبب قال إنه يضع على وجهه عصير الليمون والذي كان يستخدم كان يعرف سابقا بأنه يوضع على الحبر يختفي الحبر لذلك كان يتخيل هذا اللص أنه عندما يضع عصير الليمون على وجهه سيختفي الوجه ولذلك اطلقت الشرطة عليه حينئذ أنه جاهل وأحمق. 

نحتاج أن نعرف أنفسنا جيدا لكي نستطيع أن نغير من أنفسنا إلى الأفضل وخصوصا في بداية عام جديد. 

وفي النهاية أتذكر ما حدث في فيلم الباشا تلميذ حيث تغير كل أبطال الفيلم إلى الأفضل بداية من إنجي المستهترة وعبارتها إلى بسيوني "أنا اتغيرت عشانك يا بسيوني"، وكذلك طارق كابو حيث ساعد الضابط بسيوني في القبض على مهربي المخدرات، وكذلك الظابط بسيوني الذي تحول في نهاية الفيلم من تلميذ إلى باشا واستحق الجملة الشهيرة التي قالها له اللواء نجدت الذي كان بمثابة النجدة له "أنا كنت عارف إنك قد المهمة بس كان لازم أعنفك شوية عشان متكسلش".

ليتنا نصير تلاميذ ونتعلم حتى النهاية عندئذ نصبح باشاوات.