رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إبراهيم اليازجي.. وإحياء القومية العربية

الأديب إبراهيم اليازجي
الأديب إبراهيم اليازجي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"ما في زَمانك مَن تَرجو مَودّتُهُ/ إَلا كَريمٌ  الكِرامِ صَفا/ فَما أَخو اللُؤم لِلحُرِّ الكَريمِ أَخٌ/ وَلا صَديقٌ إِذا خانَ الزَّمانَ وَفى/ فَعِشْ فَريداً وَلا تَركن إِلى أَحَدٍ/ يجزيكَ مِن ثِقَةٍ أَسلَفتَها لَهَفا/ أَو لا فَكُن أَبَداً مِنهُ عَلى حَذَرٍ/ وَقَد نَصَحتُكَ فيما قُلتُهُ وَكَفى…" بهذه الأبيات سطرها الناقد واللغوي والأديب اللبناني إبراهيم اليازجي، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الأربعاء، في قصيدته الشهيرة "ما في زمانك من ترجو مودته".
ولد اليازجي في الثاني من مارس 1847، ببيت علم ببيروت، إذ إن أباه هو الشاعر اللبناني المعروف ناصيف اليازجي وهو الذي علمه اللغة العربية قبل أن يعتمد على نفسه في تحصيل المعرفة والتبحر في العلوم اللغوية كالنحو، والصرف، والبلاغة، والعلوم الإسلامية وخاصة الفقه الحنفي، وكانت نشأته في بيت يهتم بالثقافة والأدب، أظهر اليازجي نبوغه منذ صباه في نظم الشعر. 
يعد اليازجي أحد رواد النهضة باللغة العربية بعد قرون من التدهور، وكان أول من نقح ترجمة الكتاب المقدس، وله عدة مؤلفات مهمة في علم اللغويات، وأول من عمل على إحياء القومية العربية، حرر جريدة "النجاح"، كما لجأ إلية الآباء اليسوعيون في ترجمة الكتاب المقدس معتمِدين على قدرته اللغوية في انتقاء الألفاظ العربية المرادفة للغة السريانية بشكل دقيق.
كان اليازجي يهتم بالعمل على نفسه، حتى استطاع بذكائه وقدرته على الإبداع وخياله المكتسب من والده تحقيق غاية من الإبداع وظهر ذلك في أبيات شعره، وأصبح أدبه واصف لخاطره، وله جهود عظيمة في خدمة لغة الضاد، ويعد من الذين اهتموا باللغة العربية اهتماما كبيرا، وهو ممن كان لهم جهود عظيمة في خدمتها أيام الدولة العثمانية وهو عصر انحطاط اللغة وتدهورها، حيث أظهر اللغة والفكر لا ينفصل بعضهما عن بعض، والنهضة العربية تحتاج إلى لغة عربية قوية تعتمد عليها، فكان له دور مهم في إحياء النهضة العربية، وبعث الفكر العربي.
أصدر اليازجي مجلة "الطبيب" مع بشارة زلزل والدكتور خليل سعادة، واستقل  بإنشاء مجلة "الضياء" التي اشتهرت بفصاحة العبارة ومتانة الأسلوب، وبقي يصدرها مدة تربو على ثمانية أعوام حتى حال الداء دونه ودون متابعة الكتابة.
عُرف عن اليازجي الميل للحرية والجرأة الأدبية، وحب التجديد وإعمال العقل، وذلك ما دفعه للسفر إلى مصر في وقت كان مناخ الحرية في لبنان غير متوفر بالشكل الكافي،كما اهتم بإحياء القومية العربية، وقد ذاع صيتُه حتى قلده ملك "النرويج" وسام العلوم والفنون، وحصل على عضوية " الجمعية الفلكية" في باريس، ووصفه معاصروه بأنه أكبر عالم لغوي في العصر الحاضر.

ألف "اليازجي" العديد من الأعمال الأدبية منها: "نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والتوارد"، وديوان شعر أسماه العقد"، كما قام بتنقيح واختصار عدد من الكتب منها كتاب:" العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب" وهو لوالده، و" تاريخ بابل وآشور" ﻟ" جميل نخلة المدور".

يعد الشيخ مصطفى لطفي المنفلوطي، أهم من تحدث عن اليازجي قائلا: إنه أكبر عالم لغوي في العصر الحاضر واتفق له ما لا يتيسر إلا القليل من اللغويين من قوة البيان وبراعة الإنشاء، فهو فخر سوريا خاصة والعرب عامة، ولو أن الله أبقاه للغة العربية لنالت فوق ما نالت على يده خيراً كثيراً".