الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ننشر مقطع من القصة القصيرة "إنكار" للكاتب أحمد الحلواني

الفائزة بجائزة إحسان عبد القدوس

الشاعر والروائي أحمد
الشاعر والروائي أحمد الحلواني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنشر «البوابة نيوز» مقطع من القصة القصيرة "إنكار" للكاتب والشاعر أحمد الحلواني والذي رحل عن عالمنا صباح اليوم عن عمر يناهز الـ 67 عامًا.

القصة القصيرة "إنكار" الحاصلة على جائزة إحسان عبد القدوس وتدور أحداثها عن طبيب في مصلحة الطب الشرعي، ينتقل للعمل في صعيد مصر، وفي ذات يوم يطلب منه الحضور لمعاينة عدة جرائم قتل مما يثير عنده تساؤلات كثيرة، فالجرائم غير اعتيادية، وفي نفس الوقت تحدث له أحداث غريبة، والقصة تدور في إطار ميتافيزيقي خيالي، وهذا جانب مهم أميل له في كتاباتي.

«إنكار»

الجيران أغلبهم ودودين، كل ما عرفوه عني أني طبيب فقط، دون الخوض في التفاصيل عن حقيقة وظيفتي، فأغلب الناس تتشاءم منا، كما يتشاءمون من الحانوتي والتربي. 

ألقيت نظرة سريعة على الساعة في يدي، لقد تجاوزت الثالثة صباحًا ببضع دقائق، لا أعرف كيف مر الوقت هكذا، خمس ساعات مضت، مما جعلني أشعر بإرهاق شديد.

الظلام يغمر الحارة، كنت كلما جئت ليلًا يؤنسني وجود ثلاثة فوانيس مضيئة، منهم فانوس على باب بيتي، خطوت بضع خطوات فانتصب شعر رأسي واقشعر بدني حين رأيت عيونًا تشع في الظلام لقطط وكلاب كثيرة، لا أعرف كيف تجمعوا بلا مطاردات بينهم.

انقبض صدري حين سمعت صوتًا هامسًا في الظلام، تخيلت أني واهم في بادئ الأمر، ولكن الصوت بدأ يتضح رويدًا.. رويدًا، هل يعقل هذا، صوت عائشة، ولكن كيف؟! وأين هي؟! لا أصدق فهي بالقاهرة، تبعد عني مئات الكيلومترات، ولا أظنها ستقوم بزيارتي.

توقفت ساكنًا لأحدد مصدر الصوت، ولكني لم أعد أسمع شيئًا، وفي بصيص ضوء خافت رأيته يقف أمامي كالتمثال، هل كان واقفًا في الظلام فلم ألحظه في بادئ الأمر أم ظهر لي من العدم؟! صدمني انكماش الكلاب على نفسها وهرولتها مبتعدة وقد وضعت ذيولها بين أفخاذها، وانتفش شعر القطط واتسعت أحداقها وأطلقت مواء الخوف وهي تنظر له.

تأكدت أنه نفس المخبر الذي رأيته، إذًا لم أكن واهمًا أو متخيلًا، هو موجود في الحقيقة، ولكن ما الذي أتي به هنا، وكيف عرف مكان سكني، أيكون تبعنا ولم ألحظ.

دنوت منه محاولًا التحقق من ملامحه وعشرات الأسئلة تعصف برأسي، فشعرت بأنفاسي تتقطع وأكاد أختنق، حاولت النطق فلم أجد صوتي كما يحدث لنا في الكوابيس.

وكما ظهر فجأة، اختفى فجأة رغم أني لم أطرف للحظة وكأنه تبخر في الهواء، قفز جرذ قريبًا من وجهي، ضاربًا رأسه في الجدار كمن ينتحر، وحين تهاوى التقطه قط حالك السواد، لا أعرف من أين أتى، ثبته أرضًا بأظافره، وهو يحدق في وكأنه يخشى مشاركتي تلك الوليمة، وفي قضمة سريعة فصل رأسه عن جسده، وجرى به بعيدًا.