الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعليم الجامعي في العالم المتقدم

الدكتور فتحي حسين
الدكتور فتحي حسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بلا شك أن اهتمام الدول الغربية والمتقدمة بالتعليم في البدايات الأولى لها كان هو السبب الرئيسي في تقدم هذه المجتمعات وتطورها، فلا يوجد مجتمع تطور دون أن يهتم أولا بالتعليم الجامعي الذي يعد أولى عوامل التنمية الحقيقية الشاملة، وهناك كثيرا من التجارب والخبرات والممارسات التى سبقتنا إليها العديد من الدول بفضل علمائهم وفلاسفتهم، واستطاعوا أن ينهضوا ببلادهم ويجعلوها فى مصاف الدول المتقدمة. ولم ولن تتراجع مرة ثانية إلى الوراء أين نحن – الجامعات المصرية – من هذه التجارب التى أعدت وطبقت ونفذت باقتدار..

وأبرز الأمثلة على هذا اليابان التي تفوقت علي دول العالم، بعدما اهتمت بالتعليم منذ البداية حيث كان أول قرارات الإمبراطور  الياباني ميجى في أواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين، توحيد التعليم أمام جميع طبقات الأمة، حيث كان لكل طبقة أو طائفة طريقة تعليم مختلفة، ثم بعث الإمبراطور البعثات التعليمية لكل أنحاء العالم المتقدم فى شتى المجالات العلمية والثقافية والطبيعية...الخ. للتعرف على ماهو جديد فى شتى المجالات العلمية، ونقل خبرات من هذه الأمم لليابان، ثم رجع هؤلاء العلماء اليابانيون وأغلقوا الباب على أنفسهم وتوقعوا لدراسة طرق النهوض باليابان، واستطاعت النهوض بعد تدميرها بالقنبلة الذرية بالإضافة إلى أنهم استقدموا الخبراء الألمان لبناء جيش حديث مدرب، والاستعانة بالبريطانيين لتأسيس الأسطول الحربى اليابانى، فكانت اليابان تقعد على مقاعد التلاميذ وتصغى بانتباه لما تتعلمه.

فى الولايات المتحدة الأمريكية عندما أحس الأمريكان بأن الروس قد سبقوهم فى علوم الفضاء (سفينة الروس سبوتنك) عكف العلماء الأمريكان على مراجعة النظام التعليمى الأمريكى فأنجزوا واستطاعوا الهبوط على سطح القمر، ثم أعادوا تقييم تجربتهم العلمية، فكان تقرير الثمانينيات ( أمة فى خطر) لحث الأمريكان على التركيز على الرياضيات واللغات الأجنبية حتى لا يكون اليابانيون والألمان والروس قد تخطوهم.

أما فى فرنسا فعندما اكتسح (هتلر)الأراضى الفرنسية، بحث الفرنسيون فى عوامل هزيمتهم وعزوها إلى ضعف نظامهم التربوى وخاصة نظام التعليم الثانوى.

وشكلت الحكومة لجنة للإصلاح التربوى والتعليمى، واعترف التقرير صراحة بأّن الهزيمة والنظام ما كانا ليحلان بالأمة الفرنسية لولا ضعف الإيمان، وأخطاء القادة فى البحرية والجيش والصناعة والاقتصاد الذين ادعوا أنهم خريجو أحسن معاهدنا العلمية.

وهكذا انطلقت فرنسا من جديد، حيث أصبح التعليم فى فرنسا يدعو إلى قيم الديمقراطية، وترسيخ بعض القيم الأخرى فى المجتمع، كما اقتصر التعليم فى فرنسا فى فترات طويلة على تعليم الصفوة.

وقد تركزت التجربة الصينية على تعليم تلاميذ المرحلة الابتدائية وتجعلهم يمضون قرابة ست ساعات يوميًا فى المصانع، وبعد أن تطعمهم المصانع وجبة الغذاء يذهبون للمدارس، يشرح لهم المعلمون ما رأوه ويربطون ذلك بالمناهج الدراسية، فتكون المعلومة النظرية محاذية للرؤية الميدانية.

عندما هزم نابليون بونابرت الألمان فى بداية القرن التاسع عشر سادت مشاعر اليأس بينهم، فوجه الفليسوف الألمانى "فيخته" خطابًا إلى الأمة الألمانية بيَن فيه أن الهزيمة كانت تربوية قبل أن تكون عسكرية، وأن الخلاص يكمن فى استبدال النظام التعليمى الألمانى بتربية جديدة تنبذ التدريب الميكانيكى للذاكرة وأساليب الحفظ والتلقين التى تدفع التلميذ الألمانى إلى التفكير، وطالب "فيخته" النظام التربوى الألمانى بتبنى ثلاثة أهداف تربوية عليا جديدة هى: رفع المواطن الألمانى إلى مرتبة الإنسان الكامل.و

خلق نوع مختلف من البشر عن البشر العاديين. التوقف عن دفع الطالب إلى التفكير فى ماضيه.

وقد استجاب الألمان لخطاب فيلسوفهم، واستبدلوا نظامهم التربوى بآخر، قائم على أولوية العقل، وتبنى الأخلاق المنضبطة مما ساعد ألمانيا على تجاوز أزمتها.

وأصبحت الجامعات الألمانية الآن تتمتع بعدة أشكال مختلفة للتعاون بينها، وبين قطاعات الصناعة، وبدأ يظهر تأثير متبادل بينهما عن طريق نقل وتحويل أفكار الأبحاث لمخرجات إنتاجية، وذلك فى جميع المجالات، مما أدى لزيادة التنافس بين المؤسسات فى ظهور التعاونيات فى المشروعات، والتى تتم بواسطة المشاركة فى مجموعات عمل لتغذية مؤسسات الصناعة.

وبذلك أدت الجامعات لحدوث تقدم اقتصادى فى المجتمع الألمانى، حيث أثرت عملية نقل التكنولوجيا من الجامعات إلى المؤسسات الإنتاجية لوجود تأثير بشكل واضح على الظروف الاقتصادية للمناطق والمجتمعات المحلية التى تتواجد فيها، كما توجد هناك جهود تدريسية مشتركة بين الجامعات التكنولوجية والصناعة والحكومة. 

فينبغي القضاء علي العشوائية الحالية في البحث العلمي بالجامعات المصرية وفي طرق التدريس للطلاب بها والاعتماد علي الحفظ والتلقين كالعادة دون التدريب العملي الفعلي وربط الدراسة بالواقع الحياتي المعايش بحيث تكون الجامعة هي اهم وسائل التنمية المجتمعية وان تغطي كل مكان في مصر وان يكون هدفها ورسالتها المجتمع والتنمية والتثقيف والتعليم وليس مجرد تجميع فلوس وشهادات والسلام !