السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تفنيد الأكاذيب الإثيوبية بشأن استهداف جبهة التيجراي لسد النهضة

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتناقض الرواية الإثيوبية الرسمية، بشأن استهداف سد النهضة من قبل مجموعة من المسلحين، زعمت انتمائهم إلى جبهة تحرير شعب تيجراي، حيث أوضح بيان صادر من وزارة الدفاع الإثيوبية الجمعة الماضية، أن الجيش الإثيوبي أحبط هجوما على السد المبني في ولاية بني شنقول الحدودية مع السودان.

وتحمل الرواية الإثيوبية الكثير من التناقضات التي تفضح كذبها وتكشف هشاشتها أمام الحقائق والوقائع ميدانيا وسياسيا، حيث يعاني نظام أديس أبابا من أزمات متعددة ومتلاحقة خاصة بعد تأزم الوضع الداخلي بعد الحرب التي شنها ضد إقليم تيجراي الواقع شمال البلاد في نوفمبر الماضي.

ونفند في النقاط التالية أكاذيب البيان الإثيوبي بشأن استهداف جبهة تحرير شعب تيجراي لسد النهضة.

تناقض البيان الإثيوبي مع الواقع

تبدو الرواية الرسمية الإثيوبية غير صامدة أمام التناقضات على الأرض حيث أن الحدود بين إقليم التيجراي وبني شنقول المبني فيه سد النهضة، تبعد حوالي 469 كم، وأقرب مدينة سيطرت عليها جبهة تحرير التيجراي هي المدينة التاريخية المسماة لالبيلا والمعروفة بكنائسها المحفورة في الصخر في إثيوبيا، والمدرجة على قائمة اليونسكو، حيث تمكنت "تيجراي" من إحكام قبضتها على المدينة أوائل أغسطس المنصرم.

وكان الهدف الرئيس المعلن من تيجراي، وفق تصريحات ديبريتسيون جبريل مايكل، زعيم جبهة تحرير تيجراي هو استعادة السيطرة على كافة الأراضي والمناطق التي تقع تحت سيطرة أمهرة ولم يتم تحريرها بعد، ولم يكن السيطرة أو الهجوم على السد ضمن أهداف الجبهة.

ويتحدث البيان الإثيوبي عن انتماء المسلحين لعرقية التيجراي، إلا أنه لم يقدم أي دليل على ذلك بالإضافة إلى عدم وجود أي صور للمسلحين الذين زعمت وزارة الدفاع الإثيوبية أنهم هاجموا السد.

رصاص حي وخرطوش لتدمير سد النهضة

زعم البيان الإثيوبي إن "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" شنت هجوما عسكريا، على سد النهضة وذلك بعد أن استطاعت بعض العناصر التسلل إلى أراضي السودان ومنها إلى المنطقة التي يقع فيها السد لتقويض أعمال البناء، زاعما ضبط أسلحة خفيفة وثقيلة.

ولم يكشف البيان عن أنواع تلك الأسلحة، وعلى الرغم من قدرة جبهة التيجراي على مواجهة الجيش الإثيوبي، وطرده من شمال البلاد آواخر يونيو الماضي، إلا أنها لا تملك الأسلحة التي يمكن من خلالها تدمير أو تخريب هذا البناء الخرساني الضخم الذي أنفقت فيه إثيوبيا ما يقرب من 5 مليارات دولار لبناءه بالاستعانة بعدد من الشركات العالمية.

وكان بيان وزارة الدفاع الإثيوبية مصحوبا بثماني صور تحوي الأسلحة التي زعم ضبطها مع المجموعة التي حاولت استهداف السد، ولم يظهر فيها أي أسلحة ثقيلة وتظهر الصور أسلحة خفيفة من بنادق وعدد من طلقات الرصاص الحي والخرطوش والألغام.

الزج بإسم السودان

وأصدر الجيش السوداني بيانا للرد على المزاعم الإثيوبية قال فيه المستشار الإعلامي للجيش السوداني القائد العام العميد الطاهر أبو هاجة، "لقد تابعنا تصريحات منسوبة للجيش الإثيوبي تتحدث عن دعم القوات المسلحة السودانية لمجموعات مسلحة حاولت تخريب (سد النهضة)، مؤكدا "أن هذا الإتهام لا أساس له من الصحة، مضيفًا أن السودان وجيشه لا يتدخل فى القضايا الداخلية للجارة إثيوبيا أو غيرها".

وأضاف المستشار الإعلامي للجيش السوداني "ندعو القيادة الإثيوبية العمل على حل صراعاتهم بعيدًا عن إقحام السودان فيها ويعبر هذا التصريح عن الواقع الصعب الذي يعيشه النظام الإثيوبي بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق شعبه"، في إشارة إلى جرائم نظام آبي أحمد في حرب تيجراي.

ولا يخفى على أحد الأزمة الكبيرة بين السودان وإثيوبيا، على رأسها فشل مفاوضات سد النهضة والتعنت الإثيوبي المستمر منذ أكثر من عقد من الزمان، إلى جانب رفض أديس أبابا للمقرح السوداني الذي يهدف إلى توسيع الوساطة في تلك الأزمة بإشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي، للتوصل إلى اتفاق ملزم وعادل لملء وتشغيل السد.

بالإضافة إلى استعادة الجيش السوداني السيطرة على منطقة الفشقة، التي كانت تحتلها الميليشيات الإثيوبية المدعومة من أديس أبابا قبل أكثر من ربع قرن، وهو ما انعكس بالسلب على الاقتصاد الإثيوبي حيث كان يعمل في تلك المنطقة آلاف الإثيوبيين. 

 فشل توليد الكهرباء

يبدو أن نظام آبي أحمد يحاول إيجاد ذرائع أمام شعبه حول وقف العمل في سد النهضة، إلى جانب فشل توليد الكهرباء إلى الآن وهذه قصة أخرى من قصص الفشل الإثيوبي في تشغيل السد حيث أعلن المسئولين عن أكثر من موعد لتوليد الكهرباء دون أن يجد جديد.

ففي أكتوبر 2020 أعلنت الرئيسة الأثيوبية سهلورق زودي، بدء توليد الكهرباء من سد النهضة بعد 12 شهرا، حيث أكدت خلال جلسة أمام البرلمان الإثيوبي "هذا العام سيكون العام الذي سيبدأ فيه سد النهضة الإثيوبي العظيم في توليد الكهرباء من توربينين اثنين."

إلا أن وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي أعلن في نوفمبر من عام 2020 عن موعد آخر يتناقض مع وعد "زودي" حيث أوضح أن المرحلة الأولى لتوليد الكهرباء من سد النهضة ستكون في يونيو 2021 وهو الأمر الذي لم يحدث، ووصلنا إلى سبتمبر ولا كهرباء من السد.

وفي يونيو الماضي حينما حل موعد توليد الكهرباء من السد وفق تصريح وزير المياه والري الإثيوبي، أصدرت هيئة الكهرباء الإثيوبية، بيانا قالت فيه أنها تجري عملية مراجعة للخط الناقل لكهرباء سد النهضة تهدف إلى التأكد من سلامته وتجهيزه، تمهيدا لبدء عملية توليد الطاقة في السد في أغسطس، ومر أغسطس ولا جديد يذكر في هذا الشأن.

وأطلق السفير الإثيوبي في موسكو أليمايهو تيغينو، وعدا آخر بتوليد الكهرباء من سد النهضة حيث أكد خلال شهر يوليو الماضي أن السد سيولد الكهرباء خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، وإلى الآن لم تعلن السلطات الإثيوبية عن أي تطور جديد في هذا الشأن.

ويعد مشروع سد النهضة، هو ورقة التوت الأخيرة التي إن سقطت انكشف النظام الحاكم في إثيوبيا، والمتهم في جرائم حرب ترقى لتكون جرائم ضد الإنسانية خلال حربه التي شنها على إقليم تيجراي بالمشاركة مع الجيش الإريتري، وما تمخض عن تلك الحرب من صعوبات اقتصادية ضاعفت من الانفاق العسكري ورفعت نسبة الديون، ما دعا أنطونيو جوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة إلى القول أن إثيوبيا دولة على المحك" خلال الجلسة التي عقدت آواخر أغسطس الماضي في مجلس الأمن الدولي لمناقشة أزمة تيجراي.

استعادة الثقة أمام الشعب

وبعيدا عن مسألة توليد الكهرباء من سد النهضة، فربما يهدف نظام آبي أحمد إلى استعادة ثقة الشعب في الجيش الذي انهار في تيجراي قبل أكثر من شهرين، وتم أسر 8 آلاف جندي منه بعد استعادة جبهة تيجراي للإقليم الشمالي.

شيطنة التيجراي

وربما حاولت تيجراي التمدد من ولاية الأمهرة إلى بني شنقول، وحاول نظام آبي أحمد استغلال ذلك بالزج بإسم سد النهضة في تلك الحادثة لتأجيج مشاعر الإثيوبيين ضد تيجراي، ومحاولة شرعنة التطهير العرقي الذي تمارسه السلطات الفيدرالية ضد عرقية تيجراي منذ استعادت السيطرة على ميكيلي عاصمة الإقليم وطردت الجيش الإثيوبي منه.