الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

زكى أنواري.. حلم حاصرته «طالبان» وقتلته طائرات أمريكا

زكي أنواري
زكي أنواري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
  • «طالبان» استخدمت ملاعب كرة القدم قديمًا للإعدامات العامة 
  • قائد الفريق النسائى تطالب اللاعبات بحرق قمصانهن وحذف حساباتهن على «السوشيال ميديا» لسلامة حياتهن
  • المنتخب الأفغانى لم يلعب أى مباراة رسمية وقت حكم «طالبان» الأول
  • صديق «زكى» المقرب لـ«البوابة»: حاول أن ينجو بحلمه.. وكان محبوبًا لدى الجميع
  • رئيس اتحاد الصحفيين الرياضيين غرب أفغانستان: «أنوارى» كان له مستقبل كبير فى فريقه
  • عائلة الراحل تحث الشباب على عدم مغادرة أفغانستان.. و«طالبان» تمنع السيدات من ممارسة الرياضة
  • صديق زكي في الفريق : حاولت الهرب ولكني لم أستطيع

 

 


لم يكن زكى أنوارى، قد رأى طالبان من قبل، سوى على شاشات التلفاز، فقد ولد عام 2002، بعد سقوط نظام طالبان مباشرة، كان يسمع من أبيه وإخوته الذين عاصروهم، منذ عشرين عامًا، كيف كانت الحياة فى بلد تأخر كثيرًا فى تقدمه، بسبب انغلاق الحركة على نفسها.
فجأة وجد زكى نفسه شاهدًا على طالبان الجديدة، كما كان والده شاهدا عليها، فى مرحلتها الأولى، كان يتمنى أن ينتهى كل شيء، وأن يصبح سرابًا، وأن تعود الحياة كما كانت فى سابق عهدها.
فحلمه كلاعب كرة قدم بات يتلاشى أمام عينيه، ولم يكن أمامه سوى خيارين أصعبهما مر، إما أن يستسلم ويترك حلمه، أو أن يغامر بنفسه وبحلمه ويصعد على جناح طائرة، فارًا إلى أمريكا، ليحدث ما لم يكن فى الحسبان تمامًا.
وفى مشهد وصفه الكثير بأنه قيامة مصغرة، عج مطار حامد كرزاى الدولى بالفوضى، إثر إعلان حركة طالبان توليها مقاليد الحكم، وتسلمها كل شيء، كان زكى واحدًا من آلاف الأفغان الذين شعروا بأن الحياة فى وطنهم أصبحت مستحيلة، ليتوجه ضمن حشود كثيرة، نحو مطار كابول، عله يجد من يخرجه من ذاك الجحيم المنتظر، كما وصفه البعض.
فى عدة مقاطع فيديو تم تصويرها من مطار كابول؛ شوهد بعض الأفغان يتعلقون بعجلات الطائرات وأجنحتها، فارين بأحلامهم إلى أمريكا؛ حيث النجاة التى لم تكتب لهم، فسقطوا جميعًا من الطائرة، الواحد تلو الآخر، ليصبحوا جثثًا هامدة.
كان «زكى»- 19 عامًا- طالبا فى المدرسة الفرنسية الأفغانية، وكانت مؤسسة تعليمية عامة مرموقة للبنين، وبدأ زكى اللعب مع المنتخب الوطنى، ويعتبر أحد أفضل اللاعبين فى البلاد.


«كان محبوبًا جدًا من الجميع، وكان الكل يشيد بأخلاقه، وكان دائمًا يفكر فى مساعدة الناس»، هكذا وصفه صديقه المقرب سليمان عمر، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، ويكمل «سليمان»: «كما شارك فى كثير من الأحيان فى مساعدة الفقراء، وساعد مؤخرًا النازحين من المحافظات الأخرى إلى كابول عدة مرات».
وبالعودة لتاريخ كرة القدم فى أفغانستان؛ نجد أن منتخب أفغانستان لكرة القدم، تأسس فى عام 1922، وقد انضم للاتحاد الدولى لكرة القدم عام 1948، والاتحاد الآسيوى فى 1954. 
ويلعب منتخب أفغانستان أغلب مبارياته على ملعب غازى فى العاصمة، وخلال نظام طالبان، حتى عام 2001، لم يكن هناك دورى احترافى، ولم يلعب المنتخب الوطنى الأفغانى أى مباراة رسمية، حيث تم منع كرة القدم التنافسية، وتم استخدام الملاعب بشكل رئيسى فى الإعدام العام.
ويقول «سليمان»: «القرار الذى اتخذه زكى لم يكن سهلا أبدًا، لكنه رأى أن الحياة فى كنف طالبان شبه مستحيلة، وأن حلمه سيتلاشى إذا بقى هنا، لذلك قرر الهرب على أمل أن ينجح فى تحقيق حلمه فى أمريكا».
وتابع: «متأكد أن الجميع على دراية بالوضع الأمنى السيئ فى أفغانستان والذى وصل لذروته مؤخرا، فبلادنا كانت قبل طالبان مهتمة جدًا بالتقدم فى كل شيء ومنها منتخب كرة القدم، ولكن بعد دخول طالبان انتهى كل شيء فجأة».
ويختم «سليمان»: «لقد كان شخصا ذا تطلعات كبيرة، تطلعاته أن يكون شعبيا ويخدم مجتمعه ويسعد شعبه، لطالما أراد زكى نجاحا شخصيًا لا يُصدق، فكونك بجانبه لم يجعلك تشعر بالتعب من الحياة. لم يكن صديقى المفضل فحسب، بل كان أيضًا أخى وأحد أفراد عائلتى، لقد كان شخصية فريدة بالنسبة لى، سوف يعيش إلى الأبد فى ذاكرتى وفى ذاكرة أمته».

 


وقال الياس نيازى، رئيس اتحاد الصحفيين الرياضيين فى غرب أفغانستان، فى تصريح خاص لـ«البوابة»، إن زكى أنوارى، كان نجمًا كبيرًا فى منتخب كرة القدم، لكنه لسوء الحظ فقد حياته فى فوضى مطار كابول.
وأضاف «نيازى»: «أراد زكى أن ينجو بحلمه، ويذهب إلى الولايات المتحدة، بطريقة غير شرعية، من أجل حياته الأفضل، لكنه للأسف سقط من المروحية الأمريكية وتوفى، كما أن عائلته تحث الناس والشباب على عدم مغادرة أفغانستان، لأن الذهاب إلى الولايات المتحدة لن يغير حياتهم».
وعن مستقبل الرياضة؛ قال «إلياس»: «فى الوقت الحالى لا يمكن الحديث عن مستقبل الرياضة تحت راية طالبان، لأنها المرة الأولى»، وأضاف: «حاليًا ليس لدى طالبان مشكلة فى الرياضة، وقد طلبوا من الرياضيين الاستمرار فى ممارسة الرياضة».
لكن؛ وبحسب ما قاله «إلياس»، فإن طالبان سمحت للاعبين الذكور فقط بالاستمرار، طُلب من اللاعبات عدم ممارسة الرياضة فى الوقت الحالى والبقاء فى المنزل.
وتعليقًا على منع السيدات من ممارسة الرياضة؛ يقول «إلياس»: «لن يكون هذا قرارًا نهائيًا، لكنه بالتأكيد غير عادل ألا تمارس المرأة الرياضة».
وقال شمس أمينى، المتحدث باسم الاتحاد الأفغانى لكرة القدم، إن «أنوارى» كان شخصًا محبوبًا، وكان عضوًا فى منتخب تحت 14 عامًا؛ مضيفًا أن الفريق أجرى جلسة تدريبية فى اليوم الأول لتولى طالبان السلطة، لكن المكتب أُغلق بعد ذلك.
وأوضح «أمينى»: «ليست لدينا فكرة عما يخبئه المستقبل، فى انتظار سياسات وتوجيهات طالبان».

 

" جائت طالبان مره واحده ولم نكن نعلم عنها شيئا سوى ما نسمعه فنحن ولدنا بعد رحيلهم الأول " هكذا قال فروتن ظاهری لاعب المنتخب الأفغاني وأحد أصدقاء اللاعب زكي أنواري الذي توفى سقوطا من على جناح الطائرة.

وتابع ظاهري في تصريح خاص للبوابة نيوز “ زكي كان محبوا جدا، وكان يخدم الجميع، كنا في الفريق سويا نلعب وكان لدينا احلام وطموح، ولكن فجأه أصبح كل شئ ليس على ما يرام ”.

وأكد ظاهري أن زكي لم يكن لديه نية للسفر الى اوروبا ولكن كان قراره مفجأ للجميع والكل شعر بالصدمة من قرارة.

وعن حالة لاعبين المنتخب وفروتن نفسه قال “ أنا أشعر باللإحباط، فالجميع يخاف على مستقبله، للأسف حاولت الهجرة ولكن محاولاتي بائت كلها بالفشل، فأنا لا أحمل جواز سفر ".

وتابع “ وجود طالبان جعل الجميع يخاف على حياته وأحلامه، ولسنا نعرف كيف سيكون المستقبل ”

 


وذكرت صحيفة «ديلى بيست» أيضًا أن القائدة السابقة للمنتخب النسائى لهذا البلد، والتى تعيش الآن فى كوبنهاجن، الدنمارك، حثت زملاءها على حرق قمصانهم خوفًا من انتقام طالبان.
فيما قال رئيس العلاقات الإعلامية بالاتحاد الرياضى واللجنة الأوليمبية الأفغانية، عارف بيمان، إن لاعب كرة القدم الشاب، زكى أنوارى كان لطيفا وصبورا وأراد حياة أفضل لكن مثله مثل معظم الشباب الأفغانى فقد رأى أن وصول طالبان للحكم نهاية لأحلامه وتطلعاته فى المستقبل فقرر الهجرة لحياة أفضل.
وأضاف «بيمان»: «زكى جاء من أسرة متواضعة ليست بالغنية فى كابل ولكنه اجتهد فى عمله والسعى وراء حلمه ونجح بأن يكون فى فريق كرة القدم الوطنى أثناء التحاقه بالمدرسة».


وساد الذعر بين لاعبى أفغانستان، بعد نبأ وفاة «زكي»؛ حيث طالب قائد فريق كرة القدم النسائى فى البلاد اللاعبين بحرق قمصانهم وحذف حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، لأسباب أمنية، بحسب ما ذكره موقع الأخبار الهندى «indianexpress».
وقالت خالدة بوبال، قائد الفريق النسائى لكرة القدم: «اليوم أدعوهم وأطلب منهم شطب هويتهم، كما أننى أقوم بحذف الصور من أجل السلامة، حتى أننى أطلب منهم حرق قمصان منتخبهم الوطنى أيضًا».
وأضافت «بوبال»: «أنه أمر مؤلم بالنسبة لى خاصة عندما بذلت قصارى جهدى للحصول على اعتراف كلاعبة فى المنتخب الوطنى للسيدات»، بحسب ما ذكرته «رويترز».
وكان آخر ما كتبه زكى أنوارى، على حسابه: «أنت رسام حياتك، لا تعط فرشاة الطلاء لأى شخص آخر».